🍃الفصل السابع عشر🍃

4.9K 241 25
                                        



الفصل السابع عشر
(غراب قابيل)
==========

_كيف حالك الآن؟!
غمغمت بها إيزيس بقلق وهي تربت على ساعد يزن الذي ما إن وجد صوته حتى همس بصوته الواهن:
_مزن...أين هي ؟! هل علمت؟!
كانت جالسة على طرف فراشه الذي يلازمه منذ أيام ...
فزمت شفتيها بقوة تحاول كبح دموعها وهي تراه يكرر نفس السؤال الذي لا يكاد يغادر شفتيه منذ إفاقته بعد سقوطه تلك الليلة ...
ذاك السقوط الذي كان متوقعاً مع حالته الصحية والضغط النفسي الذي تعرض له طيلة الأسابيع السابقة ...
ولولا اكتشاف سائقه له في ذاك الحال البائس لربما كان قد .....!!!!
نفضت رأسها بقوة تنفض عنها ذاك الخاطر الأخير المفجع قبل أن تغتصب ابتسامة باهتة على شفتيها وهي تجيبه:
_مزن صارت بخير...كليو ذهبت إليها في المشفى لتتم إجراءات خروجها .
_هل ستأتي؟!
همس بها بشرود بائس قتل لهفة السؤال المفترضة ...
فتنهدت إيزيس لتجيبه بتعقل:
_لن أكذب عليك...مزن ستحتاج لوقت كي تستوعب صدمتها ...امنحها هذه الفرصة يا يزن ...هذا أقل ما يمكنك منحه لها لتتجاوز فجيعتها ...قبل أن تعود إليك ...
ثم عادت تربت على ساعده وهي تردف بثقة:
_هي ليس لها أحد غيرك...حتى خالها الوحيد نفض يده منها بعدما فقد الأمل في أن ينال إرثها ...حتى أنه لم يزرها مرة واحدة في المشفى مكتفياً بمكالمات هاتفية متباعدة المدى.
_إذن ...أين ستقيم؟!
قالها بصوت مرتجف وهو يلتفت نحوها بملامح جمدها حزنها ...
فأسبلت جفنيها لتجيبه :
_مع كليو ...هي ذهبت لتقنعها بهذا!
قالتها وهي تحاول حجب بقية الحقيقة عنه فحالته لا تسمح بالمزيد من الصدمات ...
وإلا فكيف تخبره بما حدث بين المخبولة شقيقتها وجاد؟!!!
لكنه شعر بحدسه أن شيئاً ما ليس على ما يرام فعقد حاجبيه وهو يسألها باهتمام:
_كليو لم تزرني مرة واحدة طيلة الأيام السابقة...وجاد لا يذكر شيئاً عنها ...هل هي بخير؟!
أطرقت برأسها للحظات ثم عادت ترفعه نحوه لتقول له برفق:
_اهتم بنفسك يا يزن كي تعود بكامل عافيتك...كلنا بخير...لا تقلق!
_وهل بقي لي إلا القلق؟!
همس بها بخفوت وهو يعيد رأسه للوراء مستنداً على وسادته فتنهدت بحرارة وهي لا تدري بماذا تجيبه ...
عندما عاود النظر إليها وهو يهمس لها بصوته الواهن:
_أحضريهما يا إيزيس...أريد أن أراهما...تصرفي!
رمقته بنظرة متعاطفة وهي تمنحه وعداً تعلم أنها غير قادرة على الوفاء به قبل أن تغادره باعتذار واهٍ كي تعود لبيتها ...
ونظرتها الأخيرة نحوه تمنحها مشهداً لن تنساه عن ملامحه التي امتزج ندمها بيأسها ...

_هل أقوم بتوصيلك سيدتي؟!
قالها همام بنبرته المهذبة وهو يعتدل واقفاً جوار السيارة فأومأت برأسها إيجاباً ليفتح لها الباب حيث احتلت مكانها في المقعد الخلفي ...
وما كاد يستقل السيارة لينطلق بها حتى بادرته بقولها :
_أشكرك كثيراً لما فعلته ...من يدري ما الذي كان سيحدث ليزن لو لم تبادر بنجدته؟!
اختلجت عضلة فكه وهو يهمهم ب-ما يُفترض- أن يقوله لها في موقف كهذا...
لكن عقله كان شارداً في وادٍ آخر!!!
-بالتحديد- في تلك الساعة التي وجد فيها يزن الأمير ساقطاً على الأرض بلا حراك...
ذاك الشعور الذي ملأه وقتها بالرغبة في الضحك زهواً...
في الرقص تشفياً...
وفي البكاء...وجعاً!!!!!!
لقد جلس على ركبتيه لدقيقتين كاملتين بعدها يتفرس ملامحه بتمعن وكأنه لا يصدق أن الحلم تحقق...
رهان العمر قد ربح!!
سقط يزن الأمير وسيظل يسقط حتى يصل للدرك الأسفل من جحيم يستحقه بجدارة!!!
بدأ رحلة العذاب الذي سيحترق به حياً كما فعل بأمه وشقيقته...ومزن!
لكن وخزةً ما بصدره وقتها أوجعته بقوة قاهرة...
وخزة حملت "رائحة الموت" التي زكمت أنفه لتجبره على التراجع...
فوجد نفسه يعاود الوقوف ليطلب لغريمه نجدة قريبة قبل أن يزاول تمثيل دوره المتقن !!!!
و"بقناع الوزير" أقنع نفسه أنه فعلها لأن "اللعبة لم تنتهِ بعد"...
تماماً كما فعل ب"شادو" عندما أنقذها من رصاصة يزن ليحصل منها على القصاص الذي أراده...
ولو صدق نفسه لأدرك أن "فطرة يوسف" هي ما تفسد عليه زهوة انتصاره في اللحظة الأخيرة ...
هي ما تنغص عليه فرحة زهوه بمغنمه الذي يقترب خطوة بعد خطوة .

تعاويذ عمران  لِـ" نرمين نحمد الله"Tempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang