الفصل السابع(التَّفكير السّام).

42 3 10
                                    

- ما سِرُّ حُسنِك كم حاولتُ أدرِكُهُ
‏وجمـالُ عَينيك زادَ الأمـرَ تعقيدا.!
_____

النار بِضوئها تُنير الكهف بأكمله، صوت هزيز الرياح عالٍ يجعل الوضع مُرعِب.
تمدّدت سُندُس على فِراشها الصّغير شبه مُهترء، ونظرت لسقف الكهف وتحدّثت قائله بتنهيدة تعب
- يا ترى ماما احوالها ايه دلوقتي؟ يا ترى بتدّور علينا؟! ولا هيّ عامله ايه دلوقتي؟!
هزّت ريما رأسها بحسره وحُزن وترقرقت الدموع في عينيها فهي قد اشتاقت الي والدتها كثيرًا، ولِيونس، حقًا اشتاقت الي يونُس، برغم من أنها قطعت علاقتها به قبل مجيئها الي هنا، إلى انّها اشتاقت له.
اشتاقت لبلدتها، اشتاقت لعالمها وإنْ كان رافض وجودها.
أمّا عن مُراد فكان فراشه بعيدًا عنهم بأمتار، يُفكر بحسره بأحواله قبل مجيئه الي هنا، كيف كان يُحب چاسمين حُبًا جمًا وهي آثرت نفسها عليه وعلى حُبه لها وتضحيته بكُل شئ من أجلها وقراره بالمجئ معها، اشتاق لأصدقائه، ولجامعته، ولوالده ،تُري ماذا يحدث من غيره؟!

خدعتهم جميعًا..
سؤال حام عقله بإلحاح يُريد إجابه..
لماذا فعلت ذلك؟!
ما الدافع الذي جعلها تفعل ذلك؟!
أكانت مُغيّبه؟!
أم كانت مسحوره؟!
أين الحقيقه؟! واين الجواب عليها؟!
أكُل ما هُم فيه كان مُرتب له من قِبَل چاسمين؟!
أم زِدراق الملعون؟!
أم من بيرسانا؟!
وأين بيرسانا الآن يا تُري؟!
تلك رأس الشيطان الكُبرى.
**
صاحت السيّده التي صاحبتهم منذ بداية دخولهم المدينه من خارج الكهف تستأذن الدلوف.
فقاموا جميعًا سامحين لها بالدلوف.
دلفت حاملة معها الطعام ذا الرائحه الطّيّبه الجميله اللذيذه، وخلفها قابيل يحمل الباقي من الطعام وهو يمُط شفتيه بملل وعدم اهتمام، فيبدو أنّه جاء على مضض، وغصب.
وضعت السيّده الطعام على طاوله صغيره في الكهف ووضع بعدها قابيل ما كان يحمله على نفس ذات الطاوله بإهمال.
فنظرت له سُندُس بغضب، لا تستطيع تبرير تصرفاته تلك.. البرود.. الملل.. السخريه.. عدم الاهتمام..!
ولكّنها فضّلت الصّمت عن سؤاله على سبب مُعاملته لهم بهذا الشكل، خوفًا من أنْ يلكُمها لكمه تُسقطها أرضًا ولا تستيقِظ بعدها، وتذهب روحها عند رب كريم رحيم.
فهو قويّ البِنيان ،عضلاته تكاد تخترق ملابسه من قوّتها وضخامتها.
عيناه حاده كنصل السّيف بلونها البُنيّ المائِل للسواد، بها لمعه تظهر حين يضيق عينيه لفِهم شئ ما او عندما يغضب.
شعره الأسود الحالِك الكثيف جذّاب بشكل مِختلِف قليلًا عن باقي الشّباب، بشرته القمحيه تُضيف لِ تكوينه لمعه خاصه، يبدو رجل شرقي، تكاد تُجزم، لولا انّها تعلم عِلم اليقين أنّه ليس كذلك، وأنّه من عالم مُختلف تماما، عن العالم الذي وصفت مجيئه منه.

تحدّثت السيّده بوقار وقالت ببسمه زُيّنت ثغرها الجميل
- هذا غذاؤكم، نتمّني أنْ ينال إعجابكم.
هزّ مُراد رأسه وتحدّث بهدوء قائلًا
- شكرًا جزيلًا.
أومأت له بنفس الابتسامه، ثم بعد ثوانٍ، اختفت ابتسامتها لتظهر جامدة الملامح وتُردف قائله
- جئنا أيضًا لنُبلغكم بعدم الخروج من الكهف، فَ نحن فِي أشـد المواسم خطوره، موسم الصّيدِ، الموسم المقيت لدي الجميع، لدي أهل مدينتي، فـ رجاءًا لا تبرحوا مكانكم حفاظًا على سلامتكم لا أكثر، وانْ احتجتُم لتفسير فـ لدي انتهاء موسم الصّيدِ والاطمئنان على الجميع وأنّ المدينه بأمان، بإمكاننا الشّرح لكم بكُل دقه وسلاسه.
هزوا رؤوسهم بتفهم، فـ خرجت السيده بسرعه وخلفها قابيل يرمي عليهم نظراته الأخيره المُتفحصَه، ثم يسير خلفها بتمهل عكسها تماما.
**
خرجت من الكهف تنظر حولها بتشتت وخوف ثم نظرت يمينًا ويسارًا تبحث عن قابيل لتجده خلفها، تحدّثت وهي تقترب منه
- سِر بحذر و..
استرسل حديثها قائلًا
- وحاول ألا تتنفس قدر المُستطاع.
أومأت بالإيجاب فقال باستنكار
- انا مُلّم بكُل تلك الأشياء لمَ تسردينها عليّ أنا خصيصًا في كُل موسِم صيدِ؟!
ضربته على رأسه بخفه ثم قالت وهي تكاد تبتعد عنه
- لأني أستشعر الغباء في عروقك.
نظر لها بدهشه وصمت لثوانٍ، ثم رآها تبتعد وتسير بخطوات مُستقيمه ناحية كهف ما، يُسمّي بِكهف الأميره.. فَ فعل المِثل وذهب وراءها مُحاولًا كتم أنفاسه قدر المُستطاع.
______

مُشوّهه في عالَمٍ آخر"قيد الكتابه" Onde as histórias ganham vida. Descobre agora