(معدَّل) .3.

51 10 10
                                    

وداعاً للفجر..فقلبها لم يعد يحتمل هجوم الذكريات..
رائحة الفجر تلك التي تشبه مجيئه...و النسيم المماثل ببرودته لآخر لقاء بينهما..

كلها تفاصيل كانت تمقتها..فقررت اللجوء للعتمة.

بأعين مفتوحة تتربص السقف..و أنفاسها المتكاسلة تطيل البقاء داخل رئتيها لتخرج محملة بيأس تعاظم داخل جوفها..

صرخت، لتفرج عن حنجرتها و يخرج صوتها  مبحوحاً

استغربت الجدران صراخها، فقد اعتادت فوضى منزلها على همس تكاد هي لا تسمعه..

رمت يدها بعشوائية الى جانب سريرها..لتتدحرج دمعة و تحط عند زاوية فمها

_لما عليك أن تكون بهذه الأنانية؟

و كما العادة...انحشر سؤالها بين كومة أسئلتها السابقة..معلقة في فضاء غرفتها تنتظر من يعتقها..

نهضت عن سريرها بتثاقل..و بخطى مترنحة سارت نحو الشرفة..
.
.
ذكرى مهملة..

"لا يمكننا البقاء سوية.."

بهدوء مزقت الصمت..صوتها كاد يخذلها..
و الجالس يتأملها من نصف ساعة، قد باغته كلامها..

استنكر ما سمعه و كذب أذنيه..ليطلب منها أن تعيد -بحجة أنه لم يكن منتبها- ما ضرب جدران قلبه حتى التحطم..

ابتسمت بسخرية، و دموعها تزيدها كذباً..
كيف تخبره أنها لا تريده..و هو و بكل سوداويته يعني الحياة لها...

"آسفة.." كلمة تحررت من بين شفتيها ملطخة بالأسى...

"علاقة كهذه لا يمكن أن تستمر..."

عجز عن النطق لبرهة....كيف سمح للحب بأن يتسلل من قلبها و يتركها بشعور مبهم تجاهه؟

هذه المرة...لم تفلح حيله...و لم يستطع التظاهر بأنه لم يسمع...
شعر بخلايا جسده ترتجف، إنها المرة الأولى التي يشعر بها بالخوف لهذه الدرجة

أراد أن يحتضنها، يقبل وجنتها و يخبرها كم يحبها..لكنه لم يستطع...

لم تكن أفضل حالاً منه...متواريةً خلف ستائر الواقع السميكة...لم يلحظ كم كانت ضعيفة و يائسة...
دموعها الفضولية تكاثرت تريد اكتشاف سبب الفجوة التي تشكلت داخل روحها فجأة...

عِدة دقائق من الحيرة المبهمة بينهما...كان حديثاً طويلاً لعينيهما المليئة بالكذب...
وقف من مكانه....و نفض غبار الحب الذي تكاثف على جناحيه...
و اختفى...
شيء من شظايا قلبه...لا يزال متناثراً حيث افترقا
 
.
.
.
.
وقفت حيث دفن نصف قلبها...خطوة فقط تفصلها عن النصف الثاني..

لم يكن الأمر محتاجا للكثير من التفكير...لديها كل الأسباب لتقدم على فعلتها..

تنفست هواء المساء المثقل بالذكريات...و زفرت حتى فرغت رئتيها من الهواء..

Blue illusion || وَهْمٌ كَئِيْبWhere stories live. Discover now