الفصل الأول

232 11 8
                                    

مر عام على عقد الشراكة بينهما، شراكة عمل صريحة دون أي التزامات أخرى ..
شراكة عمل قامت بمهمتها على أكمل وجه ..
شراكة قربت المسافات البعيدة بين قلب عاشق حتى الوتين وقلب خائف متردد
يتوجس من القادم ... يتأرجح بين شفقة وتعاطف يخالطهما قدر يسير من الرغبة في الحب
قاما بتأسيس مزرعة الدواجن برعاية ودراسة الدكتورة ندي للمشروع
أما جاد فكان القوة المحركة ... الدينامو الذي ينفذ ما تحلم به فتاته
مهما كان صعوبته عليه وهو الفقير الذي استطاع بشق الأنفس تكوين ثروة صغيرة
أنفقها بالكامل في تأجير هذه المزرعة واستدان بالأموال لتجهيز المعدات
إلى جانب تأجير شقة صغيرة بإحدى العمائر الجديدة القابعة على الطريق السريع
الذي يحد البلدة حتى يبقى قريبا من مالكة فؤاده
كان قبولها الزواج منه ضرب من المستحيل ... لكنها وافقت، راضية مبتسمة ..
وافقت بعد استنفاذ كل سبل الإقناع وبذل الكثير من الجهد والمثابرة ...
والكثير الكثير من العشق
الأميرة قطر الندى قررت التمرد والثورة على عادات ومفاهيم مجتمعية بالية
والتعامل بفكروعقل متفتح
ووافقت أخيراً على الارتباط بالشاطر حسن جناينى حديقة قصرها

**************

عدة شهور انقضت على زواجهما الميمون ورغم ذلك لازال يشعر إنه يحيا في عالم الخيال الوردي ..
يعيش تفاصيل حلم غالي محبب إلى قلبه ظن يوما استحالة تحقيقه
ويالا العجب تحقق وأصبح واقع ملموس ينهل من رقراقة أنغامه دون ارتواء
قبلت ندى الزواج منه في غفلة من الزمن أم في لحظة مغامرة جريئة منها ...
لا يدري لكنها هنا بين جدران هذا البيت البسيط الذي جاهد لإعداده بكده وتعبه
طوال ما يزيد عن العام قضاه بقربها ... ينهل من محياها الأثير يوم يليه الآخر ...
المسافات تُختصر وتتقلص والقرب يزداد والحدود تذوب بل تنصهر
أمام مشاعر جاد الجارفة التي يُغدقها عليها كلما التقيا دون حتى الحاجة
لكلمات تصف مشاعره فكل ما فيه ينطق بالهوى
ملامحه المبتهجة بوجودها، ألق عينيه التي تنير بسمتها الخجولة على ثغرها ...
صوته المشتاق النبرات وأنفاسه العبقة التي تشع دفئا في محيطها
اقتحمت حصونها المنيعة ... أذابت جدران الفوارق الاجتماعية
واقتنصت القبول من بين شفتيها المترددتين
أسرع بوضع عدة أطباق قام بتجهيزها داخل صينية كبيرة وخرج بها
من مطبخ منزله الصغير ليضعها فوق طاولة الطعام التي تتوسط صالة المنزل
ثم تحرك بخطى وئيدة اعتاد مؤخرا أن يعتمدها لمشيته حتى يضبط إيقاع خطواته
التي لا تزال تحمل بعض العرج الخفيف حتى بعد عمليتين جراحيتين
غامر بالقيام بهما وأقعدته شهورا في الفراش وشهور أخرى من العلاج الطبيعي
حتى استطاع الوقوف على قدميه من جديد بعد أن أصلح العطب الذي أصابه في الصغر

مرر أصابعه فوق خصلاته القصيرة قبل أن يتوجه إلى غرفة نومه الخاصة
حيث تقبع أميرته النائمة ... حلمه الجميل صعب المنال
ورغم ذلك ناله في لحظة رضا بعد طول عناء
وقف على أعتاب مخدعهما يتأمل أميرته النائمة وعقله يحمله إلى يوم زفافهما ..
لم يكن حفل أسطورى وعالي التكلفة ولكنه غالى وثمين الذكرى في عقله وفؤاده الولهان
حفل صغير في حديقة منزل عائلة البدري اللذين تقبلوا وجوده فرداً في أسرتهم ...
قبلوا به على اختلاف نشأته ومستواه الاجتماعي والثقافي
لم يكن تقبلهم أمرا هينا أيضاً استمر إقناعهم لشهور طويلة بعد أن حصل على موافقة
الدكتورة ندى وأكثرهم تخوفاً كان شقيقها المهندس جلال
ولولا إصرار وتمسك جاد الذي بذل كل ما يملك من جهد ومشاعر
ليثبت للمهندس جلال صدق مشاعره وخلوها من أي غاية سوى غاية العشق
لما وافق جلال على الزواج بعد أن استوثق من جدية ووفاء بل
وعشق جاد إلى شقيقته الصغيرة
دلف بروية إلى الغرفة الهادئة، نور النهار يتسرب من خلال الستائرالمخملية الناعمة
فيضفي دفئا وراحة نفسية متناغمة مع رائحة عطرها الأنثوي الذي يلف الغرفة بنعومة
استنشق نفس طويل يملأ رئتيه بعطرها الناعم ككل ما فيها
ولازالت تفاصيل ليلة زفافهما تداعب مخيلته بكل ما كان فيها من تردد وخجل
وانفجار لمشاعر واله طال كبتها بين خفقات فؤاده الراقصة طربا وهياما بوصل الحبيب

غيـوم البـعادWhere stories live. Discover now