1_ السيارة الخنفساء

82 5 2
                                    

-زكريا...زكريا اين انت تعال وساعد والدك

كان ذلك صوت والده زكرية ام محمود ، كانت تصرخ على ولدها العاشق للقراءة حد الجنون ، طالب كلية الاثار في جامعة القاهرة ، اما سبب هذا الصراخ فهي سيارة ابو محمود التي اشتراها بعد عشرين عام من الخدمة في مصلحة الضرائب في القاهرة ، في مصر الحياة جميلة وبسيطة ولكنها صعبة ايضا ، الناس تعمل لكي تأكل والذي لا يعمل لا يأكل ، كان حلم ابو محمود بإمتلاك سيارة منذ سنوات خدمته الاولى وقد كتب له الله تحقيق حلمه واشترى سيارة بعد سنوات طويلة من الادخار ولكن لا شيء يكتمل ، السيارة التي إشتراها كانت قديمة ربما عمرها ٨٠عام وكانت كثيرة الأعطال ، كانت تحتاج الى دفع يوميا حتى يدور محركها فكان ابو محمود يجمع نصف اطفال الحارة ورجالها لكي "يزقوها " كما تقول اللهجة المصرية المحببه .

ام محمود _زكريا اسرع وساعد والدك انه يريد ان يذهب للعمل وانت ألا تريد الذهاب للجامعة
زكريا _  لا يا امي لا  محاظرات اليوم ، اريد اكمال هذا الكتاب انه شيق جدا ، هل تعلمين ان الاسكندر المقدوني قام بمعركة ابسوس سنة ٣٣٣ قبل الميلاد واستطاع هزيمة أكبر امبراطورية في عصره رغم انه لم يتم العشرين من عمره .....وقبل ان يسترسل تقاطعه والدته
_اصمت ايها الولد الغبي ، انزل وساعد والدك ولا تدخلني بأحاديثك وما دخلي انا بالمقروني هذا
زكريا _ المقدوني يا امي وليس المقروني ، حسنا سانزل لأساعد والدي واعود لأحكي لك قصة هذا الكتاب الذي استعرته من مكتبة الجامعة...

ثم يسرع الى الشارع ...

كان زكريا شاب في الثانية والعشرين من عمره ، يدرس السنة الثالثة في كلية الاثار في جامعة القاهرة ، ذو سحنة برونزية ومسحة من اللون الافريقي  العربي طويل القامة ، ذو اسنان بيضاء وضحكة مميزة ، وأكثر ما يميزة هو شعرة الملتف والذي يظهر وكأنه قبعه تحيط برأسة ، ذو شخصية محببة واجتماعية على العكس ممن يحبون القراءة ، فهم عادتا يحيطون انفسهم بنوع من الوحدة والانزواء مع الكتب في عالم الاحلام والافكار ، اما زكريا فقد كان عكس ذلك شاب محب للصداقة وإجتماعي الى حد بعيد ....

نزل زكريا من شقته القابعة في الطابق الثالث ، في احدى أحياء القاهرة الشعبية ، كالعادة كان والده قد فرغ من ملئ الماء في مبرد السيارة بعد ان جمع بعض الاطفال في الحارة وزكريا ...

ابو محمود _ هيا يا شباب ادفعوا السيارة بينما انا احاول ادارتها  ، وانت ايها المهمل اسرع لقد تأخرت على عملي

زكريا _ حسنا يا ابي ، ولكن الم تمل من هذه السيارة كل يوم يجب ان تدفعها لتدور وكل اسبوع عندك موعد محجوز عند المكانيكي وكل شهر عندك موعد مع الكهربائي و و و

ابو محمود _ كفى يا بني ، انها نعمة من الله ان يكون عندك سيارة ، الناس تحلم بدراجة نارية ونحن نملك سيارة ، علينا ان نحمد الله على هذا لا ان نتذمر

زكريا _ ولكن يا ابي هذه السيارة تستهلك نصف راتبك وقود وتصليح ...

ابو محمود _ كفى كلام الا تمل من تكرار هذه الجمل كل يوم ، هي يا بني ادفع بقوه حتى تدور السيارة لقد تأخرت

توجه زكريا الى مؤخرة السيارة وقد كانت فوكس فاغن بيتل انتاج قديم تسمى بالخنفساء في مصر والسلحفاة في سوريا وذلك دلاله على شكلها الصغير وسرعته المحدودة ، كان ابو محمود عاشق للسيارات ولا يمل الحديث عنها ، اخرج رأسة من نافذة باب السائق وهو يحض الاطفال وزكريا على الدفع بسرعة

-هي يا شباب ، ان عمر هذه السيارة أكبر من عمر هذه الحارة كلها لقد امر بتصميمها هتلر عام ١٩٣٨ صممها المهندس الالماني بورشيه ، انكم تدفعون قطعة فنية يجب ان تحميها منظمة التراث العالم اليونسكو ...

بدأ المحرك بالدوران مع كلمات ابو محمود الاخيرة ، وهنا كان يزيد من جرعة البانزين في الدواسات حتى يرفع من درجة المحرك ، ودون انتظار ، تابع ابو محمود طريقة بسيارته وهو يلوح للاطفال من شباكها تعبيرا عن شكره لهم ، وهكذا ابتعدت السيارة الخنفساء في زحام القاهره خلال ثوانٍ...

عاد زكريا الى كتابة الذي يتحدث عن قصة حياة الاسكندر المقدوني  ، بعد ان انتهى من مشهد تشغيل سيارة والده اليومي ....

يتبع

الكنز العباسي في اسرائيلWaar verhalen tot leven komen. Ontdek het nu