12. عودة

381 30 10
                                    

● ولاية جورجيا~25 يونيو 2021~ يوم الجمعة ~ التاسعة مساءاً.

نائمٌ في بيت ليندا على الأريكة كــ عادتي.
''توم توم" كانت تهزني لأستيقظ لم تحتج أن تهزني؛ لأن يداها الباردة أيقظتني، فَّرقت أجفاني أسمح للنور أن يداهمها، وبنصف أجفان حاربت أن لا أغلقها وجهت بصري نحوها.
''توجد فتاة تبكي عند باب منزلك" قالتها ببرود وبعض العتاب، ولم أهتم بمعرفة هوية الفتاة بل ما جذب اهتمامي أكثر، هو:
هل تظن أنَّ الفتاة التي تبكي عند باب منزلي حبيبتي؟

ليس لدي واحدة منذ أيام الجامعة، أردت قول
هذا لها.
لكن لحظة هل قالت أن فتاة تبكي عند باب منزلي ما اللعنة، تحركت بكسل وتوجهت للخارج
فتحت الباب انظر للفتاة كانت تعطيني ظهرها، حركت نظري بالمكان لأرى طفلاً ينظر لها وهو يبكي بصمت ماذا يحدث
وجهت نظري لليندا بهدف أن تساعدني، لتفهم ما أريد وتتقدم رادفة:
''سيدتي هل توجد مشكلة'' تقدمت للفتاة،
فــ ترفع الفتاة رأسها توجه نظراتها لــِ ليندا، بينما تصلبت أنا حين أبصرت وجه الفتاة، أردت الهرب، تراجعت حتى وصلت لباب الشقة محاولاً الدخول وإغلاق الباب؛ لكن واللعنة نظر لي الطفل واتضح أنها فتاة.
''بابا''
قالتها ليجعل الجميع ينظر لي، ليندا رشقتني بنظرات عتاب تظن أنني والدها.
اما بيلا نظرت لي بعيون متسعة، لتقف سريعاً تختطف جسدي المتصلب في عناق، أشعرني بالدفء إلا أنه ذكرني بذكريات الماضي، أبعدتها عني رغم حبي لعناقها. وسعادتي به.
عادت لعناقي من جديد وهي تبكي
''تومي أنا آسفة حقاً'' وأنا عند سماعي لنبرتها وصوتها الذي غلفه الشوق، لم أستطع ابعادها كأنني بتُّ لا أملك القوة، فــ أقف دون فعل شيء.
ابتعد عني بعد دقائق كانت طويلة، نادت صغيرتها "صوفي تعالي لتقابلي خالك''
نظرت لــ ليندا وكانت الأخرى تنظر لي حركة شفتيها 'هل أنت بخير'
هززت رأسي بـــ 'كلا'، دموع تجمعت بعيني تنذر بالهطول.

اقتربت الفتاة الصغيرة مني لتحضن ساقي، أبعدتها عني لأرى ملامح بيلا المتألمة، تظن أنني أكرهها هي وابنتها، نظرت لــ ليندا كانت ترمقني بعتاب مرة أخرى.

أما الطفلة انفجرت بالبكاء،
قرفصت بجلستي بإرتباك، فأنا لا أعلم كيف أتعامل مع الأطفال! احتضنت الصغيرة لأشعر بسكونها بين يدي، وكم شعرت بالراحة وأنا احتضنها.
ابتسمت ابتسامة هادئة، اغمضت عيني استجمع قوتي، انظر لــ بيلا كانت تبكي بينما اتسعت ابتسامة على وجهها.
عادت عينيّ لـِـ ليندا، وشردت بها فقد كانت تبتسم ابتسامة هادئة صغيرة لم أعلم بأنها تمتلكها، فــ غرقت بجمال ابتسامتها.
''لندخل'' قالتها ليندا وهي تمشي متوجهة للباب، حملت الصغيرة التي تتشبث بي بقبضتها الصغيرة والتي أدركت فيما بعد أنها نامت، جلست ليندا وبيلا على الأريكة بينما أخذت طريقي لغرفة ليندا.
فككت قبضة الطفلة عن ملابسي، مسحت الدموع عن صفحة وجهها الظريف، تأكدت من تغطيتها جيداً، وتركت قبلة على رأسها، وانسحبت مغلقاً الباب.
''شاي" اومأت لها بالإيجاب وأخذت مكاناً بجانبها، بينما ردت بيلا ''أجل، شكراً لكِ''
لتقف ليندا ذاهبة لتحضير الشاي، كانت بيلا تنظر لي بعيون ذابلة وشفاه مرتجفة، وحدقتان تحملان الشوق في جنباتهما، وما زادتني تلك النظرات إلى لهفةً
وشوقاً.
عادت ليندا بعد دقائق قصيرة حاملة معها أكواب شاي ودفتراً وقلماً، ابتسمت لها بإمتنان، بينما آخذ القلم والدفتر، وأساعدها في توزع الأكواب.
''ماذا حصل له؟" سألت بيلا حين رأتني أكتب على الدفتر، ثم أجعل ليندا تقرأه.
لترد ليندا "لا يستطيع الكلام، فقد النطق لفترة"
وحال سماع بيلا كلامات ليندا نظرت لي، والصدمة تعلو ضفحة وجهها الباهت واضعة يدها على فمها ودموعٌ جديدة تكونت بعينيها.
شعرت بضعفي ونقصي من جديد، ارتجف جسدي حين لمحت نظرات الشفقة تلك، النظرات التي كنت أهرب منها دوماً في حياتي وفي أحلامي، وضعت ليندا يدها الباردة على فخذي تبث لي القوة، ونجحت بما تفعله كما يحدث دوماً.
لأكتب 'هل تريدين التحدث عما حدث أو ستهربين من جديد' ورفعت الدفتر اتجاهها، فــ لمعت عينيها بألم، وشعرت أني قسوت عليها.
''آسفة على ما فعلته'' أمسكت حقيبتها وأخرجت منه ظرفاً، دفعته على المنضدة ليصبح أمامي.
''آسفة لسرقتك، وسرقة والدي لكنني لم أستطع أن أواجهكم، حين علمت أنني حامل شعرت بالقرف من نفسي، لم أستطع قتلها أحببتها؛ لكنني كرهت نفسي، هربت بعيداً لكي لا تشعروا بالإحراج مني، أخذت المال لكي أتمكن من البدء من جديد، عدت حين لم أستطع الاكمال دون عائلتي.
اكتشفت أنك تعيش في ولاياتي حين رأيتك ذات مرة تعود مشياً لمنزلك، تبعتك وعلمت مكان سكنك لم أملك الشجاعة لمواجهتك، لكنني أيضاً لم أستطع الابتعاد عنك، حين رأيتك أيقظت شوقي الذي حاولت دفنه
والذي قادني إلى هنا، وها أنا الآن أمامك''
نظرت بيلا بعيون تريد الافراج عَما تحبسه من دموع،
أبعدت نظرها عني بعد لحظات تلقي نظرة على ليندا الصامتة بجانبي.
''حسناً بيلا، أنا آسفة على تدخلي دون أن تعلمي من أنا، أدعى ليندا دروم صديقة توماس المقربة" قالتها بينما تصافح بيلا، راقبتها بترقب أنتظر ما ستفعله، أحفظ تفاصيلها التي حفظتها طوال حياتي، تلك التفاصيل التي قضيت معها طفولتي ومراهقتي، التفاصيل التي رأيتها بجميع حالتها.
''يبدو أنكِ متعبة، لم تنامي البارحة من شدة التفكير صحيح؟" قالتها ببرودها لكنني رغم ذلك شعرت بدفء كلماتها كما أصبحت أشعر دائماً.
حركت بيلا رأسها تؤكد انها لم تنم البارحة
''إذاً سأدلك على الغرفة التي تنام فيها ابنتك الجميلة وتنامين قليلاً لترتاحي ثم نتكلم" نظرت لليندا بـــ امتنان، وقفت بيلا تنظر لي ثم تغادر خلف ليندا تمتثل لــِما قالت.
جلست أنا من جديد أحدق بالفراغ شارد الذهن والفكر، لم أشعر سوى بحضنٍ من جسدها البارد.
''يمكنك البكاء'' لتبدأ دموعي بالهطول بكل بصمت، كــ أنها انتظرت كلماتها، يدها بدأت بالعبث بــِ خصلات شعري، تنشر شعوراً من الراحة في خلايا.
كنت أريد أن أشاركها الكثير، أن أخبرها بما أشعر، أنني لستُ وحشاً لأنني لم أقابل شقيقتي بالأحضان،
وأنني أملك الكثير لأقوله؛ لكن عجزي عن الكلام زاد من غصتي وشدة بكائي.
''لــ ــينــ ــدا" خرج صوتي متقطعاً خافتاً، توقفت يديها عن الحراك. أما أنا ابتعدت عنها بصدمة أنظر لها أبحث عن تفسير، إلا أنها الأخرى في دهشة من أمرها.
''ماذا قلت؟" كانت لا تصدق، كما أفعل أنا
''حاول مرة أخرى'' قالتها بإصرار وأبصرت أملاً بعينيها، لم أكن أستطيع تجاهله، حاولت لكن صوتي لم يخرج مما جعل الإحباط بنتشر في أضلعي، حاولت مرة أخرى ليخرج صوتي متقطعاً خافتاً
''ليـ ـندا''
العلاج نجح عادت دموعي للانهمار، واعتلت ابتسامة صادقة ثغري تشاركني سعادتي، وأسرعتُ بـِــ احتضان ليندا التي ابتسمت بتوسع لم أره من قبل، هي سعيدة من أجلي وهذا كان سبباً آخر لأسعد.

يـدان بـاردة | Cold Handsحيث تعيش القصص. اكتشف الآن