الفصل الثاني.

175 21 87
                                    

السّبت، الساعَة ١٠:٠٤ مساءًا،
التّاسِع من يُونيو لعام ٢١٥٢،
عاصِمة الاِتّحاد الاِستحكامي، أران.

ضغطتُ بإصبعِي علىٰ مِقبَض البَاب لتقُوم إبرة دقيقَة بوخزي آخذة عيّنة دم ضئيلة منّي، تطلّب التعرّف علىٰ هويّتي بالكاد أجزاءًا من الثّانية فُتِح بعدها الباب تلقائيًا بهدُوء سامحًا لي بالدُخول.

دخلتُ دُون أن أكلّف نفسي عناء إغلاق الباب بعد ذلِك؛ لأنّي أعلم أنّه سيُغلق حالاً من تلقاء نفسِه، خلعتُ حذاء الكعب العالي الذي كنتُ أرتديه عِند مدخل شقّتي ثمّ طلبتُ من بروين أن تُعيده إلىٰ مكانه.

توجهتُ بقدميّ الحافيتين نحو أريكتي الوثيرة في غرفة المعيشة المُريحة، كم أحبّ شعور العودة إلىٰ المنزل !
جلستُ وقمتُ بتدليك قدميّ اللتين كانتا تُؤلمانني بشدّة ثمّ مططّتُ ظهري الذي أصدرتْ فقراتُه صوت فرقعة عالٍ مُباشرة.
لا أدري لما أفعل هذا بنفسِي حقًا، ولكن عليّ الاِعتراف بأنّي أبدُو فاتِنة بالكعب العالِي، كما أنّه يُعطيني مظهرًا عمليًّا أكثر في ذات الوقت.

نهضتُ ببُطء وسرتُ حتىٰ غرفة تبديل الملابس، قامت بروين بتشغيل الإضاءَة لأجلي من مكانها في غرفة المعِيشة كما فتَحتْ خزانتِي.
خلعتُ عنّي القمِيص المخمليّ الذهبي الذي كنتُ أرتدِيه، ثمّ علقتُه مع السُترة التِي كنتُ أحملها طوال النّهار بعد أن أجبَرتني شمس الظهيرة علىٰ خلعها علىٰ الشمّاعة الفضّية، كانت بروين ستعيدهما إلىٰ مكانهما لاحقًا.
خلعتُ بنطالي الجينز الأسوَد وشعرتُ بهواء المُكيّف المَركزي البارد يصطدِم بجسدي الساخِن، كان الجوّ حارًا جدًا اليوم.
اِخترتُ منامَة مُريحة وبسيطة التصمِيم لا تحمِل سوىٰ بعض الخطُوط الورديّة المُتموّجة علىٰ قماشِها القُطني الأبيض، اِرتديتُها ببُطء نِسبة لاِنقباض عضلاتي وتصلّبها، كان يومي مُنهكًا حقًا، دخلتُ الحمّام المُلحق بالغُرفة وأخذتُ حمامًا سريعًا تحت الماء البارد لأزيل عنّي العرَق، ثمّ خرجتُ تاركة كُل شيء علىٰ حاله وأنا أدركُ أنّ بروين سترتّبه لأجلي اليوم.

كنتُ قد طلبتُ من مساعدتي الآلية الصغيرَة بروين أن تُلغي جدول أعمالي لهذا اليوم بسبب تخطيطي للذهاب إلىٰ مقهىٰ ه‍يڤِنلي، وبعدها أرغمتنِي شغَف علىٰ الذهاب إلىٰ ليميرانس، كانت لديّ حالاتٌ عديدة اليوم، وهو أمر غير مُعتادٍ؛ لذا علمتُ أنّي سأكون مُتعبة بحلول نهاية هذا اليوم ولن أكون قادرة علىٰ آداء المزيد من العمَل.

بالمُناسبة، لايزال هُناك مُجرمون حتىٰ في هذا العالم المثاليّ، ولكنّ مُعدّل الجرائم قد اِنخفض بشكل حاد، لم تعُد هناك جرائِم ذات أسباب أو دوافِع ماديّة أو مُجتمعيّة، غالبًا ما تكون جرائِم القتل اليوم مدفُوعة باِضطراباتٍ نفسيّة، أحقاد شخصيّة، أو بدوافِع أخرىٰ ترتبط بداخِل الشخص لا بمُحيطه العام في مُعظم الأحيان، وتُسيطر الشُرطة علىٰ هذه الجرائم بشكلٍ فعّالٍ للغاية لدرجة عدم مُلاحظة النّاس لها غالبًا، وعملي هُو تحديد قدر الضرر النفسي والأسباب التي أدّت لحدوث هذا الشذوذ في مُجتمعنا المتناغم حتى لا يتكرّر، طبعًا إضافة لاِستخدام دلائل القضَايا وظروفها في الوصول لصفات المُشتبه بهم وتحليل شخصياتهم بناءًا علىٰ ما يتوافر لديّ من أدلة وخيوط؛ ممّا يُساهم بشكل كبير في إلقاء القبض عليهم.

 Atramental | أَتْرَامِينْتَالْحيث تعيش القصص. اكتشف الآن