وكز حالم

11 1 0
                                    

ها هو ذا، مستلقي على فراشه في غيبوبة، بانتظار تلك الفارسة التي ستأتي وتقبله لكي يستيقظ من سباته، ليحضنا بعضهما البعض ويعيشا بسلام في أرض خضراء مزهرة والأقزام ترقص حولهم،

نهاية سعيدة لذوي التفكير السطحي، الذين يشعرون بالرأفة تجاه ذلك الأمير النائم لمدة طويلة في غرفة محبوس وسطها، أعلى برج حصين محاط بجيش يحرسه كي لا يستيقظ من سباته الذي وضعته فيه ساحرة الملك كي يستولي على الحكم ظلما، ويعيث في الأرض فسادا،

فالكل ينتظر تلك القبلة السحرية من الفارسة كي يستيقظ الأمير ويحرر المملكة من حكم ذلك الحاكم الظالم، ويحكم بعدل من جديد، كما كان والده من قبل، ويعيد أيام المجد لبلاده.

لكل منا تلك الصورة الماضية التي يتمنى عودتها على أمل زائف منه، يدفعه لبناء قصة يكون فيها الشخصية التي لاحول لها ولا قوة في تغيير الواقع،

ويلقي بمسؤوليته نصفها على أناس آخرين، يأمل فيهم تخليصه من ذلك الوضع الحالي وإعادة تلك الصورة النمطية التي في ذهنه،

والنصف الآخر يعهد به إلى ذلك العنصر المتجبر في القصة الذي لا يستطيع هو مقارعته، لذلك يمني النفس على أمل ظهور تلك الشخصية الخرافية التي ستخلصه من هذا الواقع الكئيب،

والأسوء من هذا، حين يسقط تلك الشخصية الخرافية، على شخص واقعي، ويضخم صورته في ذهنه على أمل أنه يملك عصا سحرية، ما إن تطأ قدمه موضع القرار، حتى يغير كل الظروف إلى أحسن بحركة واحدة من عصاه السحرية،

يبقى هذا حل سطحي يخمد به الإنسان نيران تأنيب ضميره، لينقذ نفسه من فكرة أنه يتحمل المسؤولية أيضا، وأن بيده التغيير أيضا، ليس كفرد واحد، بل كمجتمع،

كل ما عليك أن تبدأ بتغيير نفسك، قد يبدو الأمر بسيطا وتافها، كيف لتغيير نفسي أن يغير الواقع. لأنه هو الأصعب، لأنك بذلك ستترك علامة في نفوس الناس، وستخلق سلسلة من التأثر، تبدأ عندك والله أعلم إلى أين تنتهي،

قد لا تشهد ذلك التغيير الذي تريده في حياتك، لكنك ستكون سببا فيه في الأجيال القادمة، هو طريق طويل وبطيء لكنه مضمون، لكن ماذا لو كنت تريد حلا سريعا وجذريا،

عادة إذا أصبت بداء في أحد أطرافك وكان هذا الداء ينتشر في جسدك مع مرور الوقت، فيبقى لك الاختيار، إما أن تتبع نظاما علاجيا صارما قصد التخلص منه، أو أن تضحي بذلك الطرف باستئصاله في سبيل إنقاذ نفسك،

في الحالتين ستتمكن من الشفاء، لكن التغيير الأول أفضل من الثاني، لأن الأول جاء بالتدرج شيئا فشيئا، فاعتاد عليه جسدك مع مرور الوقت، حتى توافق معه تماما،

أما التغيير الثاني فقد كان صدمة تلقاها جسدك، الذي كان معتادا على نظام معين يمضي به حتى قمت بتغييره فجأة ومرة واحدة لذلك يجد صعوبة في التكيف معه،

لذلك يبقى تغيير نفسك، الحل الأسلم والأفضل، هو تدرج يمنحك فرصة للتكيف مع نفسك الجديدة، يحسن من أسلوب حياتك، كما يترك أثرا في الناس، يساهم في التغيير على المدى البعيد،

أما أن تثور في وجه ذلك "الحاكم الظالم" قد تتمكن من تنحيته، لكن ماذا عن ما بعد تلك المرحلة، هل ستكون مستعدا لها، ماذا لو لم يحكم الأمير النائم كما كان والده، ماذا ستفعل حينها،

هل ستثور مجددا في وجهه، أم ستضع آمالا على شخص آخر تلبسه عمة البطولة و تحيك حوله خيوط قصة خيالية من جديد تبعد عنك آلام التفكير وتسكن ذلك الضجيج في داخلك.


متناثراتWhere stories live. Discover now