2 | صندُوق مُوسيقى.

261 15 708
                                    

"ما رأيكَ بأن تجلِس معي لبعض الوقت؟ حينها قد أُعطيك مفتاح الصندوق!"

هذا ما قالهُ العازِف الغريب، مع أنّه لم يسمع شيئًا من عزفه منذ أوّل دقيقة من لقائه، هو الآن فقط يُعدّل أوتار آلته، تكلّم أثناء ذلك:

«إذن، مالذي تريد أن تعرفه بالضبط؟»

«من، كيف، متى، وأين أنا؟»

قالها مرّة واحدة كأنّه كان ينتظر السّؤال، الأخضر أمامه لم يتمالك أن ضحك لثانية:
«هاها، أنتَ لا تذكُر، بطبيعة الحال.»

كان مارس على حدوده بالفعل، هو أساسًا رغم أنّه شخصٌ لامُبالٍ -غالبًا- لا يتحمل هذا النّوع من الغموض المُزعج، الجهل الذي يُحسه يستفزُّه وللغاية، لكنّه يحاول الحفاظ على برودة دمه، بوسعِه تقبُّل الأمر بعد بعض الوقت، صِدقًا.

«سأودّ لو تشرح أكثر.»
أجل، عليك أن تظلّ مهذّبًا يا مارس.

«سأُخبركَ ما أنا متأكّد منه، أنتَ هُنا بإرادتك.»

«.... أنا متأكّد أنّك فهمتَ شيئًا خطأً.»

أطلق أنطونيو ضحكة صغيرة بدت ساخرة:
«أتعتقد هذا؟ لن أناقشَك على أيّ حال.»

صمت مارس، مُنزعجًا.
كلّ يقوله هذا الشّخصُ يجعل الأمر مُربكًا أكثر.

مع ذلك، لم يتوقّف:
«أينَ أنا؟»

«داخِل قصّة أطفال، علامَ أعتقد.»
... هاه؟

قصّة؟

«مجددًا، عمّ تتحدّث-»

رمى نظرة لأنطونيو الذي تظاهر بالانشغال مع آلتِه كي يخفي ابتسامته، اُستُفِز مجددًا ليسأل:
«مالمُضحِك؟»

«آسِف لكن تعابيرك الحائرة تستحق هذا، إنها ممتعة للغاية.»

حسنًا، ربما طفح الكيل.
«إذَا كنتَ تصرّ على التّكتم، إذن سأغادر وأجدُ مخرجي بنفسي!»

وقف مارس ونفض ثيابه بقلّة صبر.

«مهلًا انتظر-»
استوقفه أنطونيو فورًا، وعندما وجدهُ قد توقّف فعلًا ينتظر ما لديه ليقوله، خرجت نبرتُه دراميّة بشكل بدا متعمّدًا:

«لم أرَ انسانًا منذُ سنواتٍ، وكلّ من أعرفُهم إمّا بعيدون أو يتجاهلون وجودي،
أشعُر بالوحدة منذُ مدّة طويلة، لذا-»

هو حقًا ليس لديه جيران-

رمش مارس بنظرة جافّة، أنطونيو يبدو ساخرًا، تبدو دراميّته مازحة.

صندوق ذكرياتWhere stories live. Discover now