إليك أخي

978 64 198
                                    

ها هو يفتح عينيه ببطء ويعاود غلقهما...ملامحه منكمشة وتتجعد أكثر وكأنه يعاني آلامًا مجهولة..
ناديته بإسمه بقلق وتركت كوب الماء من يدي واقتربت أربت على كتفه بخفة قائلاً "عمر...أنت بخير ؟!"

طالعني بملامح مشتتة وكأنه لا يذكر ما حدث وكيف فقد وعيه فجأة هكذا همهم بحروف لم أفهمها قبل أن يعقد حاجبيه ويجلس وهو يردف بعصبية وتوتر عارم " آدم هيا...لنذهب إليه...يجب أن يُحذف ذلك المقال قبل أن يراه أحد !"

هو غارق بعرقه...يتحرك بعشوائية ويداه تهتزان وهو يفتح خزانته مُلقيًا إحدى ملابسه على السرير...
اقتربت منه بضيق قائلاً " عمر إلى أين ستذهب بالله عليك...ألا يكفي ذهاب يونس !..التهور ذاك سيُعقد الأمور أكثر...أخبرتك لا تقلق...ثق بي ..أنا سأتصرف"

لم يبدو عليه الاقتناع ولكنه توقف يتنفس بعمق حتى أن صوت أنفاسه خرجت عالية وهو يلتقطها ويزفرها بعصبية ..قطبت حاجبي بقلق وأنا أسأله
" ما بك ؟..لا تبدو على ما يرام "

نفى برأسه وتراجع يترنح بنظرات واهية متمتما وبصوت مختنق" لا أعلم...أشعر بغثيان شديد "

أجلسته على طرف السرير وأنا أردف مطمئنًا إياه
" استرح فقط ..لأنك نهضت هكذا فجأة... لا ترهق نفسك بالتفكير...أعدك أن كل شيء سيصبح أفضل"

هو أومأ وصدقتني عيناه بيقين تام ..رأيت هذا بهدوء أنفاسه وشعرت به في نظراته الواثقة بي ..
ابتسم بخفة ولكني بادلته بصعوبة...ذلك الشعور بداخلي يثير قلقي..صوت يواصل الهمس بعقلي وبنبرة حادة مزعجة بأن لا شيء سيصبح أفضل...
ولا أي شيء ..

حل الصمت لثوان معدودة رغم تلك الضوضاء التي تضج برأسه وبرأسي...نهضت واقفًا وأنا اتجه نحو الباب قائلاً " نم يا عمر...الوقت تأخر أساسًا..لا تفكر بشيء وبالصباح نحل كل شيء "

بدا شاحبًا كفاية وهو يستلقي بجسده على السرير...
سحب الغطاء مندثرًا أسفله وأغمض عينيه متمتما
" تصبح على خير يا أخي "

توقعت منه أن يرفض أو يصر على الذهاب ولكنه استسلم سريعًا وكأنه لا يقوى اليوم على المواجهة..
هذا أفضل بالطبع فيكفيني يونس وتهوره لذا ابتسمت وأنا أغلق المصباح قائلاً" وأنت من أهل الخير ..ليلة سعيدة "

أغلقت الباب خلفي مُدركًا أنه لن ينام ...ليس إلا بعد أن يقتله التفكير ويسقطه صريعًا...ربما تبتل وسادته رفضًا وحزنًا لما حدث...ربما يختنق كما أختنق أنا تمامًا الآن وينهض ليقف بشرفة الغرفة متنفسا نسمات الهواء البارد بعمق..

نزلت درجات السلم وأخرجت هاتفي بسرعة طالبًا رقمه ولكن الرنين كان واضحًا ومسموعًا بشكل كبير..
لم يكن من داخل المنزل بل كان يبدو وكأنه من الخارج...تزامن اقترابي مع دقه للباب لأفتحه متنهدًا فور رؤيته وأنا أردف براحة " حمدا لله أنك عدت قبل أن يجن جنوني "

ما وراء عينيه Where stories live. Discover now