part 11 : " إعتِرافَات "

63 6 8
                                    

ما إنْ إستدارَت تكبحُ دموعَها بِنيَّةِ الرّحيل حتّى أحسَّت بجسدِه الضّخم يحتوي جسدَها منَ الخلف و أنفاسهُ المُتسارعة تلفحُ رقبتِها مُتسبّبًا في هيجان ما بينَ ضلوعِها :

" اه...لا تعلمين كم إشتقتُ لكِ صغيرتي ، ذهبتِ قبل أن أُشبعَ روحي من رائِحتك ، رحلتي عنّي قبلَ أن أُفصِح عن تلك المشاعِر التي أصبحَت كالحِمَم تجري في دمي...رحلتِ و عَفَستِ على قلبي دون أن تعلمي أنّني لا نَفسًا لي بدونك و لا حياةَ لي من بعدِك . "

أفرجَ جنغكوك عن كلِماتِه التي أصبحَت ثقيلة على صدرِه مُحتضنًا إيّاها كما الطّفل الذي يحتَضنُ والدته؛

" آه..كم أحتاجُك يا صغيرتي ، أحتاجُ أن تمسحي لي على شعري مِثل عادتِك مُطمئِنة قلبي أنّ كُلّ شيءٍ سيكون بخير...لكن لا شيء بخير..لاشيء أصبحَ جميل من بعدِك.. "

فجأة، أخذَ لا يُسمَع سوى نبضات قلبه التي أخذَت تحترِقُ بداخِله مثل النّار ، قد كانت أشدّ و أقسى من نارِ الفُراق ..إنّها نارَ اللَّوم..إنّها نارَ تأنيب...إنّها نارًا و جحيمًا لا مخرجَ منه ، صرخاتَها التي أصبحَت ثقيلة على قلبِه .

إنحنى نحوَها عندما غدرَت بها قدميها التي لم تعُد قادرة على حملِها يُشبِع سوداويّتيه التي كانت مُتعطّشة لنظرةٍ واحدة منها ، قلبهُ يرفُس بداخله يودُّ لو يخرُج يُعانق مالكته يُدفئُها يُخبرها أنّهُ لم ينسَها يومًا .

مرّر يده على طولِ خدِها بإرتجافٍ يمسحُ دموعها بإبهامِه ؛ أحسَّ بروحَه تعود للحياة من جديد ، دقائق مرّت على عاشقنا و هو يسترجِع حياته..روحه...و حتّى أنفاسَه التي هربَت و فقدَها منذُ سنوات .

" كمْ أكرَه ضَعفي أمامك...كَم أكرَه رضوخَ جسدي لكلامِك.. " أردفَت و هي تمسحُ دموعها بخشونة و عشوائِيّة كالأطغال و كَم أرضت بكلامها رجولَتَه.

" آسفة..لكِن لن أقَع في نفسِ الشِّباكِ ثانيةً ، أُقسمُ بأنّ لا قُدرةَ لديّ على الخِذلان والفُقدان مرّةً أخرى، يكفيني ما عِشتهُ في هذه السّنوات ."

   إستقامَت تركضُ مسرعة نحو باب الخروج إلى أنْ شُلّت حركتها فجأة و خُطِفت أنفاسها عندَ تلك الحروف التي صدرَت آذانَها كسِهامٍ مُوجّهة نحو هدفها و قلبها :
  " هل سوفَ ترحلينَ مُجدّدًا هيلي ؟؟ "

مرّت دقائِق و هي مُتسمّرة مكانها ، هل خانتها أُذنها أم ماذا ؟! حتّى أوهمَت قلبها الصّغير الذي ظنّ أنَّه لن يسمعَ ذلك الإسمَ مُجدّدًا ، عسى أن يأتي يوم و يأتي مالكَه لكن بعد كُلّ يوم كانت الخيبة و الأمل يتبخّر بداخلها .

تقدّم جنغكوك منها بهدوء : " إلى أين أنتِ ذاهبة هيلي.. ألَم يكفيكِ كلّ ذلكَ البُعد ؟ "

إلتفتت هيليا بإرتجاف مُحدِّقة بسوداويّتيه كما لو أنّها تبحث وسطَها عن شيءٍ ضائِع ، ما لم تنتظر حتّى وسّعت مُقلتاها بصدمة هامسة بنبرةٍ مُرتجفة :

" ل..لا..م..مُستحيل..ل..لا..يُمكنننن..أن..تكون!!! "

أغمضَ جنغكوك على جُفونِه واضع جبينه ضِدّ جبين الأخرى بعدما أعدَمَ المسافة التي تُبعدهُ عن محبوبتِه مُكوّرًا وجهها بينَ كَفّيه :

" المُستحيل أن أعيش بدونكِ هيلي..هذا هو المُستحيل بالنّسبةِ لي.. "

...................

 بَعثَرَةُ القَدَرْ ..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن