الفصل الرابع عشر

3.1K 154 31
                                    


********

توجه بدر لغرفة آسيا وهو يكاد يغلي غضباً...
دون أن يدري،ما السبب...
لعله لا يطمئن لمصطفي هذا...
شئ ما في نظراته لا يوحي له بخير...!!!!
أو لعله يخشي فكرة زواج آسيا نفسها...
لأنه يعني أنها ستتركهم هنا وهذا سيؤثر سلباً علي ياسين الصغير...
ألا يكفيه فراق أمه؟!
فتفارقه آسيا أيضاً التي تعلق بها حد الجنون؟!!!
لا يهم الآن سبب غضبه...
المهم أنه يسيطر عليه في هذه اللحظة بجنون!!!

دق باب غرفة آسيا بقوة...
فخرجت له مبتسمة لتقول برقة:
_ماذا تريد يا بدر؟!
أخذ نفساً عميقاً ليتمالك غضبه ثم قال بتحفظ:
_تعالي نتحدث في الحديقة الخارجية...

سارت معه حتي الحديقة الصغيرة وهي تشعر بالاندهاش من تعابيره الصارمة...
حتي جلس فجلست جواره لتسأله ببراءة:
_ما الأمر يا بدر؟!

نظر لبراءتها الساطعة علي وجهها لحظات...
فأنبه ضميره...
كيف يسمح لأنانيته أن تحكم تصرفه معها...
كيف يمنعها عن فرصتها وحقها الطبيعي في الحياة فقط من أجل مصلحته ؟!!

جعله هذا يصمت قليلاً ثم قال بحسم:
_الدكتور مصطفي يرغب في خطبتك...

عقدت حاجبيها بشدة ثم أشاحت بوجهها ...
لا تدري خجلاً أم ضيقاً...
لا لم تشعر بالدهشة عندما سمعت عرضه...
لقد كانت نظرات مصطفي وتلميحاته أكثر من كافية لتفهم...!!!
لكنها تتعجب من عرض بدر للأمر عليها...
زواجها يعني أن ترحل من هنا....
هل هو حقاً يريدها أن ترحل؟!!

قطع بدر أفكارها وهو يسألها:
_ما رأيك يا آسيا؟!
نظرت إليه بتشتت ثم همست بضعف:
_لا أريد...
تنهد قائلاً:
_لماذا ؟!
نظرت إليه بتضرع وهي تهمس:
_لا أريد أن أترككم وأترك المزرعة.
نظر للسماء بعجز ثم قال بمرارة:
_هذا سيحدث يوماً ما يا آسيا...لا يمكن أن تبقي هنا إلي الأبد...

همست بجزع:
_لماذا؟!
قام من مكانه وهو يشرف عليها بطوله المهيب ليهتف بغضب:
_حتي تعيشي حياتكِ التي حُرمتِ منها...حتي تدركي عمركِ الذي يضيع...حتي تتخلصي من عقدة خوفك وضعفك !!

دمعت عيناها وهي تهمس بصوت مس قلبه:
_أنت وعدتني أن تحميني...أنت قلت أنك لن تتخلي عني...
تنهد في حرارة وهو يشيح بوجهه قائلاً:
_ولازلت علي وعدي يا آسيا...وحتي آخر لحظة في عمري...أنتِ وصية سمية الأخيرة التي لن أفرط فيها أبداً...لكن هذا لا يعني أن أدفنك هنا حية...واجبي نحوك أن أوقظكِ من غفلتك...

ثم التفت إليها ليقول بحزن:
_إلا العمر يا آسيا...إلا العمر لا يشتري ولا يعوّض!!
قامت من مكانها لتقول وسط دموعها:
_إذا كنت تريدني أن أرحل من هنا فسأرحل دون زواج...
قالتها وهي تعود بخطوات سريعة نحو غرفتها فجري وراءها هاتفاً:
_آسيا...انتظري...

وقفت مكانها وهي تشعر بجرح عميق في قلبها...
يا إلهي...ألن تنتهي غربتي هذه؟!!!
حتي بعدما رضيتُ بقدري كهاربة شريدة تأبي الظروف إلا أن تحرمني وطني الجديد؟!!!
سالت دموعها علي وجهها غزيرة وهي تشعر بالقهر...
فوقف قبالتها بدر وهو يشعر بالعجز ليهمس بحنانه الفياض:
_لا تبكي هكذا يا آسيا...يشهد الله أني لا أريد لكِ سوي الخير...

جارية في ثياب ملكيةOù les histoires vivent. Découvrez maintenant