💜إنَّ البرَكةَ لتَغْمُرُ العبدَ بكثرَةِ صلاتهِ على النَّبيِّ💜 ﷺ اللَّهُــمَّ صَلِّ وَسَـــلِّمْ وَبَارِكْ على نَبِيِّنَـــا مُحمَّدﷺ عدد ما ذكره الذاكرون وعدد ما غفل عن ذكره الغافلون... لو علم المؤمنون فضل الصلاة على النبي ﷺ لما كفّت ألسنتهم عنها كل حين.. اللهم صل وسلم على نبينا محمد..وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا..
🌹السادس والثلاثون🍃على الفور كان هاتفه يرن قاطعًا تواصل أفكارهما ومنقذهما من حيرتهما وتخبطهما في الافتراضات
ضم هيما شفتيه قبل أن يصرّح بقلق (دا حمزة يا خالتي)
تناولت منه الهاتف مرةً أخرى قائلة (هات أكلمه)
أجابت على الفور بثبات (ايوة يا حبيبي ازيك عامل إيه)
أجاب بتنهيدة متعب أوشك على الانهيار (تمام الحمدلله)
سارعت بالتهوين عليه واحتواء حزنه وغضبه بصلابتها (متزعلش يا حبيبي كله خير منه لله)
قال بما يسره في نفسه ويقلقه أكثر من كل شيء (سكن يا أمي أوعي تشوف الصور والفيديو مش عايزها تتعب تاني ولا ترجع للجديم)
هتفت تؤازره في قوله وتمنحه الطمأنينة التي يستحقها قلبه الآن (متخافش يا ضنايا محدش هيجولها بس إنت متحزنش وارمي حمولك التجيلة على ربنا تبجا خف الريشة)
صمت مبتئسًا في حزنٍ وضياع فقالت بقلب متألم ( روج يا حمزة خليهم يجولوا يا ولدي بكره ينسوا)
أوضح بضيق وهو يسلب الأنفاس شاعرًا بالإختناق (أنا متعود يا أمي بس سكن مكنتش أحب صورها تنزل ويتجال عليها كدِه وبسببي كمان، مرعوب تعرف )
طمأنته والدته بحنو وتفهم وقلبها يتمزق على حزنه
(مبتمسكش التلفون كتير)
سألها بلهفة عانقت نبرته (هي جنبك؟)
أجابته بثبات (لاااه يا ولدي)
سأل هيما بإهتمام بعدما صمت احترامًا لحديثهما (هتعمل إيه يا حمزة؟)
ضحك حمزة بمرارة ليمنحه بعدها الإذن بالإنطلاق (المرة دي مش همنعكم عنها اعملوا الي تحبوه)
ابتسم هيما بتشفي، لمعت عيناه بظفر مستحسنًا القول وراضيًا بمنحه الإذن للخلاص من تلك العلك (تمام يا كبير شد كرسي واتفرج بقا)
امتزجت تنهيدته بتأوهه المتوجع لتسارع ورد مطمئنةً له رغم وجعها عليه (هتفرج يا حمزة ضاجت ولما استحكمت حلقاتها فرجت وكنت اظنها لن تفرجا)
قال بصوت متهدج وقلب متصدع مكسور (يارب يا أمي أنا تعبت)
اقترحت عليه بلطف، لعلمها بمدى عشقه لسكن وحبه للحديث معها الذي قد يبدل ميزاجه (كلّم سكن يا حمزة)
صارحها بنبرة مختنقة (مش هعرف)
زفرت موضحة دوافع القول مترجية (دواك عندها يا ولدي صدجني جرب كِده)
نطق بتهالك ووهن وقد أججت كلماتها بقلبه نيران الشوق التي لا يقدر على إخمادها (عايز أنام يا أمي سلام هبجا أكلمك تاني)
همست له داعيةً بعاطفة الأمومة (ربنا يريح جلبك يا ضنايا)
أنهت الاتصال ومنحت الهاتف لإبراهيم الذي التقطه وغادر على الفور بينما أمسكت هي بمسبحتها ونهضت مغادرةً للحجرة.
جلس فوق تخته منحني بجزعه للأمام متأوهًا، اعتدل قليللًا واضعًا كفه فوق صدره المتعب؛ يطرد منه الأنفاس المحتبسة بألم ويُدخل الأخرى بصعوبة، نهض يجر ساقيه جرًا لأقرب نافذة فتحها واستنشق بقوة ثم عاد لتخته استلقى فوقه فاردًا جسده
بإسترخاء، أغمض عينيه قليلًا هامسًا (وجعي ودوايا يا سكن)
_________
في اليوم التالي أصرّت على الذهاب لشقتهم فاضطرت ورد على الموافقة والرضوخ لطلبها وإلحاحها، دخلتا الشقة فابتهج قلبها ورفرف سعادةً، جلستا فوق الآريكة فتنهدت ورد قائلة (جينا اهو يا مرت الغالي)
ضحكت سكن ونظراتها تلمع بسعادة وإعجاب
صرّحت به على الفور (بحب لما تجوليلي كدِه، إحساس إني أخصه وبتاعته دِه حلو جوي يا ورد)
اتسعت ابتسامة ورد وهي تخبرها (حمزة كمان بيحب كدِه، بيحب أجوله عليكِ مرتك مش سكن، بحس ملامحه بتتغير وجتها كإنه ملك الدنيا وكل السعادة اتجمعت فجلبه وعنيه)
أدمعت عيناها بتأثر متذكرة عينيه مرفأ الأمان وواحات الطمأنينة خاصتها،سألتها بإهتمام (ليه بتجولولي يا سكن؟)
تنهدت ورد تنهيدة عميقة وهي تطالع عينا سكن الرائعة والتي تزاد لمعانًا حين يذكر اسمه (عشان إنتِ سكن حمزة بعد التوهة، فيكِ عوضه ومعاكِ جنته)
ضمتها سكن بقوة ممتنة لكلماتها التي تمنحها القوة والصبر والثبات التي توجهها وتكون بوصلتها في طريقها إليه، التي تنير لها الدرب دائمًا وتكشف لها وجهتها دون أذي أو تجريح
ابتعدت قائلة بأمل جديد ينير وجهها ويضيء قلبها(ربنا يرجعه بألف سلامة)
أمسكت سكن كف ورد بين كفيها وانحنت تقبله قائلة بتوتر (عمتي عايزه أجولك حاجه)
توترها وشتات نظراتها أقلق ورد فتساءلت وهي تربت على خدها تمنحها الدعم والأمان لتفصح (جولي يا ضنايا)
ترقرقت الدموع بعينيها من فيض حنان ورد الوفير الذي تغدقه دون حاجة أو طلب، قالت معتذرة بندم (مش عيزاكِ تزعلي مني على عيني سفر حمزة وغيابه عنك، وعايزه أوعدك إني هصلح كل حاجة وهراضي جلبك فالغالي)
أدمعت عينا ورد وهي تتأمله الصغيرة وعزمها ثقتها وصدقها المتربع نظراتها القوية، همست بحشرجة (عارفة يا سكن، ومن يوم ما شوفتك عارفه إنك رضا جلب الغالي وراحته من بعد التعب ومستنيه وعارفة مش هتخيبي ظني)
تأوهت هامسةً بعذاب امتزج بندمها الشديد (كل دِه ثقة فيا أنا)
ابتسمت تضخ القوة في عروقها ضخًا (متستهونيش بحالك دا أنا مطمنتش على حمزة غير لما اتجمعتوا)
لثمت كفه ورد معتذرة بحرارة (حجك عليا فالي حصل، والله يعلم ربنا إني من كتر حبي فيه عملت كدِه… مش عاجبني دنيته ولا حياته لااه حبيت حمزة وجلبه وروحه جبل كل حاجة وأديله عمري ميكترش عليه)
طمأنتها ورد بدفء كلماتها واحتوائها لها(معلش أزمة وتعدي وبعدها هتعرفوا جيمة بعضكم وتحافظوا وتخافوا على بعض يابتي)
هزت سكن رأسها بتأكيد قوي ودموعها تنساب دليل صدقها (صح يا أمي بس ادعيلي هو يرضى)
أكدت ورد بصدق (حمزة بيحبك اسأليني أنا يا سكن أعرف ولدي زين وفهماه، الي فعنيه ليكِ مشفتوش جبل كِده، هيهدأ ويرجع ولما يرجع اتعاتبوا واتكلموا صفوا الي بيناتكم)
ورفعت رأسها قليلًا وطبعت قبلة فوق رأس ورد ترجوها (متزعليش مني آسفة والله)
لكزتها ورد ضاحكة تحاول التخفيف عنها (خلاص يا ملكومة متبجيش زنانة، المهم طمنيني النوبة بتجيكي؟)
ابتهجت قائلة بفرحة خاصة (لااااه ولا مرة جاتني تاني ومبجتش أشوف حاجه)
تهللت ورد واستبشرت قائلة (ألف حمد وشكر يارب)
سألتها سكن بجدية (ليه عمي حسان يا ورد؟)
أجابتها برزانتها المعهودة وحلمها (هو بس الي يجدر يجاوبك، اسألي صاحب الأمر )
ضمت سكن شفتيها مفكرة قبل أن تصارحها بحزنها الخاص (حاسة بالذنب وخايفة من زعل حمزة لو عرف مش عايزه أكسر خاطره مرة تانية)
قرصت ورد وجنتها مطمئنةً لها (متخافيش واطمني كله هيعدي بس اهتمي بصحتك وحالك عشان لما يرجع الغالي)
ضحكت سكن بحماس شديد، لتلكزها ورد (جومي يلا جبتينا هِنا دلوك وجاعدة ترغي شوفي عايزه إيه عشان نعاود)
همست سكن بخجل وهي تطلق تنهيدة شوق (وحشني حمزة جوي فجولت أجي أشم ريحته هِنا واطمن على حمزة الصغير وأشوفه هو كمان)
همست ورد بإعجاب وانبهار بقلب الصغيرة (حنيت الدنيا فيكِ يا سكن)
تأففت بقهر وغيظ قائلة في مزاح (جولي لولدك يرجع وكفياه جمص عشان نديله شوية)
ضحكت ورد على مزاحها، لتردف سكن بإستياء وهي تمط شفتيها ضائقة ( هموت ويرجع يا ورد دكتور البهايم الي مغلبني دِه)
شردت ورد قليلًا بقلق، لتفيقها سكن بسؤالها (سرحتي فأيه يا أمي؟)
ابتسمت ورد وهي تبعدها عنها (مفيش جومي يلا شوفي حالك وأنا هريح شوية على ما تخلصي)
نهضت سكن واقفة بحماس شديد، وقد دبت الحيوية وغمرها النشاط بعدما تحدثت مع ورد وغربلت أفكارها.
انطلقت تجاه الحجرة فتحتها ووقفت دقائق تأخد أول رائحة منها، وأول أنفاس قبل أن تتبدل بتجدد الهواء فيها.. ولجت مبتسمة توزع نظراتها متذكرة وكل ركن يروي قصة شوق مختلفة.
رن هاتفها فرفعته لتجد مكالمة جماعية ما بين مودة وعاليا، أجابت مبتسمة (هلا)
قالت عاليا بمرحها المعهود (اهلا بست الحسن والجمال الي الدكتورهينسيها اسمها)
شاكستها سكن بمزاح ومزاج رائق (هو أنا اسمي إيه كِده فكريني)
صاحت عاليا (دا دليل إنك نسيتي خلاص)
ضحكت سكن بنعومة وهي تجلس على حافة التخت مستمعة، ليأتي صوت مودة الصارخ (ركزوا معايا دلوك لو سمحتوا)
أجابت سكن بمرح (مركزين)
بينما قهقهت عاليا هازئة (زين مشيبها يا عيني البت تركيزها راح)
ابتسم سكن بفرحةً لأجل أختها ثم سألتها بجدية واهتمام (مبسوطة يا مودة؟ حاسة بإيه احكيلنا)
صمتت قليلًا لتردف بكلماتها كأنما تعتذر لحبيبها عن سوء الظن (حمزة كان عايز ينزلك ويشوفك ويشوف زين، جال لو حد جابرها تجولي)
صاحت عاليا مستحسنة (العيلة دي مفيهاش غير حمزة الله يرحمك يا عم)
تنفست مودة بقوة ثم أخبرتهما (مش عارفه حاسة إني متاخده كدِه، مش فاهمة هو حواليا مبيدنيش فرصة لأي حاجة)
سخرت عاليا بضحكة (عنيف حضرة الضابط والله ربنا يستر)
سألتهما مودة بقلق وإرتباك (هعمل إيه فكتب الكتاب الي اتحدد دِه)
قطعت عاليا الحديث متوسلة (ما تيجي يا سكينة وحشتينا يا بت)
قالت برفض قاطع دون أن تقف ثانية مفكرة (مسيبش أمي ولا أسيب بيتي وحمزة غايب لما يرجع بإذن الله)
صرخت مودة بتوتر (ما تركزوا معايا شوية دِه أنا هنزل معاه كيف قنا نجيب الشبكة والفستان؟ )
قهقهت عاليا شامتةً فيها (آه يا مودة هيعيد تربيتك زين، يا عيني يا بتي كنتي مؤدبة وعاجلة ورزينة هيلففك حوالين نفسك كان لازم تديله ال٢٠٠جنيه)
هتفت مودة بغيظ (ياريتني اتشليت يا اختي…
اهو ذللني بيها) صرخت موضحة بتشبث (طبعا هتنزلي معايا يا عاليا الزفت مش هتسبيني)
أكدت عاليا بحماس (لازم)
لينقضي النهار بثرثرتهم ومزاحهم الذي لا ينتهي وترابطهم الذي يبدأ من جديد بنكهة خاصة
************
بعد عودتها لمنزل عمها مساءً
في إحدى جلسات المصارحة التي إعتادا عليها، والتي تستمتع فيها بالإنصات إليه وكشف الغموض والأحداث بنظرة أخرى ورأي آخر من نافذته هو شرير الحكاية كما يظن الجميع، والحقيقة أنها أحبت هذا الشرير الوحش ورق قلبها له ولحكايته وعشقه السرمدي، طيبته وورعه، تقوته وصلاحه وبكائه كل ليلة فوق سجادته الذي يأتيها كنسائم باردة، منحها نظرة دافئة كأب حنون مراعي ، يحتوي بصبر ويفهم، لا يبخل بأي شيء حتى تصل لمبتغاها ورضاها وحاجه نفسها من المعرفة والزود.
تلك الصغيرة التي أثارت عاطفة الأبوة داخله ومنحته ما حُرم منه يشعر أنها بحاجة له، لأن يفرغ في عقلها خلاصة تجاربه وعصارة المِحن ومعرفته التي اكتسبها وأثقلته، تحتاج لأن يضع قدميها على الطريق وهو لن يتوارى عن مساعدتها ما دام في صدره نفس يتردد، يشعر بمسئوليته تجاهه لذلك لن يطمئن حتى يعبر بها عواصف الأزمات وخطوب الزمن ويسلمها لزوجها راضية هانئة.
هتفت بهيام وهي تتناول منه كوب الشاي الذي يحرص دائمًا على صنعه أثناء تسامرهما (بحب الشاي بتاعك يا عم، بس بحب ريحة جهوة حمزة أكتر، ريحتها بس بتخليني أحس إن هو جنبي ومعايا، حوليا)
ابتسم قائلًا وهو يرتشف من كوبه (ربنا يريح جلوبكم)
أردف (عزام جلي إنك طيبة وحنينة كيف ورد ومكدبش)
ضمت شفتيها متأسفة مترحمة عليه (الله يرحمه كنت بحبه)
ضحك قائلًا وهو يهز رأسه (بتحبي كل الناس إنتِ يا سكن، بتكرهي مين؟)
تنهدت ثم قالت وملامحها تتجعد بقرف وإمتعاض(بكره رفعت ومرته وولدهم)
ارتشف حسان في صمت مهيب وصبر مستمعًا لأسبابها بتفهم (كانوا بيضايجوا حمزة)
سألها بإهتمام (جالوا جدتك بتحبك وغالية عندها)
تهكمت بقرف وهي تضم الكوب بكفيها ساخرة في لا مبالاة (لاااه كان زمان دلوجت بجيت تبع حمزة وورد وكرهتني)
تنفس هامسًا بشرود (ربنا يكفيكِ شر الجلوب الجاسية يا بتي دول جسوتهم ملهاش طب ولا دوا، نار بتحرجهم وتحرج الي حواليهم)
تلفتت إليه متسائلة بإهتمام(صُح يا عم مرت خالي أمها كانت سحارة؟)
أجابها متأثرًا بقولها الذي مرر الحزن في نظراته (أيوة يا بتي) فجر قنبلته ضاحكًا في سخرية مريرة (وأنا كنت بساعدها)
استنكرت بحزن وعدم تصديق (إنت يا عم؟)
حكى لها وأنامله تلوذ بمسبحته، يستعين بذكر الله لتهدأ نفسه وتطمئن، ويتذكر أنعم الله عليه (مرت عمي كانت بتعزني، وتجولي علطول إني ولدها الي مخلفتهوش وأنا كنت معاهم مبفارقهمش فديل عمي وتحت طوعه، وجنب الورد...) همسها بإبتسامة وخجل، لتبتسم هي الأخرى وهي ترمقه بإشفاق وتشجعه بنظراتها على المواصلة (كنت بتجولي هجوزك ورد، ورد ليك...مات عمي وملدش على أبوي عمايلها وأذى الناس منعها متمنعتش، هددها مخافتش فخد ورد منها ومشاها، فضلت أنا جريب من مرت عمي وأراعيها اتعلمت كل حاجه منها، السحر والشعوذة وفتح المجابر والأحجبة والربط)
راقبت حزنه وندمه بأسف، لتسأله (هي دي الي سألت عليها ورد يوم ما جابلتنا في الجبّانة؟)
هز رأسه بتأكيد فسألته بإهتمام (تابت يا عم؟)
أكد بتنهيدة رضا (تابت يا بتي)
سألته وهي تربط الأحداث والكلمات (عشان كدِه طلبت إنك تداويني يا عم)
قال منتفضًا متبرئًا من آثمه متنصلًا من شكها فيه (حد الله يا بتي، بعالجك بكتاب الله، بس معرفتي الجديمة سهلت عليا وعرفتني حاجات كتير غيري ميعرفهاش وبدل ما اشتغل في الي يغضب ربنا بشتغل بالي يرضيه وفي الي يرضيه)
مسحت دموعها المتأثرة وسألته تخفف عنه بتوجيه الحديث لنقطة أخرى (أبوي وورد كانوا أصحاب؟)
ضحك قائلًا متذكرًا بحنين (أمي كانت تجول عليهم راسين فطاجية)
التمعت عيناها وهي تحكي ما تتذكره ومازالت تحافظ عليه وتحفظه بصندوق الذكريات العتيق تواريه من وحش النسيان (فاكرة أبوي كان يحبها جوي فاكرة كده كان يوم ما تيجي بيتنا كنه يوم عيد)
هتف بوجع حقيقي وحزن رابض بقلبه (من يوم ما جات وهو معاها ميفارجهاش، كتير اتمنيت أكون بداله سواعي أغير منه وسواعي أكرهه)
انقبضت ملامحها بحزنٍ وألم فسألته بتردد (عرفها على خالي.؟)
أشاح متابعًا وأنامله تطارد حبات المسبحة،والوجع داخله يتضخم
(كان صاحبه الروح بالروح، شافها مرة والجلوب اتولفت وَالمحبة اتوصلت بيناتهم)
سألته بحذر شديد تترقب قوله (كرهت أبوي إنه جربهم)
ابتسم يصرف عنها سوء تفكيرها والألم الذي تجمهر بنظراتها التي تحاوطه منتظرة قوله بخوف
(كرهت حظي وجدري الي فرجنا)
سألته مرةً أخرى ولا تكتفي من المعرفة
(جتلته عشانها؟)
شاخت نبرته وانهزمت وضعفت بعد قوة
(لو عشانها كان هيبجا من أول يوم، مش بعد سنين طويلة اتعذبت فيها، ولا كنت عملتها عينك معين وخليتها تكرهني )
وضع كفه على عينيه بعدما أغمضهما، صبرت منتظرة كلماته التي جاءت مخيبة للآمال، هتف بحشرجة (جومي نامي كفياكي يا بتي)
أومأت بطاعة محترمة قراره ورغبته في عدم التكملة، مقدرةً قسوة الكلمات التي خرجت من صدره والتي من المؤكد أدمته كأشواك وقت خروجها..
مالت ناحيته تربت بكفها الصغير فوق كتفه بحنو وموازرة، قبل أن تنهض واقفة تهمس (تصبح على خير يا عم)
تركته ولم ينطق، أخذته الذكريات في ركاب الماضي الأليم يسير في هوله ومشقته وحده.
********
جلست زهرة تقضم أظافرها بتوتر، حتى الآن لم يصلها أي رد فعل لحمزة وأصدقائه، صامت يربكها سكوته، وعدم تحركه للرد أو حذفه
رن هاتفها فرفعته مجيبة بقلق وترقب، بعدما قطبت في اندهاش فمن سيتصل بها الآن
(الووووو)
هتف بنبرة حادة جادة حذرة (أيوة يا زهرة عاملة إيه؟ أنا حمزة)
ازدردت ريقها بتوتر وهتفت بنبرة مهزوزة بعض الشيء لم تستطع التحكم فيها (ازيك يا حمزة عامل إيه؟)
أجابها بصبر وملامحه تنضح سخرية وهو يمط حروفه مخفيًا فيها توعده المتواري (تماااام)
سألها بهدوء شديد خطير تهابه منه ويدمر أعصابها(إيه الفيديو الي نزل دِه يا زهرة؟)
ادّعت الجهل متسائلة وهي تنهض متحركة في الحجرة متشبثة بالقوة من ضلال منطقها وظنها (فيديو إيه؟)
سخر منها في فظاظةً وغلظة وضحكة متهكمة حرقت أعصابها(ياشيخة عليا أنا برضو)
تصنعت الحزن في براءة كاذبة وقالت معاتبة في ملامة (قصدك إيه يا حمزة؟ إني أنا الي عملاه)
ختمت كلماتها بشهقة مدّعاة وهمس (بتتهمني أنا)
ليهدر فيها بقسوة راكلًا صبره (أيوة إنتِ محدش يعرف ولا سمع غيرك، وموظف الكاميرات اعترف عليكي )
صمتت تستجمع كلماتها لتنكر، تستعطفه وتستجديه ببكاء مصطنع (محصلش دا بيتبلى عليا يا حمزة)
قال في غلظة شديدة من بين أسنانه يسخر من قولها(والله بيتبلى؟ والفلوس الي بتتاخد وأنا ساكت برضو بنتبلى، المبلغ الي دخلتي وسرجتيه الكاميرا بتكدب برضو؟ )
شهقت متفاجئة بمعرفته،بكشف سرقتها، ارتبكت وتبعثرت أفكارها ليقول بغضب متشفيًا فيها(فكراني مش عارف لا عارف وساكت والي سبج وخدتيه كنت بحط بداله وأجول معلش يمكن محتاجة ومحرجة تطلب، في المطعم يا زهرة كاميرات محدش غيرنا يعرف مكانها )
صرخت متخلية عن حذرها، نافضة صمتها بحقد (كله بتاع أختي وتعبها)
هتف فيها هازئًا من كلماتها (أختك إيه؟ تاني يوم وفاتها أبوكي وأمك جم المطعم وخدوا نصيبها فلوس يا زهرة متستهبليش لا جدروا حزني ولا صدمتي ولا عملوا حساب لعشرة وعيش وملح وكأن الي ماتت دي ولا حاجه)
صمتت تتنفس بعنف، تزمجر تخونها الكلمات فهدر فيها بغضب (أنا تشهري بيا وتفضحي مراتي، أنا تكشفي ستر بيتي يا قذرة دِه جزاتي )
صرخت فيه بإنفعال، بجنون ورثته من خيبتها فيه بعدما حطّم قلبها (مش دي الي فضلتها عليا بعد ما استنيتك وصبرت معاك)
صاح فيها غاضبًا من هذرها بذهول متعجبًا من قولها (استنيتي وصبرتي ؟ مين جالك استني حضرتك أنا وعدتك بحاجة؟)
أوضحت بحرقة وشماتة شديدة (روحت جيبتها والله أعلم وراها إيه؟ واهي معذباك ومطلعة عينك وفضحتك قدامي ومسحت بيك الأرض، والله شمتانة فيك)
هددها بغضب مستعر (والله لتشوفي مني وش تاني يا زهرة لو ما مسحتي الفيديو واحترمتي نفسك)
قالت ببكاء وصراخ (هتعمل إيه يعني؟)
قال بثورة، مهددًا دون ذرة ندم (مش هعمل حساب لا لعشرة ولا لأي حاجة يا زهرة وهسيبك لحسن وإبراهيم يعملوا الي عايزينه وإنتِ عارفه الباجي وعارفه بيعزوكي كد إيه؟ )
صرخت مرة أخرى بهستيريا وانهيار (كله دا عشان الكلبة الي جبتها من ورا الجاموسة)
صعق من كلماتها فقال بتأكيد وتصميم (هخليكِ تندمي يا زهرة على الكلمة دي، مرتي جزمتها برجبتك، ما في كلبة غيرك، و تبجي بت أبوكِ لو جربتي منها تاني، أنا صبرت وعديتلك كل حاجه بمزاجي بس خلاص إنتِ جبتي أخري وجيتي على الي مينفعش أسكت عليها)
قالت ببكاء (كل دِه عشان واحدة مش معبراك ولا طايقه قربك منها)
قال يستفزها يتشفى فيها وينتقم (مالكيش دعوة عجباني وراضي منها بأي حاجه، عارفه نظرة الرضى بس منها تساوي الدنيا وما فيها)
صرخت بحرقة شديدة وكراهية (ربنا ياخدها يارب تموت ومتتهناش بيها ولا معاها)
انقبض قلبه وضاق صدره من كلماتها التي أوجعته بشدة، فهتف بها (غوري خلصت كدِه، استني ردي)