*منظور هاري*
(اليوم الرابع من الشهر - الفجر)
بقيتُ مستيقظاً فوق السرير، أحدق في السقف ولا استطيع إيجاد أي تفسير لما حصل بالأمس.
هل أنا جبان؟ لقد أردت انهاء الاتفاق بالأمس وكنت متأكداً من ذلك أما الآن.. فأنا لستُ اعلم.
الطريقة التي تشبثت فيها ستيلا بذراعي وكأنني كل مالديها من أمل في تلك اللحظة..
الطريقة التي دافعت بها عني رغم أني مغفل طلب منها البقاء معه دون الاستمرار في علاقة..
ولكن في الوقت ذاته هي تستحق رجُلاً أفضل مني.. ذو وظيفة راقية أكثر..
كيف يمكنني جعل ستيلا تدرك كل هذا دون أن تحزن؟
قُطع حبل أفكاري على صوت ستيلا وهي تتمتم كلمات غير مفهومة بجانبي.
"همم؟" سألتها دون أن التفت.
عادت مجدداً تتكلم.
"ستيلا هل أنت نائمة؟" اقتربت منها لأتأكد لأنها كانت مواجهة للجدار.
"هاري لا تدعه يضربني.." همست باكية.
هل تحلم؟
"ستيلا استيقظي!" قلت لها وقد قمت بهزّ كتفها.
فتحت عيناها بسرعة وهي تلتقط انفاسها.
"شش لا تقلقي أنا هنا، كل شيءٍ بخير." قلت لها وقد سحبتها نحوي أكثر.
وفي تلك اللحظة عاد صوتها يتكرر في ذهني وهي تصرخ بإسمي في حلمها لأحميها..
في تلك اللحظة ذاتها قررت ألا الغي الاتفاق، ثم إننا سنبقى معاً حتى انتهاء الشتاء، ما الضرر الذي قد يحدث؟
ودون شعور غفوت.. غفوتُ وأنا أضمّ ستيلا لصدري الذي بدا صلباً أمامها، غفوت على رائحة غسول شعرها."ستيل؟" فتحتُ عينيّ لأجد رأسي ممدد في حجرها وهي تنظر لي مبتسمة.
"ماذا تفعلين؟" سألتها وأنا أحاول إبعاد وجهها عني حتى لا تنزعج من أنفاسي الصباحية.
"أجدل شعرك." قالت لي وهي تبعد يدي عن وجهها.
"لا تقتربي فأنفاسي قد تقتلك." قلت لها ضاحكاً.
ولمفاجأتي انحنت ستيلا وقبّلت شفتاي.
"لا يوجد خطبٌ بأنفاسك." قالت لي مبتسمة وعادت تجدل لي شعري.
ابتسمت لها ثم نهضتُ لأرى شعري، لم أجدله من قبل، اعلم ان طولهُ عند نهاية عنقي مما يعني انه مناسب لجديلة صغيرة ولكني لم أفكر في جدله يوماً، لأكن صريحاً بدت جيدة.
نهضتُ من فوق السرير وتوجهت لدورة المياه، وعندما خرجت وجدتُ ستيلا قامت بترتيب الإفطار فوق الطاولة.
"أسنخرج اليوم؟" سألتني.
"كلا، أتريدين الخروج؟" عدت أسألها.
" لا ليس حقاً." أخبرتني وهي تتذوق إفطارها.
"يمكننا مشاهدة فيلمٍ ما ثم طلب البيتزا." أقترحتُ عليها.
لمعت عينها في بهجة وأومأت برأسها إيجاباً.
كانت ستيلا صاحبة ابتسامة معدية، فمهما كان مزاجي سيئاً سأبتسم دوماً لإبتسامتها.
"أتحب الألوان الهادئة؟" سألتني وهي تمضغُ طعامها.
" أجل، كثيراً، ماخطب هذه الأسئلة؟" سألتها مبتسماً بإستغراب.
"كلا، فقط لأعرفكَ أكثر." أجابتني ببساطة ثم نهضت وتوجهت لدورة المياه.رنّ جرس هاتفي المحمول فأخذته لأجد رقماً غريباً يتصل.
"ستايلز." أجبت على الهاتف.
"هاري؟ هاري ستايلز؟" جاءني صوت مألوف جداً من على الطرف الآخر.
"ڤايوليت؟" سألت بصدمة.
"أجل إنها ڤايوليت! يسرني أنكَ تذكرت." أخبرتني بإبتهاج وراح قلبي يخفق لها مجدداً.
"لقد مضت.. ماذا.. سنتين، ربما؟" سألتها ضاحكاً.
"لم استطع حسبانها لأكن صريحة.. أنا افتقدك.." صارحتني بهمس.
وبقيتُ أنا صامتاً شفتاي جافتان وابتلع ريقي بصعوبة.
"ڤايوليت.. نحن.." حاولت تفادي هذه المشاعر.
"اعلم هاري، اعلم أني انفصلتُ عنك منذ مدة طويلة ولكن ماذا لو التقينا مجدداً كأصدقاء فقط؟" سألتني وقد شعرت بها تتوسلني بصمت لأوافق.
"ربما.." أجبتها غير واثق.
"أنا الآن اجلسُ وحدي في قرين قولدرز، أتود المجيء؟" سألتني برقة.
صمتُ قليلاً ونظرت نحو دورة المياه لتخرج ستيلا.
"هاري لقد نسيتَ ساعتكَ بالداخل." أخبرتني مبتسمة.
التفتُ للهاتف: "سآتي." قلت ثم اقفلتُ الخط على عجل.
نظرت ستيلا نحوي وهي تقوم بإقفال الساعة نحو معصمي.
"ستيلا حلوتي، آسف لن استطيع مشاهدة الفيلم معكِ، لقد طلب مني ليام مساعدته في أمرٍ ما." أخبرتها وكذبتُ عليها، لستُ اعلم لماذا فهي ليست حبيبتي ولكني لا أريدها أن تنجرح.
ابتسمت ستيلا نحوي ابتسامة دافئة: "لا بأس فأنا أشعر بالنعاس على اية حال، انتبه لنفسك." قالت لي وقد طبعت قبلة حانية على كتفي وانحنيتُ انا لأقبل رأسها ونهضت نحو السرير.
ارتديتُ ثيابي وتوجهت نحو المقهى الذي وصفته لي ڨايوليت.
كانت ڤايوليت حبيبتي السابقة ولكنها لم تستطع التعايش مع مهنتي كوني أسافر وأجوب العالم لأغني، ولديّ معجبين، هي فقط أرادتني لها وحدها.
وصلتُ للمقهى وركنتُ سيارتي جانباً لأجد طلها النحيل يجلس بالداخل.
توجهت نحوها لأحدها تبتسم ثم نهضت وعانقتني، بادلتها العناق.
"كيف أحوالك؟" سألتني.
"جيدة، ماذا عنكِ؟" سألتها في المقابل.
"جيدة، يا إلهي لم تتغير ياستايلز." قالت ضاحكة.
"ألازلتَ تبحث عن فتيات للشتاء." سألتني مبتسمة.
"أجل، في الحقيقة هنالك واحدة في المنزل تنتظرني." أجبتها مبتسماً، لم أريد أن اجعلها تظن بأني لازلتُ واقعاً في شباكها كالطفل رغم ان هذه الحقيقة ولكن لا يجدر بها أن تعرف.
رفعت حاجبها نحوي: "حقاً؟"
أومأت برأسي نعم.
"أهي من قامت بجدل شعرك؟" سألتني ساخرة.
تحسستُ شعري لأجده مجدولاً، لقد نسيتُ تماماً انها قامت بجدله..
قهقهت ڤايوليت ضاحكة بشدة: "أتجعل من نفسكَ دميةً لها؟"
"ڤايوليت راقبي فمك." قلت له بنبرة تهديد.
صمتت للحظة وهي تنظر لي من رأسي لقدميّ.
سئمتُ هذا، نهضتُ من فوق الطاولة.
"إلى أين؟" سألتني.
"سأتبول." قلت لها.
"مقرف." قالت لي.
التفت نحوها لأجد معالم وجهها متقززة حقاً، لم تكن مثل ستيلا حين نادتني بالمقرف وهي ضاحكة وظللتُ أمازحها بيدي التي تبولت ولم اغسلها، هي لم تتقزز مني فعلاً.. هي كانت تمازحني.
"لمَ تنظر لي هكذا؟" سألتني ڤايوليت.
"لا شيء،" أخبرتها وأنا افكر في كلّ شيء.
عدت للطاولة وسحبتُ مفاتيحي وتوجهت نحو المخرج.
"الم تقل أنك ستذهب لقضاء حاجتك؟" سألتني قبل أن اخطو الباب.
"غيرت رأيي سأخرج." قلت لها.
"هل لأني ناديتك بالمقرف؟" سألتني.
هل لهذا السبب أنا حانق؟ لا اظن.. إذا لما أنا غاضب؟
لستُ اعلم، ربما لأنها ليست ستيلا..
وربما لأني اشعة بالذنب حيال تركها والكذب عليها..
لا، حقاً لما أنا غاضب؟ لستُ أفهم.
أصبح إبتعادي عن ستيلا يُدمر مزاجي، ألاحظ بأني دوماً أكون مبتسماً وضاحكاً معها، أكون على طبيعتي، استطيع اخبارها أن تنهض عني لأني سأتبول دون القلق من أن تشعر بالقرف، يمكنني إخبارها بقصصي المحرجة، يمكنني ان اكون كما أنا معها، هي لا تجعلني اشعر بالحاجة للتغير من اجلها.
"هاري اتسمعني؟" سألتني بنفاذ صبر وهي تطرق بكعب حذائها العالي على الأرض.
"أجل، وكلا أنا لست غاضب من أجل هذا." قلت لها.
"أسنبقى على اتصال؟" سألتني وهي تحاول الاستلطاف.
"اجل." اجبتها ثم خرجت.*منظور ستيلا*
طُرق الباب، ونهضت من فوق السرير، أنا حتى لا اعلم كم الساعة.
"مرحبا؟." قال لي الرجل الذي يقف بالباب.
أنا لا اعرف الفرقة التي يغني فيها هاري لأكن صريحة ولكني حين بحثت عن هاري في محركات البحث لمحت وجه هذا الرجل في فرقته.
"أنا ليام، هل هاري هنا؟" قال لي وقد مد يده ليصافحني.
صافحته مبتسمة: "مرحباً بك، أنا ستيلا، ولا هاري ليس هنا لقد أخبرني أنه سيذهب لمساعدتك في أمرٍ ما."
بدا ليام مستغرباً: "كلا، لم اطلب منه شيئاً، ثم إني لم أراه منذ آخر حفلٍ لنا لذا قررت المجيء وزيارته."
فتحتُ الباب أكثر لليام: "تفضل ادخل، أنا متأكدة بأن لديه أسبابه وسيعود قريباً."
دخل ليام وجلس على الأريكة.
"أتشربُ شيئاً؟ شاي؟ قهوة؟" سألته.
"قهوة داكنة من فضلك." طلب مني بأدب.
توجهت نحو المطبخ الصغير وأنا افكر، لما قد يضطر هاري للكذب؟ هل يخفي شيئاً ما؟ ربما لديه أسبابه؟
لماذا أشعر بالغيرة على أي حال؟ فأنا لا يمكنني أن احبه وحتى ان فعلت سأموت مع ذوبان الثلج وانتهاء فصل الشتاء، لذا لا جدوى فهو يعتبرني كصديقة في نهاية المطاف.
قدمتُ لليام قهوته الداكنة وجلست مقابله.
"إذاً أأنتِ صديقة هاري؟" سألني.
"تقريباً.." اجبته مترددة.
"تبدين لطيفة، يجب أقدمكِ لصديقتي صوفيا فهي بمثل عمرك." أحبرني مبتسماً وقد أحببتُ الفكرة.
"يبدو هذا مشوقاً." أجبته وقد ارتشفتُ من قهوتي أيضاً.
"هل قابلتي بقية الفتيان؟ سيحـ.." بدأ ليام يقول ولكنه دفع بفنجان قهوته بالخطأ وهو يتحدث ليسقط من على الطاولة.
"آنا اسف جدا!!" بدا ليام متوتراً.
"لا عليك لا عليك." أخبرتهُ وقد نهضت من مقعدي لأمسح البقعة التي بجانبه.
تشبث ليام بمعصمي: "أرجوكِ لا تتعبي نفسك سأرسل خادمة لتنظيفه."
"حقاً ليام؟ خادمة من اجل بقعة قهوة؟" سألته ساخرة.
عاد يسحبني: "إجلسي فقط لا تُشعرينني بالذنب."
فقدت توازني لتشبثه بذراعي لأسقط وأجلس في حجره.
فُتح الباب ليدخل هاري وينظر نحونا بعينينٍ متسعتين..
أنت تقرأ
حبيبة الشتاء | h.s
Fanfictionهي لم تُؤمن بالخرافات. وهو يحتاجُ لفتاة كل شتاء. فكيف التقيا؟ ولملم كلٌّ منهما جراح الآخر؟ كيف التقيا وأصبحا روحاً واحدة على صدر هذا الوجود؟