🌺الفصل الواحد والعشرون🌺

411 20 0
                                    



الفصل الواحد والعشرون:

جلس مهاب صامتاً بجوار أبيه بينما كانت ملامح الصدمة لا تزال جليه فوق صفحة وجهه !!!!
فكل ما مر عليه من الامس يبدو كالخيال!!!!
كيف نجت روز وعادت الي الحياة؟!!!
و كيف تطور الأمر بين كريم و أبيه لدرجة الصفع؟!!!
و الاهم كيف ترك كريم كل شيء حتي زوجته من أجلها و ذهب دون أن ينظر خلفه للحظه؟!!
الي الان لا يفهم وجهة نظر أخيه في كل ما حدث!!!.... فرغم كل شيء أن يترك زوجته التي اختارها بنفسه بعد أن عرف طعم السعادة معها من أجل حبيبته القديمة لهو ضرب من الجنون!!!
شعر مهاب بالشفقة على حال رؤى في تلك اللحظة....تري كيف تواجه هي الامر؟!!!
لحظات و امتدت يد ساندي الي كتفه لتسند بعدها رأسها عليه فيما تقول:
_الا يجب أن نصعد لنتفقد عمي؟!!!
ربت مهاب علي رأسها :
_لقد سمعته بنفسك ساندي ...لا يرغب برؤية احد!!!
_و كريم!!!....هل هناك خبر منه؟!!!
هز مهاب رأسه نافياً بإرهاق فيما يقول:
_هاتفه مغلق
أبعدت ساندي رأسها عنه لتقول بتعجب:
_ انا لا أفهمه بصراحة؟!!!...لقد اهان رؤى بتركه لها هكذا!!!... كما أن مريم اخبرتني بأنهما تقريبا تشاجرا قبل رحيله و ها قد ذهبت إليها في المستشفى حتي تطمأن عليها لكني اشك انها ستكون بخير!!
عاد مهاب بظهره إلي الوراء متنهداً بضيق فيما يقول:
_عند عودة مريم سنعرف كل شيء
بعد دقائق جاء أحد العاملين قائلاً:
_سيدى هناك رجلا ً في الخارج يطلب رؤية السيد حسين
_من يكون؟!!!
_عمار علام سيدي
استغرب مهاب مما يحدث ليقول بعدها:
_ أخبره أن ابي غير موجود
تكلم حسين و هو ينزل من فوق الدرج:
_انتظر...دعه يدخل لقد رأيته من الشرفة
ثم نظر الي مهاب قائلاً:
_ لنري ماذا يريد هذا ايضا ً
دخل عمار ليستقبله حسين بهدوء متحفظ بينما كانت نظرات مهاب حيادية فهو لم يقابل ذلك الرجل من قبل ليبادر عمار قائلاً:
_سيد حسين لن أخذ من وقتك الكثير لأنه يجب أن أعود إلى المستشفى بأقصى سرعه
نظر له و قد أدرك بحدسه وجود شيء كارثي خلف وقفة عمار المهتزة ليشير إليه بالجلوس فيقول عمار بعدها:
_ بالتأكيد انت تعلم الأزمة التي كنت امر بها الفترة الأخيرة ، هذا الأمر كان شخصياً لأن من يقف خلفه هو أكرم الالفي و بعض الأسماء الأخرى التي تعلم انت بعضها.
اومأ حسين متفهماً ليكمل عمار محاولا قدر الإمكان أن يختصر:
_ تلك الأزمة انا قمت بحلها من جذورها فتسبب الأمر بكارثة مالية جديدة لتلك المجموعة ولأن الأمر شخصي كما سبق و اخبرتك فأنا قد وصلتني هذه الرسالة المصورة منذ قليل بعد مكالمة تحذيرية
امسك حسين الهاتف لتتسع عيناه و هو يري وجه رؤى النائم بينما وضع أحدهم السلاح فوق جبهتها!!!!!
وقف حسين قائلاً بصدمه:
_كيف؟!!!...كيف اخذوها من المستشفى؟!!!!...و ماذا يريدون منها؟!!!
تكلم عمار قائلاً بصوت مقتضب:
_ يريدونني انا
ثم أضاف بعد لحظات:
_هذا عمل أكرم الالفي بمفرده ، مستحيل أن يتورط أحدهم في أمر كهذا أو يقبل في أن يكون طرف في جريمة كهذه !!!
هتف مهاب بغضب:
_ ما هذا الجنون ؟!!؟.... الا يوجد قانون في هذه المدينة؟!!
اجابه عمار بذكاء:
_يوجد بالطبع لكن اخبرتك اكرم يتعامل مع الأمر بشكل شخصي بمعنى اصح لقد فقده رشده هذه المرة لذلك يتصرف بتهور و جنون دون أن اى حساب لنتيجة أفعاله.
تكلم حسين محاولاً التزام الهدوء:
_ اذاً ماذا سنفعل الان؟!!!
أجاب عمار بكلمات سريعة حتي يلحق بوقته:
_اكرم متأكد من أنني لن الجأ اليكم لأنه يعتقد انني اعاديكم من أجل رؤى لذلك مستحيل أن يتخيل أننا قد نتعاون معا ً من أجل ارجاعها ، لقد هددني بعدم التحرك من المستشفى لأنه يراقبني و طلب مني اتباع تعليماته لكني خرجت من باب الطوارئ و جئت بأقصى سرعه بعد أن اتخذت بعض الاحتياطات و الان يجب أن أعود الي المستشفى من جديد كما يجب أن يأتي احدكم حتي يوصل مريم حتي لا يتعرض لها أحد.
اغمض مهاب عينيه بلا تصديق ليقول بعدها منفعلا ً:
_ انا لا أصدق هذا الجنون!!!!!
هدأه حسين قائلاً بحكمة:
_علينا أن نهدأ حتي نحسن التفكير....اول شيء عمار سيعود الان الي المستشفى و انا سأتبعه بعد دقائق و نتفق هناك علي ما سنفعل و نتواصل بالهاتف و سأطلب من حسام أن يتدخل بالأمر لأني لا اريد تدخل الشرطة حتي لا يؤذيها ذلك الحقير كما لا اريد ان يصل اي خبر للسيدة نوال ستخبرها بأنك علمت أن رؤى عادت للمنزل في الصباح لأنها كانت مرهقه .
اومأ عمار موافقاً ليقول قبل رحيله:
_لا تقلق سيد حسين سأعيدها ولن اسمح ان تدفع ثمن افعالي من جديد
_اراك في المستشفى و اخبرني بكل شيء أولاً بأول
اومأ له عمار ثم غادر و في داخله يقسم علي أن يدمر ذلك الحقير فور أن يراه!!
_هل نتصل بكريم؟!!!
سأل مهاب بترقب لتأتي إجابة حسين قاطعه:
_لا
نظر له مهاب مستغربا ً ليضيف حسين بجمود:
_ دعه يلهث خلف من اختارها ، رؤى من هذه اللحظة مسؤوليتي انا حتي اسلمها بنفسي لعمها لترحل معه.
_ ابي!!!!
هتفها مهاب بصدمة ليكرر حسين مؤكدا:
_اجل...لن اسمح له بالتلاعب بها من جديد ، هو اختار تلك المنحلة فليبقي معها و حين يعود متخاذلاً كما اتوقع سأجعله يتمني رؤى ولا يراها حتي لا يهينها بهذا الشكل من جديد!!!
............................................
فتحت عينيها بتشوش و رأسها تكاد تصرخ وجعاً من الصداع الذي يفتك بها لتستوعب بعد لحظات انها مقيدة و مكممه!!!!!
ربااااه ماذا يحدث معها؟!!!!!
اخر ما تذكره انها كانت في طريقها للمقهى المجاور و رائحة القهوة تداعب أنفها بحلاوة جعلتها تنسي بعضاً من ضيقها لتقرر وقتها بأنها لن تنتظر أحد من جديد فليذهب من يذهب و ليظل من يظل!!!...ستعيش من أجل نفسها و فقط!!!!
لن توقف حياتها عند شخص أو حدث من جديد يكفيها ما خسرته!!!!
لتفاجئ بعدها برائحة نفاذة اخترقت أنفاسها ببشاعة ليتحول كل شيء بعدها الي الأسود!!!
_ مرحباً أيتها الحسناء
رفعت رؤى عينيها الي ذلك الرجل الواقف أمام الأريكة المهترئة التي وضعوها عليها ليدب الخوف في أوصالها حين رأت السلاح الذي يتلاعب به بكفيه فيلاحظ هو نظرتها فيضحك قائلاً:
_لا تخافِ يا جميله... انتى هنا ضيفه مؤقته حتي اصل الى ما اريد
لاحظ عدم فهمها لما يقال ليضيف موضحاً:
_انتى هنا إلي أن يصل عاشقك اليائس عمار لأخذ بثأري منه
ظلت رؤى تنظر إليه بتخوف دون أن ترمش للحظة ليكمل الرجل:
_ لكن انتى بالطبع لا تعلمين عن الأمر فأنتئ كنتِ ذكية لتعلمين اي روح مشوهه تسكن ذلك القذر فاخترت الافضل .....و أي افضل!!!!
ضحك من جديد غير عابئا ً بتلك التي تجلس أمامه و كأنها على جمر:
_ و الله لولا انني واثق من غرور ابن عمك الغبي و تكبره علي طلب المساعدة من اهل زوجك لما كنت احضرتك الى هنا أبداً و ذلك ايضا ً ما وقف في طريقي قبل ان اتعرف الي هوية تلك الدمية الشقراء الصغيرة التي كان يتسكع معها في الفترة الأخيرة ....اتعلمين لقد شككت أنه تخطاكِ معها لأكتشف فيما بعد أنها اخت زوجك!!!!!
ارتفع حاجبي رؤى بصدمه بينما اصطنع هو التقزز مكملاً:
_عار عليه من رجل!!!... يستخدم واحده من اجل الوصول لأخري!!!!
نظرت له و كأنها تخبره أنه لا يفرق شيئاً عن ما يقول ليبتسم هو ساخراً:
_ لا حلوتي...لا تنظرين لي هكذا!!!...انا لن اقترب منكِ حتي ، فليأتي هو فقط و سأتركك فوراً و الان بعد اذنك سأستعد له .
توقف للحظه قبل أن يرحل قائلاً:
_بالمناسبة انتى ضيفتي حتي الغد لذا لا تفتعلِ اي متاعب قد تأتي في النهاية فوق رأسك.
دمعت عيناها بعجز و هي تلعن حظها الذي لا يبتسم لها أبدا ً و تلعن عمار و اليوم الذي رأته فيه!!!!!
ما بالها هي بمصائبه التي لا تنتهي!!!!
ستقتله فور أن يخرجها من هنا.....
طرأ علي فكرها العم حسين... بالتأكيد إن علم بما يحدث سيدمر ذلك القذر الذي يقف أمامها مستمتعاً بخوفها و كأنه يتغذى عليه لكن من الممكن أن يتغابى عمار فعلا و لا يطلب المساعدة من عائلة زوجها و في هذه الحالة سيكون العزاء اثنين لأنهما سيُقتلان معاً!!!!
نكست رؤى رأسها ليخطر كريم علي بالها من جديد فتطرد صورته بكل قوه بعد أن تركها من أجل أخري خانته!!!
تذكرت كيف وصفها بكل ذلك الرخص!!!...كيف جعل منها حقيرة في عين نفسها قبل أن تراها في عينيه؟!!!
اجل كان غاضبا.....
لكن الإنسان يفضح حقيقة مشاعره دائماً وقت الغضب و الخوف بأوضح صورة!!
وهي رأت نفسها بعينيه في ذلك اليوم...لا ترقي لمستواه و يكون من الأفضل أن تحمد ربها بأنه تفضل عليها و قبل الزواج منها!!!!!
لكن لا!!
يكفيها خنوعاً!!!...أجل كل مقاومتها كانت ضعف ، كل حروبها كانت مظاهر!!!!
لا كانت بتلك القوة التي تدعيها ولا استطاعت حماية نفسها منه!!!
فأكثر إنسان يجب الحذر منه هو أقرب إنسان وهو اقترب منها حد الالتحام...
تعلم جيدا أنه سيعود فهي سمعت بنفسها أن حبيبته تزوجت و انجبت أيضا ً لكنها لن تسمح له باختراق حصونها من جديد ....يكفي أن تخرج من هنا فقط و بعدها ستريه معني أن يلفظها بتلك الطريقة المهينة أمام الجميع !!!
ستجعله يركض خلفها اميالاً ثم تتركه و تذهب الي كندا برفقة عمها لتعلمه احساس الإنسان حين يسلم مقاليد قلبه لمن لا يستحق.
.............................
كان كريم يجلس فوق مقعد الطائرة و رأسه تضج بآلاف الأفكار التي سيحاول بها استعادة ثقة زوجته و حبها...
ليته ما جرحها بتلك الطريقة الغبيه قبل رحيله!!!
ليته تحكم في لسانه ولم يخرج غضبه بها!!!
هو لم يعني ابدا ً ما قاله بل هو أكثر الناس علماً بأنها أكثر براءة حتي مما يظهر عليها لكنه مجرد احمق رفض أن يتألم بمفرده فآلمها بالمقابل!!!!
اللعنة عليه وعلى غباؤه!!!
الان ستكون مهمة استعادها اصعب من اي شيء خاصة ً و ان ابيه يقف خلفها بكل قوه و يفضل راحتها علي كل شيء و قد يطرده من المنزل نهائياً إن طلبت منه ذلك!!!!
حسنا فليهدأ الان و يفكر بطريقة يستعيد بها حب لؤلؤته و ثقتها و يستعيد معها دعم أبيه و رضاه .
سيرضي و يسمع منهم كل ما يقولون في حقه و يقسم لهم ألف مره أنه ذهب فقط كي يتأكد مما سمع و لم يكن في نيته أبدا ً البقاء مع روز ولا حتي السعي خلفها
يجب أن يفهموا و يصدقوا أنه وجب عليه الذهاب حتي ينهي تلك المسألة العالقة للأبد لكنه فقط تصرف بطريقة هوجاء اثر صدمته من اكتشاف انها علي قيد الحياة بعد كل تلك السنوات التي عاشها معذباً بذنبها!!!!
لكن الان انتهي الأمر و سيحرص على أن يفهم الجميع ذلك بل و يؤمن به أيضاً و خصوصا ً رؤى سيجعلها مؤمنه بكل طريقه ممكنه بأنها هي فقط حبيبته و زوجته التي سيمضي عمره كله معها يعوضها عما فقدت قبله و يستعيد ذاته بها من جديد.
عند هذا الخاطر غفي كريم بعد تعب يوم طويــــــــــل لا يعتقد أنه سينساه أبداً ، يوماً قد كُتب فيه بدايته الحقيقة التي سيسعي إلي أن تظل اجمل بداية.
.......................................
دخل حسين إلى المستشفى يتبعه مهاب بعد أن اوصلا ساندي لبيت عائلتها ثم دخلا الي غرفة نوال مرتدين قناع الهدوء و كأنهما في زيارة عادية بينما توترت نوال خوفاً من حدوث مشاجرة بينهم و بين عمار الذي حياهم بهدوء فيما كانت مريم أكثرهم قلقاً من وجود الجميع في مكان واحد!!!!
_كيف حالك اليوم سيدتي؟!!!!
سأل حسين بتهذيب ليقطع الصمت المشحون الذي خيم عليهم!!!
_الحمد لله سيد حسين... شكراً لمجيئكم
ابتسم حسين قائلاً بمودة:
_انتى فرد من عائلتنا
ابتسمت نوال ممتنة دون أن يفارقها القلق للحظه رغم تجنبهم الواضح للحديث مع عمار ليحييها مهاب أيضاً و يسأل عن صحتها ليقول حسين بعد دقائق موجهاً حديثه إلى مهاب:
_ اصطحب اختك معك بني
ليكمل كاذباً:
_ثم عد الي الشركة حتي تتابع العمل
اومأ مهاب ليستأذن مصطحبا ً مريم معه ليطلب حسين بعدها التحدث مع عمار علي انفراد و ما أن خرجا أمام نظرات نوال القلقة حتي سأله:
_هل هناك جديد؟!!!
اومأ عمار قائلاً:
_اتصلوا ليخبروني بأننا سنتقابل في الغد و لم استطع التوصل إلى شيء ، لقد اتصلوا من هاتف عمومي ولم استطع تحديد أي شيء آخر ، لكن أنا متأكد أن أكرم الالفي خلف هذا الأمر لكنه للأسف مختفي تماماً هو و رجاله.
استمع حسين إليه ليسأله بعدها:
_الا يوجد اي خيط يوصلنا لذلك الرجل؟!!!
امتقع وجه عمار قبل ان يقول ساخراً:
_لا يوجد الا الحقيرة سوزان مساعدتي السابقة التي و للصدفة البحتة اختفت أيضاً
ثم فجأة التمعت عين عمار ليقول:
_رجالي توصلوا الي موقع الهاتف الذي اتصل منه رجل أكرم ، الهاتف في مكان يعج بالمحلات التجارية المرموقة و بالتأكيد لن نجد اكثر من كاميرات المراقبة هناك !!
اعجب حسين بمسار تفكير عمار ثم قال بعدها:
_حسام لديه الكثير من المعارف الذين يستطيعون مساعدتنا في ذلك الأمر ، أرسل إلي موقع الهاتف و انا سأجعله يحل الأمر فوراً دون أن يظهر أياً منا في الصورة.
اومأ له عمار ليقول بعدها بحزم:
_ انا سأقابلهم في الغد كما يريدون و سأفعل المستحيل حتي اعيدها سالمة...كن واثقا ً من هذا سيدي .
نظر له حسين بتفهم ليسأله بغتةً:
_لماذا توقفت فجأة عن السعي خلف رؤي عمار؟!!!...هل فقدت الامل في أن تقبل الزواج بك؟!!
نظر له عمار محرجاً ليقول بعدها محاولا الخروج من ذلك المأزق:
_ استمع الى جيدا ً سيد حسين...رؤى لطالما كانت اختي ولكن حدث أمراً ما في طفولتنا تستطيع أن تقول سوء تفاهم يخص عائلتي جعلني كارهاً لرؤى و عائلتها بالكامل و ارغب في الانتقام منهم ثم اكتشفت منذ فترة قصيرة أن كل ذلك كان مجرد وهم ، لا اتبرأ مما فعلت بل اعلم جيدا ً اني اذيتها كثيراً دون أن يكون لها ذنب في شيء ، كان غباء بحت مني ، لكن كما اخبرتك سأفعل المستحيل حتي اعيدها لكم ثم سأمضي بقية عمري إن تطلب الأمر سعياً لنيل غفرانها .
تطلع إليه حسين لأول مره مبتسماً و قد وصله صدق الرجل الذي يقف أمامه ، فهو يستطيع أن يعرف معدن من يقابله من اول مره لكن عمار علام استثناء !!!
لقد حكم علي شخصيته ضمن موقف معين ، لكن و للحق نادراً ما قابل رجلاً لا يخجل من الاعتراف بخطأة بل ويسعي لمحو ذلك الخطأ و تصحيحه !!!!
ترجم حسين أفكاره قائلاً باستحسان:
_ اقدر كثيراً اعترافك بخطئك
ليكمل بعدها مغتماً:
_فبعض الأشخاص يدركون الخطأ لكنهم يكابرون و يسعون نحوه بل و يتمادون فيه دون أي ذرة تفكير ، يعتقدون بكل غباء أنهم سيصلحون الكون و يسيرونه حسب رغباتهم.
لم يفهم عمار ما يعنيه السيد حسين لينفض الأمر عن رأسه و يغير الموضوع قائلاً:
_اريد منك شيئاً واحداً فقط سيدي
عاد حسين إليه باهتمام ليكمل عمار:
_ إن صادف و حدث لي شيئاً في الغد أريدك أن تخبرها بأني آسف على كل ما فعلت ، انا اعتذرت منها أكثر من مره لكن سيجدي الأمر نفعاً اكثر حين يأتي من قبلك فكما رأيت رؤى تقدرك كثيراً و ستستمع اليك .
تنهد حسين بقلق حاول إخفاءه ليربت على ذراع عمار قائلاً بدعم:
_لا تقلق لن اسمح بأن يصيبكما مكروه و ستنتهي من هذه المحنة بإذن الله.
.......................................
فتحت سحر باب المحل متجنبه كل النظرات التي تتطلع بها من معظم أصحاب المحلات المجاورة !!!
ما بين مشفق و فضولي و ساخر!!!
هكذا فكرت بكل سوداوية وهي تستعيد احداث الايام الماضية حين حاول الحقير عزت التكلم معها من جديد فرفضت بحزم و وجهت له اصعب الكلمات حتي يفقد الأمل منها و يتركها بحالها لكنها فوجئت في اليوم التالي بأنه أشاع في كل مكان أن سبب تركه لها هو عقمها الذي لا علاج له ظناً بأنه هكذا يغلق في وجهها جميع الأبواب و يضيع منها فرصة الزواج من جديد دون أن يدري انها لم تعد بحاجة إلى أي رجل في حياتها من الأساس فهو كفي ووفي بعد ما فعله معها و جعلها كارهه لكل صنف الرجال وكل ما له علاقة به!!!!
_السلام عليكم
نبهها صوت عبدالرحمن الذي غالباً كان واقفاً منذ عدة لحظات يشاهد شرودها الاحمق فقالت بهدوء أصبح لا يفارقها:
_ و عليكم السلام ورحمه الله وبركاته ، تفضل سيد عبد الرحمن كيف اساعدك؟!!!
توتر عبدالرحمن من طريقتها المباشرة فهو قد اتي ليطمئن عليها بعد ما عرف من أخته بما أشاع ذلك الحقير الذي كان زوجها ، لكنها بجفاف تعبيراتها الان تغلق عليه جميع المنافذ فقال متحججاً :
_ لقد جئت لأشتري حقيبة أخري تماثل التي أخذتها المرة السابقة
نظرت له سحر بهدوء ثم قالت:
_للأسف ، انتهت الكمية سيد عبد الرحمن لكن هناك أنواع أخرى هل ترغب بأخذ فكرة؟!!!
اومأ لها عبدالرحمن و قد أعطته الضوء الأخضر ليطيل معها وقفته أكثر ليقول بعدها مبتسماً:
_ لكن اريدها تشبه الأولي لأن آيات غارت كثيراً حين أحضرت لأختها و هي لا
ابتسمت سحر بمجاملة ثم التفتت لتبحث عن طلبه حين سمرها مكانها تماماً عندما قال:
_ انا اعلم ان كل ما يقال بحقك كذب و افتراء
التفتت له سحر و الغضب يلتمع في عينيها ثم أوشكت على الحديث ليقاطعها هو بحركة من يده ليكمل برفق:
_آيات اختي صديقة مقربة للغاية من اختك الصغيرة و قد استمعت مره الي حديثهن بغير قصد كانتا تتحدثن عنكِ !!!
ابتسم بحنان آلم قلبها ليكمل بعدها:
_ اختك كانت فخوره للغاية وهي تخبر آيات عن اخر تطورات حياتك و كيف بنيتِ نفسك من الصفر دون أن يكسرك ترك زوجك لك
شردت نظراته ليكمل بابتسامة حانيه:
_ وقتها تمنيت ان اتعرف على تلك المرأة التي تحوي بداخلها قوة عشرات الرجال ، امرأة لم تقبل أن تكون الحلقة الأضعف و صنعت لنفسها عالم تكون هي فيه سيدته و قوته ، ولن تتخيلي مدي تفاجئي حين رأيت سهام تجلس هنا معك في احدى الايام لأدرك أن المرأة التي تمنيت رؤيتها دائما ً كانت أمام ناظري دائما ً .
التمعت عينا سحر بالدموع ليكمل هو بقوه و حزم:
_لا اريدك ان تضعفِ الآن ، الا يكفي انكِ تعرفين نفسك جيدا ؟!!!، كما لو أن لا قدر الله كان ذلك الحديث حقيقة فهذا أمر لا دخل لأي شخص به ، نحن لا نملك من امرنا شيئاً في المرض كما أن الاولاد رزق بيد الله و ليس بيد شخص آخر.
تحررت دموعها اخيراً فيتمتم عبدالرحمن بصوت ابح:
_لا تبكي سحر ، فكرى في الأمر من جهة أخرى ... إن كنتِ اكملتِ معه حياتك كنتِ ستظلين تركضين خلف فتات اهتمام يلقيه إليكِ لا يسد به رمقك ، تأكدي من انني سأكون خلفك دائما ً اراقب نجاحك بفخر و ادعو الله ان يرزقني بكِ لأنني استحق كل خير يا كل الخير.
لم ينتظر عبدالرحمن ردة فعلها علي عرضه حيث قال و هو يتحرك مغادراً:
_ سأعود قريبا ً حتي أخذ الحقيبة الأخرى.... أراك ِ علي خير.
ثم غادر تاركاً إياها تبتلع قنبلته التي ألقاها فوق مسامعها منذ قليل لتنزل دموعها اكثر دون أن تعلم السبب!!!!!
هل هو الحزن؟!!!...ام الخوف المختلط بالقلق؟!!!
نظرت لأعلى هامسه باستجداء:
_فوضت امري اليك يا رب ...انت حسبي و قوتي.
....................................
أخيراً عاد إلى موطنه...لقد شعر أن الكون كله متواطئ ضده ، كان يريد أن يركب صاروخاً بدلاً من الطائرة حتي يصل إليها أسرع ....
لؤلؤته التي رغم علمه بأنها لن تسامحه علي فعلته الا بعد أن تعاقبه أشد العقاب إلا أنه لم يعد يفرق معه شيء غيرها ، سيتحمل كل شيء...كلماتها السامه التي هو واثق من أنها ستلقيها في وجهه فور أن تراه ، رفضها للحديث معه بعد أن هاتفها مجددا ً ليجد الهاتف مغلقاً ، حتي ابتعادها بروحها و نفيها لوجوده حولها الذي هو واثق من انه سيكون قناعها الجديد في مواجهته سيتصدى له حتي يهشمه نهائيا ً مهما كلفه الأمر!!!
ركب كريم احدي سيارات الأجرة محاولا ً ترتيب إجاباته علي حسب تخيلاته لردة فعلها حين تراه عائداً إليها بعد غياب بضعة ساعات فقط!!!!
ستتصرف ببرود وتجاهل سيقابلها باشتعال و اهتمام!!!
ستتصرف بغضب و نفور سيقابلها بهدوء و عشق!!!
ستبكي....سيعانق!!
سترفض.... سيصر!!!
ستضرب... اممممممم حسناً سيضرب ثم يراضي!!!
ابتسم كريم علي حماقة تفكيره ليتنهد قائلاً بلسان حاله:
"سأفعل اي شيء و كل شيء حتي استعيد ثقتك و حبك لؤلؤتي المتفردة"
واجه نفسه بأنها فعلاً متفردة مما يجعل توقع ردود أفعالها اصعب ، لكنه لن ييأس مهما تطرفت و مهما قالت ، رؤي له و هو لها ....نقطه و انتهي الأمر.
لا مجال للتراجع و لا لفكرة للفراق التي يعلم جيداً أنها تتلاعب برأس حبيبته الان لكنه كفيل بأن ينهي كل هذه الهواجس ليجعلها واثقة حد اليقين بتربعها فوق عرش قلبه بلا منازع .
بعد دقائق طويلة وصل كريم الي منزله مقرراً أنه سيبحث عنها هنا أولاً و إن لم يجدها سيذهب إليها في المستشفى حيث ستكون .
كان الليل قد خيم على المنزل ليدخل كريم معتقداً أن الجميع نائم ليجد غرفة مكتب أبيه مضيئة فيتحرك ناحيتها حتي يتراضى مع أبيه أولاً فرغم كل شيء هو أخطأ و تواقح ليقف مكانه حين رأى حسام يجلس في الداخل مجاوراً مهاب و يتبادلان الحديث مع.....عمار علام!!!!
لم يدري كريم أنه هتف بالاسم بصوت مرتفع لينظر إليه الجميع بينما نهض أبيه قائلاً بنبرة لمس فيها كريم السخرية و الألم:
_ و أخيراً وصلت!!!!
ليتأكد كريم وقتها أن كارثة قد وقعت !!!!!

نهاية الفصل الواحد والعشرون

قراءة ممتعة 🤗💙💙























بقعة ضوء للكاتبة "هاجر حليم" Where stories live. Discover now