9/ الصداقة وحدها تدوم

218 9 0
                                    


******************

فى نهاية السهرة كانت فيبى منهكة القوى. جاءت كايت تلك الليلة وقد أحضرت معها عشاء لذيذاً من ثمار البحر. كان الجلوس حول مائدة الطعام مع الأصحاب أكثر ما كانت تحبه فيبى عادة ولكن فكرة مشاركة غرفة واحدة مع جيب مرة أخرى كانت ترعبها
أتصلت بيللا بـ كايت وحذرتها من الوضع فلعبت دورها ببراعة عندما أتت.فى الواقع هى وبيللا وجوش أمضيا وقتاً رائعاً وهم يسألون فيبى و جيب عن زفافهما الوهمى ناسبين لأنفسهم أدوار الأشبين والأشبينتين ومبتكرين قصصاً ليثبتوا لـ لارا كم هما مغرمان ببعضهما.
كانت ابتسامة فيبى تجمد شيئاً فشيئاً وما أن تثاءبت لارا حتى قفزت فيبى من مكانها وعرضت عليها أن ترشدها إلى غرفتها :"لابد أنك متعبة"متجاهلة النظرات التى كان يتبادلها الآخرون
حضرت فيبى السرير وقبلت أختها متمنية لها ليلة سعيدة ثم اتجهت نحو غرفتها حيث بدا واضحاً ان بيللا فعلت ما طلبته منها فوضعت أغراض جيب بشكل فوضوى.كانت الغرفة تعج بالألبسة والأوراق وحده الكمبيوتر المحمول كان موضوعاً على سريرها
انحنت لتبدأ بترتيب الأغراض وما أن جمعت بعض الأوراق المبعثرة حتى مد جيب رأسه من الباب :"هل لى أن أدخل؟"
إجابته فيبى من دون ان تنظر إليه :"إنها غرفتك الآن لست بحاجة إلى الاستئذان"
ـ ربما أنا خطيب مهذب جداً
دخل جيب الغرفة وتسمر مكانه وهو يرى جواز سفره فى يدها فقال :"يجب أن أضع هذا فى مكان آمن"
وحمد الله عندما أعطته إياه دون أن تصر على النظر إلى صورته كما يفعل البعض
قالت معتذرة :"أخشى أن بيللا كانت على عجلة من أمرها عندما أخرجت أغراضك من الغرفة.آملة أنك لم تفقد شيئاً"
حاول أن يتذكر ما إذا كان قد ترك شيئاً فى الخارج وهو ينحنى ليساعدها فى جمع الأوراق.لحسن الحظ إنه يحتفظ بمعظم معلوماته على الكمبيوتر ولكن ثمة أوراق تتعلق بمشروعه الأخير يجب أن تكون فى مكان ما هنا
قالت فيبى فجأة :"آه هذا المنشور عن المصرف الاجتماعى.من أين حصلت عليع؟"
ـ لابد أنه كان مع أوراقك وجدته على الأرجح عندما كنت أجرى الأبحاث لتأدية دورى فى الزفاف
تفحصت فيبى الورقة عاقدة الحاجبيين وقالت مرتابة:"لا أذكر هذه الورقة تبدو مهمة وأنا واثقة من أننى لم أراها قبلاً
ـ لديك أوراق كثيرة هنا.ربما لم تنتبهى لها
ـ أظن ذلك. سأستعيدها فقد تعطينى أفكاراً جديدة للبرنامج.هل أنت بحاجة إليها؟
ـ لا, طبعاً لا
جمع بقية الأوراق معاً ثم قال بصرامة قبل أن يبدأ بتوضيب ثيابه:
ـ سأرتب هذه الأوراق لاحقاً
ـ أنا أسفة بشأن هذه كله
ـ لا تقلقى . أعرف أن بيللا كانت على عجلة من أمرها
ـ لا. أعنى بشأن تمثيل دور الخطيب مجدداً.وتقاسم الغرفة وإلى ما هنالك....
أجابها جيب بلهجة منطقية:"أنت لم تعرفى أن لارا ستظهر"
ـ لا كان يجب أن أضع حداً لهذه المهزلة منذ فترة غير أن أمى كانت قلقة بشأن لارا ومتحمسة جداً لفكرة زواجى فلم أتحل بالشجاعة الكافية لأخبرها بأن كل شئ أنتهى
تابع جيب توضيب ثيابه من دون ان يجيب فتابعت فيبى قائلة :"لا أريدها أن تعلم من لارا أننا لم نعد معاً.سيسوءها أن تكتشف أن هذه كلها كذبة لذا تساءلت أن كنت....لا تمناع بأن تمثل دورك مجدداً بوجود لارا
ـ لا, لا أمانع
لكن ابتسامة جيب الملتوية أقنعت فيبى بالعكس
ـ لست مضطراً لذلك إذا كنت لا تريد
ـ لا , لا باس أنا حقاً لا أمانع
ـ آه...حسناً جيد شكراً
وساد صمت مزعج أقله بالنسبة إلى فيبىفـ جيب بدا سعيداً وهو يتابع توضيب الفوضى التى سببتها بيللا
ـ لن يستغرق الأمر أكثر من عدة أيام
قالت فيبى ذلك غير واثقة مما إذا كانت تطمئن نفسها أو تطمئنه هو:"ما أن ترحل لارا سأتصل بأمى وأقول لها إننا أنفصلنا"
ـ ظننتك لا تريدين أن تخذليها؟
ـ صحيح ولكن علىّ ذلك عاجلاً أو أجلاً وإلا فسنتزوج من أجلها وننجب لها أحفاداً وقبل أن تعرف أين نحن سنمضى حياتنا كلها معاً!
ـ ولا يمكننا ذلك.اليس هذا صحيحاً؟
تمتم جيب بذلك ولكن شيئاً ما فى صوته جعل فيبى تنظر إليه بارتباك :"لا أتصور أنك تودج انتحال شخصية رئيس المصرف الدولى طوال حياتك.لن يستغرق الأمر كثيراً لتبدأ أمى بالتساؤل لما شخص ناجح مثلك يجول بسيارتى القديمة ويسكن فى منزلى القديم"
ـ نعم انت محقة
وبعد نظرة ارتباك أخرى استدارت فيبى لتخلى بعض المكان فى خزانتها :"هل أنت موافق على شروط المرة السابقة؟"
ـ أتعنين البنود نفسها؟
ـ نعم طبعاً ولكننى كنت أفكر فى مسألة المال
ـ آه!لا
لم يتوقع منها جواباً كهذا:"أتريد المزيد؟"
ـ لا أريد المال يا فيبى
للمرة الولى بدا جيب غاضباً حقاً:"كيف تسأليننى هذا؟ظننت أننا صديقان الآن"
تفاجأت فيبى بردة فعله.لم تره هكذا من قبل فقالت :"نحن كذلك"
لكن جيب لمس التردد فى صوتها:"لا تبدين أكيدة قلت لى لإنك ستشتاقين إلىّ.هل كنت تقصدينها أم تقولينها لمجرد الكلام؟"
أبتلعت ريقها :"طبعاً كنت أقصدها"
ـ وأنا سأشتاق إليك.أظن هذا يعنى أننا صديقان والصديق لا يدفع لصديقه المال ليساعده
تفاجأت فيبى عندما أدركت أنه ليس غاضباً إنما يشعر بالألم فتمتمت:"آسفة"
ـ لا,أنا آسف ما كان يجب أن أصرخ فى وجهك لكننى خفت ألا تعتبرينى صديقك. أردت أن اعجبك
وتفاجأ بطيشه وهو يقول هذا,هو المعروف بسحره وبكلامه اللطيف الرقق
كانت فيبى تعلق قميصاً فى الخزانة ولكن عندما قال هذا توقفت وضمت القميص إلى صدرها لم تصدق ما رأته فى جيب من قلة ثقة وارتياب . وصعب عليها أن تتذكر كم كان سحره وثقته يثيران اضطرابها
كل ما أستطاعت التفكير به الآن هو انه يريد أن يُعجبها
شعرت فيبى بانقباض فى صدرها وتسارع أنفاسها وهى تقول:
ـ أنت تروق لى
ـ لم يكن هذا شعورك عندما وصلت
لم يكن هناك جدوى من الإدعاء:"لا.فكرت فى أنك مغرور.ذكرتنى بـ سيب الذى كان فظيعاً مع كايت.كان يظن أنه يكفى له ان يبتسم ليرتمى الجميع على قدميه ويفعل ما يريده.لقد آامها كثيراً ولم تعجبنى فكرة أن تأتى وتفعل الأمر عينه"
توقفت قليلاً محاولة ان تفهم متى تغيرت نظرتها تجاهه بالتحديد ثم قالت ببطء:"بعد ذلك...تغير كل شئ.بدأت تتسكع فى المنزل من دون ان تقوم بشئ.كنت نصف الوقت تثير جنونى والنصف الآخر أشعر بالتوتر لأننى لا أعرف ما ستفعله أو تقوله ولكنك تروقنى,وأن كنت لا أدرى ما السبب"
انطلقت الابتسامة من عينى جيب الزرقاوين وامتدت لتضئ وجهه كله:"وأنت أيضاً تروقين لى"
أخذ القميص من يدى فيبى ورماها على السرير ثم دنا منها وعانقها فبادلته العناق من دون تفكير
كان أحساساً جميلاً أن تشعر مجدداً بدفئه وقوته.أراحت فيبى رأسها على صدر جيب وتنشقت رائحة بشرته,إنها تعجبه!
ثم تجمدت المشاعر فجأة فى عروقها عندما أتضح لها أن جيب لا يعجبها إطلاقاً,بل تحبه!
تغير العالم كله من حول فيبى عندما أدركت ذلك وتشبثت به أكثر فشدد من احتضانها وبدأ قلبها يخفق بقوة لكن جيب سرعان ما ابتعد عنها مبتسماً :"تعجبينى كثيراً"
كان إعجاباً وليس حباً
تراجعت فيبى وقد هزها الاحساس الجديد الذى يعتمل بداخلها
شبكت ذراعيها قائلة:"لست أدرى لماذا كنت فظيعة بتعاملى معك"
ـ أنا أعرف
قال جيب هذا ممازحاً وكانت العينان الزرقاوان مضاءتين بضحكة رائعة" لا تهتمى لذلك"
ـ ربما انا لا أعجبك مطلقاً
هذه هى فرصتك جيب!كانت فيبى تحثه فى ذهنها كى يقول إنه يحبها
بهتت الضحكة فجاة من عينيه وراح يتكلم بجدية:"بل تعجبيننى.تعجبنى قوتك وأمانتك.تعجبنى حدتك والشجاعة فى عينيك.يمكنك أن تبدى قاسية قدر ما تشائين فيبى فأنا أعرف أن داخلك امرأة لطيفة جداً"
أشاحت فيبى بنظرها.هى لا تريد أن تكون شخصاً لطيفاً فقط.لقد سئمت أيضاً من ان يقال عنها إنها قوية أرادت أن يرى جيب فيها المرأة الدافئة المرغوبة وليس المرأة اللطيفة فقط
كان على بعد خطوتين منها وتمنت أن تشعر بذراعيه تطوقانها مجدداً أادته أن يعانقها ويقول لها أنه يريدها تماماً كما تريده هى
استدارت فيبى مبتعدة خشية من ان يقترب جسمها منه من تلقاء نفسه وأخذت القميص من على السرير حيث رماها .سيتفاجأ لو رمت بنفسها عليه هكذا,ولكن الليلة....الليلة سيتشاركان الغرفة نفسها وثمة أمور يسهل قولها أكثر فى الظلام
أجلت حنجرتها :"حسناً,بما أننا الان نعرف أننا معجبان ببعضنا فسيكون ذلك أسهل من المرة السابقة أعنى مشاركة الغرفة"
ـ أتظنين ذلك؟
كان صوته جافاً.كانت دافئة مثيرة بين ذراعيه وهو لا يزال يشعر بشعرها الحريرى تحت ذقنه ويشم عطرها المثير :"أظن من الفضل أن أنام على الأرض"
نظرت إليه فيبى مذعورة:"على الأرض ؟ لماذا ؟"
ـ سريرك صغير جداً.ثم لقد كان ذلك صعباً بما يكفى فى تلك المرة رغم ضخامة ذلك السرير. إذا نمت إلى جانبك فى هذا فلن أتمكن من إبعاد يدى عنك
تبخر الهواء من حولها:"وهل....هل هذا سئ جداً؟"
جاهد جيب ليبقى مكانه ممسكاً بالوسادة التى بين يديه :"أفعل هذا من أجلك تزوج بين منذ أقل من شهر وأعلم كم كان يعنى لك وأنك لم تخرجيه كلياً من حياتك"
تذكرت فيبى أنها قالت له إنها لا تزال مغرمة بـ بين.جعلته يصدق ذلك وإن لم يعد ذلك صحيحاً.كيف تقول لـ جيب الان انه هو من تحب؟
وحتى لو تمكنت من إقناعه بأن مشاعرها تجاهه ليس لنسيان بين فإن الحقيقة ستجفله.قد يشعر بالاعجاب ناحيتها ولكنه لم يقل شيئاً عن الحب
الحب يفترض الثبات والاستقرار وهى كلمات لا تمت لـ جيب بصلة فهو حر منفتح بحيث يصعب عليه ان يربط مصيره بامرأة واحدة.
وتصورت فيبى أن كثير من الشقراوات الجميلات أفصحن له عن حبهن فى حين اتكتفى هو بتوديعهن.هى لن تكون سوى رقم إضافى يزاد إليهن
يا ليت ذلك يُحدث أى فرق لديها!يا ليت علمها برحيله الوشيك يوقفها عن حبه! ولكن الآن وقد أقرت بذلك لنفسها استولت هذه المعرفة على كيانها وكل ما كانت تأبه له هو التواجد بقربه ومعانقته.هكذا على الأقل سيكون لديها ما تتذكره
قالت بصوت خافت:"ربما انت ما احتاجه لأنسى بين "
اشتد فك جيب وهو يسمع هذا.جزء منه كان مغتاظاً لفكرة أه مجرد وسيلة تساعدها على نسيان بين ولكن الجزء الآخر كان يرغب بها
أهذا ما كان يعنيه جوش عندما تحداه ؟ أن تعطى الأولويات للصداقة على الرغبة الخاصة؟بنظر جوش لا يمكن المزج بن الصداقة والرغبة, وهو يعرف ما معنى هذا الآن. هو يريد  فيبى بكل جوارحه ولكن لا يمكنه ان يمسها فعندئذٍ لا مجال للتراجع.سيجد نفسه متورطاً فى كل ما كان يتجنبه طوال حياته. وجيب لم يكن واثقاً من استعداده
من الأفضل أن يدع الأمور لحالها.فيبى صديقته,صديقة عزيزة...ولكن مجرد صديقة وثيجب أن تبقى هكذا
قال لها:"وحده الوقت سيجعلك تنسينه"
كان يظن أنه يقوم بعين الصواب ولكن ذلك لم يسهل الأمور عليه وراح يتساءل إن كان الأمر صعباً لهذه الدرجة بين جوش وبيللا
استجمعت فيبى شجاعتها وهى ترى فرصتها تفلت منها وابتلعت ريقها قائلة :"ربما, ولكن فى هذه الأثناء أنا بحاجة إلى سند"
سند؟هو لا يريد أن يكون سنداً لها بل أكثر من هذا
ـ لا أظنها فكرة سديدة
بللت فيبى شفتيها :"لم لا؟"
ـ لا أريد أن أخسر صداقتك
ـ لم ترى الأمور هكذا؟
قالت فيبى هذا من دون ان تصدق الجرأة التى تملكتها فجأة
ـ الرغبة والصداقة لا يتماشيان معاً.إذا بقيت أساندك وأعانقك وأغازلك قد أخسرك.قد أخسر صداقتك وأنت مهمة جداً بالنسبة لى لذا لا أريد لهذا ان يحصل.سأؤدى دورى أمام لارا طبعاً ولكن فى الليل سأنام على الأرض
ـ حسناً كما تشاء
علقت قميصه فى الخزانة وراحت تبحث عن الأخرى . ولم يرق لـ جيب أن يراها تختبئ وراء قناع الشجاعة ذلك مجدداً
ـ فيبى....؟
ـ نعم ؟
ـ فيبى أنت تفهمينى أليس كذلك؟الصداقة وحدها تدوم أم الرغبة فزائلة
ـ أنت محق . إنها تفسد كل شئ
لقد أفسد كل شئ على أى حال.لقد وقعت فى حبه ولم تصدق كيف حصل هذا,مع جيب من بين كل الناس.فهو ليس النوع الذى تحبه بين الرجال.جرّبت فيبى كل شئ لتقنع نفسها بإنها لا تحب جيب. حدثت نفسها بأن هذا مجرد رد فعل على زواج بين أو انجذاب ليس إلا سيزول حالما يرحل جيب وهو ليس حباً
لم تظن فيبى يوماً أنها ستكون ممتنة بهذا الشكل لـ سيليا ذلك أن طلبات ربة عملها الكثيرة منحتها عذراً لتمضى ساعات طويلة فى المكتب وتتجنب العودة إلى المنزل حيث صديقها جيب.فصداقته لم تعد تكفيها. لقد جرحها رفض جيب .لقد أوضح انه لا يريدها. ولـَمِ قد يفعل؟ هى لاذعة قوية وشرسة وهو على الأرجح يفضل الناعمات الجميلات اللواتى يعرفن كيف يطرفن بأهدابهن ويبتسمن بإغراء.من الغباء أن تقع فتاة مثلها بحب رجل مثله.وللمرة الألف حدثت فيبى نفسها بأن تزيل الفكرة من رأسها.
ولكن الأمر لم يكن بهذه السهولة.
كانت لارا لا تزال تطارد جاد فى حفلاته ولكن الحفلة تلك الليلة تبدأ فى ساعة متأخرة لذا كانت فى المنزل عندما عادت فيبى.وكان عليها طبعاً أن تبتسم وتدع السعادة وتدع جيب بقربها كما يفعل أى ثنائى ولكن فى الليل ستنام وحيدة وتتأمله ممداً على الأرض متمنية أن تنام إلى جانبه وتعانقه طوال الليل
لم تعرف فيبى ما إذا كان عليها أن تفرح أو تأسف كون لارا لا تزال فى منزلها بعد أسبوع.ومن دون ان تتوصل إلى أى نتيجة مع جاد.فمن ناحية كان يصعب عليها أن تدعى ان كل شئ جيد وطبيعى ولكن لطالما أن لارا هنا فلا يمكن لـ جيب أن يأتى على ذكر رحيله
مجرد التفكير بالمنزل من دونه كان لا يُحتمل ولكن فيبى تعلم أنه سيرحل فى النهاية
قال لها فى معر ضالحديث عن مشكلة لارا:"سأبقى طالما أنت بحاجة إلىّ"
وكم ودت أن تقول له إنه فى هذه الحالة يجب يجب أن يبقى إلى الأبد.:لكنها أومأت وشكرته بتهذيب قائلة إنها لا تظن ان لارا ستبقى كثيراً.
فكرت فيبى فى أن الحب لا يناسبها على الأطلاق فعيناها مرهقتان لقلة النوم وقد فقدت شهيتها أيضاً.وبدأت كايت وبيللا تنظران إليها بقلق حتى أن كايت سألتها :"هل من مشكلة يا فيبى؟لا تبدين بخير"
أدركت فيبى أن جيب يحدق بها,فاستندت إلى الخلف فى كرسيها قائلة:"أنا بخير مجرد تعب بسيط"
ـ هل تزعجك سيليا؟
ـ مازلنا نتشاجر بسبب ذلك البرنامج عن المصرف وطريقة استحصالنا على مقابلة مع رئيسه.ظننت أنها نسيت أهره ولكنها عادت إلى هوسها بالمدعو ج.ج جريف.وهى تلمح إلى أنها ستستخدم أحداً سواى إذا لم أتدبر مقابلة شخصية.أظننى يمكن ان أقنعها بمقابلة مع شخص آخر.بما اننا لم نجد ج.ج جريف سبيلاً ولكننى عاجزة عن الوصول إلى أى كان فى ذلك المصرف.لا أعرف ما العمل....إلا إذا بدأت بالبحث عن وظيفة أخرى
فى المساء التالى عندما عادت إلى المنزل بعد يوم عمل شاق آخر فى شركة الأنتاج كان الجميع بإنتظارها متحلقين حول مائدة المطبخ ينتظرونها على أحر من الجمر
نقلت فيبى نظراتها من الواحد إلى الآخر :"ما الخطب؟"
قالت لارا:"لدى جيب مفاجأة لك"
ـ حقاً ؟ما هى؟
نهض جيب من مكانه وسحب م جيب قميصه بطاقة.ليس خاتماً ماسياً أو رحلة إلى باريس إنما بطاقة وقال لها:"فى الأمس التقيت صدفة بصديق تبين انه يعمل فى المصرف الاجتماعى.لم أخبرك البارحة لأننى لم أكن واثقاً من ان الأمور يمكن أن تتم كما ينبغى لكننى ذهبت اليوم لرؤيته وسألته إن كان بإمكانه أن يتحدث إليك.هو لا يعرف إن كان بإمكانه أن يحصل لك على مقابلة مع ج.ج جريف ولكن قد يكون لديه بعض المعارف الذى يمكن أن يفيدوك"
حدقت فيبى بالبطاقة غير مصدقة.كل ذلك الوقت كانت تحاول الاتصال بأحدهم وها هو جيب فجأة يلتقى"صدفة" به .عرفت أنه يجدر بها أن تكون سعيدة فهذا قد ينقذ عملها.قبل أن تدرك أنها تحب جيب كان بإمكانها أن تشعر بالبهجة ولكن الآن كل ما استطاعت فعله هو رسم ابتسامة على ثغرها:" شكراً "
ولكنها رأت الآخرون يحدقون بها متفاجئين لردة فعلها العادية كانوا على الأرجح يتوقعون منها أن تبدى امتنانها بشكل عاطفى أكثر فما كطان منها إلا أن جعلت ابتسامتها أعرض وقبلت جيب على خده:
ـ هذا رائع
أمتدت يده بشكل آلى وطوقتها مشددة من أحتضانها كلما حاولت الرتاجع
وفكرت فيبى فى أن هذا قد يكون عناقهما الآخير.فـ لارا سترحل بين اللحظة والأخرى بعدها يرحل هو ولكنه الآن هنا وذراعه تطوقها وأنفاسه تدفئها. تركت فيبى نفسها تذوب بين ذراعيه وتبادله عناقه غير عابئة بما يفكر فيه هو او هن.وانزلقت يدها إلى وسطه تشده إليها أكثر فى حين اليد الأخرى التى كانت لا تزال ممسكة بالبطاقة كانت متشبثة بصدره وكأنه خشبة الخلاص
عندما ابتعد جيب قليلاً عنها كانت الدموع تترقرق فى عينى فيبى فطرفت بهما لترى لارا تحدق بها باهتمام وكايت وبيللا تنظران إليها بالتعبير نفسه.ابتلعت ريقها وابتعدت عنها قائلة :"سأتصل به صباح الغد"
ـ إنه فى طريق العودة إلى الولايات المتحدة . أنتظرى بعض الوقت ولا تنسى أن تقولى له إننى انا من أعطاك الرقم
بعد ذلك خرجت لارا قائلة إن جاد لديه سهرة فى "هانكى"وإنها ستوافيه إلى هناك فقالت فيبى :"لكن هانكى فى الطرف الآخر من لندن.كيف ستعودين إلى المنزل؟"
ـ لا تقلقى فيبى.سأكون بخير .على أى حال آمل الليلة أن نعود أنا وجاد لبعضنا لذا لا تقلقى إذا لم أعد
تجنبت فيبى أن تتلاقى نظراتها بنظرات جيب أو صديقتيها وتحججت بالارهاق لتنسحب إلى غرفتها كانت متعبة فعلاً لكن ذلك العناق لم يدعها تنام.قد يكون الأخير فإذا ما ذهبت لارا إلى جاد لن يكون لها أى عذر وسيكون عليها أن تتصل بأمها وتقول لها أن خطبتهما قد فُسخت كما وعدت جيب

رهان على قلبحيث تعيش القصص. اكتشف الآن