part 34:

1.8K 134 16
                                    


"الشمس صاطعة جدا، تطلبت مني وقتا لكي أعتاد عليها، رائحة الهواء مختلفة عن الرائحة داخل تلك الجدران، صوت الطيور، وأخيرا تمكنت من سماعه بوضوح، أسمع حديث أحدهم، إنه صوت مألوف، لا بد أنه صوته، نعم صوته الذي اشتقت له لأقصى الحدود، صوته الذي بت أحلم به بالنهار قبل الليل، صوته هو، صوت ابني حبيبي، وأخيرا أنا حرة، وأخيرا سوف أضمك لحضني وأشم رائحتك بقوة دون أن يأخذوك مني لضيق الوقت، وأخيرا سوف أطعمك بيدي وآخذك لمدرستك، وأخيرا...

فتح آخر باب حديدي يفصل بيني و بينه، وها قد التقت أعيننا"

سرعان ما فتح ذلك الباب حتى أطلق ذلك الطفل ذو الثمان سنوات صرخة باسم والدته، ركض نحوها بسرعة البرق و استوطن حضنها، وأخيرا قد وجد ملاذه الآمن الذي فرقته عنه الأقدار، منظر تدمع له القلوب قبل الأعين، ليس كلقاء الحبيب حبيبته، بل هو أعظم، إنه لقاء أم بفلذة كبدها، إنها يوم سعدهما، كل ما يفكر به الاثنان هو السعادة، السعادة بلقاء طال انتظاره، السعادة التي تمنيا كلاهما أن تبقا معهما إلى الأبد..

نأمل ذلك..

كفها الذي يحمل ذات الدفئ يمرر على شعره تارة و على وجهه تارة أخرى، الدموع قد خانتها وشرعت تنساب على خدها الواحدة تلو الأخرى، ابتسامة لم تظهر محياها منذ سنين..

- لقد اشتقت لك بني

- مرحبا برجوعك أوما..

وأخيرا و بعد أن لاحظت من هم في الخلف يراقبونهم بصمت وفرح، قد اتجهت نحوهم لتحييهم، لونا و زوجها، هيتشان وزوجته الحامل وكذلك نيلي الصغيرة..

نال كل منهم حقه من العناق والتحية، وها قد عادت مرة أخرى لابنها فهي بالطبع لم تشفي اشتياقها له بعد..

لكن هذه المرة قبل أن تصل له قد خانتها ساقيها لتحتضنها الأرض وهي مغشا عليها...

______________

يال حظ ذلك الصغير، ها هو الآن يجلس أمام سرير والدته في المستشفى وهو يمسك يدها راجيا استيقاظها، ولم تمر ثوان قليلا حتى فتحت عينيها ببطء

- أوما هل أنت بخير؟ هل يؤلمك شيء؟

أومأت له ببطء وطيف ابتسامة قد رسم على شفتيها، لتستدير حتى تستطيع ملامسة شعره بيدها ثم قالت
- هل تناولت غذاؤك؟

حرك رأسه بمعنى "لا" لتكمل كلامها
-هيا وبدون اعتراض، اذهب مع خالتك لتناول وجبة الغذاء ثم تعال إلي بعدها..

-لكن..

- بدون اعتراض، أنا بخير تماما و ساخرج من هنا بعد ساعات، لذا تناول وجبتك بدون قلق حسنا؟

أجابها ب "نعم" ليقبل خدها ثم يمسك يد خالته ليتوجها نحو مقصف المستشفى

سرعان ما استدارت صوفيا للجهة الأخرى متنفسة الصعداء، حتى طرق باب غرفتها، لتسمح بدخول الطارق، ليتبين أنه الطبيب

- كيف حالك سيدة صوفيا؟

-بخير الآن

- حضرت لأحدثك عن حالتك الصحية...

وبعد حديث مطول ملؤه النصائح و العبارات الطبية اتضح لصوفيا أن سبب فقدانها لوعيها هو فرط السكر في الدم، ذات المرض الذي أصابها خلال حملها بسوجون، لكن النقطة الإيجابية هو أنه بنسب ضئيلة لذا فحذر قليل كاف لابقائها في بر الأمان..

شكرت صوفيا الطبيب لينصرف بعدها.. لكن بعد ثوان طرق الباب مرة أخرى فظنت صوفيا أن الطبيب نسي شيء ما، لكن الزائر كان شخصا غير متوقع البتة..

- ابنتي..

إنها تلك السيدة التي وأخيرا تذكرت أن لها بنتان و ابن، لا تستحق لقب الأمومة حتى..

اقتربت من صوفيا و عينيها مثبثتان على الأرضية، أخذت مكان لها بجانب صوفيا التي باتت تتصفح كل انش من وجهها و ملامحها

- كيف.. كيف حالك؟ واين.. أين هو حفيدي؟

"حفيدي" كانت كلمة مستفزة بالنسبة لصوفيا لذلك جعلت منها تخرج عن صمتها

"انكسر جناحي وأصبحت الرياح تتلاعب بي يا أمي ، نعم كانت غلطتي وثقت بشخص أنيق الظاهر خبيث الباطن نسيت نفسي في كلامه المعسول وضحكته البريئة حيث أظهر لي الحب والاهتمام... رحل و أنكر كل شيء، نعم من حقه فأنا
من فعلت هذا بنفسي .. أعلم أنني أخطأت لكن أنت كذلك لم ترحميني بطردك لي، لكنت الآن جزءا من الشارع لولا سوجون و لونا، اااه تذكرت، سوجون ابنك قد وجدناه بعد اختفائه.
انتظرت الرحمة منهم لكن حين أتذكر كلامك القاسي وطردك لي، دون أدنى رحمة أبتسم وأقول أمي ولم تحرمني والناس سترحمني، كيف يعقل أن تفعل هذا؟ لهذا اخترت الطريق السهل
والصعب في نفس الآن.  تزوجته، تزوجت والد ابني ظنا مني أنه سيوفر كل ما يحتاجه ابنه، لكنني ذقت معه المرارة، وفي آخر المطاف اتهمت بقتله فكان جزائي السجن.

وتقولين "حفيدي" .. يالك من مثيرة للشفقة، حفيدك لم تتذكريه عندما كان صغيرا، عندما كنت اسهر الليالي في تربيته، عندما كان يعاني مع مرض السادية وتعالج بفضل إرادته..

إن كنت تريدين مساعدتنا فنحن لا نحتاج منك شيء، و لا تذرفي دموع التماسيح، فأنا أدرك أشد الإدراك أنك لا تعنين بها شيء غير إثارة عاطفتي، لكنني لن اتزحزح..

والآن من فضلك أخرجي"

كلماتها طاعنة كالخناجر، لكن الزمن القاسي هو من فعل بها هذا، لربما قد تكون أفرغت جم غضبها وقد تسامح أمها فيما بعد، أو ربما قد لا تسامحها أبدا، من يدري....

Winter Bear (Kim Taehyung)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن