🌺الفصل الثالث والعشرون والرابع والعشرون🌺

546 24 1
                                    


الفصل الثالث والعشرون:

فتحت مريم عيونها بتشوش تتطلع في الوجوه المحدقة فيها بقلق واضح لتسأل بينما تمسد ذراعها بوجع:
_ماذا حدث لي؟!!!
أجابها حسين الذي كان ينظر لها بغموض:
_لقد انخفض ضغط دمك و فقدتي وعيك منذ دقائق
تدخلت ساندي محاولة ً أن تصلح الموقف:
_ ربما لأنكِ لم تتناولِ شيئاً منذ الأمس!!!!!
تكلم حسين بعدها بنبرة اصابتها بالقلق:
_ هلا تتركوني معها قليلاً؟!!...مهاب خذ زوجتك و رؤى و انتظرني في الخارج من فضلك
اومأ مهاب متعجباً من تصرفات أبيه ليخرج الجميع من الغرفة فيجلس حسين مجاوراً مريم ثم مسد علي شعرها سائلاً بهدوء:
_ هل اصبحتِ افضل حبيبتي؟!!!
ابتسمت له مريم بتوتر لتهز بنعم فيقول ابيها بإقرار جعل رجفة قوية تحتل جسدها :
_الشخص الذي تحدثنا عنه من قبل هو عمار أليس كذلك؟!!!
شتت مريم نظرها برعب بعيداً عن وجه أبيها الهادئ بطريقة مخيفة ليرفع هو ذقنها ثم يسأل من جديد:
_هو يا مريم؟!!!....لا داعي للخوف فقد اخترقت همستك بإسمه أذني منذ لحظات
دمعت عيناها لتبرر بخوف:
_ ابي عمار ليس كما تظنون ، أنه شخــ.....
قاطع كلماتها صوت أبيها الحازم:
_ منذ متي و انتى تعرفيه؟!!!!
صمتت مريم لتهمس بعدها بحزن و قد أدركت أن أبيها رافضاً تماماً اى علاقة لها بعمار :
_ منذ بضعة أشهر
ثم استطردت بسرعة:
_ لم يكن يعلم أحدنا شيئاً عن هوية الآخر
رفع حسين حاجبه مستغربا ً ليسأل من جديد:
_ كيف هذا؟!!... كيف كنتما تتقابلان و انتما لا تعلمان شيئاً عن بعضكما؟!!!!
حاولت مريم أن تجمل الصورة فقالت:
_ اول مره تقابلنا كان في الشركة ولم يسأل أحدنا الآخر عن كنيته ، بعد ذلك تقابلنا اكثر من مره في النادي لأنه يهوى التنس مثلى
ضحك حسين مستهزئاً ليقول بعدها:
_ هل تريدين اقناعي أن عمار علام علي علاقة بفتاه لا يعلم كنيتها ؟!!!
هزت مريم رأسها نفياً لتكمل:
_ لقد تعرف بالصدفة علي هويتي لكنه خاف أن يخبرني بهويته فأحكم عليه دون أن اعطيه فرصة و أتركه
لوح حسين بكفه غاضبا ً ليكمل أسئلته:
_ و كيف تعرفتِ انتى عليه ، هل اتته لحظة شجاعة فأخبرك من يكون؟!!
اومأت مريم كاذبة ليقف حسين قائلاً بتمهل:
_ ألهذا كنتِ تبكين في ذلك اليوم ؟!!!... لأنه لم يخبرك من قبل ام لأنكِ عرفتِ من يكون؟!!
أكملت مريم كذبتها فيما تقول:
_ لأنه لم يخبرني قبلاً....لقد كان يعتقد انك اخبرتني عنه و عن وضعه القديم مع رؤي لهذا تجنب دائما ً اى حديث عن عائلته.
استغفر حسين بصوت عالي ليقول بعدها حانقاً:
_ ماذا افعل بكم؟!!!....أحدكم يركض خلف منحلة و الأخرى تذهب و تحب اكثر شخص يعادي أخيها!!!
هتفت مريم و قد زادت حدة بكائها:
_ و لم سيعاديه؟!!!!... لقد ابتعد عمار تماماً عن طريق رؤى ، كما أنني متأكدة من أنه لم يحبها يوماً....لقد اخبرني بكل شيء ، اخبرني عن وضع عائلته التي رفضت رؤى أن توضحه لك في ذلك اليوم.
اقترب حسين منها محاولاً اقناعها:
_ يا ابنتي افهمِ ...عمار ليس مأمون الجانب ، غضبه دائما ً يعميه...أجل انتهت قصته مع رؤى و اعتذر منها لكنه أحمق لا يري حقيقة ما يفعله حين يفقد أعصابه.
نشجت مريم فيما تهتف بتقطع:
_ لكن أنا أحبه أبي و.... هو أيضا ً يحبني
مسح حسين علي وجهه بعصبية ليقول بعدها:
_ فليخرج أولاً من جراحته بعدها سنري حكايتك انتى الأخرى
ثم خرج صافقاً الباب خلفه ليسأل كريم الذي انضم إليهم مؤخراً عن وضع عمار :
_ لا يزال في غرفة العمليات ولا يوجد خبر
اومأ حسين ليلوح بعدها بكفه دون أن يغادره الحنق:
_ اذاً هيا ننتظر في الاعلى
ثم نظر إلى مهاب قائلاً:
_ خذ زوجتك واختك و عد الي المنزل مهاب لا نريد أن نزحم المكان
ثم نظر إلى رؤى المتعجبة من غضبه:
_وانتى أيضاً ابنتي...هيا الي المنزل ، يكفيكِ ما رأيتِ للأن.
جاءه الرفض من رؤى ومريم التي خرجت من الغرفة في صوت واحد:
_ انا لن ارحل
ثم نظرت الفتاتان لبعضهن لتقول رؤي وقد وضحت الصورة أمامها أخيراً:
_ سأظل هنا عمي حتي يخرج من الجراحة و بعدها سأعود
لتهتف مريم بطفولية:
_ وانا لا اريد الرحيل!!!!!
سأل مهاب مستغربا ً:
_ ما الذي يحدث معكن بالضبط؟!!!.... لما كل هذه اللهفة في البقاء؟!!!
اجابته رؤى بصوت هادئ للغاية:
_ لا لهفه ولا شيء ، لكن عمار هو من انقذني في النهاية و تلقي الرصاصة بدلاً من كريم ، اقل شيء يجب أن أفعله هو أن اظل هنا حتي نطمأن عليه
نظر مهاب لمريم سائلاً:
_ و انتى؟!!!!
اجابته رؤى :
_ انا أريدها بجواري إن كانت لا تمانع
تكلم كريم حانقاً من تصرفاتها:
_ انا هنا لا داعي لبقاء مريم
رأت رؤى التوسل في عين مريم لترد علي كريم بقوه مماثلة:
_ انا اريد مريم
_لكن انا سأظل أيضاً
هتف بها كريم ناظراً لرؤى بتحدي اضحك مهاب ليأتي رد رؤى بارداً:
_ وهل طلبت منك الرحيل؟!!!....انت حر
التفتت رؤى لتلمح نظرات حسين العاتبة!!!!!!
هل يظن أنها كانت تعلم بالأمر من قبل؟!!!!
قالت رؤى موجهه كلامها لحسين:
_ أبي انا اريد ان اخبرك بشيء.....
_فيما بعد رؤى.... سنتحدث عن ما تريدين فيما بعد
تركهم حسين و صعد للأعلى حيث منطقة الانتظار بينما غادر مهاب بصحبة ساندي لتتحرك مريم بجوار رؤى فيما تسأل بهمس:
_ هل هو بخير؟!!!!
لكزتها رؤى بخفه لتنبهها لوجود كريم الذي كان يبدو علي حافة الانفجار بسبب تجاهل رؤى التام و ينتظر فقط انفراده بها حتي يعلمها أن لا مفر لها منه.
بعد انتظار طويل خرج الطبيب لتسأله مريم بلهفة أثارت استغراب كريم:
_ كيف حاله؟!!!....هل هو بخير؟!!!
تكلم الطبيب بمهنية شديدة شارحاً الوضع:
_ الرصاصة التي تلقاها المريض سببت تضرر شديد في كليته مما اضطرنا في النهاية الي استئصالها
لم تفهم مريم منه شيئاً لتسأل بتلهف وخوف:
_ يعني سيعيش؟!!!
ارتفع حاجبي الطبيب مستغربا ً مدي جهلها ليجيب بصبر:
_ بالتأكيد انستي ...الكثير من الأشخاص يعيشون بكليه واحده بل والبعض يولد هكذا أيضاً
_ متي سنراه؟!!!
سألت رؤى بهدوء فيما تحاول تشتيت انتباههم عن تصرفات مريم الملحوظة ليجيبها الطبيب قبل أن يرحل:
_ ليس الان إطلاقا ً ...لقد نزف الكثير من الدماء وهو بحاجة إلى الراحة التامة حتي يسترد عافيته من جديد.
تحررت دموع مريم بسخاء لتغمض رؤى عينيها وقد لفتت نظر كريم و انتهي الأمر ليسأل بعدها بنبرة حادة:
_ ما حكايتك اليوم مريم؟!!!...لماذا كل هذا الانهيار علي عمار؟!!....من اين تعرفينه انتى؟؟!!
لم تجيبه مريم ليس خوفاً منه بل لأنها لم تسمعه من الأساس وسط نشيجها الحاد ليمسك كريم مرفقها معيداً تساؤلاته من جديد دون أن يشفق علي حالها لتنهره رؤى بعصبية:
_ ماذا تفعل انت؟!!!...اتركها ، هل هذا وقته؟!!!
_ انتظري انتى رؤى ولا تتدخلِ في هذا الأمر
ذكرتها جملته بما فعل معها لتهتف فيه بصوت مرتفع بينما تسحب مرفق مريم من بين يديه بحده:
_ انت الذي لن يتدخل في هذا الأمر...هذا ليس شأنك انت
قاطعهم صوت حسين الحازم:
_ اصمتوا جميعاً يا اما ترحلون من هنا ، أجلوا شجاركم قليلاً حتي نعود إلى المنزل
رفعت مريم عينيها الدامعتين تناظر أبيها ليشيح بوجهه عنها فاقتربت منه تحاول التحدث ليقاطعها بضغط واضح:
_ ليس الان مريم....دعينا نطمأن علي عمار أولاً ، فهو في النهاية انقذ حياة اخيكِ و زوجته وبعد ذلك سنتفاهم في ذلك الامر .
بعد عدة ساعات كان عمار قد نُقل الي غرفة الرعاية بينما كانت مريم تحدق فيه من خلف زجاج الغرفة غير آبهه لكريم الذي يبدو علي حافة أعصابه خاصةً مع تصرفات رؤى الباردة تجاهه و أبيها الذي كان يلتزم الصمت بطريقة كانت لتخيفها في اي وضع اخر لكنها الآن لا يفرق معها سوي حبيبها الذي يرقد بين كل تلك الأسلاك ويبدو بكل هذا الضعف!!!
لم تتخيل يوماً أن تري عمار هكذا!!!... لطالما كانت صورته في خيالها قوية و مؤثره وهي لا تريد أن تتأثر هذه الصورة أبداً .
همست له و كأنه يسمعها
" فقط عد لي من جديد ولن اسمح لمخلوق ولا حتي انت بتفريقنا من جديد ولو للحظة واحدة "
تكلم حسين بعد لحظات:
_ لقد غابت الشمس منذ عدة ساعات ، اعتقد ان الامر سيطول ، عودوا انتم الي المنزل وانا سأظل معه الليلة
تكلم كريم محاولاً الاعتراض ليوقفه صوت حسين الصارم كما لم يكن قبلاً:
_ لا اريد مناقشة....انتم الثلاثة الي المنزل حالاً
نظرا إلي بعضهما لتقول مريم برجاء:
_ ابي دعني ابقي معك قليلاً
هتف حسين بعصبية وقد فاض به من أولاده:
_ قلت الي المنزل ، لا أريد سماع كلمة واحدة من اي احد منكم ...هيا
طأطأت مريم رأسها بحزن لتلقي نظره اخيره علي عمار لتهتف بعدها بسرعه:
_ أنه يفتح عينيه ابي ....لقد بدأ يفيق
بدأت الأجهزة الطبية المحيطة به في إصدار أصواتها الثقيلة على قلب مريم ليحضر بعدها فريق العناية فيقوموا بفحص عمار امام نظرات الجميع القلقة ليخرج الطبيب قائلاً:
_ لقد بدأ يعود لوعيه لكن من الأفضل أن تغادروا الان لأن الزيارة ممنوعه حتي استقرار الحالة بشكل كامل ، من الممكن أن يكون هذا في الغد إن شاء الله
سألت مريم بترقب:
_ هل سيكون بخير في الغد؟!!!
تنهد حسين بغضب واضح مما يحدث وقد بدأ موقف مريم يضغط عليه حقاً ليقول بغضب مكتوم:
_ لقد سمعتِ الطبيب يقول أن حالته بدأت تستقر ، هلا تتوقفين عن طرح الأسئلة قليلاً؟!!!
اجاب الطبيب قبل أن يغادرهم من جديد:
_ كل شيء بأمر الله ، لقد جلبته الاسعاف بسرعة قياسية لذلك تمكنا من حل الأمر قبل أن يتضرر اكثر من النزيف كما أن بنيته الرياضية ساعدتنا كثيرا ً.... الحمد لله على سلامته.
بعد مغادرة الطبيب كرر حسين أمره من جديد:
_ الي المنزل الان ...هيا
لم تستطع مريم الجدال اكثر أمام نظرات أبيها المحذرة و غضب كريم الذي بالتأكيد سيبتلعها فور عودتهم للمنزل ليرحلوا جميعاً تاركين حسين ورائهم يحدق فيهم بهم واضح ، ليقف بعدها مكان مريم محدقاً في جسد عمار الراقد ثم يقول:
_ هل انتهت فتيات الارض لتغرم بأبنتي و تعلقها بك ؟!!!!... أنقذت حياة ابني و تلعب علي ابنتي في نفس الوقت !!!!
تنهد حسين ليردف بعدها:
_ لكن لا بأس غداً سنتحاسب علي كل شيء ..

بقعة ضوء للكاتبة "هاجر حليم" Donde viven las historias. Descúbrelo ahora