الفصل الثامن عشر

28.4K 2.3K 98
                                    

*منظور ستيلا*
(اليوم الرابع عشر - مساءً)

"ستيلا، مابكِ صامتة؟" سألني هاري.
"إني واقعة في غرام المنظر." قلت له دون أن أنظر إليه وبقيتُ أحدق للأسفل من أعلى برج إيفيل.
وقد بدت أضواء أشجار رأس السنة من الأسفل كالنجوم الصغيرة.
لابد أن حجز العشاء هنا قد كلّف هاري الكثير.
شعرتُ بذراعيه يحاوطانني من الخلف، ليضع ذقنه فوق كتفي ويشاهد المنظر معي.
رائحة عطر 'توم فورد' الصارخة تنبعث من قميصه، واشعر بصدره في ظهري وهو يتنفس بتوازن.
"ماذا عن غرامي؟" سألني.
بقيتُ صامتة.
عاد هاري يسأل: "لقد قلتِ بأنكِ واقعة في غرام المنظر، ماذا عن غرام الرجل الذي جعل رؤيتك لهذا المنظر ممكنة؟"
بقيتُ صامتة مجدداً، لا أعرف ماذا أقول.
الحقيقة هي أني أريد الصراخ من قمة برج إيفيل بأني واقعة في غرام هاري من رأسي حتى قدمي ولكني لا أريده أن يتعلق بي ثم أموت لأتركهُ وحده.
كان علينا ألا نخوض في علاقة لسببٍ وجيه.
"قوليها.. قولي بأنكِ تحبينني.." همس في أذني.
"هاري.. لا أستطيع.." همستُ له في المقابل، ولكن همسي كان متحشرجاً مليئاً بنبرات البكاء.
لأني أعلم يقيناً أنني أُحب هاري من داخلي، ويؤلمني أنني لا استطيع الإعتراف له كأي فتاة.
أعلم جيداً أن هاري لا يحبني ولن يحبني، هو فقط يريدني أن اعترف له، يريد الشعور بالنصر، الشعور بأنه يمكنه الحصول على أي فتاة في العالم حتى لو لم تكن معجبة من معجبات فرقته الموسيقية.
ولو كان يحبني لتحدث، كما فعل مسبقاً مع ڤايوليت، لذا أنا لن أقوم بذل كرامتي أكثر، فأنا لستُ جيدة كفاية من أجل هاري.
"سيدي.." قاطع صمتنا النادل الذي وقف خلفنا بطبق المقبلات.
عدنا لمقاعدنا بصمت، وكان عشاءنا صامتاً كذلك، كُلاً منا لا ينظر للآخر. فقط نحن وزقزقة ملاعقنا فوق الطبق.
عُدنا بصمت كذلك، كانت تلك أطول فترة مضت بيني وبينه لا نتحدث.
"ستيلا.." ناداني هاري بهدوء عندما عدنا للفندق.
"همم؟" التفت له، سعيدة لأنه أخيراً كسر الصمت.
"فلننسى ماحصل، لا أريد أن تكون بيننا حواجز." قال لي.
"أفضل هذا." قلت له مبتسمة.
قمنا بتبديل ثيابنا ثم استلقينا على السرير.

*منظور هاري*
(اليوم الخامس عشر - صباحاً.)

كيف لم تعترف؟ لقد كنتُ متأكداً بأنها تحبني..
في الحقيقة أنا لستُ اعرف كيف فقدت صوابي بالأمس وسألتها، لأني أنا بذاتي لازلتُ غير متأكداً من مشاعري نحوها، لذا فقد ارتحت قليلاً لأنها لم تقل بأنها تحبني لأنها لو فعلت ولم أقل لها بأني أحبها أيضاً قد تكرهني ولن ألومها.
ولكن مازال هنالك جزءٌ صغير مني يشعر بالحزن لأنها لم تقلها.
كنتُ قد استيقظتُ مبكراً وستيلا لازالت نائمة كالطفلة بجانبي.
نهضتُ من فوق السرير وقمتُ بالإستحمام، ثم لففتُ المنشفة البيضاء حول خصري ووقفتُ أمام المغسلة.
لقد بدأ شعر لحيتي يظهر قليلاً، لا احب منظره المبعثر هكذا.
"ماذا تفعل؟" سألتني ستيلا من عند الباب وهي تنظر لشفرة الحلاقة التي في يدي.
"أنتحر." قلتُ لها.
اتسعت عيناها وقد شحب وجهها فجأة وكأن أحدهم قد قام بسحب دمها كله دفعةً واحدة.
ركضت نحوي بهلع لتسحب الشفرة من بين يديّ، وأنا اقف مصدوماً منها لأنها صدقت بأني سأنتحر، لقد كنت امازحها.
"أهذا لأني لم أقل أحبك؟ أنت مجنون! إني أحبك، أحب كل تفاصيلك، أحبك بمزاجاتك المتعكرة في الصباح، بتغيرات مزاجك المفاجئة، بكل شيء.. أحبك، لا تتركني هاري." صرخت وهي تبكي وتحتضن جسدي الضخم بين ذراعيها.
وقفتُ مصدوماً أكثر من ذي قبل..
حملت جسدها الصغير الذي كان يعانقني بقوة، وقمتُ بإجلاسها على حافة المغسلة لأقف بين ساقيها.
"إنني أمزح، سأقوم بحلاقة لحيتي فقط." قلت لها مبتسماً وقد قبلتُ جبينها.
رغم إني لازلتُ غير متأكد من حبي لها ولستُ اعلم بماذا أجيبها، إلا أني شعرتُ بالإرتياح لأنها اعترفت.
"أكرهك." قالت ستيلا وقد ضربت صدري بقبضتها.
"أنا لم اعني ما قلته بشأن حبك ولكني لم أكن اريدك ان تنتحر." قالت لي بتوتر.
"أجل صحيح." قلت لها غير مصدقاً.
"ناوليني الرغوة." قلتُ لها محاولاً تغيير الموضوع حتى لا تشعر بالإحراج.
التفتت ستيلا وسحبت الرغوة ثم فتحتها ووضعت القليل فوق يدها وقامت بفركهِ على ذقني.
إني شاكرٌ لها لأنها لم تسألني عن مشاعري تجاهها ولأنها تقدر ظروفي ولم تضغط علي للأعتراف بمشاعري التي لم اعرفها بعد.
سحبتُ الشفرة ثم ناولتها لستيلا، بما أنها قد فركت الرغوة فلتكمل عملها.
"أخشى أن أقوم بجرحك." قالت لي بتردد.
"سأريكِ." قلت لها وقد أمسكتُ يدها التي تمسك بالشيفرة وقمت بحلق الجانب الأول من وجهي بخفة.
ثم تركتها تكرر ماعلمتها.
كانت جميلة، تجلس على حافة المغسلة بلباس نومها وقد أحاطت جسدي النصف عاري بساقيها لتحلق لي بدايات لحيتي.
لا شعورياً، أنزلتُ رأسي لأقبل شفتيها.
"لا تتحرك! أنا أحاول ألا أقوم بجرحك." وبختني.
"إجرحيني." قلت لها وقد استمريت بطبع المزيد من القبلات على شفتيها.
استسلمت ستيلا، ووضعت الشفرة جانباً لتقبلني، لنحظى بلحظة مثالية في دورة المياه، حيث قبلتها وكأنه لا يوجد غداً.

حبيبة الشتاء | h.sحيث تعيش القصص. اكتشف الآن