الفصل الاول

275 4 0
                                    

قبل 8 سنوات
القرية (تمازيرت)


كعادته كل أربع سنوات.... يقضي عطلة الصيف مع والده، على الرغم من أن علاقته به شبه منقطعة إلا أنه يأتي كل فترة ليقضي معه الصيف أو بعض الأعياد...
فلقريته عبق خاص يرفض أن يتركه يغيب عنها كثيرا، رغم أن طفولته التي قضاها في قريته كانت قاسية وهو الآن إبن إثنان وعشرين عاما، عندما يتذكر ما عانته أمه على يد أبيه ومحاولته أن يحميها بجسد طفل لم يتجاوز التاسعة ربيعا، كان يحس بغضب... فقط كيس ملاكمته ما يجعله ينفس عنه...

كانت أياما صعبة على طفل لم يكن يفهم معنى العبارات القاسية التي يتقاذفانها بينهما... والآن هو فقط يريد أن ينعم بقليلٍ من الهدوء بعيداً عن صخب نيويورك... وقريته من ستوفر له ذلك...

في ذلك الصيف تغيرت حياته... بعد ثلاث أيام من قدومه من أميركا كان عائدا من جولته التفقدية على ظهر أييس حصانه الأسود الأصيل ذو سلالة الأمازيغية النادرة... الشمس ترسل أشعتها الحمراء من خلف الجبال... وتُنذر بوداعها القريب... أوقفه نداء طفل لم يتجاوز سبع سنوات:
- "عمي أَنِير، عمي أَنِير..."
نزل أنير من فوق حصانه وانحنى على ركبته ليصل لمستوى الطفل، لمس شعره الرطب من لعبه في البحيرة القريبة قائلا:
- "نعم أيور، ماذا هناك؟"
- "خالتي حبيبة أخبرتني أن أعطيك هذه" أجاب الطفل وهو يخرج ورقة من جيبه، تعجب أنير وأخذ الورقة، فردها في يده ليجد رقم هاتف وأمامه مكتوب اسم حبيبة بلغة فرنسية، نظر إلى الورقة ثم إلى الطفل وقال:
-"وأين هي خالتك حبيبة؟"
أجاب الطفل:
- "هنااااك.."
تبع أنير أصبع الطفل الذي يشير إلى فتاة ترتدي السواد... واقفة أمام شجرة اللوز، فجأة سمع صوتا مسكرا:
-"أيوووور"
كانت تنادي الطفل، الذي لبى النداء جرياً... أعطته شيئا ثم هرول ليستكمل لعبه مع الأطفال في البحيرة، وتفاجأ حين شاهدها آتية باتجاهه، وقفت على بعد عدة خطوات منه، وفكت ازارها الأسود ليظهر وجها أبيضا كالبدر، نحرها ومقدمة صدرها أفقداه توازنه، رفع عينيه من مقدمة صدرها مرورا بعنقها وقبل أن يصل لشفيتها... لاحظ وجود وشم باللون الأخضر، الذي امتد لتحت شفتيها الممتلئة أكثر من اللازم... ثم وصل لعينيها المكحلة باتقان بكحل أسود زاد من اتساعهما، واللون الأحمر لطرحتها أظهر مدى بياض ونعومة بشرتها... أحس بنغز في أصابعه يخبره أن يمد يده ويمررها على وجهها، ليفنذ نظريته عن بشرتها...
أخرجه من دوامته همس صوتها المغوي:
-"أزُولْ ( مرحبا)"... لتستطرد بمياعة "سأنتظر اتصالك"
ثم انطلقت تكمل مسيرها، ولكي تفقده أكثر صوابه تعمدت رفع جانب إيزارها وقفطانها الأحمر لتظهر رسمة للحناء الشديدة الحمرة ...تمتد على طول ساقها من الوراء، ولونها يناقض لون بشرتها، راقبها حتى اختفت في طريق ضيقة وسط أشجار كثيفة، من شاهدهما عن بعد سيعتقد فقط أنهما تصادفا في منتصف الطريق دون كلام... لكن ما حدث زلزل أنير، هل للتو واللحظة شاهد ملاك يمشي على الأرض، أيقظه من شروده صهيل أييس بعدما أزعجه جر أنير المتواصل للجام...

زفر نفسا ساخناً من شدة تأثره بما شاهده للتو... فعلى الرغم من سنه الصغيرة الذي لا يظهر عليه نظرا لبنيته الضخمة التي تشبه بنية والده، وعززها بساعات عدة من الرياضة، إلا أنه يعرف جيدا متى تحاول الأنثى إغواء رجل، وحبيبة تسعى إلى الاطاحة به، وقد نجحت... ركب أَيِّيسْ وانطلق، والورقة مازالت في يده، كأنه يخشى ضياعها... وكأن حياته تكمنُ فيها...

طوال فترة جلوسه مع أبيه على مائدة العشاء، وهو يتململ، كأن الثواني أصبحت ساعات... حمد أبوه الله، كإشارة أن العشاء قد انتهى، تمتم بوجوب ذهابه لفراشه ليستريح، ثم انطلق إلى غرفته، ما أن دخل حتى أسرع لهاتفه وتفقد وجود الارسال... فأكثر ما يزعجه في هذه القرية هو ضعف الارسال فيها، لحسن حظه التغطية كانت في أوجها، فَرَدَ الورقة فوق فراشه ونقل الرقم بسرعة وضغط على زر الاتصال، وهو يفكر هل من الممكن أن تكون في مكان لا توجد فيه تغطية؟... بعد الرنة الأولى أجابت
-" ألو؟ "
أسكره صوتها بقي دقيقة كاملة صامتا لا يُسمع إلا صوت تنفسه...
-" أنير؟ "
همست بكل دلال يمكن أن تصل إليه... ليغمض عيونه... وصوتها يأخذه بعيداً... لمكانٍ لا قرارة له... وهو يعلم جيداً أنه لن يعود من هناك... أنير القديم... وبصوت أجهش أجابها :
-" أعيديها؟"
- "ماذا؟" تساءلت باستغراب
- "أعيدي ما قلته الآن" أصر و هو يفتح عيونه يحدق في السقف العالي جداً للغرفة ذات الطابع التقليدي مع لمسةٍ عصرية...
أجابت... وعيونها تصبح أشد لمعة، ونظرة الإصرار تحتلهما:
-"أنير...." سكتت ثم أكملت "حبيبي أنير"
- "ماذا؟" قال بتفاجئ وهو ينهض من مكان استلقائه
ردت عليه بصوت جذاب:
-"نعم حبيبي أنير... من مدة طويلة وأنا أحبك وكاتمة حبك في صدري... والآن لم أعد قادرة على ذلك"
- "منذ متى؟" سأل ببرود
- "من أربع سنوات أو أكثر... منذ آخر مرة زرت فيها القرية...."
سكت من الصدمة... لا يدري هل صدمة اعترافها أم جرأتها!
- "هل ما زلت معي؟" قالت حبيبة
- "نعم" أجاب أنير بهدوء ما جعلها ترتعب
- "ولماذا أنت ساكت... قل شيئًا"
- "ماذا تريدين مني حبيبة؟"
- "أريدك!!" همست بإغواء
- "ماذا؟" رد بصدمة.. ليردف بعد صمتٍ استطاع تمالك نفسه به "ماذا تعنين بأنك تريدنني؟"
- "أريدك أن تحبني كما أحبك.."
- "ومن أدراكِ أنني لست مرتبطاً؟ "قال يغيظها
- "أعرف... إِيلودي ذكرت مرة أنك لست مرتبطا ولا تفكر بالارتباط.." قالت ببساطة....
"تلك الغبية الحشرية إيلودي!! من أعطاها الحق للتحدث عني!!" غمغم في نفسه
- "ربما لست كذلك في القرية، لكن قد أكون مرتبطا في أميركا" أكمل مستفزا "فكما تعرفين هناك العلاقة تكون أكثر متعة، فلا قوانين ولا أعراف تأطرها... نفعل ما نريد في أي وقت نريد... و هذا النوع من الحب ما يستهويني... وليس الحب العذري مجرد مكالمات مسروقة في جوفِ الليل فقط"
- "موافقة.." قالت ببساطة و ثقة وهي تستوي جالسةً
- "على ماذا بالضبط؟ لا أذكر أنني قدمت لكِ عرضا!" قال وحاجباه يرتفعان أكثر... عقله يرفض تصديق ما سمعه
- "موافقة على نوع العلاقة التي تريد..." قالت بهدوء... صمت لدقيقة كاملة...
هل حقا ما يسمعه؟!!
حبيبة وافقت على ما لمح إليه في لحظة استفزاز... هو اتجه لهذا الأسلوب كي يبعدها عنه، لأنه على الرغم من أنه غربي التربية ويستفيد من ذلك بأقصى ما يستطيع... لكن شخصيته يطمرها في قريته، حتى إذا اشتاق للهوه يذهب إلى اقرب مدينة ويستمتع ليلة أو ليلتين رفقة جميلة أو أكثر... لكن كل ذلك بعيدا عن قريته، كأنه يخشى تدنيسها... أو ربما حبيبة أحيت فيه ذلك الولد الطائش الذي يترك بذلته أمام باب قريته ويلبس جلباب التهذيب...
حبيبة فاجأته فعلا فاجأته وبشدة... نظر إلى الساعة الأثرية المعلقة على الحائط وكانت تشير إلى الواحدة بعد منتصف الليل، ولكي يزيد الأمر اثارة، فجر قنبلته على مسامعها..
- "حسنا، لاقيني في الاسطبل بعد 10 دقايق..."
-" 30 دقيقة تعرف الوقت متأخر... وصعب أن أخرج بدون أن تعلم جدتي..." قالت بسرعة تترجاه
- "15 دقيقة إن لم تأتي، فسأعرف اجابتك" أجاب بصوت واثق
-" حسنا سأغلق الآن سنلتقي بعد 15 دقيقة، في اسطبل مزرعتكم.."
أغلقت الخط بينما بقي يحدق في الحائط المقابل له فعلا هذه الحبيبة تفاجئه، اعتقد أنها سترفض لكنها مصممة... وبدأ حقا يستمتع بهذه اللعبة... حسنا حبيبة لنرى إلى أي مدى ستصل جرأتك...
نهض ولبس معطفه على الرغم من أن الفصل صيفا إلَّا أن برودة الليل تنخر العظام في هذه المناطق...
خرج من البيت وقبل أن ينزل السلالم القليلة التي تفصل البيت عن الحديقة... رفع نظره ليرى القرية من وراء سور بيتهم على الرغم من علوه إلا أنه بمجرد أن تقف على السلالم المؤدية للبيت تظهر القرية التي تسبح الآن في ظلام دامس... فقط ضوء خافت يخرج من نافذة منزل أو منزلين، الكل نيام ولا يسمع إلَّا صوت الحشرات... عواء كلاب وشجار القطط الضالة... نزل بهدوء لا يُسمع إلا صوت حذاءه الضخم يمر على أوراق شجر يابس متساقط هنا وهناك... اتجه شمالا قاصدا الاسطبل، كان يبعد عن البيت بمسافة لا بأس بها، غالبا كان يقطعها بسيارة خاصة بالغولف فهي هوايته...و أبيه لا يدخر شيئا من أجل تسلية أهل بيته ومن أجل مركزه في القرية كأغنى رجل في هذه المنطقة...الكل يحترمه، وهذا نابع أن أباه يعتبر كل سكان قريته كأهل له، وبيته مفتوح للجميع، وهيبته استمدها أيضا من تاريخ العائلة الحافل ببطولات ضد المستعمر الفرنسي والاسباني، فجده كان قايد لدى الفرنسيس، وكان مخبرا سريا للمقاومة، وبيته دائما يحتضن الاجتماعات السرية للمقاومين ضد المستعمر، ولما كُشِف أمره، وأُمِر أن يدنس شعار الدولة وأن يدنس اسم الله وذلك بالتبول على القرآن، ويدعو إلى بقاء الملك في المنفى وأن يخون بلده... رفض فكان عقابه أن أُعدِم، ومن ذلك اليوم ولقب القايد مصاحب لاسم كبير عائلة "بولخير"...
وصل إلى الاسطبل... دخل وتفاجأ بأحدهم يجذبه من يده إلى داخل مستودع خاص بتكديس التبن وأغراض الأحصنة... ثم قبل أن يدري ما يحدث همهمت أمام شفتيه:
- "تأخرت.."
غمغمت أمام شفتيه... قبل أن تأخذه بجولة بشفتيها الخبيرة... كان أنير وكأنه صعد إلى الجنة... شفتيها الممتلئتين أفقدتاه المتبقي من صوابه... فتولى زمام الأمور وأصبح يقبلهما كأنه ينوي انتزاعهما من فمها، حاجتهما للهواء أجبرتهما عن التوقف... عم الصمت إلَّا من تنفسهما المضطرب، على الرغم من أن الظلام حالك إلَّا أنهما كانا يحدقان في أعين بعضهما في تواصل لم يقطعه إلَّا يد حبيبة عندما امتدت إلى الجزء العاري من صدره... اقترب منها واستلم شفيتها مرة أخرى في عناق قاس... يديه أصبحت أكثر جرأة وهي تنتقل في جسمها بحبكة رجل يعرف جيدا جسد المرأة... أنين صادر من حنجرة حبيبة جعله يتوقف و هو يعي أين هو ومع من... إبتعد عنها، فرفضت وهي ترفع يديها إلى عنقه لكنه أبعدهما قائلا بصوت صارم:
-"حبيبة انتظري.."
ردت عليه بهز رأسها نفياً... تفاجأ من ردها وأبعدها عنه بخشونة... فسقطت على كومة تبن... أشعل مصباح صغير على جانب المستودع... بتشوش و صدمة وقف بتصلب يسترجع كل ما حدث منذ ثواني...نظر لها كانت أزرار قفطانها منزوعة وصدرها يظهر تحت صدرية حمراء مثيرة، أحمر شفاهها الفاقع منتشر على فمها والجزء المحيط به... عنقها أحمر وآثار قبلاته ظاهرة، شعرها الطويل ملتف على جانب وجهها وظهرها، كانت آية الجمال والاثارة... أبعد عينه عنها، كانت تنظر إليه نظرة ظافر... فابن "القايد عبد الجليل" بلحمه وشحمه تفقده صوابه، كان دائما محاط بهالة من الرجولة والفخامة تجبر الشخص أن يبتعد عن طريقه... جميع فتيات القرية كن يبتعدن عن طريقه ليس لأنه مخيف، بل لأن تلك الهالة تخبرهن أنهن لسن من مقامه، وهو لن يتنازل من عليائه ويختار واحدة منهن، ولكنها قررت ووضعته نصب عينيها... سوف يكون لها سواء بالحرام أو بالحلال.. أنير ابن "القايد عبد الجليل" سوف يكون لها وسوف تسقطه في حبالها... ألا يقولون أن في الحب والحرب كل شئ مباح... هي ليست في حب، بل في حرب للظفر بأوسم وأغنى شاب في هذه القرية، ولتصل لمرادها يجب أن تكثف جهودها لتحظى به... في الأخير ليس هناك رجل محمي ضد جمال امرأة، وهي أكثر من جميلة، في الثامنة عشرة... تغيرت نظرتها وهي تتذكر ابنة من هي...
ابنة السكير الذي انتحر بعدما انتشرت قصته مع إحدى النساء، مما أجبر أمها على العودة إلى القرية... فضيحة لازالت الألسن تلوكها، على الرغم من مرور أربع سنوات على ذلك، ما أدى إلى تفاقم مرض أمها وموتها بعده بأشهر... صراحة لا يهمها الأمر، لا يهمها إلا نفسها... نفسها وبعدها الطوفان، حدقت فيه وابتسمت في رضى لما لاحظت تأثره بها، حان وقت المرحلة الثانية، وقفت و همت بنزع ما تبقى من ملابسها، لما لاحظ ما تفعله أسرع بامساك يديها وأجبرها على الجلوس على نفس كومة التبن، وجلس أمامها، نظر إليها قليلا ثم قال:
-"حبيية هل أنت واثقة مما تنوين فعله؟"
أجابت وهي تنظر في عيونه
-"كل الثقة"
وقفت وجلست في حجره تنوي تقبيله... لكن صوت خطوات قادمة جعلته يبتعد عنها فجأة... أجبرها على الوقوف والاختباء خلف الأدوات خاصة بالزراعة، ثم سمع صوت ينادي:
- "من هناك؟"
أغمض أنير عينيه لثواني ثم أطلق زفير طويل وخرج من المستودع باتجاه اسطبل الأحصنة ووقف أمام أييس، الذي صهل بمجرد أن لمحه، دخل عزيز إلى الاسطبل فلمح أنير، واقترب منه مادا يده:
- "السلام عليكم سيد أنير، اَسف ان ازعجتك، سمعت صوت في المستودع، واعتقدته أحد اللصوص.... فالسرقة أصبحت عادة هذه الأيام"
- "شكرا لك عزيز، لم أستطع النوم فجئت أتفقد أييس... ربما نخرج لنزهة خارجا... كم الساعة الآن؟"
- "إنها الثانية صباحا... فكرة رائعة سيد أنير... أتريد أن أسرجه لك؟"
- "لا داعي عزيز... يمكنك الانصراف"
انصرف عزيز وبقي أنير ينظر لأييس، كأنه يستشيره ماذا يفعل، ولماذا لا يحس بالاطمئنان تجاهها، لم يستمر طويلا زرر معطفه وخرج متجها إلى خارج الاسطبل...
أما حبيية فبمجرد ما أحست بخروج عزيز خرجت من مخبئها، وبدت تستعد للجولة التالية مع أنير... لكنها صدمت حين وجدت المكان خاليا... الغبي تركها وحيدة وذهب!!
لبست لحافها وغطت وجهها وخرجت بخفة باتجاه الباب الخلفي للمزرعة، من حظها أن عزيز كان في جولته التفقدية ولم يلمحها... دخلت منزلها ووجدت جدتها تسخن ماء للوضوء في موقد تقليدي يعمل بالأعواد مصنوع من الطين الأحمر أصبح لونه أسودا من كثرة الاستعمال، استعدادا لقيام الليل قبل آذان الفجر، دخلت حبيبة بدون اكتراث وأغلقت الباب بقوة دليل عصبيتها...
- "أين كنت يا فتاة؟"
- "ليس من شأنك!! اهتمي فقط بصلاتك!! فملك الموت يجول في الأرجاء... وأمثالك ماتوا من زمان"
- "هداكِ الله" تمتمت الجدة
ليست هذه المرة الأولى التي تهينها فيها حفيدتها، لكنها صابرة لوجه الله... فابنتها ماتت بعد فضيحة زوجها بأشهر، وتركت لها حبيبة ليس لها إلا سواها.
- "رحمك الله ابنتي، أنجبتي ولم تحسني التربية.." أردفت و هي تتكئ على عكازها و تتجه إلى الحمام للوضوء...

******

وصل أنير إلى البحيرة، وجلس يتأملها وضوء القمر ينبرها، فيكسبها هالة من الجمال...بعد فترة تذكر الفاتنة التي تركها وراءه، نهض من مكانه ورجع إليها، فلم يجدها ربما ملت من الانتظار وذهبت إلى منزلها... رجع إلى غرفته لينام قبل آذان الفجر، واستيقاظ أبيه، فهو لن يتوانى في ارسال أحدهم لايقاظه للصلاة ، على الرغم من أنه ليس مداوماً عليها لكن لتفادي الصدمات مع أبيه يصلي عندما يأتي للقرية، تذكر اللحظات التي عاشها مع حبيبة، كانت لحظات رائعة، إنها فعلا تعرف فنون التقبيل مقارنة بقروية لم تغادر قريتها أبدا، أو ربما ذهبت للمدينة المجاورة لاكمال دراستها الجامعية.... المرة المقبلة سيعرف عنها أكثر... مهلا وهل ستكون هناك مرة مقبلة؟ سأل نفسه... "بالطبع "... أجاب نفسه فهو لم يرتوي بعد من عسلها المتدفق، ضحك على التشبيه وأخذ هاتفه بحث عن رقمها وأرسل لها رسالة..
(شكرا على اللحظات المذهلة.. إلى لقاء آخر)

******

كانت تفكر بخطوتها القادمة معه، هذه المرة هو من يجب عليه ان يقوم بالخطوة المقبلة، فقدت تنازلت كثيرا من اجله، سمعت رنة رسالة من هاتفها النقال الموضوع في النافذة ضمانا لتغطية جيدة، تأففت وهي تقول
- "أقسم إن كانت الرسالة من شركة الاتصالات فسوف أكسره على رؤوسهم، لا أعرف كيف ولكني حبيبة وسأجد طريقة ل..."
سكتت بعدما لاحظت أن الرسالة من أنير، أحست بسعادة وهي تعيد قراءتها للمرة المئة ربما... عدَّت إلى عشرة وأرسلت له الجواب
(إلى الملتقى... حبيبي)
ونامت وابتسامة من على وشك تحقيق مراده ترتسم على شفتيها..

أنين الهوى  الجزء الأول من سلسة "تايري"Where stories live. Discover now