عَملٌ مَيْدانِي

799 57 538
                                    










قيل لها بأن المشفى الذي وجدت نفسها فيه؛ يُدار مِن قبل 'المؤسسة' التي تعملُ بها، وقد استيقظت قبل أربعة أيامٍ لوحدها في غُرفة كئيبة وهي تشعرُ بوخزٍ مُستمر من الألم، وكانت تتناوبُ ممرضتان على تبديل ضِمادات كتفها وساقيها وإعطاءها الأدوية.

كان من الجيد أن حاجياتها القليلة تُركت لها في الغُرفة، وكانت مُعجزة بأن هاتفها لايزالُ يعملُ بعد تشّرُبه للماء، ولكن سوءُ الإرسال منعها من تصفح شبكة المعلومات، وجعلها تعتقدُ بأنها قد تكون في مشفى يقعُ في منأىً عن المدينة.

حاولت كاغو الخروج من الغُرفة حين استعادت قدراً كافياً من القوة للسير بمفردها،فقد لمحت وجود حديقةٍ أسفل النافذة، ولكنها فُوجئت بوجود حارسين عند باب غُرفتها، منعاها من أن تخطو خطوة خارجها، وفقاً لأوامر صارمة.

احتجت بعناد، وتعذرت بأنها بحاجة لبعض المُستلزمات، وحين أخبراها بأنهما سيجلبان لها كُل ما تريده؛ قامت باستغلالِ ذلك أقصى استغلال، فلا يكادُ أحدُهما يعودُ حتى تُرسل الآخر ليشتري لها أكثر الأشياء عشوائية.

والآن، في صباح اليوم الخامس، تجلسُ فوق السرير ومن حولها كومةٌ مُتنوعة من المُشتريات، مابين وجباتٍ خفيفة، وكُتب ومجلات، ومستحضرات العناية بالبشرة وحتى باقات وردٍ علها تُلطفُ من جو الغرفة الخانق.

وبينما كانت تحاولُ التفكير بشيء آخر تطلبهُ من 'خادميها' المُطيعين، اهتز هاتفُها الذكي مُعلناً عن وصول رسالةٍ نصيّة، وكانت مُرسلة من الرقم المحجوب الذي تعرفُ هوية صاحبه.

'سيُسمحُ لنا بالمُغادرة في الغد
وسيتم استئنافُ العمل
تم الترتيبُ لنقلكِ صباحاً لمبنى المؤسسة،
توجهي مُباشرة لمكتب هانما

تقارب حاجباها وهي تُعيد قراءة الرسالة المُقتضبة، وفكرت: 'أَلم يكن بوسعهِ جعلها أقل غِلظة ورسمية؟' كأن يستفسر عن حالها، فقد كادت أن تفقِد حياتها إلى جانبه.

ظهرت تكشيرة استياء على مُحياها، ولفت انتباهها استخدامهُ لكلمة 'لنا' بصيغة الجمع، فهل يدل ذلك على أنهُ لا يزالُ متواجداً في المستشفى أيضاً؟ أم عاد لمسكنه بالفعل؟

وقد يكون سؤالهُ مُباشرة هو الوسيلة المُثلى للتحقق، فهل تكتبُ لهُ لتطمئن على صِحته؟ وتُضيفُ بشكلٍ عَرضي أنها تتساءلُ إن كان بوسعها مُغادرةُ الغرفة التي ذاقت ذرعاً لمكوثها الطويل فيها.

كتبت رسالة مُنمقة، ولكن قبل إرسالها تذكرت كلماته المُختصرة وكيف لم يُكلف نفسهُ عناء سؤالها إن كانت بخيرٍ فِعلاً وتستطيعُ العودة للعمل، فهو بالتأكيد اكتفى بما يصلهُ عنها من أخبارٍ من قِبل موظفي المشفى.

أَحَدُهُما مُـعْتِمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن