1 / الـــتـــحــــــدى

838 19 0
                                    


************

أخفض جوش زجاجة المياه التى كان يشرب منها وحدق بـ جيب متفاجئاً :"تركتك مالورى؟"
استند جيب إلى الجدار الجليدى وارتدى سترته وهو يقول بابتسامة ملتوية:"هذا يدعوا إلى السخرية . أليس كذلك ؟عادة يحصل العكس"
كشر جوش:"أنا آسف لسماع ذلك . لطالما أعجبتنى مالورى. بدوتما مناسبين معاً"
- هذا ما ظننته أيضاً مالورى امرأة مميزة . إنها ذكية جداً وجميلة ومستقلة...ظننت فعلاً أن الأمور أن الأمور ستكون مختلفة
كانا يتسلقاً جبلاً جليدياً وتوقف جيب ليزيل الثلج عن حذائه .
قال شارحاً:"عندما لاحت تلك الكلمة المخيفة عرفت أنها بداية النهاية"
- أى كلمة؟
- الارتباط
وأخذ جيب يحدق إلى المشهد المذهل المحيط بهما . كانا قد توقفا ليستريحا قليلاً على إفريز جليدى. كان لا يزال أمامهما مسافة ليصلا إلى قمة الجبل,لكن المنظر من هناك مرتفع بما يكفى ليطل على الأفق الغائم الممتد أمامهما.
كان جيب يهوى الجبال . الهواء كان نظيفاً نقياً والصوت الوحيد المتصاعد هو صفير الريح الباردة التى تغمر المكان على الرغم من أشعة الشمس . وأسعده أن جوش أتصل به مقترحاً عليه التسلق فذلك أفاده كثيراً ,لا سيما وأن ما من امرأة باكية أمامه.
وسأل رفيقه :"لم النساء مهوسات بالارتباط؟جميعهن فى البداية يدعين الاستقلالية وعدم حب الالتزام ولكنك تكون محظوظاً إذا لم يبدأن بالتخطيط للزفاف بعد الموعد الثالث معهن!"
فأجاب جوش بكثير من المنطق :"لكنك أنت و مالورى خرجتما أكثر من ثلاث مرات فقد مضى على علاقتكما ما يناهز السنة.أليس كذلك ؟"
- بالضبط .كنا منسجمين وكان كل شئ يسير على أتم ما يرام...لـَمِ أفسدت كل شئ ؟
- ماذا قالت؟
- يبدو أننى عاجز تماماً عن "الارتباط" أو"الالتزام" على حد قولها . وبنظرها أنا عاملتها كما أتعامل مع أطباق الطعام.
- كيف؟
- نظرية مالورى تقول إننى اتصرف مع النساء كما مع الأطباق فحتى لو وجدت واحدة تعجبنى لا أرتبط بها ,إذ أتساءل دائماً إن كان بإمكانى إيجاد ما يرضينى أكثر أو طبقاً أستسيغه أكثر على المائدة.
ثم أبدى جيب حركة تدل على الاشمئزاز وهو يقول :
- ألا تكره أن تقوم النساء بتحليلك هكذا؟
لم يجب جوش مباشرة وكانت تعابيره غير مقرؤة خلف نظاراته الداكنة وهو يفكر فى نظرية مالورى
وأخيراً قال :"لكنها محقة , أليس كذلك؟"
- إلى جانب من أنت؟
- أنت قلت إنها شابة ذكية.
- صادف أننى أعجب النساء . ما العيب فى هذا؟
- لاشئ.
- والنساء يُعجبن بى. أنا أحبهنّ ! من السخف أن تقول لى إنه ليس بإمكانى الارتباط بهن كما ينبغى .
- أ هذا ما قالته مالورى؟
- قالت إن لا فكرة لدى عن مصادقة النساء . أتصدق هذا؟
وبدأ جيب مستاءاً للغاية.
- نعم
- ماذا تقصد؟
سأل ذلك وقد فاجاه هذا الرد البارد المتصلب,أن جوش أحيانا فى غاية البرودة أشبه بالبريطانيين ! كان جوش يتفحص حبال التسلق وهو يسأل رفيقه:"هل أقمت يوماً علاقة صداقة عذرية مع امرأة؟"
- طـبـعـاً
- مــتـى ؟
- متى ؟ حسناً لنر.....متى....متى....حسناً لا يمكننى أن أتذكر أحداً فى هذه اللحظة ولكننى واثق من أن هناك أحداً ما . أراهن على انك أنت أيض اً لا تتذكر أحداً الآن.
وقد أضاف ذلك محاولاً الدفاع عن نفسه.
لكن جوش أجاب بهدوء :"بالطبع يمكننى ذلك.بيلا واحدة من أعز أصدقائى وربما أفضل صديقة لى فى الواقع . كنا معاً على مقاعد الدراسة واستمرت علاقتنا منذ ذلك الحين "
- ألم تغازلها يوماً ؟
- كلا .
- لكنك أردت ذلك على الأرجح
هز جوش رأسه قائلاً :"لا فذلك يفسد علاقتنا . هى لديها رجل تهتم لأمره وانا لدى صديقات اخرج معهن لكن المر مختلف معها يمكننى التحدث إليها بشكل أعجز عن اعتماده مع أى شخص آخر. نحن نفهم بعضنا جيداً"
ثم تابع شارحاً:"لا علاقة لهذا بالمغازلة أو الجنس لا يمكنك أبداً أن تصادق امرأة بالطريقة نفسها"
- أ تريد المراهنة؟
- اتفقنا.
- اتفقنا .
ربط جوش طرف الحبل واستند إلى الصخرة خلفه
-أراهن على......عشرة آلاف دولار أنه لا يمكنك أن تكون مجرد صديق لامرأة
فأنفجر جيب بالضحك:"عشرة آلاف دولار؟ لابد أنك تكزح"
- يمكنك أن تدفع هذا المبلغ
- نعم ولكن هل تستطيع انت؟
- لا أظننى سأكون مضطراً لذلك
ضاقت عينا جيب . فى الواقع هو ليس من النوع الذى يرفض تحدياً كهذا !
- الصداقة أمر نسبى وغير موضوعى. كيف نعتبر إذاً أننى نجحت أم لا ؟
فتح جوش لوحاص من الشوكولا وراح يأكله متأملاً ثم سأل أخيراً:
- ما رأيك بإمضاء عدة أسابيع فى لندن؟
- لا أظن ان هناك مشكلة . يمكننى بسهولة أن أبقى على أطلاع بكل ما يجرى هنا من أى مكان أتواجد فيه.
وأخذ قطعة الشوكولا التى أعطاه إياها جوش وهو يتابع قائلاً ببطء :"فى الواقع قد يناسبنى ذلك تماماً , إذ كنت أفكر فى تطوير بعض العلاقات فى أوروبا ثم سيفيدنى أن أغادر البلاد بسبب مسألة مالورى"
أوما جوش فوراً وقال :"إليك الاتفاق . بيللا تعيش فى منزل فى جنوب لندن مع ثلاث فتيات أخريات ولكن أحداهن ستتزوج قريباً لذا سيكون هناك غرفة شاغرة . وأظن أن بإمكانى تدبير الأمر لتعيش هناك فترة . أعتقد أن ذلك سيكون امتحاناً حقيقياً بالنسبة إليك! إذا قالت لى بيللا وكايت وفيبى بعد ستة أسابيع أنك صديق حقيقى . عندئذٍ أرسل لك شيكاً بقيمة الرهان "
- همم....
بدا جيب متشككاً بعض الشئ :"كيف هن اولئك الفتيات؟"
- إنهن ببساطة ثلاث شابات لطيفات إنكليزيات وعاديات.
- أهذا كل ما فى المر ؟أعيش معهن ستة أسابيع واكون صديقهن؟
- ولكن ثمة شرط....عليك أن تذهب متخفياً . لقد خرجت هنا مع العديد من النساء الجذابات والناجحات.مالورى عالمة نفس قبلها واعدت مقدمة برامج تلفزيونية وعارضة الأزياء تلك...ما أسمها؟تلك التى كانت تتحلى بساقين طويلتين رائعتين؟
- فيرونا ؟
- بالضبط
وسمح جوش لنفسه بتذكر ساقيها لحظة. كانتا فعلاً رائعتين ثم تابع:"على أى حال المقصود هو أن الوضع سيكون مختلفاً تماماً عما هو عليه هنا الفتيات لا يعرفن شئ عنك وبالتالى لا يمكنك التأثير عليهن كما تفعل هنا. عليك أن تكون ذاتك وإذا لم تستطيع أن تكون صديقهن فى ظل هذه الظروف فسيكون عليك الإقرار بأن مالورى على حق !"
كانت تعابير جيب غير مقرؤة خلف نظاراته السوداء وهو يحدق إلى الجبال فى الأفق  . كان يفكر فى والده الذى تزوج للمرة الرابعة و الذى  يتفق معه فى كل شئ إلا فى هذا إذ يبدو أن مفهوم والده للارتباط مختلف تماماً عن مفهومه هو.
وكان جيب من جهة أخرى يتباهى دائماً بأنه لا يقطع أبداً وعوداً لا يستطيع الإيفاء بها . وكان دائماً يشرح لصديقاته بأنه لا ينوى الزواج وبصراحة لم يكن يرى أى خطب فى كونه يريد أن يعيش الحاضر من دون التقيد بمستقبل هو غير مستعد له.
لكن هذا لا يعنى أنه لا يستطيع أن يكون رفيقاً لامرأة
وإذا لم يحظ برفيقة كما هو حال جوش فذلك لأن معظم الشابات اللاتى التقاهن كن مهمات بالزواج أكثر منه بالصدقة
لا بأس ! سوف يُظهر لـ جوش ومالورى ووالده أيضاً أنه قادر تماماً على إنشاء علاقة صداقة مع امرأة من دون مغتزلتها أو مواعدتها بعيداً عن كل رغبة . سوف يقبل الرهان.
  - عشرة آلف دولار ؟
- عشرة آلاف دولار
وأنا اختار الجمعية التى أقدم لها المال؟
- هذا إذا ربحت و إلا أنا من يختارها
عندئذ مد جيب يده لصديقه قائلاً:"حسناً إذاً أتفقنا"

رهان على قلبWhere stories live. Discover now