المشهد الرابع

5.4K 273 7
                                    


على ما يبدو انتشر خبر تشاجر "عتمان" مع أحد الغرباء في البلدة كالنار في الهشيم، فاجتمع الناس من كل حدب وصوب عند قصر عائلة "عبد المجيد صفوان" لمشاهدة هذه المشاحنة الــــدامــية، دون أن يجرؤ أحدهم على منعه أو التدخل، فساد في محيط المكان حالة من الهرج والمرج، جعلت جميع من في القصر يخرجون في التو لمعرفة ما الذي يدور. سرعان ما تفرق الحشد المتزاحم، وأخذ الجميع يتراجعون للخلف مع ظهور عدة أشخاص تبدو على هيئتهم الهيبة والمهابة، صاح أحدهم وهو يتقدم الصفوف بصوته الأجش الصارم، وجسده العريض الفاره:

-إيه اللي بيحصل إهنه؟

في التو انحنت الرؤوس احترامًا له، من بينهم كذلك كان "عتمان"، خفض بندقيته، وقال برأسٍ شبه منكس، كأنما يُعرف بهويته:

-"صفوان" بيه!

تكلم أحدهم –يدعى "مطاوع"- هادرًا في الحاضرين بانفعالٍ:

-هي سويقة ولا وكالة من غير بواب علشان الكل يجي يقف إهنه؟

دون استئذان هتف "عتمان" شاكيًا وهو يهز بندقيته في تشنجٍ رغم انخفاضها:

-الجدع ده غلط فيا، وعابني، وأنا جاي أخد حقي منه.

رد عليه السائق بتحفزٍ:

-على أساس أنا هسكتلك؟!

عندئذ اخشوشنت نبرة "صفوان" محذرًا كليهما بعدما أخرج مسدسه الفضي من جيب جلبابه:

-إلزم الأدب منك ليه...

توتر "عتمان" حينما رأى ما بيده، وانعكس القلق كذلك على السائق، استمر "صفوان" يُحادثهما في نفس النبرة المنذرة:

-إنتو في بيت الكبير! وإهنه قوانينه بتمشي على رقاب الكل!

تجرأ "عتمان" ليقول في شيءٍ من الاندفاع:

-على راسي يا كبيرنا، بس هو اللي آ...

رفع "صفوان" سلاحه في وجهه مقاطعًا إياه بصرامةٍ:

-ولا كلمة زيادة!

التزم الصمت قسرًا، وإلا لوجد طلقة نارية مستقرة في منتصف جبينه. انتهز السائق الفرصة ليبرأ ساحته:

-يا ريس أنا غريب، وجاي أوصل الجماعة دول عندكم، وهو مدبقني من أول ما جيت البلد.

رغم اعتراضه على طريقة حديثه غير المهذبة معه إلا أن الحيرة اعترت ملامح "صفوان"، تطلع إليه، وتساءل في جدية:

-جماعة مين؟

أجاب عنه أحد الخُفراء وهو يشير نحو حافلة السائق بربكةٍ ملحوظة، وكأنه تناسى مسألة تواجدهن في خضم نشوب هذه المشاحنة الحامية:

بين عشية وضحاها - قصة قصيرة كاملةWhere stories live. Discover now