الفصل الأول ♡

12.8K 217 33
                                    

الفصل الأول ♡
"مقيد بسلاسل عشقك".

«يا صباح الرعب، الساعة 6 وعلى المُقيمين خارج مدينة الرعب المحافظة على فروق التوقيت، درجة الحرارة في الضل ٢٥ ودا كويس للزواحف واحتمال يبقى جو هايل للكسل في السرير، أو النوم، أو أقولك الأحسن؟ عمل تمرينات للمخوفاتية!.. اصحى يا شــلـبـي!!».

صدح صوت المُنبه الخارج من هاتفها بجوارها، لتمد يدها بكسل تتحسس الفراش حتى وجدته ففتحت عين واحدة تغلق بها المُنبه، قبل أن تغمضها مرة أخرى مستكملة نومها.
لكن يبدو أن لوالدتها رأيًا آخر حين أبعدت الستار عن النافذة لتتغلغل أشعة الشمس بداخل تلك الغرفة التي يغلب عليها الطابع الطفولي _رغم عمرها العشرون_ لتنيرها.
تأففت بإنزعاجٍ واضحٍ ولكن يبدو أنها مُصرة على متابعة نومها في عنادٍ لا يقل عن عناد والدتها.
فأغرقت نفسها في غطائها الخفيف الذي يُناسب حرارة الجو، ودفنت وجهها تحت وسادتها الحبيبة الطويلة.
تنهدت "رانيا" بقلة حيلة ولكن كعادتها لم تستسلم، فاتجهت لفراش ابنتها تزيح عنها الغطاء، تحرك أناملها في خصرها تدغدغها، لتطلق الأخرى ضحكات عالية فلتت من سيطرة إرادتها لتملأ الغرفة.
تركتها بعد دقيقة كاملة أنهكتها فيها، لتأخذ أنفاسها بصعوبة وهي تحدج والدتها بنظرات مغتاظة رغم الضحكة المرسومة على وجهها.
-«لازم تصحي بقلة الأدب!».
هتفت "رانيا" في عنادٍ، لتنتفخ أوداج الأخرى في غيظٍ وهي تقول بضيقٍ مصطنع:
-«الواحد ميعرفش ينام براحته في البيت دا».
-«أيوة وقومي يلا عشان تلحقي تفطري قبل ما تروحي جامعتك».
-«يخربيت الجامعة كلها».
غمغمت بغيظٍ وخفوت ولكن رغم ذلك وصل الصوت لوالدتها التي انحنت عليها مره أخرى تقول بتهديدٍ:
-«شكلك كدا مش عايزه تجيبيها لبر!».
تدحرجت على الفراش بسرعة قبل أن تصل لها يد والدتها ونزلت من الناحية الأخرى المقابلة لها وهي تقول في سرعة واستسلام:
-«لا وﷲِ خلاص، إنزلي إنتِ وأنا هلبس واحصلك».
نظرت لها بشكٍ، لتكمل حديثها بصدقٍ:
-«وحياة حمزة!».
ظهر التصديق على ملامحها لتقول بنبره محذرة:
-«نص ساعة لو ملقتكيش على السفرة إنتِ عارفة أنا هعمل إيه كويس يا نجمة».
هزت رأسها عدة مرات تطمئنها، فتحركت "رانيا" تضرب بكعب حذائها العالي على الأرض ليصدر صوتًا مُحببًا للبعض ومزعجًا للبعض الآخر.

بمجرد أن خرجت "رانيا" وأغلقت الباب حتى ارتمت "نجمة" على الفراش مرة أخرى تحتضن وسادتها المفضلة تودعها بحزنٍ، لأنها مضطرة أن تتركها قائلة بنبرة باكية:
-«مع السلامة يا غالية».
نهضت مرة أخرى وارتدت ملابسها سريعًا، تضع مكياجًا خفيف يناسب يومها في الجامعة، ثم خرجت من غرفتها بأكملها.

قابلت "حمزة" على الدرج فاتجهت إليه تحتضنه بشدة بغرض إثارة غيظه، فهو لا يهوى العناقات، ويضيق حنقه بسببها، حاول إبعادها ولكنها تشبثت به بقوة تقول بإبتسامة سمجة:
-«والله ما هسيبك غير لما تحضني».
أدار وجهه للناحيه الأخرى بضيق ثم قال بتحذيرٍ:
-«إبعدي يا نجمة وبطلي تضايقي فيا».
نفت برأسها في تصميمٍ طفولي سمج، ليزفر بضيق قبل أن يحاوطها سريعًا طابعًا قبلة بالكاد شعرت بها أعلى رأسها، ثم أزاحها عنه بحدة غير ملحوظة وتركها يهبط السلالم.
نظرت في ظهره بغيظٍ قبل أن تبتسم ابتسامة شيطانية وهي تركض سريعًا لتلاحق خطواته وبدون سابق إنذار قفزت على ظهره تحاوط عنقه بيديها بينما قدميها أحاطت خصره.
اختل توازنه ولكنه حافظ عليه في حركة سريعة وهو يتمسك بالسور من جانبه وقبل أن يفتح فمه ليوبخها وجدها تطبع قبلة عميقه على وجنته، أججت المشاعر بداخله وفجرت دقات قلبه بداخل صدره.
أغمض عيناه يسب نفسه على تلك المشاعر الخاطئة، ثم التفت بوجهه لها ينوي توبيخها خصوصًا بعد ضحكاتها التي علت في انتصارٍ وزادت من دقات قلبه المتيم بعشقها؛ ولكن.. اقتراب وجهها من وجهه جعله يبتلع ريقه بصعوبة وهو يوجه نظره لشفتيها المُغرية التي تقابله تمامًا.
دق إنذار الخطر في عقله الذي دائمًا ما يكون مُنتبهًا أثناء إقترابها منه، فأنزلها بإصرار هادرًا بها بحدة أجفلتها وأخرستها:
-«إنـزلي يا نـجـمـة وإياكِ تعملي كدا تاني، انتِ مبقتيش عيلة صغيرة للدلع المِرق دا».
ظلت تحدق به معقودة اللسان، وقد التمعت بعض العبرات في عينيها، ليزفر بضيقٍ من نفسه فها هو يُحاسبها على غلطه لا دخل لها بها..
يحاسبها على قذارات قلبه المتيم بها والذي يتحكم في عقله ليجعله يراها ليست أخته وليست ربيبته بل الفتاه التي يحبها والوحيدة القادرة على زعزعة ثبات قلبه!
نفض تلك الأفكار المسيطرة على عقله، ثم هبط على السلالم في صمتٍ دون أن ينبث ببنت شفة يُطيب بها خاطرها، تاركًا إياها تحدق في ظهره بشفتين مرتعشتين يقاومان نوبة بكاء حمقاء.
"حمزة" أخوها، هو صديقها المقرب والوحيد.. أحن شخصًا عليها ما دامت لم تقترب منه اقترابًا جسديًا، ولا تعلم لهذا تفسيرًا سوى إنه يكره الاقتراب _رغم عدم اقتناعها به_، فهو يعانق والدتها بمنتهي الحب والرضا..!
ما بها هي ليبتعد عنها ويكره اقترابها؟ لا يحتضنها بطيب نفس سوى عندما تكون تبكي!
أخوها تحيط به هاله من الغموض تجعل عقلها البريء لا يستطيع سبر أغواره وفهم مكنوناته؛ لا تعلم أنه من الأفضل ألا تعلم!

مُقيَّد بسلاسل عِشقك | ملك هشام شاهينWhere stories live. Discover now