5| إسمِي إسّحاق.

127 11 148
                                    

[الخيّوط تُمثِل تَدَفُقَ الوَقت، تَتَقارب وتَتَخذ شِكلًا مُعيَنًا، تلتَّفُ، تَتَشابَكُ، أحيِانًا تُحَلّ، وتَتَصل بِبَعضها مُجَدّدًا، ذلِكَ هوَ الوَقتْ.]

٢ ديسمبر، سنة ٢٠٢٢
القُدس، عاصمةُ فَلسطين.

(هل من احدٍ هُنا؟)

صوتهُ كان صارمًا وفي الوقتِ ذاته هادئًا يتسائلُ ويبحثُ بعينيه، صمتَ وانتظر ردًا ما بصبر.. كان على وشكِ ان يقترب من الحائط الذي يحملُ الجهاز، قبل ان يتسعَ الزيتون بخفةٍ وسط مُقلتيه.. وتقشعرُ أُذنيه ويتصلب جسده حينما سَمعَ وعلى حين غرة صوتًا خافتًا لشخصٍ ما، بطريقةٍ متسائلة وهادئة.. تسرب من خلال فوهة المُكبر، تُغلفُ نبرتهُ ومضةَ الفضول، لكنهُ أيضًا.. يستحوذُ على عمقِ الرياح وهديرها..

(مَن أنت..؟)

كان مُتأكدًا.. كلا بل متيقنًا! ان المُكبر الذي أمامه لم يكُن يعمل، وانهُ قد تفحص شريحتهُ الداخلية عدة مرات منذ ايامٍ لم تكن بالطويلة، كان يُلقي بنظره عليه منذُ مساء البارحة كلما مرّ بجانبه، لكنهُ الان وفي هذهِ اللحظة.. يسمعُ همسًا عميقًا يتهادى بضعفٍ من عمقِ هذا الجهاز، سألهُ الصوتُ عن هويته! سمعهُ بوضوح..

حاول علي تقليب الأمر في عقله عدة مرات واستيعابه، كان يحاول اقناع عقله بانها هلوساتُ الناعسين غيرِ النيام، تُضيء لبرهةٍ من الوقت ثم تنطفئ كما تفعلُ يراعاتُ الليل، لكن في قرارةِ نفسه وفي عمقِ قلبه الذي فقه احساسًا وشعورًا غريبًا، جلعهُ يُحرك شفتيه دون ارادةٍ منه قد تحاولُ كمشَ فضولهِ.

(ما الذي يحدثُ بحقِ الله..؟)

وببطءٍ كما ينمو غصنُ الشجرِ الى اعلى رفع ذراعه السمراء، محاولًا لمس طرف الجهاز باصبعه، تفحصهُ بعينيه الحائرتين على ماذا يقعن؟ مُبتدئًا باطرافهِ المتَّربة، ازاح الغُبار عنه، ولامسَ حلقهُ المفتوح أمامه كزهرةِ ابواق الملائكة، تلك الزهرة ذات البتلات الطويلة والمفتوحة على وسعها، كأنها فمٌ غامض على وشك ان يتحدث اليك.. الا انها ايضًا، كانت تُسبب الهلوسات.

امال بوجهه نحو المكبرِ على هون، وحدق في الفوهةِ العميقة. لم تكُن الا حفرة لجهازٍ كهربائيٍ ما، فلمَ يشعرُ بأنها على وشكِ جرهِ اليها؟ لمَ يشعر بهذهِ المقاومة؟ وهذا الشدُ حول جسده؟ وكأنها.. ثقبٌ أسودٌ على وشكِ ابتلاعه.

اخذ ينغمس في تفحصها وتلك العقدةُ الخافتةُ بين حاجبيه لم تنفك تُبدي عن حيرته، لكن همسةً أُخرى قد خرجت..! همسةٌ أُخرى ارتطمت حروفها بقوةٍ في مسامعه، وهذهِ المرة احتلت صيوان أُذنه وتبعثرت في اجزائها، اثر وضوحِ نبرتها، هذهِ النبرةُ العميقة والمُتحمسة!

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Dec 27, 2023 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

خيــطٌ مِــن نــور || ㄥ丨Ꮆ卄ㄒWhere stories live. Discover now