✨الجُزء الرابع وَ العِشرون✨

779 87 129
                                    

الصُفرة أثقلت وُجوههم وَلَم يَسعهم التَعبير عن صَدمتهم لما أنبس به جلالة الحاكم، الجَميع أخفضوا رؤوسهم بحيرةٍ وَ أفكارٍ تتفاقم مُلقية نفسها كوابلٍ من الصَواعق التي على شَفير تَفجيرهم.

"ماذا؟!! إلهي! ستقتلها، سيلين بشرية، ما الذي تفعله بحق الجحيم؟!"

بصوتٍ أرتَفَعَ فَزَعاً أردَفت الوالدة إليزابيث بصدمةٍ قاطبة حاجِباها بسخط؛ فالحاكم يعلم جيداً أن الزواج من سيلين وهي بشرية خطرٌ على حَياتها وَقد يُؤدي لمَوتها.

"لا تُناقشي أَمري، ولا تتدخلي في ما لا شأنٌ لَكِ به، وَ الآن أُخرجي من المملكة، كما أنكِ تَعلمين بالفعل ماذا سَيَحدث إن أخبرتي عَنّا شَيئاً"

لَم تَعلم ما الذي عَلَيها أن تقوله، تَجمَّدَ لِسانُها بينما تُحوّل نَظرها من الحاكم الذي يبتسم لها ببلادة وَ للكاهن أركاديوس الذي يَقف صامتاً بحزنٍ شَديد أبانتهُ سِماتُ وَجهه الخَمسيني.

"دعني آخذ سيلين ولن يَلمح بَصرك وَجهي"

بعدم أستسلام علّقت عيناها بخاصته الحادّة، بينما هي تَعلم خَيرُ عِلمٍ أنها لن تَحصل على سيلين ولن تبقى معها، وَ بنبرة مُهددة أجابَها:

"أُغرُبي عن وَجهي، قبل أن أُخرجَكِ بنفسي"

وبينما الحاكم يُلقي حَديثه البَليد إنسَحَبَ الكاهن ببطء ليَصعد الدَرَج الذي يتوسط القَصر بخطواتٍ سَريعة ليَتَفقد حال إبنته العزيزة، طفلته التي أبعدهُ الدَهر عنها وَ الصِعاب التي أطلقت رِماحَها الحادّة زاجرة إياهُ عنها، لهفته لرؤيتها وَ غَمرِها بأحضانه كانت تَزداد كُلما أقتَرَبَ من الباب الذي تقبعُ خَلفه.

صَوت طَرقات الباب الخَفيفة أَوقفت بُكاءها للحَظات لتُردف بصوتٍ مرتفع لازالت آثارُ بُكاءها تَعتريه:

"لا أُريد رؤية أحد"

"أميرتي، هذا أنا"

لَم يَسمع الكاهن القَلق عليها بشدة أي إجابة كان هناك الصَمت الدامس فقط وذلك الباب الذي يقف أمامه فاصلاً إياهُ عنها، التَوتر الذي بداخله أهلك مَعِدَته وَ الأفكار تتزايد كما قَطراتِ مَطرٍ حانقة.

أدار مقبض الباب ببطء ليدخل بهدوء فتشرع عَيناه بالبحث عن سيلين التي تَجلس على الأرض الباردة وَ كأنها الشيء الوحيد فالغرفة فهذه عادة لديها منذ الصغر، تَجلسُ على الأرض وَ تضم قدماها لصدرها بينما ترتكز برأسها على رُكبتيها.

رَفعت رأسها ببطءٍ ليَظهر وَجهُها المُحمر وَ عَيناها الغارقة بدموعها التي تنهمر كعاصفة مَطر قوية مُشوشة رؤيتها.

ذَلك الرَجُلTempat cerita menjadi hidup. Temukan sekarang