الفصل الخامس

5.8K 562 59
                                    

الفصل الخامس.
انتهت " ليالي" من وضع أشيائها في حقيبتها الكبيرة، ثم قامت بإغلاقها جيدًا قبل أن ترتدي سترتها العلوية، والعزم داخلها يشتد للفرار من براثن يزن الشعراوي قبل أن يصل إليها، فردد عقلها ساخرًا أن حماس البدايات المليء بالانتصارات قد اختفى سريعًا حين أطرقت النهاية مطرقتها الحادة لتسحق ما كانت تتمناه.

نظرت من نافذتها الكبيرة للسماء بلونها الصافي معلنة عن صباح مشرق إلا أن مزاجها يشوبه غيوم الخوف والقلق مما هو قادم، سرق رنين جرس الباب المتواصل انتباهها، فجرت حقيبتها الكبيرة خلفها بهدوء كي لا توقظ والدتها وأخيها، فتحت الباب بوجه عكر ولكنها فوجئت بيزن أمامها وابتسامة ساخرة سوداء تتعلق بفمه، تلفظت دون وعي وكأنها غير مصدقة ما تراه بعينيها:

-أيه؟

وضع يداه فوق الباب يدفعه قليلاً، يغلق عليها أي محاولة للفرار من أمامه وهو يردف بتهكم لاذع:

-النور جيه.

ارتجف صوتها وهي تتراجع خطوة وكأن وعيها سقط في بئر الخوف:

-يـ....يزن آآآننت..

-اهدي يا بيبي أيه اتخضيتي ليه كده؟

صوته الهادئ بلمحته الساخرة ضاعفت من توجسها، فتوقف عقلها عن التفكير:

-أنت أكيد فاهم غلط...

بتر حديثها وهو يهز رأسه بنفي بينما ملامحه اشتدت بقساوة غير معهودة منه:

-لا أنا مابفهمش غلط، طول عمري بفهم صح ونظرتي صح، من أول ما شوفتك يا ليالي وأنا قولت اكيد فيكي حاجة غلط، بس طلعتي اوقح من ما كنت اتخيل.

نجح في استفزازها فصاحت بتبجح:

-أنا ماسمحش تكلمني كده.

اخشوشنت نبرته بينما كانت عيناه تزجها  بسجون الغضب والقسوة:

-تسمحيلي! هو انتي ليكي عين تسمحي ولا ماتسمحيش، ده انتي عديتي ليفل البجاحة ووصلتي للوقاحة.

تراجعت عن خطاها وحاولت امتصاص غضبه، بإظهار أنوثتها ورقتها معتقدة أنها بذلك ستبدد غضبه فهتفت برجاء يغمره الدلال:

-طيب عشان خاطري وطي صوتك وتعال معايا أي كافية نتكلم بالهدوء.

رفع أحد حاجبيه متعجبًا والتهديد المنبعث من مقلتيه يضرب ظنونها في مقتل:

-طيب ما أنا هادي اهو، أيه شوفتيني رزعتك قلمين طيروكي من قدامي.

انهارت أساليبها الانثوية سريعًا قبل أن تصل لمرادها وخاصةً حين اندفعت بشراسة مصبوغة بالتحذير:

-ماتقدرش تلمسني، أنا اقدر اطلبلك الشرطة...

ترهيبها لم يجدِ بنفع بل انقلب السحر على الساحر وأمسك العصاة يجلدها بقساوة جعلتها تلتزم الصمت لفترة:

غَنَاء الروح Where stories live. Discover now