1

439 32 24
                                    

إِذكُرِ الله ♡︎.

----------

الثُلوج تشرعُ في الذَوبان مِن عَلى جنباتِ الطَريق، العَصافيرُ تحلقُ مُغردةً بحُبٍ تَهويدَتها المُفضلة، الشِتاءُ يودعُ القُلوبَ بابتساماتٍ صادقة، يرى أَثرَ ما خَلفهُ عَلى الأنامِ طيلةَ تواجُده، يرى كيفَ جمع شملَ الأَحبابِ في أحضانٍ تَقيهم بردهُ وهيجانه.

الرَبيعُ آتى لاستِلامِ هذه المُهمة، انهُ الفَصلُ المُفضل لدى الصِبيةِ والفَتيات، وها أنا ذا رِفقةَ أُمي أجولُ في الأَنحاءِ كتائهٍ لا يعلمُ من أين يسير.

كَان الشَارعِ طَويلًا عَلى إِمتِدادِ ناظِراي حَتى خِلتُ أن لا نِهايةَ له، نظرتُ يمينًا فإذا بِي أرى الأُناس كُل يشغلهُ شاغِله وأنا أَجلسُ لأُراقِبهم فقط بدونِ أيةِ تعابيرٍ تُذكر.

أرى الصِبيةَ فِي الجِوار يَلعبون كُرةَ القَدم والإِبتسامةُ تشقُ ثُغورِهم والفَتياتِ وقد إِجتمعنَ ليتسامرنَ مُختلفَ الأَحاديث.

لطالَما تمنيتُ ذلك، تَخيلتُ ذاتي يومًا بِرفقتهم، مُجردُ التَفكيرِ في هَذا يجعلُ مِن ثَغري يبتسمُ بانهاك.

عَلى كُلٍ لقد كُنت فُضولِيًا وأردتُ التَجربة ولذا في سَبيلِ ذلِك إِقتربتُ منهم لأطلبَ المُشاركة.

رأيتُ أحدهُم مُرحِبًا بالأمر وشعرتُ بالسعادةٍ كما لو أنَّ قلبي سينفَجرُ لفرطِ بهجتي وقتها، لقد كُنت عَلى أتمِ الاستعدادِ للعبِ رفقتهم لكِنها سُرعان ما طُرحت أرضًا وطُرحت معها آمالي كَذلِك.

كَان ذلِك حينما رأيتُ أحدهم وقد سَحب الفتى وبدأَ يهمسُ ببضعِ كلماتٍ وهو يُلقي عَليّ بعضَ النَظراتِ الساخِرة،أخفضتُ ناظِراي للأَسفل حيثُ تُشيرُ عيناه ووقعت عَلى معصمي تَحديدًا.

أستطيعُ سماعهُ يشهقُ بوضوحٍ ويُلقي عليَّ نظراتٍ مُشفقة وخائِفة، لقد إِعتدتُ الأمرَ بالفِعل، ليستِ المرةَ الأولى ولن تكُون الأَخيرةَ، أعرفُ هذا سَلفًا.

لا أتذكرُ تحدِيدًا كَيف حَدث الأمر بل وإِن كُل ما يلازمُ ذاكِرتي صراخُ أمي وسائِلٌ دافئ يسيلُ عَلى طولِ معصَمي قبلَ أن يَغشى السَوادُ عَيناي.

أذكُر وقتَها عِندما فرقتُ جفناي لتُبصر حدقتايَ جُدران المَشفى وبُكاءَ والدَتي الشَديد وجثُوها أرضًا تدعوا أن خَطأً ما يحدث!

لكِن..وبالرغمِ من ذلك..كَان هذا صحيحًا..

وبِناءً عَلى ما حَدث تغَيرت موازينُ حياتي كُلها وقُلِبت رأسًا عَلى عَقب.

«بومقيو»، سمعتُ صوتَ والدتي مِن بَعيد لتضعَ كفها عَلى كَتِفي وتوجِه نظراتٍ قلقة.

«أنتَ بخير؟»، سألت وكم رغبتُ في الإِندفاعِ لحُضنها والإِجهاشِ في البُكاء بحِرقة.

لم أُقاوم رَغبتي وإِندفعتُ أُخفي رأسِي في حُضنِها وطفقتُ أبكي، عَلى الأقل حُضنها لم يَخذلني يومًا كما فعلَ الجَميع.

أعني لِم؟،لم عليهِم أن يكُونوا قاسيينَ لِهذا الحَد؟،الأمر ليس وكأنني رغبتُ في ذلِك،لم هُم يعاملونني وكَأنني المُتسببُ في كُل هذا،ذلكَ حتمًا غيرُ عادِل!.

«أيُها العَالم،تَوقف عَن مُعاملتي وكَأنني المُتسببُ في كُل شيء أو أَنني سببُ تعاسَتِك وتذكر أنني مُجرد ضَعيف لمواجهةِ تقلُباتِك..».

الخَامسُ مِن يُوليو للعام 2018.

تَلاشي.Där berättelser lever. Upptäck nu