"الولادة لم تكن عند نزولي من بطن امي .. ولا عند تكوني في رحمها .. لقد كانت ولادتي عند التقاء ارواحنا "
"..عند التقاء اعيننا ...لقد كان أوضح تعارف قمت به في حياتي"
"هل شعرت يوم بأنك تتحدث من غير أن تتحدث ... لقد كانت أعيننا كفيلة بالقيام بكل ما عجز...
مرت عطلتي الصيفية كالتي مضت من قبل .. لم استمتع بالقدر الذي تخيلته و لم يؤثر تميزي في اجتياز الاختبارات على نفسيتي كما ظن طبيبي النفسي .. فقد تكلم كثيرا عن ان تغيير روتيني و حصول أحداث جديدة في حياتي مثل النجاح و الانتقال إلى المرحلة الجامعية سيحرك فيا بعض المشاعر .. ولاكن هذا التغير لم يزد من حالي الا سوءا .. فقد تراكمت الأسئلة و الأفكار في عقلي أضعاف أضعاف الأفكار السابقة و تواصلت تساؤلاتي "هل هذه هي اللحظات المنتظرة منذ سنتي الأولى في المدرسة ؟ هل هذه هي نهاية المرحلة الثانوية المملة لتعيش حياة بلا جدوى أخرى؟ هل ساعود للدراسة و مخالطة الجنس البشري مرة أخرى؟ و هل سأضطر لسماع التراهات المعتادة عن الحياة الجامعية و العلاقات الجديدة و العمل الذي أريده و اهواه و كيفية ان اصبح عنصر فعال في المجتمع و أمراء مستقلة ؟" هذا مقتطف صغير عن الأفكار التي تعترضني كل ما حاولت التفاعل او الشعور بموقف .. انا لا اتحكم بها بل هي التي تتحكم بي و جعلتني خاضعة لكل ماهو قاحل و بدوم روح .. لم تكن لي رغبة في اختيار اي شيء يخص مستقبلي لذلك تركت الأمر لوالدي و ذكرت اول التخصصات التي اقتحمت عقلي بحجة انها تخصصات الأحلام التي كنت اجتهد لأجلها كل هذا الوقت و الحقيقة هي انها اختيارات عشوائية سمعت رغبت امي في ان ادرسها لان فيها العديد من الآفاق و ما إلى آخره من هذه التراهات .. مرت الايام كسابقها.. و كم زاد كرهي لهذا الفصل .. فصل الصيف هو من الأشياء القليلة التي ابغظها ففيه يزيد وقتي بمفردي و تزيد الهلوسات في داخلي و مع حرارة الطقس يصبح المزيج الأكثر فظاعة ..فكنت افضل الدراسة على العطل، الدراسة تملأ وقتي و تقتل أفكاري لذلك تميزت فيها .. ظهرت نتائج الجامعة و قبلت في كل جامعة اخترتها و ان صح القول اختارتها امي .. و بملخص الحديث وقع اختياري على دراسة الطب لا لشغفي به بل انا أراه من التخصصات التي اذا دخلتها ستكرس حياتك لها ..و انا لا امانع ان اكرس حياتي للدراسة ليس حبا فيها ولاكنها الشيء الوحيد الذي اراه يستحق وقتي.. فبهذا التخصص ضمنت روتين 15سنة من الدراسة و النوم والسجائر و تعلم حقائق جديدة عن جسم الكائن البشري المعقد .. كانت فرحة امي عارمة فمنذ اختاري الحاسم لم تصمت عن الحديث عن مدى نبالة اختياري وعن المستقبل الذي ينتظرني كطبيبة مستقبلية ناجحة و طبعا لا أحد يعلم أن سبب اختيار هو ملأ كل اوقات الفراغ و قتل الوقت مع نفسي .. ما لم اتحدث فيه هو اختياري للدراسة بالخارج و التي كانت صادمة لامي فلم تتوقع رغبتي في الخروج من أسوار البلاد.. أما ابي فقد كانت اجابته الصمت كالمعتاد،صمت ابي الذي دام الان لأكثر من 10سنوات و لأكون صادقة انا افضل صمته .. لم يدم تفكير امي كثيرا و كانت الموافقة هي الإجابة المؤكدة منها تحت حديثها "لن اطلب الكثير عزيزتي ..فقد اريد منك الخروج من منطقتك المظلمة و رؤية هذا العالم .. ارجو ان تختاري البلد التي تروقك و تحدث فيك الفرق " و بعد العديد من المناقشات التي كانت متواصلة منذ أن افصحت عن اني سأدرس فالخارج .. حسم الأمر و سجلت في أشهر جامعة للطب في "روسيا" .. لماذا اخترت روسيا؟ لم تسأل اني هذا لكثرة فرحتها بأنني سأتمكن اخيرا من عيش حياة سعيدة و من تكوين علاقات جديدة .. ولاكن كانت لدي أسبابي التي ليست اسباب واقعية لاكن لابأس .. روسيا من ابرد البلدان فالعالم لا وجود لصيف حارق فيها و هي بلد بعيدة كل البعد عن بلدي حيث سأتمكن من الرحيل بعيدا عن كل شيء سأتمكن ان أهجر مكان عشت فيه اتعس ذكرياتي و سأتمكن من ان اريح اهليو خاصة امي لان ابي دائم يدعي عدم الاهتمام من التفكير في حياتي و تعطيل حياتهم معي .. هناك سأعيش الحياة التي لن اقلق فيها أحد.. سأكون بخير و ستفرح امي و سأرتاح من تأنيب الضمير الذي يجتاحني عند قلقها على صحتي النفسية و أخذها لي بشكل دوري للطبيب... لقد تحملت مسؤولية لم تكن سببها .. لم تكن امي ام مثالية لاكنها كانت الإنسان الوحيد الذي أهتم لأمري بصدق ، لقد كانت الإنسان الوحيد الذي تحمل تقلباتي و نوباتي و شهقاتي بدون ملل يمكن هي فعلت هذا لاشعوريا بالذنب لاكن رغم كل هذا انا لن ألومها ابدا على اي شيء حصل، سألتهم كلهم الا هي .. رغم صعوبات طفولتي و الصدمات التي حولتني إلى جثة بدون روح الا أني لا أرى نفسي بحاجة للطبيب النفسي فأنا لست حزينة و لست مكتئبة انا فقط لست سعيدة أيضا.. وانا لا اعاني من صعوبات فالتكلم او التواصل انا فقط اتواصل و اتكلم عند ما يلزم الأمر كما انني جيدة فالاقناع و الاستدراج و تحليل شخصية الذي أمامي من نظرته لي و اكتسبت كل هذا من العديد من تجارب الصداقات و العلاقات الفاشلة التي لم تجرحني و لم تنقصني ثقتي و لم تؤثر في ابدا عكس الذين في عمري .. يزورون الطبيب النفسي بسبب بعض العلاقات و بعص الصدمات التي لا أرى لها معنى ابدا .. لا يهم لن اتكلم كثيرا عن وجهة نظري لانه من الصعب فهمها ..
••• ها قد حان وقت رحيلي و قد قررت الذهاب قبل موعد التسجيل فالجامعة بفترة .. فكالمعتاد يجب أن أستكشف البلد و ان ارى مسكن مناسب لي لأنه من المستحيل ان اعيش في مسكن الجامعة المختلط مع الفتيات .. حالما اصل سأرتب كل شيء كما اردته ان يكون مرتب منذ البداية .. حياة مستقلة ، دراسة يومية مكثفة و متواصلة ، و أمي في بلدها مطمئنة بدون تأنيب ضمير على الماضي و لا ذهاب و إياب للمصحات النفسية .. حزمت امتعتي و انطلقت للطائرة تحت إلحاح امي بأن اتصل باستمرار و ان ابتسم و اكون علاقات و ان أاخذ دوائي بانتظام و هي أقراص فاشلة اتناولها باستمرار تحت حجة انها تمنع الاكتئاب و تقلص الأصوات التي في دماغي .. تأثيرها كان فالبداية لاكن الان لاارى فيها أي منفعة ولا أنوي تناولها من اليوم الذي سأبتعد فيه عن وجه امي .. أما ابي انا اعلم انه سعيد بنسبة 80% انه و اخيرا لن يرى وجهي و سيرتاح من تأنيب الضمير الذي عاش معه كالشبح .. هو اخيرا سيرتاح من الإنسان الذي كان سبب انقطاع اتصالاته مع اهله لسنوات عديدة .. انا لا أكره ولدي لاكنني لا أحبه ..
Oops! This image does not follow our content guidelines. To continue publishing, please remove it or upload a different image.
■■■■■■■■■■ Done 💗 كل أحداث القصة ستبدأ من البارت القادم .. الأحداث ستكون نوعا ما اغلبها وصف للمشاعر و الحالات و التجارب .. القصة ذات أحداث واقعية و منطقية فلا وجود لخيال واسع و دراما كثيرة .. 🌸
