الفصل الأول(مِن عمَل الشّيطان! ).

152 7 6
                                    

رُبّما لم يرغب المرء في الحُب بقدر رغبته في أنْ يفهمه أحَد ، رغبته في أنْ يكون كلامه المُبهم و الغير مفهوم أكثر تجليًا للشخص المُراد.
.......

هَبَطت الدَرج بيأس يتخلل روْحها بِبُطئ كُل يوم، كالمرض تمامًا.
سَالت دُموعها على وجهها نُزولًا إلى رقبتها، ولكن لن تستطيع دموعها وصْفَ ما بها من آلام تخترق قلبها كالخَنجَر الحادّ نَصلِه.
شهقه خَرجت منها وهي تجلس علي الدّرج تَبكي، تَبكي حسرةً على حالها، وعلى قدَرها الذي يلومها الخَلق عليه وهي ليسَ لها يدْ بِـه إطلاقًا.
أوَلو كان لِكُل إنسان القُدره على كتابة قدَرُه بنفسِه، ما كان هذا وضْع بعضٍ منّا.
وَقَفت على قدميها بَعد مرور بعض الوقتِ وهي تُحاول جاهده الوقوف دون تَعسُّر كـ طِفل الثانيَه.
أوقَفَت "الباص" حتى يقلّها الي منزلها وهي تنظر أرضًا على إستحياء.
فـ دلفت الي "الباص" تتنقل بين راكبيه بحثًا عن مكان خالٍ من الركاب تجلس به، و بعيدًا عن الرُّكاب الذين أخذوا يتفحّصونها كالمُتطفلين، بدَت كالتي لا تُعيرهم أدنى إهتمام.
جلَست بآخر صَف بِـ "الباص" ونظرت مُسرِعه الي نافذته، تتحاشى نظرات الرّكاب لها، حتى لا تُصاب بموجة يأس جديدة، فهي لم تتخلص من الموجة التي قبْلها، يكفيها إِحباط إلى هذا الحد يا الله، والله إنه كالخنجر، كالخنجر تمامًا، هذا الإحباط والألم، كمْ هذه المشاعِر المؤلمة التي تتخلل ثنايا روحها المجروحه بوسط مُجتمع جاحِد ظالِم رجِعيّ الفِكر.
ليس لديه عقل بالمره، ينظرون الي المرء بشكله الخارجي، يحكمون عليه من منظره، من ملبسه، من النقود التي تملأ جيوبه.. ما هذا التخلُّف بحق ؟!
هبطت دموعها بحرقَه على وجنتيها مرة أخرى وهي تسمع همهَمات ممّن حولها عنها، ولكنها من المُفترض أنْ تكون إعتادت على الأمر، إذًا ماذا يحدث لها الآن ؟!
رنّ هاتِفها برقم والدتها فأجابت على الفور حتى تتجنب نظراتهم القاسِية عليها.
- الو، ايوه يا ماما.
- إِي يا سُندُس يا بنتي عملتي ايه ؟!
اختنق صوتها وهي تُجيبها ببحّة صوت مُتعَب
- كالعاده يا ماما، قالولِي شَكل المُوّظف عندنا أهَم حاجه، وانتِ بمُجرد ما دخلتي الشركة الكُل بدأ يتريق عليكِ، ودول موظّفين، ما بالِك العُملة!!
صمتت والدتها قليلًا تستمع الي شهقات ابنتها المكتومه، ومن ثم قالت باقتضاب وهي على وشك البُكاء هي الأخري
-لمّا توصلي بالسلامة هنتكلم.
وأغلقت الخط بوجهها دون أنْ تُودّعها.
أغلَقت عينيها بمراره ثُم نظرت للأمام لتجِد أنّ "الباص" قدْ توقّف عند المكان المنشود، لتهبط بسرعه وتدفع الأُجرة للسائق من النافذة خاصّته، خلال تلك الثواني العابِره، حدّقتها عيونه بإندهاش حقيقيّ وليس بِسُخريه أو تعليق لاذِع كالعاده.
نظرت في عينيه بحِده بعد أنْ بدأ يهبط بنظراته الي مناطق أُخري، ولكنه لم يُعِر نظراتها اهتمامًا وقال بهمس
- كويس، اهو فيه حاجه عِدله.
ألقَت بوجهه الأُجرة دون أخذ الباقي حتى، وركضت مُسرعه عابِرة الطريق بعيون مغشيّة بدموعها.
^^^^^

مُشوّهه في عالَمٍ آخر"قيد الكتابه" Where stories live. Discover now