الفصل الثامن (الخيانة)

279 28 60
                                    

الفصل الثامن/
الخيانة سم بطئ المفعول فاذا غرس سكين في قلبك قد تموت وقتيا إنما شعور الخداع والغدر يقضي عليك بالبطيء.
هُناك ما يحيرني أيثور الإنسان الذي تعرض للخيانة لكرامته المهدورة أم لقلبه الجريح .
( كنت أعيش سنوات حياتي مُستسلمة لما أٓمر به دون المجازفة ، وفي حين أنّي قررت لأول مرة المجازفة من أجل شيء ، من أجل ما أحلم به منذ صغري ، إكتشفت أنني مُخطأة ،فأنا لم أجازف بالشيء الهين وإنما جازفت بنبيل بأغلى ما قد إمتلكته يوما ، أغمضت عيناي ووثقت بقلبي ولكنه خان تلك الثقة ، والغريب أني لم ألمه يوماً على تلك الخيانة ، فأنا خنته قبلا عندما سمحت لنفسي بالإنزلاق والبعد عنه ، نبيل وأه منه ومن عشقه الذي توغل وتحكم بكل عصب بي وكأن الروح معلقة به ، هل تعلمون أنا أحببتكم دائما لأنكم قطعة منه ، ألم يقولوا أن عشق الأم لأبنائها منفرداً ومختلفا عن أي حب آخر والحال أني أحببتكم لأنكم منه هو ، إثنيكم أبناؤهم من دمائه هو يا الله كم عشقت حنانك الذي ورثته منه يا عبدالرحمن ، كم كنت أظل ليالٍ طوال لا أنام فقط أنظر لوجهك فقوة الشبه بينكم تعتبر معجزة من الله ، ولكن يُقال إتقي شر الحليم إذا غضب ، وبقدر حنانه وهدوءه وقوة إحتوائه لي ، كان قدر عقابه حينما أعماه غضبه ولكني أقر أن لديه الحق فيما فعل بي وإن كنت شعرت بخيانته عندما لم يسأل قلبه ويرى ما في قلبي )
صباح يوم جديد يحمل معه الكثير والكثير  من مفترقات الطرق.
إرتدت زهرة ملابسها وكانت في طريقها للهبوط لأسفل عندما مرت بحجرة مني فإستمعت لصوت بكاؤها ترددت في  البداية ، فهي تعلم أنها من الأشخاص الذين يحاولون بمثابرة أن يشعروها بنفورهم ولكنها إستجمعت قواها وطرقت الباب ودلفت .
رفعت مني رأسها لتجد زهرة امامها لتردف بحده :
_بتعملي إيه هنا ؟..إطلعي بره وسيبيني لوحدي .
تلجلجت زهرة قليلاً قبل أن تغلق الباب وتردف ناظرة لعيناها:
‏  ‏_ لو انت فعلا عاوزة تبقي لوحدك هطلع بس انت محتاجة حد تكلميه  ويسمعك .
‏_وانتي بقى عرفتي منين؟!
قالتها بسخرية لاذعة لتبتسم زهرة بهدوء مستكملة :
‏_ عشان انا لما ببكي بكون وحيدة مجروحة وخايفة، بكون محتاجة حد جمبي ياخدني في حضنه يطمني ومع ذلك ببعد  الكل من  حواليا.
أبعدت ناظرها في الإتجاه الآخر وأردفت بصوت خفيض:
‏_ ده انتي مش انا ...انا ما فيش حد يقدر  يوجعني أو حاجة تجرحني.
بادرت زهرة وجلست فوق الفراش ولكن بعيدة عنها بمسافة كافية وتحدثت :
‏_ انا وانتي أضعف من الصور القوية المزيفة إل بنظهرها للناس علشان نبعد اللي بيحبونا عنا .
ترددت في الحديث ولكنها حسمت أمرها وتساءلت :
‏ _اللي بيحبونا !!عاوزة تفهميني انك بتحبيني ؟!!
_ ‏طبعا انتي حتة من نبيل .
تعجبت من ردها السريع الموثوق وتساءلت بدهشة حقيقية :
_للدرجة دي بتحبيه !!؟
ابتسمت  زهرة بحالمية ليشع نور  عشقه من عينيها وأجابتها:
_طبعا بحبه.. انا بعشقه ،تعرفي نبيل عندي بالدنيا، حنانه وطيبة قلبه تكفيني أعيش عمري كله بأمان ، نبيل هو نور الشمس في حياتي .
نظرت لها منى بتردد وأردفت:
_بعد إلى سمعته ده افتكر انك هتفهميني .
نظرت لها زهره بشك وتساؤل لتقص عليها مني ما يشغل عقلها ويحتل قلبها بتوتر وارتباك .
في الطابق الأعلى /
فتحت نبيله باب حجره حمدي ووقفت تنظر  بمراقبه وما إن رأت نبيل  يخرج من حجرته حتى اشارت لحمدي  فإبتدءا خطتهم للتفرقه بين زهره ونبيل.
كان متوجها لأسفل عندما سمع صوت اخيه مرتفع ويبدو انه يتجادل مع احد اقترب اكثر ليتصنم  مكانه يستمع لما سيغير مجرى حياته .
_انت بتقولي ايه ياما نبيل لازم يعرف مش لازم يفضل مضحوك عليه كده .
ارتفع صوت حمدي قاصداً أن يسمعه نبيل وقد كان ، نظر لوالدته لتفهم الإشارة وتبدأ بالكذب في إستمالته قائلا:
_يا ابني مقدرش مش هيصدقني بسبب اللي حصل قبل كده وكمان هينصدم والله اعلم الصدمة ممكن تعمل في ايه ؟
سخر حمدي وأردف بعنف:
_ده بدل ما تروحي تقوليله ويعرف انك خايفه عليه وان طريقته معاك بسبب واحده زي دي اكبر غلط بيعمله .
أردفت بلؤم:
_بيحبها يا ولدي.
إبتسم حمدي لها ثم تحدث بجدية :
_مخدوع فيها يا أما ....لازم يفوق.
إقتربت من الباب وأردفت بحسرة كاذبة :
_عاوزني أقوله إيه ؟! مراتك بتخونك لأ ومع مين مع أخوك ...
مراتك بتخونك ....مراتك بتخونك ..  مع أخوك ..خاينة..خاينة.
كان صدي كلماتهم تدوي بعقله ليدفع الباب بصدمة لتشهق نبيلة بفزع مصطنع وهي تضع يدها علي ثغرها ،بينما حمدي أولاه ظهره ،إقترب منهم بخطوات مشتتة فخرج صوته مريرا:
_ب..ت..إيه..بتقولوا..إيه....إل. سمعتوا...؟!!
_ما...ماقولناش حاجة.
قالتها نبيلة بإرتباك مصطنع ليصرخ حمدي لإكمال سلسلة خطتهم الدنيئة بزرع الشك بداخله:
_لأ قولنا..  وطالما واقف تسأل يبقي سمعت .
نهرته نبيلة بعنف:
_إسكت يا حمدي إسكت .
إبتعد عنها ووقف قبالة نبيل قائلا:
_لأ مش هسكت...مش هسكت وأنا شايف شرف أخويا بيتمرمغ في الطين قدام عيونا ،لازم يفوق ويعرف الحية إلى شيلها إسمه بتعمل إيه من وراه .
أبعدته ووقفت هي تجذب ذراع نبيل قائلة بهسيس:
_مش هي السبب ..إنت بتحبها يا نبيل ،سامحها يابني ،هي إنضحك عليها ،العيب علي إلى غواها .
ظل يهز رأسه رافضا بعنف ونهرهم بقوة :
_إنضحك عليها ...غواها...أنا مش قادر أستوعب ...إنتوا أكيد بتهزروا ...بتقولي كده علشان بتكرهيها صح ؟..إنتي مش عاوزاها في حياتنا فبتتبلي عليها ،خلاص أنا هاخدها وأمشي من هنا ،مش هتشوفيها تاني ..بس..بس بلاش ...بلاش تقولي كلام زي ده .
نظرت نبيلة نحو حمدي وأردفت بتأكيد :
_شوفت..شوفت أخوك يا حمدي ..أهو ده إلى قولتلك عليه ،مش هيصدق وهيقول إننا بنتبلي عليها .
وقف ثابتاً وبقوة ثعلبية أضاف:
_يبقي نثبتله.
إبتعد عنهم قليلا عاقدا حاجبيه بقوة وأردف بعنف:
_تثبتولي إيه ؟!!مستحيل ،أنا مقبلش تقولوا كده ،ومسمحش لحد يجيب سيرتها بالعاطل .
إستهزقت نبيلة به وتساءلت بخبث:
_أومال تفسر بإيه إنها مبتاكلش غير ما بيجي وتطمن عليه .
مسح على وجهه بقوة قائلا:
_إنتي..إنتي بتقولي إيه يا أما ...مستحيل .
إقترب حمدي منه وأمسك يده يحثه على الجلوس فوق الأريكة ولكنه رفض فأحثته أمه بعينيها ليكمل ليومأ لها   وأضاف :
_إحنا عاوزين إيه غير صالحك،إنت أخويا إبن أمي وأبويا ومش سهل أقولك إني شوفتهم مع بعض بعينيا دول ،وخفت من الفضيحة وإلا كنت عرتهم قدام الكل وبينت الحقيقة .
لم تحمله قدماه ليجلس فوق أقرب مقعد يشعر بالتيه،ربما لونظر في أوجههم لرأي نظرة الخبث وإبتسامة تشفي ولكنه كان هائم علي وجهه ،يشعر بقلبه يتمزق فقد إحتله الشك ...الشك وياله من خنجر يصيب الإنسان في مقتل .
تقدمت نبيلة منه لتردف بنبرة آسف مصطنعة:
_معلهش يا حبيبي أنا عارفة إن الصدمة كبيرة عليك بس لازم تفوق،ده شرفك ،متخليش واحدة زي دي تمرمرطه في الوحل ..
برزت عروق يده وعنقه بشكل مخيف ليسترسل بجفاء بعدما أهداه تفكيره لطريقة يثبت بها براءتها:
_هقولها إني مسافر إنهاردة ،ولو زي ما إنتوا بتقولوا لوا طلعت....
لم يستطع نطقها ليغمض عينيه بألم حاول مداراته .
ليرد أخيه سريعا:
_هنثبتلك...هي إلى هتثبتلك خيانتها .
ربتت والدته على ظهره وأضافت :
_وساعتها يابني تطلعها من حياتك.
لم يجاوبهم...تركهم وذهب مشتت العقل والروح .
(بعد خروجه)
ضحك حمدي بصخب وتساءل :
_إيه رأيك في إبنك بقي؟
نظرت له بسخط مردفة:
_يا منيل قولتله هي إلى هتثبتلك هنعملها إزاي دي ؟؟
إبتسم بخبث وأردف:
_سهلة سيبيها عليا.
عقدت حاجبيها وتساءلت بشك:
_هو إنت صحيح شوفتهم مع بعض؟
إبتسم قائلا'
_ لأ دي كدبة صغيرة علشان أشعلل ناره .
أومأت له معبرة عن إستحسانها قائلة :
_جدع ياولاه.
إقترب منها أكثر وأضاف:
_بس زي ما إتفقنا هتبقي ليا.
نظرت له بسخط وتمتمت بعدم رضا :
_ماشي يا خويا أنا عارفة فيها إيه حلو .
(بالأسفل)
رأته ينظر لها بشرود وضياع ،نظرات أخافتها بل أرعبتها فأول مرة تراه بهذا شكل .
وضعت يدها فوق كفه وتساءلت :
_مالك يا نبيل ؟!بقالك شوية واقف كده ؟
أجابها بجمود:
_أنا مسافر القاهرة دلوقتي.
جزعت من جديته ولكنها أكملت حديثها:
_ليه؟ ياعني ضروري؟
أبعد عيناه عنها وإجاب :
_في ورق ضروري علشان كليتك هروح أخلصه.
إبتسمت بحب وأردفت :
_ربنا يخليك ليا ،بس أنا كنت محتاجاك في موضوع مهم.
أعاد عيناه يناظرها مرة أخرى وتساءل:
_موضوع إيه؟مينفعش يتأجل ؟
أمسكت ذراعه وأردفت مبتسمة :
_خلاص يا حبيبي أأجله بس عاوزاك تعرف إني بحبك أوي وأتمني نفضل مع بعض العمر كله .
ناظرها بهدوء جاف وتساءل:
_بتحبيني يا زهرة ؟
تعجبت من سؤاله لتردف بحب:
_إنت بتسأل؟!! أنا عمري ما عرفت الحب والحنان غير بوجودك في حياتي،إنت كل حاجة ليا ، أنا من غيرك ولا حاجة ، كفاية عليا أشوفك علشان يبقى يومي ليه قيمة .
يعترف إن لم يكن الشك كان حملها ودار بها وحلق معها بسعادة ولكنه تماسك وإسترسل بجفاء:
_هتعملي إيه دلوقتي؟
توترت من جفائه ولكنها أجابته بما تنوي :
_ هروح الأرض لبابا الحج .
نظر لها بغموض وأردف بجمود قبل أن يرحل من أمامها تاركا إياها ذاهلة من هيئته الغامضة:
_ماشي.
عذرا يا أيتها الأنثى فالرجل إذا نبت الشك بداخله أصبح أكثر المخلوقات غموضا وغضبا.
رحلت زهرة إلي وجهتها غير عابئة لأجراس الخوف والقلق بعقلها ،فربما لو علمت المجهول لمنعته من الذهاب وإعترفت له.
كان الحاج عبد الرحمن يباشر الأعمال وما إن نظرها حتي ذهب للمقعد الخشبي الذي إعتادوا الجلوس عليه سويا ،نظر في ساعة يده ليجدها مبادرة عن الميعاد المعتاد ، فتساءل بمجرد أن جلست بجانبه :
_جاية بدري إنهاردة !!
تلعثمت قليلا ولكنها أردفت :
_زعلان إني هقعد معاك أكتر .
إبتسم برضا وأردف :
_ طب قولي إلى عندك .
زُلت حقا منه فناظرته بصدمة وتساءلت :
_إيه ده ؟عرفت إزاي!!
إبتسم وربت على كف يدها بحنان :
_من عنيكي ،تعرفي أنا بعتبرك زي بناتي يمكن حبيتك أكتر منهم وبقيت أحس بيكي من غير ما تتكلمي .
نظرت له زهرة بإعتزاز وتحدثت بصدق:
_ربنا إل يعلم أنا بعتبرك إيه وبخاف من خسارتك إزاي؟
أومأ بتفهم وأردف مطمئن إياها :
_متخافيش يابنتي ..عمري ما هسيبك وهفضل طول عمري واقف معاكي وف ضهرك .
ظهرت الراحة على وجهها وناظرته بإمتنان قائلة :
_ربنا يباركلي في عمرك يا بابا .
نظر أمامه يتابع العمال وتساءل:
_طب قولي بقي عاوزة تقولي إيه ؟ولا يكون نبيل مزعلك ؟
وعلى ذكر إسمه إبتسمت بحالمية قائلة :
_نبيل...هو في زي نبيل.
ضحك بمرح وسعادة لتلك المشاعر الجميلة التي لا تخفيها وشاكسها قائلا :
_الله...الله...طب قولي بقي إلى شاغل عقلك .
توترت ولكنها استجمعت نفسها وأجابته :
_إحم..هو بصراحة.
قاطع تمتمتها مشجعاً إياها لتستجيب له عندما حثها قائلا:
_ما تتكلمي عالطول يابنتي.
_الموضوع بخصوص مني .
الثقة هي ساقية  الحب،فالمشاعر التي تتغذي علي الثقة والتفاهم والإحترام تنبت علاقة قوية لا يتخللها أحد ، وإن حدث شرخ بها يجب مداواته سريعة والمداواه لا تأتي سوى بالمواجهة ووضع النقاط على الحروف وليست بالمخادعة .
جاء الليل سريعا ليحمل بين عتمته إفتراق الطرقات .
كانت بحجرتها تعتصر خوفها من صوت الرعد ،تحاول صب إهتمامها علي هذه الليلة المميزة بحياتهم الزوجية .
اليوم ستبوح له بكل شيء ...الليلة ستخطوا في بداية تشكيل أسرتهم ..ولكن..الليلة لن تمر كيفما تخطط...ولكنها لا تعلم....
واقفة أمام مرآتها  تتأكد من تصفيفة شعرها ،تشاهد بعيون خجلة إنعكاس صورتها بذلك القميص الحريري لتمد يدها للمأزر وترتديه فوقه وهي تنظر لنفسها نظرة ثقة.
تفاجأت بمحاولات لفتح الباب لتندفع سريعا وتفتحه ظنا منها بأن نبيل قد عاد ولكنها صدمت حينما رأت حمدي أمامها.
حاولت غلق الباب ولكن إرتباكها من كلماته الهامسة ونظراته وقوة دفعه أفشلها ،فإستطاع أن يدفع الباب ليسقطها أرضا وأغلق الباب خلفه .
نظرات الرعب والخوف تقابلها نظرات رغبة محرمة شل لسانها حاولت الصراخ ولكن لم يخرج صوتها .
يا الله كيف لأخ أن يغتال شرف أخيه ؟
إقترب منها وهي تزحف للخلف وتحاول مداراة جسدها بأن لا ينكشف بأكبر قدر ..ولكن كيف بيدها الصغيرة أن تضم سائر جسدها .
إستطاع صوتها التحرر أخيرا لتقول بصوت مهزوز:
_إنت...إنت. عاوز إيه؟
أجابها بنظرة خبيثة :
_عاوزك...عاوزك يا قشطة ،إنتي خسارة في نبيل وأنا هبسطك أوي فوافقي بمزاجك بدل ....
إرتجف جسدها لتصبح إرتجافته علي مرءالأعين،شعرت بالغثيان ،أرادت من كل قلبها أن تستسلم لتلك الغيمة التي تجذبها ولكن عقلها إنتفض وحثها علي إستكمال مقاومتها وعدم الإستسلام ...
وجدت نفسها تنهض واندفعت نحو الباب ولكنه أمسك معصميها وظل يهزها بعنف وهو يتوعد بشيطانية :
_راحة فين...؟ أنا مش هسيبك غير لما تبقي ليا وأنا كنت ذوق معاكي وعاوزك برضاكي بس طالما عاوزة العنف ...
أنهي جملته وألقاها بقوة لتسقط فوق الفراش وقبل أن تتمكن من الصراخ كمم فمها بيده .
ظلت تعافر وتقاوم إلي أن إستطاعت إبعاده بفعل ركلتها له أسفل بطنه ليصرخ متألما..
إستغلت هي هذا البعد لتندفع خارج الحجرة ،أرادت الهبوط لأسفل ولكن ملابسها تمنعها لتجد نفسها تدلف حجرة وليد ...
إنتفض إثر دخولها المفاجئ المزري بهذا الشكل  فهي كانت تبكي..بالإضافة هذه أول مرة يراها ترتدي هذه الملابس ..
ذهب سريعا نحوها  لترتمي بأحضانه تتشبث به بقوة بينما هو أحاطها بقلق وحنان وتساءل بخوف :
_مالك يا زهرة ؟!
لم ترد ..فقط صوت شهقاتها يعلو أكثر وأكثر ليشدد من إحتضانها ويردف بحنان:
_في إيه يا حبيبتي؟متقلقنيش عليكي ؟
لم تعلم ماذا تقص عليه؟ فهي بالطبع لن تستطع إعلامه بحقيقة الأمر ،تخجل ..تخاف ...تخشي رد فعله .
حاولت التنفس ببطيء وأجابته بتوتر :
_مافيش ..أصل...أصل بخاف من صوت الرعد ... لم يقتنع ولكنه أظهر العكس ليقول بمرح :
_قولي بقي إنك طمعانة ف حضني علشان نبيل مش موجود.
تذكرت نبيل لتبتعد عن أحضانه وتسترسل بصدق:
_عمري ما إطمنت غير في حضنه .
إبتسم برضا وتحدث :
_ ربنا يخليكوا لبعض ، تعالي بقي في حضني الليلة لغاية ما يجيلك بالسلامة .
إنصاعت له وتشبثت بأحضانه حتي غطت في سبات عميق ..ولا تعلم ما كتب لها ،وأن تلك الليلة ستحفر بذهنها أبد العمر.
(آذان الفجر)
إستمعت للآذان فقامت وطبعت قبلة فوق جبين وليد قبل أن ترحل من الحجرة لحجرتها فبالتأكيد حمدي قد رحل الآن .
فتحت الباب وما إن دلفت جُذبت من شعرها وما إن رفعت رأسها مصدومة حتي إنهالت فوقها الصفعات والركلات وعلا صوت صراخها .
عام ٢٠١٨ /
أغلق الأخوين الدفتر بيدهم مع شعورهم بأشعة الشمس تشع من النافذة .
أصابهم حالة الجمود الحزين ووقف كل منهم صامتا وتوجهوا لحجراتهم كانوا يتحركوا بآلية دون النطق بحرف واحد  وتجهزوا للذهاب إلي المشفى.
(في المشفى ) 
لم يستطع عبدالرحمن التركيز ولو قليلا علي عمله فعقله مشغول علي أخته  فإن كان هو رٓجل  ولم يحتمل ما قرأ ،كيف يكون شعورها هي ؟؟  في الطريق حاول معها لتتحدث وتخرج مافي جبعتها ولكنها رفضت ولازمت الصمت بعد أن أخبرته بأنها بخير .
لم يستطع تركها لوحدة روحها فقرر الذهاب لحجرة مكتبها.
أثناء ذلك اصطدم بأحدهم وقبل أن يرفع عينيه سمع صوت أنثوي يعتذر منه .
_أنا آسفة ...مأخدتش بالي .
هاله سحر عينيها الزرقاء فأصاب أنفاسه بالإرتباك ، لتسأله بتردد :
_حضرتك كويس ؟
فاق علي سؤالها فيبدو أنه شرد ليومأ لها ويعتذر:
_إحم ...أنا إل آسف يظهر كنت سرحان ومنتبهتش .
أردفت بهدوء:
_ولا يهمك ....ممكن حضرتك تقولي فين مكتب الدكتورة حور ؟
كان يحاول أن لا ينظر لها ، فوجهها مألوفاً لدرجة كبيرة، عيناها وإن كان رأها مرة واحدة بنظرة خاطفة فقد خطفته ، حاول أن يجلي صوته وتحدث بإتزان:
_طبعا...أنا كنت رايح هناك، إتفضلي أشار لها فأتاح لها الوقت لتتعمق في النظر إليه فليست الوحيدة من تمتلك تلك  العيون .. عيون الذئب ، ولكن لنكن صريحين بعض الشئ ليست العيون فقط من جمعتهم ، فمن الواضح أن أرواحهم تلاقت.
دلفوا سويا للداخل فوجد حور ممسكة بسلسالها الذهبي فعلم أنها تنظر لصورة أربعتهم فتنحنح ليجلي صوته ويلفت إنتباهها:
_إحم  دكتورة حور الأستاذة كانت بتسأل عنك.
نظرت لهم حور وما إن وقعت عيناها علي تلك الشابة حتي ظهرت علي وجهها علامات الصدمة فمن يراها يظنها هي توأم عبدالرحمن .
شعرت سلمي بالحرج لعدم حديثها لتردف بتوتر:
_إحم ...أنا آسفة لو كنت جيت لحضرتك من غير ميعاد ،ولو مش فاضية ممكن أرجع في وقت تاني .
_إبتسمت حور بلطافة لتلك الفتاة الرقيقة ووقفت وإتجهت إليها وصافحتها بود وإسترسلت :
_لا أبدأ يا جميل تقدري تيجي في أي وقت ،ها ...خير ؟
بادلتها حور الإبتسام وتساءلت:
_كنت عاوزة أسأل حضرتك عن حالة أدهم الدمنهوري ؟
_ممكن أعرف بصفتك إيه؟
قالها عبدالرحمن بتسرع وبطريقة أدهشت حور وأخجلت سلمي التي أجابته سريعاً:
_خطيبته .
لا تعلم لما صرحت بهذا فهي لطالما رفضت هذه العلاقة كما أن أدهم يعتبرها شقيقته ، ولكن شيء جنوني داخلها دفعها لقولها لتري رد فعله وتقبله للأمر ..ولكن لما ؟!
أمرك غريب أيتها الأنثى القابعة بداخلي أتريدين إشعار رجل الذئب هذا بالغيرة ؟!!
الغيرة ولم تريه سوي منذ دقائق ؟
لما فرحت لسؤاله المتلهف للإجابة ؟
لما حزنت لغضبه الآن ؟
هل قلت حزنت ؟!!
إمم كم أنا كاذبة ؟
قاطعت حور سيل تلك النظرات قائلة :
_تعالي معايا .
ذهبت مع حور لحجرة أدهم لرؤيته وما إن إستطلعت الرؤية وسقطت عينها علي أدهم النائم فوق الفراش مقيد بما يسمي بالكلبشات حتي شهقت ووضعت يديها علي ثغرها بفزع ونظرت إلي حور بصدمة لتجدها تتحدث بكل هدوء وهي تتوجه بإتجاهه تفحصه بروتينية:
_زي ما إنتي شايفة حالتة مستقرية بس محتاج وقت علشان يرجع زي الأول.
تقدمت للداخل وتساءلت بدهشة :
_طب ... طب هو متكلبش ليه ؟
إبتسمت لها حور قائلة :
_أسيبكم مع بعض وهو يجاوبك .
ناظرتها بتعجب مردفة :
_هو ....هو إزاي وهو نايم؟!!
إبتسمت لها حور وذهبت لإتجاه الباب وإسترسلت قبل خروجها:
_لأ مش نايم.
وبالفعل ما إن أغُلق الباب حتي فتح عينيه لتتفاجأ سلمي وتندفع لتجلس بجواره وما إن غرت فاهها لتتحدث حتي قاطعها بقوله :
_سلمي في الدرج إل هناك ده مفتاح الكلبشات هاتيها بسرعة.
تعجبت سلمي ولكنها وقفت تلبي طلبه ولكن دون جدوي فلم تجد المفتاح بل وجدت ورقة رأت حور تضعها منذ قليل :
(المفتاح معايا ......متحاولش )
غضب أدهم وأخذ يزأر  كزئير الأسد
(في مكتب حور ) /
عادت لتجد عبدالرحمن  مازال منتظرها لتقول بمرح :
_أيها الرجل الذئب هل وقعت في شباك ذؤبة ؟
نظر لها مستنكراً:
_خفة ،دمك خفيف أوي وبعدين إيه ذؤبة دي ؟
ضحكت من قلبها وأضافت ببعض المرح الصادق :
_ الله مش عينها زي عينك شبه عيون الذئب ،تصدق بالله أنا غرت دي شبهك أكتر مني .
تبسم عبدالرحمن وإسترسل بخيبة :
_بس طلعت مخطوفة .
_مخطوفة !! لم تستطع تمتلك نفسها لتتعالى ضحكاتها بينما يكمل هو:
_أيوة للآسف مخطوفة من قبل ما أشوفها وإلا كنت خطفتها أنا .
تبسمت حور وأردفت بحنان:
_بعد إل قرأته أحب أقولك
لو ليك نصيب معاها ربنا هيجمعكم .
(بغرفة أدهم ) /
صدحت ضحكة سلمي عندما قص عليها أدهم ما بدر من حور وكيف سيطرت علي حركته وأنها تمنع أي شخص غيرها الدلوف للحجرة لعدم مساعدته علي الفرار .
أدهم بغضب :
_قومي إمشي  يا سلمي مش نقصاكي .
حاولت التوقف عن الضحك قائلة بصعوبة :
_أصل بصراحة حور دي جدعة أوي .
نظر لها بحنق وعقب على حديثها:
_لا والله ،كان يشعر بالغضب وال ....ال ...لا يعرف سوي أنها تشعره بالإستفزاز ....ليستمع لكلام إبنه عمه ولكن فكره بها هي .
_أه والله دي قدرت علي أدهم الدمنهوري  ، ده أنت قادر على العيلة لأ عيلة إيه البلد كلها وكمان زي ما بسمع أي حد بيتعامل معاك وتيجي هي وتقدر عليك ، الله عليها دي تستحق نوبل في الشجاعة . 
إبتسم أدهم علي ضحكتها فهي في آخر فترة دائمة الحزن والعبوس ليردف بمرح لا يتحلى به كثيرا :
_طيب يا ختي كويس لقيتي حاجة تضحكك بدل تكشيرتك  عالطول .
وعلي ذكره لهذا تبدلت ضحكتها لحزن وإمتلأت عيناها بالدموع  لتقول بصوت يكسوه الألم :
_هو أنا وحشة ؟أنا ليه بيحصل معايا كدا ؟
أراد المزاح لعله يزيح عما بداخلها فقال بمشاكسة :
_إل يسمع كدا يقول إني وحش ، ده البنات بتجري ورايا يا بنتي .
تبسمت بلطف وأردفت :
_يا أدهم إحنا طول عمرنا أخوات وأصحاب ،مينفعش يحطونا  قدام الأمر الواقع ويعلنوا خطوبتنا حتي من غير علمنا .
تنهد أدهم بغضب فهي معها كامل الحق وإن كان صمت فهذا لحماية إبنه عمه ورفيقة صباه من التطاول عليها من والدتها ،ولكنه ليس بالشخص الذي يجبر علي شيء وهدوئه هذا ليس سوي الهدوء ما قبل العاصفة .
.........
في مكان آخر تحديدا في المستودع الملحق بالمشي ،ذلك المستودع الذي أنُشئ بناءً علي أوامر أدهم .
صناديق هنا وهناك إسطوانات للغاز ،وهناك بالركن البعيد ملثمين يتناقشون في أمر ما ويبدوا من إرتباكهم أنه أمر خطير وغير شرعي فدائما العمل الأسود يبقي في الظلام
شخص/
وبعدين بقي ،الشغل إتأخر.
شخص آخر /
وإحنا نعرف منين إنه هيعمل حادثة ويفضل في المستشفى .
زفروا بغضب فحادثة أدهم منعتهم من تنفيذ أعمالهم ،فهو وإن  كان مقيد جريح مازال يخشاه الجميع.
(بحجرة أدهم ) /
رحلت سلمي بعد أن وعدها بالتصرف العاجل لحل ذلك الأمر بعد خروجه من المشفى .
كان يفكر بكيفية ردع والده وزوجة عمه من محاولة تزويجهم بالقوة
قطع حبل أفكاره طرقات علي الباب وعلم صاحبتها قبل أن تدلف.
تنبهت حواسه لها وهي تفحص مؤشراتها الحيوية فكم هو غاضب من نفسه بسببها ، فهو ليس من طبعه الرضوخ لأي كان وهي جعلته يرضخ دون إرادته، أوهذا ما تظنه هي وكل من بالمشي ولكن الحقيقة التي يعلمها هو أنه من يريد الخضوع لها فهي لبؤة شرسة  تحتاج للترويض ومن أجل هذا عليه فهمها جيدا  ، ناظرها بقوة
وأردف بحدة مستترة :
_ناوية تفضلي مكتفاني لإمتي ؟ 
أجابته بهدوء :
_لغاية ما تعقل وتفهم إن صحتك أهم من عِندك الطفولي ده .
أمسك معصمها بقوة بعد الإنتهاء من إعطائه إبرة وريدية،لتقول بهدوء مصطنع :
_سيب إيدي .
سخر منها قائلا :
_ليه مضايقة إني مكتفك ؟
فهمت مرمي كلماته لتبعد رأسها
بقلة صبر من تصرفاته الطفولية وقبل أن تنظر إليه تنوي التخلص من قبضته وأن تعطيه ردا مناسبا وقعت عيناها علي النافذة لتري علي بعد قليلا طبيبان لا تتذكر إسميهما يتركان المستودع ويتجهان للمشفى لتردف بتعجب :
_هو المستودع إتفتح ؟!
تعجب من سؤالها ولم يرد عليها لتنظر له بتساؤل وتسترسل  :
_أنا كنت فاهمة إنك مخلصتش تجهيزه .
إستحوذت على إهتمامه الكامل ليتساءل:
_ليه بتسألي ؟هو فعلا لسة منتهاش.
ناظرته بتعجب مردفة :  
_وعلي حد علمي ممنوع أي حد من المستشفى يدخله دلوقتي .
_بالظبط كده ..إيه عاوزة إذن مني تشوفيه ؟؟
نظرت له ولنبرة السخرية  بصوته وأردفت بقوة بعد أن نزعت يدها منه :
_لما أحب أعمل حاجة مش بستني إذن حد.
أثارته ثقتها بنفسها كثيرا ،فهناك رجال لا تستطيع أن تنظر له بكل هذه الثقة والصمود ،وهو رجل منعزل عن عالم حواء فلم تستطع أنثي إختراق أسواره الفولاذية التي بناها حول قلبه معلنا التمرد يعد ما جابه في عائلته ولكنها ليست أي أنثي أيها الأدهم .
إستجمع نفسه بعد أن شعر بإنجراف أفكاره وأردف :
_ممكن أعرف بتسألي ليه ؟
أنهت تجميع أدواتها وأجابته:
_شوفت إثنين دكاترة خارجين من هناك .
إنتبه لحديثها بجدية فما قالته دعم الشك بداخله ليقول بتريث:
_لو طلبت منك تتأكدي كانوا بيعملوا إيه ولو هيدخلوه مرة تانية هتنفذي؟
تعجبت من طلبة وغضبت فهو يريدها أن تتجسس لصالحه وأيضا يأمرها وليس طلبا بتهذيب وظهر هذا التعجب جليا علي وجهها وفهم هو ما تفكر به ليسترسل:
_أنا قدمت حضوري الشهر ده بسبب بعض الشكاوي إل وصلت ليا بشكل شخصي. 
لم تستطع منع نفسها فسألته:
_والشكاوي دي ليها علاقة بالمستودع ؟
تنهد بعمق وأجابها بصدق:
_معرفش ،كل إل أعرفه أن في حاجة غلط بتحصل هنا وأنا دلوقتي محتاج حد أثق فيه يساعدني .
تعجبت من حديثه لتسأله ببعض السخرية :
_عاوز تفهمني إنك واثق فيا وإنت لسة عارفني من يومين ؟!
نظر لها بإبتسامة وتحدث:
_الثقة يا دكتورة مش بتحتاج لوقت ،موقف أو كلمة كفيلة بإننا نبني ثقتنا في إل قدامنا وأنا واثق إنك قد ثقتي فيك.
نظرته بغموض وتحدثت :
_متشكرة ،وعموما هتأكد لو كان بيحصل شيء غلط الأول أو لأ ..
إبتسم وأردف :
_مش بقولك قد الثقة.
أبعدت ناظرها عنه وأردفت:
_المهم بكرة تقدر تخرج ،بس محتاج راحة كام يوم عشان تسترد صحتك .
إبتسم بداخله بدهاء وأردف بمكر :
_بس كده مش هتقدري تبلغيني لو في حاجة .
شعرت بمكره لتواجهه مرة أخرى مردفة :
_ومين قالك إني هبلغك، أنا قولت هتأكد لو في حاجه غلط بتحصل أول  ،دي مستشفي  حكومي مش خاص .
حقا إنها أنثي برية ،تقف بشموخ تواجهه بدون خوف ،يالله كم يشعر  بتذبذبات داخله تحثه علي الغوص فيها ولكن عليه الحذر لألا يغرق بها .
أجلى صوته وتحدث بإعتزاز وثقة :
_يبقي متعرفيش مكانتي لغاية دلوقتي ،وبعدين لو إنتي بلغتي الحكومة يبقي بتأذي الناس إل هنا وإل بره لأن الحكومة ممكن تقفل المستشفى ،إنما أنا هعرف أتصرف .
أقنعها حديثه فيبدو أن هناك شيء خطير وبالفعل إن ظهر أبسط قرار قد تتخذه الجهات المعنية إغلاق المشفى ، ومشفى كهذا بهذه الإمكانيات المتاحة للعامة لا يجب أن يُغلق ، لذا بادرت في سؤاله:
_طب ممكن أعرف شاكك في ايه ؟ أو ايه الشكوي إل وصلتك؟
نظر لها مليا وبدأ في قص ما يعرفه بجدية :
_واحد من إل بيشتغل في الأرض عندنا جالي وهو بيبكي وحالته مدهورة وكان بيحكيلي أنه جاب بنته لهنا وقبل ما يقولي إل حصل مات ...مات بين إيدي وأنا معرفتش ألحقه ولا أعمله حاجة فأقل شيء أشوف شكوته كانت إيه وخصوصا إني زرت أهل بيته ولقيت الخوف والتوتر هو المسيطر عليهم مش الحزن علي موته ،والشكل ده خلي في مخاوف جوايا وإن البنت دي متبقاش أول ضحية ده يبقي كارثة.
إزدادت الشكوك داخلها فهي تساءلت عن المستودع منذ البداية لملاحظتها أن هناك أمر مريب بين هذين الطبيبين فهي رأتهم أكثر من مرة يتجادلان إما مع بعضهما أو مع بعض الأُناس البسطاء، ظهر العزم بعينيها وأردفت:
_تمام لو عرفت حاجة هتبقي أول من يعرف .
أماء لها وأشار لهاتفها الواضح من مأزرها الطبي قائلا :
_إتفقنا ،سجلي رقمي بقي علشان تقدري توصليلي فأي وقت . 
أخذت رقمه ومن ثم حررت يديه وأعطته العقارات الطبية إن كان بوقت آخر كان سيخرج سريعا فهو يكره المكوث في المشفى ويعتبره ضعف ،ولكن عليه إكتساب ثقتها ليعلم ما يحدث بالمشي في غيابه  وأيضا ليمهل لنفسه طريق الإنتقام منها لما فعلته به ، فهو إن أظهر إستسلامه لها تكن حمقاء إن صدقته ولكن أيها الأدهم قبلا يجب أن تعترف بإنجذابك لها حسنا سنقول لشخصها  الفريد وليس لبراءتها رغم قسوتها الظاهرة ولن نقول لعينيها الكحيلة ، ولا ...كفي حسنا هي جذابة بكل ما بها  .
إنقضي اليوم أخيرا ليعودا مرة آخر  إلي منزلهما.
دلفا والحيرة تملأ عقولهم وقلوبهم
جلسا فوق إحدي  الأرائك ليبدأ عبدالرحمن بالكلام حائراً:
_إنتي ممكن تسامحي جوزك لو إتهمك بالخيانة ؟
نظرت له قليلا وعلمت أن المقصود والدتهم لتردف:
_وإنت هل ممكن تتهم مراتك بالخيانة؟
ظل كلا منهم يفكر في سؤال الآخر بحيرة .
فمن المؤكد أن الشخص لا يستطيع أن يحكم علي شعور ما دون المرور به .
نهضت حور وهو تقول بعزيمة وقوة:
_أكيد هنعرف لما نكمل قراءة
وذهبت لتحضر مفكرة والدتها مرة آخر وتركت شقيقها هائم بأفكاره .
وقفت حور أمام مرآتها تنظر لإنعكاس صورتها وللدفتر بيديها وهمست:
_يا تري حُبكم مر بإيه تاني ؟
وحقكم عند مين ؟
خرجت منها تنهيدة حيرة ومن ثم توجهت للخارج ليباشروا قراءة .

زهرة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن