الفصل الاول

556 84 45
                                    

_وسط بيروت، لبنان

تحديدا امام البحر الهئج بلا حيلة بفعل الرياح كما تلك الامرأة التي بمنتصف الخمسينات تكسو بعض التجاعيد  ملامحها و برغم ذلك مازالت تحتفظ بجاذبيتها
شاردة به كأنه يعرض سر الحياة
إرتفع رنين هاتفها مُنتزعها من أفكارها معلنًا عن صدور مكالمة من ولَدِها
لتسارع إبتسامة للظهور مع عودت بريق عيناها البنية فإنه فلذة قلبها

«مرحبا بني، كيف حالك »  قالت بنبرة ودودة يسود عليها الاشتياق


صدر الصوت من الجهة الأخرى بنبرة اقرب للفتور  «بخير أمي، وأنتِ؟ »
«سأكون بخير عندما تعود» أردفت بفرح لتذكرها بإقتراب موعد عودته ولكن صوته المحرج الذي جاءها قائلاً
« أمي كنت أريد إخبارك شيئًا...أنا لن أستطيع المجىء الاسبوع المقبل»
اسقط ابتسامتها وكَست طبقة من الزجاج عينها مع غصة بحلقها يصعب عليها إبتلاعها حتى
« أمي..أتسمعيننى؟ » تسأل؛ عندما لم يتلقى ردًا منها

أبعدت الهاتف قليلا لتحمحم كمحاوله لاسترجاع صوتها دون أن يظهر مهتزًا حتى لا تقلقه عليها
«أسمعك بني..لا تقلق يكفي أنك بخير واستمعت إلى صوتك »

« حسنا أمي سأحاول المجىء سريعا اعتني بنفسك سأغلق» أردف براحة بعدما بعدما اصمتت جملتها ضميره

مع إغلاق المكالمة انهارت قوتها لتبدأ بالبكاء على حالها، على وحدتها، على بلادها المفككة، على كل شيء، فخيبة املها كانت كفيلة بهدم اخر قشة من سور ثباتها
فعندما تنتظر شيء يحدث وتبني آمالك وأحلامك عما ستفعله حينها ثم يأتي شيء يعيقُها ستكون هذه ابسط نتيجة
ازداد نحيبها وتعالت وتيرة أنفاسِها ملأ الاحمرار وجهها
«سيدتي أنتِ بخير؟....اتسمعيني؟..إذا كنتِ تسمعيني حدثي أو حركي يدكِ» أردف أحد المتنزهين وهو يطالع حالتها وجهها وحركة بؤبؤ عيناها بتفحص
أثناء رفعها ايهما  بتشتت كمحاولة لتدارك حالتها

حاولت التحدث ولكن لسانها أبى أن يتحرك

«يا إلهى يجب ان نذهب للمشفى » هتف سريعا وهو يحاول إسنادها حتى اوقف أحد سيارات الاجرة

منتصف العمرWhere stories live. Discover now