8 | السّيدة الزّرقاء

165 6 695
                                    

هل تساءلتَ يومًا، كيف تموت القصص؟


القصص وُجدت من بداية الزّمان، بعضها مات، بعضها تغيّر حتّى ما عُدتَ تعرفه، وبعضها صمد ولازال إلى الآن.

لكن كيف تموت؟
لا تموت خنقًا، لا طعنًا، لا غرقًا ولا حتّى حرقًا.
القصّة لن تموت مهما مزّقتَ كتابها. لأن هناك كتبًا أخرى لها.

ولو مزّقتَ آخر كتاب وُجد لها، لن تموت أيضًا، لأن هناك من يتذكّرها ويرويها.

لكن، لو نُسيت فهي النّهاية.
تموت القصص حين لا يبقى من يتذكّرها.

وهذا سائر في ذلك العالم، القصص مخلوقات لا تموت بسهولة، مهما جُرحت يلتئم الجرح، ويُعوّض الدّم الأسود الذي يملكونه.
فما هم إلا خطوط من الحبر.

وسيعيشون حتّى يُنسوا، إن التزموا بالدّور.
أو، يمكن أن يمزّقهم صاحب صندوق الذّكريات، ويمحو ذكراهم للأبد.

***

تبادل كلّ من أنطونيو وبياض الثّلج نظرات محمّلة بالذّنب، بسبب ما تسببت به مشاحنتهما من احباط بادٍ على الأمير الصّغير.

يعلمان أنّه مثل ليونارد، يذكر حياته وسبب وجوده هنا.

وقبل أن يتمكّن أيّ منهما من الاعتذار مجددًا، كان بالفعل قد أخذ نفسًا وتنهد، تكلّم كأن شيئًا لم يكن: «سأذهب لإيجاد جاك فروست.»

وانطلق خارجًا دون سماع ردّهما، ما جعلهما يشعران بالسّوء أكثر.

تنهّدا عميقًا بنفس اللحظة، بياض الثّلج كانت ستلحق به وافترضت أنّ أنطونيو سيفعل المثل لولا أنّه انحنى يجمع الكتب، التّي لاحظت أنّه كان يقرأوها قبل قليل، وفي غمرة من الذّنب حيث أنّ ما قالته له جرحه، وهذا لم يكن قصدها، اقتربت وسألت: «ماذا تفعل؟»

ارتبك للحظة، فقد حسب أنّه لوحده، رفع الكتب من الأرض للطّاولة وأجاب بصوت منخفض:
«أبحثُ عن شخص ما.»

همهمت وهي تحمل أحدها، لاحظت أن لها كلّها نفس الطّابع، الحيوانات المتكلمة: «وهل وجدتَه؟»

زفر بخيبة وهو يردّ بالرّفض، ردّها إلى الرّف واحدة واحدة بترتيبها، ولم يبقَ إلّا ما في يدها، مَدّته له وهي تتابع:
«أنتَ تذكره؟»

أومأ إيجابًا لتكمل مباشرة:
«هل جرّبتَ البحث في تصنيف آخر؟»

«تصنيف آخر؟» استنكر.
«أين قد أجدُ جندبًا خارج هذه القصص؟»

صندوق ذكرياتWhere stories live. Discover now