• الجزء الثاني - ( ٤٤ ) أنين الروح -

1.5K 75 6
                                    

( ٤٤ ) - أنـيـن الـروح -

انتفض أثنانهم في مجالسهم وهبوا واقفين عندما رأوا " سـلـيـم " يركض في اتجاه غرفته في حالة هياج غير معتادة بالمرة فهتف به " نـوح " بغرابة والقلق يتأكله.
- سـلـيـم..!
  هو ماله فيه إيه..؟! قالها وهو ينقل أبصاره بين " عـزيـزة " و" سـلـيـم " الراكض بسرعة كبيرة وعلامات الدهشة تكسو ملامحه.

فلوت " عـزيـزة " شفتيها وهي تجهل حقيقة الأمر حالها كحاله تمامًا تحت نظراتهم المندهشة وفي أقل من لمح البصر استمعوا كلاهما إلى صوت صرخات " سـلـيـم " العالية المصحوبة بأصوات تهشم لزجاج مُحدثًا صوتًا آثار الرعب في نفوسهم مما جعلهم يهرولون إليه في فزع آلا أنهم صدموا حقًا من هول ما رأوا.
فكان " سـلـيـم " يقوم بقذف ورمي التُحف والأنتيكات الثمينة المُزينة بها غرفته بعدما كسر بلور المرآة الخاص بالتسريحة والدماء تسيل من يديه دون وعي أو درايه منه ، كل ذلك وهو يصرخ ويصرخ صرخات كادت أن تُحدث شرخًا عميقًا بداخل قلبه بل روحه بأكملها.
فإقترب " نـوح " منه مُسرعًا محاولًا السيطرة عليه وكتم دماء يداه وهو يُصيح به في قلق وذعر واضحان.
- سـلـيـم ، إيه اللي بتعمله في نفسك ده..؟!
إيه اللي حصل رد عليا..؟! قالها وهو يمسك براحته وجهه محاولًا جذب انتباه إلا أن طريقته لم تنجح هذه المرة واستمر " سـلـيـم " في هياجه وثورته.
فإقتربت منه " عـزيـزة " بقلق وهي ترى جسده يتصبب عرق بغزارة مما جعل ملابسه تلتصق بجسده وكأنها طبقة آخرى من جلده وأصبح وجهه يتوهج من شدة إحمراره وهمست له بحنان أمومي خالص.
- مالك يا حبيبي إسم اللّٰه عليك ، استعيذ باللّٰه من الشيطان الرجيم واستهدى باللّٰه كده وأنت هتبقا كويس صدقني..!

" سـلـيـم " بصراخ ونحيب وهو يمسك بيديه موضع قلبه بوجع ناظرًا إلى الأعلى وكأنه يتحدث مع اللّٰه وكأن المكان ليس به سواه مع خالقه وهو على يقين بأنه قريب يسمع لآنينه ويشعر بآلامه.
- آاااااااااه ، حيووواااااان غبااااااااااي غبي..!

" عـزيـزة " بلهفة وقلق وهي تقترب منه واضعه يديها على كتفه بحنان تتلاعب بها الأفكار هُنا وهُناك تخشى كثيرًا عليه من ثورته تلك.
- يا حبيبي فيك إيه بس ده أنت خارج زيّ الفل إيه اللي صابك..؟!
ثم أضافت وهي تتحسس وجهه بلهفة وقلق أكبر.
- يوووووه ده أنت مولع ناااااار يا كبدي..!

" سـلـيـم " بصراخ وهو يتجاهل وجودهم وكأنه بعالم آخر فقد بداخله شعوره وإحساسه بمن حوله.
- آااااااااااه مش بإيدي ياااااااااارب مش بإيدي ده غصب عني صدقني..!
آاااااه يا أمي يااااااااارب آااااه..!
  أنا خونت عهدي يا صـولااااااا أهي أهي..!
فأكمل وهو يحادث ربه في انهيار شديد وعيناه تنظر إلى الأعلى وكأنها تبحث عنه بعيناه.
- أنا مش و..... يارب هما اللي غصبوني على ده هما اللي أجبروني يااااااارب..!

فإدرك " نـوح " للتو أن الأمر يتعلق بحقيقة أبيه وهمس له وهو يقترب منه بحنان ليجذبه إلى الفراش برفق.
- تعاااااالى ، تعاااالى يا حبيبي ريح جتتك حبه ده أنا عُمري ما شوفتك في الحالة دي أبدًا..!
فإبتعد عنه الأخير كمن لدغه عقرب ملكمًا ليديه في عرض الحائط بقوة وعنف كبيران غير مكترثًا لدمائها والعبرات تتساقط من عيناه بغزارة مما دفع " نـوح " إلى اجتذابه إليه بغضب محاولًا تلجيم حركته والسيطرة عليه حتى لا يؤذي حاله أكثر من ذلك مع استمرار حركاته العنيفة المقاومة لاجتذاب الأخير له تزامنًا مع نبرته التي يغلب عليها الصراخ.
- سيبني يا نـوووووووح..!
  يا نـووووووح سيبني بقولك..!
  سيبناااااااااي..! صرخ بها ومن ثم سقط بين يديه فاقدًا للوعي تمامًا.

وجوه الحبWhere stories live. Discover now