ملاءة

116 22 15
                                    

حتى بعدما رأيتك مسجى مثل سفينة قديمة على سرير المرضى.
خارجًا من الحتات البحري.
نائمًا،
بلا أنفاس.
في اليوم التالي فكّرت بالاتصال بك،
كي تؤكد لي بصوتك
أنك رحلت بلا رجعة.

ضغطت على اسمك في شريط القائمة،
يا دمي.
فرنَّ الخواء.
هاتفك في حضني، ولكنني أنتظر
أن تنتهي ترنيمة الصوت الآلي،
ويتلاشى معه
المذاق الحلو للأمل.
يعود السكون للتبلور، ويمتص النور الذي ينبلج من الشاشة
التي أوجّه إليها قلبي بالرجاء المترع.
صوتٌ نظيف سافع، يخدشه الصدى.
صمتنا لأسبوعٍ كامل
ولم تمطر منذ ذلك الوقت.

الحزن يصيبني بالنعاس.
ويترك الأمل لطخًا على اللسان
وشهوةً
إلى أشياء تصبح أجمل
حين تعلن أنها لن توجد، بعدئذ.

لو أنك تجيب على الهاتف
فنضحك معًا،
على هذا كله.
أن تخبرني مثلًا أن العالم نكتة سمجة.
ثم نبدأ بتبادل النكات.
عوضًا عن ذلك:
هناك إيماءاتٌ معزولة في الظلمة. أكابد مخيّلتي كي أصنعك من تسجيلات صوتك. ملامح منهكة من الاستدعاء، صعبة، تحدث بلا عينين، ودون وجه، ودون يدين، ودون بقية الجسد.

يخبرونني أننا ولدنا كي نتبدد،
عندما تنتهي الوداعات.
أنا أقول أن العيش توقٌ إلى العيش.
الوداعات لا تعني شيئًا دون ذلك.

راقدًا على الملاءة البيضاء.
هكذا فكرت بشكل عابر
أننا نمضي بسرعة،
يكفي أن نرمش، كي تمرّ لحظة، لن تمرّ ثانية.
كم أخذتَ من أنفاس طويلة
لتنفخ فيها هاتين الرئتين قبل أن تتحوّلا
إلى أصص أزهار.

لا أجد مكانًا أقيم فيه.
صديقي، إذا كنت في جنة أو جحيم
أخبرني.

تلة، شجرة، وعيناكحيث تعيش القصص. اكتشف الآن