الفصل الأول

464 74 43
                                    

أن يكرهك الناس علي مافيك أفضل من أن يحبوك علي ماليس فيك (أندريه جايد)

تبدأ حكايتنا مع حور فتاه ذات ملامح هادئه عكس مايكمن في داخلها عيناها بنيتين كاللون القهوه ربما يظهر جمالها اكثر حين تبتسم فتضيق عيناها أو حين يداعب الهواء شعرها الطويل فيجعله يتطاير بشرتها تميل للبياض ليست من نوعيه الفتيات التي تقع في حبهن منذ أول نظره ربما منذ أول حديث فهي تعرف كيف تجذبك أو ربما تجذبك دون قصد منها في النهايه لن تدري بنفسك الا وقد وقعت في حبها.
أعلم إنكم تتسألون الآن كيف لفتاه بهذه الملامح الجميله والبسيطه ان تحمل في داخلها كل هذا الشر والأذي؟
دعوني أخبركم أمراً الورد أيضاً مظهره جميل ولكن به شوك.
اليوم اتممت حور عامها الثاني والعشرين ولم يتذكرها أحد
تقف حور في غرفه منزلها الفوضويه تنظر إلى المرأه وتحادث نفسها قائله : أكيد مش حاجه لطيفه إن الإنسان يكون مؤذي محدش أصلاً بيتولد وهو ناوي لما يكبر يكون شخص وحش أو مؤذي إحنا لما بنسأل طفل صغير نفسك تطلع ايه لما تكبر بيقول ظابط دكتور مش بيقول نفسي أطلع شيطان أو شخص مؤذي أنا برضو مكانش نفسي لما أكبر أكون شخصيه مؤذيه كده بس أهو حصل.
تبتسم أبتسامه إستهزاء ثم تذهب إلى سريرها تحاول النوم ولكن يتغلب عليها الارق فتمسك بهاتفها لتري ملك صديقه عمرها منذ الطفوله قامت بحظرها وتاركه لها رساله تعاتبها فيها عما فعلته معها
قائله : أنا مش عارفه أنا عملتلك إيه ياحور عشان تعملي معايا كده أنا كنت معتبراكي أختي وكنت بحبك مكنتش أتوقع في يوم إنك تتخلي عني في وقت زي ده مش مسمحاكي علي الإحساس اللي خلتيني احسه ده ولا عن إحساسي إني لوحدي في اكتر وقت محتاجالك فيه.
لم يظهر علي وجه حور أية تعاطف أو تأثر بعد قراءه الرساله كأن وجهها قد خلا من التعبير سوي عن ابتسامه بارده لا يفهم معناها ربما كان معناها تقبلها لشخصيتها السيئه.
تركت هاتفها ومن ثم قامت بإخراج دفتر مذكراتها وبدأت تكتب
ربما لم أكن يوماً صديقه أو أبنه جيده حتي عندما حصلت علي أصدقاء جيدون لم يسلموا من شري
فمثلاً ملك لم أكن أعرف أي صديقه غيرها منذ طفولتي مضينا أغلب الاوقات معا ولكنني كنت دائماً ما أحقد عليها وأقوم بتقليد اي شيء تفعله كنت أغار ايضا من علاقتها بوالدتي فبحكم صداقتنا كانت دائماً ما تأتي لمنزلي وتجلس معها وعندما شعرت بحب أمي لها حاولت الإيقاع بينهما وأيضاً عندما مرت بأزمه وكانت بحاجتي كنت اول من تركها بمفردها لا أعلم لما فعلت كل ذالك معها ربما لم أكن أحب أن أراها أفضل مني حقاً لا أعلم لماذا ؟!.
نأتي لعلياء علياء كانت صديقتي في الجامعه تعرفت عليها في اليوم الأول لي بكليه الآثار وأصبحنا صديقتين مقربين ولكنها لم تسلم من شري أيضاً
وكأنني لعنه تدمر كل من يقترب منها
إن سألتموها عني ستخبركم بإنني أخذت منها أكثر رجل أحبته في العالم وإنني أحمل أكثر من وجه وهي لم تخطئ فقد كنت سبب في إبتعاد حبيبها عنها بالفعل
لا أعلم أيضًا لماذا فعلت ذالك ربما يكون لدي مرض ما يجعلني أتسبب في الأذى لكل من حولي الغريب في الأمر هو عدم شعوري ولو لوهله بأنني سيئه وأنا أفعل كل ذالك.
شردت بذهنها قليلاً ثم عادت لتكتب
كل الأشخاص الذين أحبوني في يوماً ما لا يحملون لي الآن سوي الكره والندم علي معرفتي وأعترف بإنني استحق ذلك.
أغلقت حور دفتر مذكرتها وعادت إلى سريرها تفكر حتي غلبها النعاس وحين أستيقظت في الصباح قابلتها والدتها بأبتسامه مصطنعه وهي تقول (صباح الخير)
فردت حور بإبتسامه بارده وأخبرتها انها ستذهب إلى الجامعة أستعدت حور وخرجت من المنزل وظلت تفكر طوال الطريق كيف تغيرت معامله والدتها معها
فتحت حقيبتها واخرجت دفتر مذكرتها وكتبت
أمي تكره الكذب وكانت تثق بي ثقه عمياء لذا كان من الصعب عليها أن تعرف بإن ابنتها كاذبه وأنانيه وحقوده لدرجه أن تسرق من صديقتها حبيبها وأن تتهم صديقتها الأخرى زور لكي توقع بينهما وغيرها من الأشياء التي جعلتها تتفاجئ بي وتعتقد إنها كانت تعيش مع فتاه اخري طيله هذا الوقت ولعل أصعب هذه الأشياء كانت عندما علمت بأن ابنتها سارقه!!!
تنقطع أفكار حور وتتوقف عن الكتابه عندما تجد نفسها قد وصلت إلى الجامعه تدخل حور إلى الجامعة بمفردها بعدما كانت دائماً ماتذهب مع أصدقائها ولكن افعالها جعلتها وحيده الآن
تدخل الي المحاضره لتتفاجئ بعلياء تقف امامها وتنظر إليها نظرات أستحقار وتذهب لتجلس بعيداً عنها
تبتسم حور ابتسامه بارده وتجلس فتتذكر اخر لقاء بينها وبين علياء حين أخبرتها بإنها لن تسامحها مطلقاً عما فعلته معها وعما جعلتها تشعر به من اذي نفسي وبإنها شيطانه تحمل وجه ملاك
وتتذكر وجهها وهو يعلوه الحزن وكلامها وهو يخرج منها دون ترتيب من شده البكاء
يقطع تفكيرها صوت الدكتور وهو يبدأ المحاضره وحين تنتهي المحاضره تعود إلى المنزل لتجد والدتها تنظر إليها بنفس الإبتسامه المصطنعه وهي تقول (حمدلله علي السلامه) تبتسم لها حور وتدخل إلى غرفتها وتقوم بإخراج دفتر مذكراتها وتكتب جمله ل مايا أنجلو :
لقد تعلمت أن الآخرين يمكن أن ينسوا ماقلت مافعلت ولكن أبداً لا يمكن أن ينسوا كيف جعلتهم يشعرون.
لأول مره أشعر بأن هذه الجمله حقيقه إلى ذلك الحد لن ينسي لي أحد ماجعلتهم يشعرون به بسبب أفعالي السيئه لقد أنفضوا من حولي ولم يعد لدي أي شخص لأتحدث معه أصبحت حين اريد الحديث ألجأ الي هذا الدفتر لأكتب كل ما أشعر به فلم اعد أتحدث مع أي شخص اتذكر مقوله ل دوستويفسكي حين قال ( انا صامت طوال الوقت وأخشى ان انسي الكلام)
اعتقد بأنها تعبر عن حالي الآن ولكنني أستحق ما انا عليه الآن لن أكابر وألقى اللوم على الآخرين يجب علي المرء أن يعترف بسوءه دون أن يخجل فنحن لم نخلق ملائكه نحن بشر والبشر خطائون هذا ليس تبرير للشر دعنا نعتبره كلام اطمئن به نفسي كي لا أشعر بتأنيب الضمير علي كل مافعلت.
شردت بذهنها قليلاً ثم عادت لتكتب كلما فكرت قليلاً أتذكر شخصاً ما قمت بإيذائه دعوني أخبركم أمراً أخر
كان لي صديقه تدعي دينا تعرفت عليها في السنه الثانيه لي في الكليه أستمرت صداقتنا لسنه كامله وإذ بها في يوم تأتي وتخبرني بإنها لا تريد معرفتي مره اخري وبإنها تحملت إيذائي لها أكثر من اللازم وبإنني شخصيه غير سويه ولا تستطيع تحملي اكثر من ذلك فقد ظلمتها بما يكفي تريدون الحقيقه لا أتذكر ماذا فعلت لها تحديداً وهي أيضاً لم تخبرني ماذا فعلت ونظرت لي نظرة إستهزاء حين سألتها عن سبب قولها هذا الكلام وتركتني وذهبت ولا أعرف عنها شيء حتي الآن.
شعور غريب عندما تكون شخص سيء لدرجه إنك لا تتذكر كم شخص قمت بإيذائه وكيف تأذي دون ذره ندم وكأن مشاعر الاخرين لعبه لا قيمه لها
سمعت شخص من قبل يقول أن في حياة كل شخص يوجد ابتلاء ربما يستحقه بسبب ذنوبه لعله يكون سبب في توبته وربما يكون اختبار لصبره ف الله إذا أحب عبداً أبتلاه وأنا أرى نفسي إبتلاء لكل من عرفني ف أنا أبتلاء أمي وأبتلاء لأصدقائي ولكل شخص مررت عليه في حياته.
اغلقت حور دفتر مذكراتها وامسكت بهاتفها تبحث عن شخص لتتحدث معه فلم تجد
تنظر إلى المرأه وتبتسم وهي تحدث نفسها قائله:
مبسوطه كده وأنتي شريره وبتبعدي كل الناس عنك أهو أخرتها بقيتي لوحدك مش لاقيه حد تكلميه أمسكي بقي مذكراتك وقلمك وأقعدي كلمي الورق والناس اللي مش موجودين مش لو كنتي طيبه كان بقي احسن ليكي؟
تخلد إلى النوم وهي تعلم أن يومها سيتكرر فقد أعتادت علي الروتين تستيقظ لتذهب الي الجامعه ثم تعود لتدخل غرفتها ولا تخرج منها إلا في الصباح اصبح الجميع يتجنب التعامل معها بما في ذلك والدها ووالدتها وهي إعتادت علي الأمر ولا يسبب لها ذلك آي حزن حتي إنها دائماً ماتفكر في أخذ منزل لها بعيداً عنهم وهم أيضاً لم يحاولوا مواجهتها او طلب تبرير لتصرفاتها منذ أخر مره تحدثوا إليها فيها عن سبب أفعالها الغير سويه وكان جوابها بأنها حره تفعل مايحلو لها مما جعلهم في حاله صدمه ودائماً مايشعرون بإنها لا تنتمي لهم أو ربما كانوا يعيشون مع فتاه غيرها طيله هذا العمر وكأنها كانت ترتدي قناع طوال الوقت ونزعته الآن.
تستيقظ حور في الصباح وتذهب إلى الجامعه كالعاده ولكن ما إن دخلت إلى الجامعه حتي وجدت دينا تتشاجر مع فتاه أخرى فتدخلت بينهم لكي تفض المشاجره ولكنها وقفت في صف الفتاه الأخرى
فتفاجئت دينا برده فعلها ونظرت إلى حور نظرات مليئه بالعتاب وخيبه الأمل قائله:
أنا كنت صح لما بعدت عنك إنتي متستاهليش تكوني صاحبه
لترد حور قائله: صح أنا وحشه ومعترفه بده خليكي بقي بعيده عني عشان مأذكيش أكتر.
غادرت حور المكان دون أن تنتظر رد من دينا لتتفاجئ بشاب يأتي خلفها مسرعاً ويطلب منها أن تنتظر ليتحدث إليها قليلا تنظر إليه حور بنظرات تحمل الكثير من الغضب والأستحقار وتتركه وتذهب فيقف مكانه ينظر إليها وهي تذهب بنظرات مليئه بخيبه الأمل.
تذهب الي المنزل وتدخل غرفتها وتنظر إلى المرأه وتبتسم ثم تخرج دفتر مذكرتها وتكتب
وجهي أجمل مما أحمل في داخلي
أعتقد أن هذا هو السبب الرئيسي الذي جعل كل هؤلاء الأغبياء الذين مروا في حياتي يثقون بي إلى هذا الحد للوهله الأولى يشعرون بأنني فتاه جميله او ان فتاه تحمل وجه جميل سيكون قلبها وشخصيتها مثل وجهها حتي يتفاجئون بحقيقتي.
أخبركم أمراً علي مدار حياتي لم يكن لي أصدقاء سوي علياء وملك ودينا ربما كان لي معارف كثيره بينما اصدقاء حقيقون لم يكن لي سواهم وبدلا من أن أحافظ عليهم دمرت هذه الصداقه
الحقيقه هي أنني لم أستطع إخفاء شخصيتي عنهم.
تترك دفتر مذكرتها وتنظر إلى ورقه معلقه على حائط غرفتها كتب عليها جمله ل اندريه جايد تقول
(ان يكرهك ااناس علي مافيك أفضل من أن يحبوك علي ماليس فيك)
تقرأها وتبتسم بالنسبه لحور كانت هذه الجمله مصدر إطمئنان لها لأنها كانت تفسرها حسب هواها كانت تري ان معناها هو إنه ليس شيء سيء ان يكرهك الناس لأنك شخص مؤذي وشرير هو في كل الأحوال أفضل من أن يحبوك لأنك تمثل أمامهم الطيبه والشخصيه الرائعه وانت في الحقيقه شيطان رچيم .
لذا قامت بكتابه هذه الجمله وتثبيتها علي حائط غرفتها لكي تذكر نفسها دائماً إنه لا بأس ان يكرهها البشر بسبب شخصيتها المؤذيه والشريره يكفي إنها حقيقيه لا تصطنع.
تشرد بذهنها قليلا فتتذكر الشاب الذي حاول التحدث معها اليوم وتتذكر أيضا إنها لم تكن المره الأولى التي تراه فيها فكانت دائماً ما تتصادف به في الجامعه وأماكن كثيره ودائماً ماتراه ينظر إليها نظرات لا تفهم معناها ثم تحدث نفسها قائله: ياتري مين ده وعايز مني ايه؟! .

دعونا نفكر قليلاً ما الذي يمكن أن يحدث إن وقع دفتر مذكرات حور في يد شخصاً ما وتنكشف أمامه شخصيتها الحقيقيه!!.

نصف شيطانه Where stories live. Discover now