_الفصل الخامس والأخير

208 45 25
                                    

"ماذا ستخبريني"
التفتت نازلي لمصدر ذلك الصوت وقلبها يرفرف من فرحته لسماع صوت ابنها عُدي
لتهرول إليه محتضنه إياه
" إشتقت لك كثيراً بني "

ليجيبها قائلاً "وأنا أيضًا أمي" بينما نظراته لم تتحرك من على انس
بعد قليل إبتعدت نازلي عنه
ليبادر سريعاً بسؤالها عن ذلك الواقف أمامه لتجيبه
"إنه انس صديقي"

ليردف مرة أخرى

"وماذا كنتما تريدان إخباري؟ "
ليجيب انس سريعاً
"أننا سنتزوج"

سأل  مستنكراً"ماذا ؟ ألستم اصدقاء ؟ "
ليجيبه انس بتعجب
"نحن اصدقاء ونريد الزواج أيضاً، ماذا فى ذلك؟"
ليردف الآخر وهو يحاول تمالك أعصابه امام والدته
"وأمي لن تتزوجك، أليس كذلك ؟"

أنهى كلامه وهو ينظر لوالدته منتظرة إجابتها

نظرت لهم نازلي بحيرة تحاول الوصول لحل بين سعادتها التى ستكون مع حُبها أو إرضاء ابنها الوحيد
لتردف بصوت متحشرج يدل على بكائها
"صحيح"
أردفت دون النظر لانس الذي يحاول إستيعاب الصدمة

"آسفة"همست لأنس قبل ذهابها

ليصيح عُدي بوقاحة
''سمعت لا اريدك بجوار والدتى مرة أخرى"

**********
بعد مرور ثلاثة أيام كانت تمر على كلاً من انس ونازلي كالقرون فهما إعتادا على رؤية بعضهما كل يوم

كانت نازلي تجلس أمام التلفاز تنتظر ابنها أن يخرج من غرفته لتحاول الحديث معهُ

"عدي انتظر اريد الحديث معك"
قالت سريعا فور رؤيته على وشك الخروج
"نعم"

"لقد تركتك بعض الوقت لتهدأ حتى نستطيع الحديث عن انس"
"لا أريد الحديث عنه"
لتصيح به
"لماذا أخبرُني سبب يدفعك لفعل هذا، لم أرد تصغيرك أمامه ورفض رأيك ولكنِ احبك وأحبه "

"لا أريدك أن تتزوجى ، لا أريد أن تتزوج أمي وخصوصًا وهى فى هذا العمر ، عمر الشيخوخة"
ومع إنتهاء جملته صدحت صفعة على وجهه من نازلي
لتقول بخزى
'أعتقد أني لم أحسن تربيتك"
نظر لها بغضب ثم ذهب صافعاً الباب خلفيه
تاركًا إياها بمفردها مرة اخرى.
إزداد نحيبها
وحديثه  يتكرر فى أذنيها
لم تعد قادرة على الوقوف على قدميها لتستند على الحائط حتى وصولها الأريكة تشعر بأن العجز والمرض يسيطران عليها

فالبيئة والأشخاص الذين يحيطون بنا يؤثرون علينا سواء بالسلب أم الايجاب،
تتذكر مواقفها مع انس الذى لم يُشعرها للحظة أنها كبرت او شاخت بل كان يشعرها دائما بأنهما فى ربيع شبابهما تعلم أن الكبر فى السن ليس عيبًا ولكن العيب هو سرقة حقوقها لأنها كبرت
فمن حقها الخروج والغناء والرقص و الزواج والحب والشعور بالإهتمام فهي مازالت بشر تشعر مثلهم لا تريد البقاء بمفردها حتى تهلكها الوحدة

لم تعد تستطيع أخذ أنفاسها تشعر وكأنها لم تتنفس من قبل تشعر بضربات قلبها التى تكاد تخرج من قفصيها الصدري تشرُ عرقاً وكأنها فى الصحراء
تحاول مد يديها المرتعشة للوصول لهاتفها
أخذت تتصل بولدها عدت مرات حتى أُغلق هاتفه
إزداد ضيق تنفسها  لتتصل بمُنقذها الوحيد أنس
"نعم نازلي" أجاب بجمود
ولكنه لم يتلقى ردًا سوى صوت أنفاسها التي تكافح الخروج
ليردف مرة أخرى بقلق
"نازلي إذا كنتِ بخير أجيبني رجاءًا"
لم يتلقى ردًا ليترك ما بيده مهرولاً إليها
يعلم أنها جرحته ولكنها كانت مجبرة
ومهما حدث بينهما سيكون أول من يمد إليها يد العون

*******
استيقظت نازلي لتجد نفسها بالمشفى
وانس يجلس بجوارها
إكتسحت الدموع عيناها لشعورها بذنب إتجاهه، قسوة ابنها وعدم الرأفة بحالها ، وكيف تفعل ذلك بهذا الملاك القابع أمامها
"لا تبكي لقد قلت لكِ آلاف المرات صحتكِ أهم ما فى الكون...."

لتقاطعه هامسة
"آسفة"
"لا تعتذري ليس لكِ ذنب" أردف بحزن
كانت تحاول النهوض
ليساعدها سريعا وهو يبتعد لولا يديها التى أحاطته كطفلة صغيرة تريد الاختباء  فى حضنه من ظلم العالم
"احُبَك "
تجمد لسماع اعترافها ولأول مرة لتكمل قائلة
"وموافقة على الزواج مِنك"
إبتسم لها بحب والفرحة تخرج من عيناه  ليعزم بداخله على جعلها سعيدة ومحاولته إصلاح علاقتهما بابنها

إختارت ولأول مرة سعادتها على رأى ولدها
فلقد تعلمت الدرس فمن لا يُقدر سعادته لا أحد يقدرها فى النهاية سيعرف ابنها أنه أخطأ
وليشهد العالم على حبهما النقي، حبهما الذي واجه رفض  البشر له، حبهما الأبدي المجرد من النفاق والخداع.


*************************

تمت بحمد الله

منتصف العمرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن