9 | رائِحة الكذب.

144 5 624
                                    

«ألم تجداه بعد؟»
خرج أنطونيو من حجرة الكابتن، رفع مرفقه ليظلّل عينيه عن الشّمس والتفت لبياض الثّلج، الأخيرة أومأت نفيًا، لم يكن يبدو عليها الاهتمام بالموضوع بل كانت بالخارج مجاراةً للأمير الصّغير لا أكثر.

هذا الأخير كان مائلًا بجذعه على الحاجز مطلًّا على المياه علّه يلمح شيئًا، اقترب منه أنطونيو وألقى بنظرة كذلك، وعندما لم يلمح شيئًا، همس بلؤم:
«علّه تبخّر حقًا..!»

«لا تقل أشياء مخيفة لُطفًا.» نهره الأمير فورًا فأومأ بتسليم دون نقاش، مع ذلك علّق:

«ألم يقل أنّه سيكون تحت الماء؟»

لم يردّ عليه الأمير -لأنه انشغل- لكن بياض الثلج فعلت: «أجل، نحن نحاول إيجاد آثار جليده.»

همهم بتفهّم، يشعر بقليل من الذّنب لأنه تضايق توًّا من لكنتها، رغم أنّه يدرك أنّ الأمر ليس شخصيًا لكن ضيقه السابق لم يزُل، زفر وكاد يضيف شيئًا لكلامه قبل أن يقاطع نفسه حين لمح لمعة غريبة بعينيّ الأمير.

وقبل أن يفترض أنّه وجد أثرًا ما، فوجئ به يصعد واقفًا على الحاجز ثم -بنفس البريق في عينيه- قفز نحو الهواء.

توقّفت أنفاس أنطونيو للحظة، لكن الأمير لم يقع إطلاقًا وكان بخير، تيقن فورًا لأنه أمامه يعامل الهواء كالدّرج، كان الأمير الصغير يطفو بعفوية والبريق حوله، يدور باحثًا عن رؤية أفضل.

أنطونيو لم يتوقّع هذا، لم يتوقّع أن يرى سحرًا، لأنه بصدقٍ نسي كيف يبدو. لم يتخطّ صدمته وعيناه لا تجرؤان على الابتعاد عن هيئة لويس اللّامعة، وشيء فيهما عميقًا، عميقًا، يتمنّى لو يحظى بشيء من هذا البريق.

هزّ رأسه وزفر مستنفرًا من نفسه، همس بلغته الأمّ شيئًا لم تسمعه بياض الثّلج، واتجه نحو الحاجز المواجه للجزيرة وأعلمها:

«سأبحثُ عنه في الجزيرة، أشعر أنّه هناك مادام لا يوجد جليد في الماء.»

أومأت لكن نبرتها غزاها التّعجب: «ألن يعود من تلقاء نفسه؟»

«لا أثق به، ولا رغبة لي بالقيام بكلّ العمل بمفردي، سأجده.»

تذمّر وقفز عن الحاجز بدوره، لكن هو وقع في الماء المالح ولم يطر ولو لثانية، هذا ما توقّعه لذا لم يخب ظنّه.

هو لم يكذب لكن لا مشكلة لدى أنطونيو لو قام بكلّ العمل، ولا يهتم لأمر جاك فروست حقًا حتّى يبحث عنه فجأة، أراد فقط التّهرب من هناك.

أو التّرويح عن ضيقه، وهذا شيء صعب المنال لو بقي معهما على السّفينة، وهذه الحقيقة تضايقه كذلك.

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: May 18 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

صندوق ذكرياتWhere stories live. Discover now