الفصل الثالث عشر

134 4 0
                                    

الحاضر .

الزمن يعيد نفسه، المرآة نفسها.. الوقت نفسه.
والثوب الأزرق نفسه أيضا، حتى طريقة وضعها للمكياج وطريقة تسريحها للشعر.
نظرت إلى نفسها بحاجبين معقودين وهي تفكر في نفسها.
أنها سترتدي نفس الفستان في كل مرة يأتي بها أحدهم لخطبتها.
إلا إن أتى محبوب قلبها وأمنية خاطرها (زياد).
ستبدله بآخر أكثر جمالا وأناقة.
الضيوف وصلوا منذ نصف ساعة، ووالدتها تجلس معهم.
منعتها بشدة أن لا تدعوا إحدى عماتها مثلما تفعل دائما.
فهي لن توافق أبدا ولا تريد أن تحرج أحد.
لم تأتِ الجوهرة لتأمرها بالنزول بعد.
هينا تودّ وبشدة أن ينتهي هذا اليوم سريعا.
لتحرر نفسها من هذا الموضوع المزعج.
تنهدت بضيق وهي تجلس على السرير وتتناول هاتفها.
دخلت إلى المحادثة بينها وبين زياد لتنظر إليها باكتئاب.
كانت آخر رسالة منها هي، تسأله عن سبب رجوعه.
ولكنه لم يرد.
هل انزعج منها؟
هل هي (خفيفة) إلى ذلك الحد؟
لا على الإطلاق.
منذ أن عاد إلى السعودية لم ترسل له شيئا.
فقط هنأته بالعيد، ثم الآن بعد عودته إلى واشنطن مرة أخرى.
هل حقا أزعجته؟
أصدرت أنينا يعبر عن أساها بصوت عالٍ، لتهمس لنفسها من بين أسنانها:
- الحيوان متى بيحس فيني؟

عضت شفتها السفلية بقهر، وهي تدخل إلى الإعدادات، لتغير اسمها الحقيقي، من هينا إلى هناء ...!
ثم رمت هاتفها جانبا بغضب واستلقت على ظهرها مبقية رجليها على الأرض.
طيف زياد لا يفارقها.
حتى جلست بفزع حين فُتح الباب ودخلت والدتها.
والتي ما إن رأتها حتى احمرّ وجهها غضبا:
- وش هذا اللي لابسته؟
وقفت هينا تنظر إلى نفسها ثم تدور:
- ليش؟ مو عاجبك؟
زفرت الجوهرة بقلة صبر:
- ليش كل مرة تلبسين نفس اللبس؟ وحتى شكلك هو نفسه.
ابتسمت ابتسامة واسعة تقول بدلال:
- لأنه لايق علي كثير، وحلفت إني كل مرة أعتمد هاللوك في كل مرة يتقدم لي فيها أحد.
نظرت إليها بحدة ثم همست تستغفر.
لا فائدة من الجدال مع هذه الفتاة.
فلتفعل ما تشاء.
- يلا تعالي.
أظلمت عيناها مرة أخرى وشحبت ملامحها وهي تتبع والدتها بخطوات بطيئة.
تلك الــ عالية الغبية ...!
ستشنقها إن حان الوقت المناسب.
سحبت إلى رئتيها هواء عميقا حين اقتربت من باب مجلس النساء.
ثم أرغمت نفسها على رسم ابتسامة هادئة.
اتسعت ابتسامتها بخوف حين التفتت إليها والدتها ورمقتها بحدة وكأنها تهددها.
كان التوتر يسري بجسدها، ولكنها حاولت جاهدا أن تخفيه.
بما أنها متأكدة أن الأمر لن يتم.
دخلت وسلمت على الجميع بصوت عالٍ ثم اقتربت من المرأة الكبيرة السن.
لتسلم عليها ثم على عالية التي احتضنتها ببشاشة وسعادة.
ما جعلت هينا تشعر بالتوتر أكثر.
هذه الغبية لا بد من أنها واثقة تماما، ولا تتوقع الرفض ...!
ثم على فتاة مراهقة يبدوا أنها شقيقة عالية.
حين نوت الابتعاد والجلوس في مكان آخر، فاجأتها عالية وهي تسحبها من ذراعها وتجلسها بينها وبين والدتها.

الجزء الثاني من سلسلة ملامح الغياب: هزائم الروح Where stories live. Discover now