الأخيرة الجزء 1

12.5K 356 44
                                    

الستون والأخير «الجزء الأول»
جلست سكن جوار عاليا الصامتة، تدثرت معها وشاكستها بحنو «بت يا عاليا بتبصي للحيط ليه؟»
إعتدلت عاليا في جلستها متنبهةً لها، فلكزتها سكن تحاول جاهدة العبور بها من تلك المحنة «تكونيش بتتخيلي سليم في الحيط يا بت؟»
صمتت عاليا ببؤس لا ينكشف،وغم لا ينزاح،سألتها سكن باهتمام وهي تنظر لتوهتها وحزنها «مكلمتيش سليم؟  هو مكلمكيش؟» هزت عاليا رأسها برفض مما جعل سكن تلومها «ليه يا عاليا؟  مش تكلميه تطمني عليه»
أخرجت عاليا من بين شفتيهًا نفسًا متهالكًا وقالت بصوت مبحوح «ملياش نِفس يا سكن وياريت يكون غيّر رأيه ويريحني من الهم الي على جلبي»
شهقت سكن بإنفعال واضح على ملامحها المتغضنة بضيق، قبل أن تهتف منزعجة من قولها «هم إيه؟  لسه برضو مصممة على الي فدماغك؟»
أجابتها عاليا وهي تستقبل الدموع على أطراف أناملها هامسة بمرارة «يا سكن أنا لا أنفعله ولا ينفعلي خلاص»
زعقت سكن فيها بغيظ «وإيه يجل نفعه؟ شيلي الوساوس دي من دماغك وجومي رني عليه»
همست عاليا بعناد قبل أن تعود لقوقعتها وتدفن نفسها في الصمت «مش هرن يا سكن معنديش طاقة لأي حاجة ولا جادرة»
مع آخر كلماتها انفجرت في البكاء فضمتها سكن لأحضانها تهدؤها«خلاص يا بت وحدي الله»
ابتعدت عاليا ومسحت وجهها بكفيها وانعزلت عن سكن وعن العالم من جديد
أيقنت سكن أن نصائحها لا تفلح وقولها لن يُسمع، وحده سليم يمكنه حل المُعضلة وإيقاف نزيف الوجع داخلها ومعالجة تلك الجراح بروحها، روحه المُحبة يمكنها أن تخترق الحواجز وتهدمها وتغوص لترمم وتعالج، بغياب سليم زاد حالها سوءًا وكلما تقدمت خطوة عادتها ببشاعة، تظنه تخلى فيزداد ألمها، تريد الفراق وقلبها يخشاه، إذًا الحل يكمُن في سليم ذاته.
هدأتها سكن واطمأنت لنومها ثم خرجت، نقّلت نظراتها بين الوجوه الحزينة والأجساد الساكنة، رأت الحزن راكدًا في وجه والدتها والنظرة شاردة ترقد فيها الدموع دون أن تتخلى وتهبط، وجَدّها متكومًا متكورًا فوق الأريكة غائبًا، تارة يبكي في رثاء وتارة يصمت في أنين، لا تدري لما انقبض قلبها بوحشة فوضعت راحتها فوقه ملتقطة أنفاسها ترطب حلقها متسائلة بقلق يخترق القلب ويطعنه «في إيه؟ جاعدين كده ليه؟»
لم يُجبها أحد، انعزلوا في تيه وتخبُط نأو بأنفسهم وبأثقالهم في عالم بعيد لا يُسمع فيه إلا صوت الألم وأبواق الحزن والدمار، زاد خوفها فأرادت الهرب لجنتها واحة الأمان خاصتها
اندفعت ناحية الباب وقلقها يتصاعد، وقفت مريم أمامها مانعة تُخبرها برجفة «متطلعيش يا سكن دلوك»
سقط قلبها في أحشائها، انتفضت تخبرها بما تنتويه «رايحه لحمزة»
رمشت مريم ثم أخبرتها بوجوم «حمزة مشغول» أبعدتها سكن برفق وكلها يرتعش «مشغول فأيه؟»
جذبت راضيها نفسها من التيه وتحدثت  متذكرة تشديد حمزة بألا تخرج سكن «اجعدي يا سكن واسمعي»
زاد خوفها ورعبها فقالت غاضبة مفزوعة«بتمنعوني ليه؟ حمزة فيه إيه؟  طلعوني أشوفه؟»
أبعدتها مريم وثبتتها بكفيها قائلة بإختصار علّ سكن تستجيب وتصمت «خالك بره يا سكن»
لطمت سكن بزعر وصرخت بصدمة وخوف زاد أضعافًا مضاعفة «خالي، طيب طلعيني أطمن على حمزة»
أخبرتها مريم بهدوء متفهمة قلقها وخوفها فهي أيضًا تشاركها نفس الخوف على زوجها «مينفعش حمزة منبّه متطلعيلوش لو عرفتي»
اندفعت سكن زاعقة لا تطيع ولا تمتثل لأمر«يجول الي يجوله عايزه أشوفه»
توقفت عن المجادلة حين استمعت لصوت السيارات ورأت أضواء سيارة الشرطة عبر منافذ الباب العلوية، فجلست منهارة تخشى العاقبة، انكمشت مثلهم تتقاذفها الأفكار ككرة بعد مرور نصف ساعة.
طرق عمار الباب ففتحت مريم واستقبلته بتنهيدة راحة وضمة حنون مواسية، بينما وقفت سكن متعثرة تسأل بإرتجاف«حمزة كويس يا عمار»
ابتسم عمار مطمئنًا لها وهو يربت بحنو فوق رأسها «متخافيش كويس روحيله»
انطلقت راكضة، تعثرت ووقعت أرضًا على عتبة المنزل فكانا ذراعيه حماية لها وانتشال لجسدها، سألت بلهاث وهي تتأمله بخوف وذعر يلاحقها كصياد ماهر «أنت بخير»
ضمها لأحضانه وهو يجلس على عتبة المنزل منهكًا يلتقط أنفاسه المتعبة بروية، ابتعدت قليلًا مررت أناملها المرتعشة على وجهه غامض التعبير مطموس المشاعر، لا تتبين ما يحيطه الآن لذلك همست بدموع ليفتح عينيه وتفهم «حمزة» فتحتهما فاشتدت حيرتها وتاهت في دروب روحه،عادت لأحضانه بصمت حتى يُفصح  .
بالداخل كانت ورد بالمطبخ تُعد طعام العشاء بمزاج رائق وقلب مُفعم بالفرح، تدندن، تمرّالذكريات فتبتسم حتى انتهت وخرجت تنادي ولدها «حمزة يلا يا حبيبي تعالى اتعشى»
تعجبت سكن من نبرتها الرائقة، رفعت رأسها فابتسم حمزة وسحبها للداخل ثم أغلق الباب خلفهما وجلس حول الطعام
مازح حمزة والدته «إيه العشا الرايج ده يا ورد» أجابته بابتسامة حنون وهي تعطيه خبزًا له ولزوجته الجالسة جواره ببلاهة تتابعهما ولا تنطق «من بعد عمايلك يا شيف حمزة»
تأمل حمزة محتويات الأطباق ثم سأل «فين العسل؟ كنت جايب معايا»
لكزته ورد منبّهة له «العسل جنبك مش مكفيك»
التفت حمزة لزوجته مبتسمًا، غمزها وقال بغرام «لاه مكفيني وزيادة»
سألتهما وهي تنقّل نظراتها بينهما بتوجس وإرتباك «هو حصل إيه؟  جالوا خالي كان هِنا»
قالت ورد بضحكة مضيئة دافئة«ولا حاجة صفينا حسابنا معاه وزين خده يوجب » بدلت ورد الكلام والتفتت لحمزة مُعاتبةً «مجولتش ليه لزين يتعشى يا حمزة» قال ببساطة «جولتله جلي مودة مستنياني»
سألتهما سكن ببلاهة ومازالت تتابع ولا تشارك يقلقها هذا الجو الغامض «أنتو كويسين»
نظر حمزة لوالدته نظرة رضا قبل أن يُجيبها بضحكة «زي الفل أنتِ الي مالك»
شردت قليلًا فنبهته ورد لها «وكلها يا حمزة ضريت على كده مش هتعرف تاكل»
قرّب حمزة الطعام من فمها فظلت على حالها تغلق فمها وتطالعهما بدهشة وشرود فسخرت ورد «هتاكلي ولا تاخدي علجة زي خالك»
قطبت في ضيق واستنكار فضحك حمزة قائلًا وهو ينظر لعبوسها «عايزه تاخدها زي خالها»
فرد حمزة كفه فضربت ورد بكفها فوقه كصديقين حميمين متفاهمين وهي تؤكد « شد حيلك يا حموزتها ومتجصرش»
التفت لها حمزة ونظر لعينيها هامسًا بهيام «خسارة العينين الحلوة دي يا ورد، لما تبوصلي كدِه يبجى تتباس متتفجعش أبدًا»
حملقت فيه سكن ثواني قبل أن شهق وترجع بجسدها للخلف مستفسرة «أنت فجعتله عينه؟»
قالت ورد متحسرة بمزاح «دي هي بس واحدة كان نفسي يكونوا التنين بس يلا»
شاكسها حمزة بمرح «أروح أزوره وأفجعلك التانية ولا تزعلي يا ست الكل»
رفضت ورد وهي تجاريه في مزاحه بسخرية «لاه يا ولدي خليله واحدة يشوف بيها الويل»
ضرب حمزة على كفها المفرودة يؤكد بضحكة رائقة «صُح يبجى بلاش»
رمشت سكن تحاول أن تستوعب ما قيل ومزاحهم الغريب ومشاكستهم، هدوء بالهم وفرحتهما والانتصار في نظراتهما فنهضت واقفة تعتذر بخفوت وتركض هاربة للأعلى.
بعد مدة دخل الحجرة فوجدها منكمشة زائغة البصر، ابتسم بحنو واندس بين الأغطية ملتصقًا بها يسألها «حبيبي ماله بجى»
ابتلعت ريقها ونظرت إليه تسأل «مخلتنيش أشوف خالي ليه؟»
داعب ذقنها وسألها بضحكة ساخرة «كنتِ عايزه تشوفيه؟» هزت رأسها مؤكدة وهي تراقب ملامحه فتهكم منها بضحكة «وشك جاب ألوان لما سمعتي أمال لو شوفتيه؟»
همست مُصرّحة «متخيلتش إنك تعمل كل دِه يا حمزة؟»
جذبها لأحضانه وضمها قائلًا «وأعمل أكتر من كدِه» سألته وهي ترفع رأسها «مبسوط؟» أجابها وهو يقرص خدها «أيوة يا حلوة ومش عايز أنام وجومي يلا وانسي »صمتت بتفكير فشجعها بحماس «بجالك كتير مرجصتيش جومي يلا عشان أنا فرحان »
انكمشت معترضة رافضة «لاه هنام»
تركها وابتعد قليلًا ينقر فوق هاتفه بإنشغال، نظرت إليه متعجبة تسأل«مش هتنام؟»
أجابها وهو يترك الفِراش ويقف أمام النافذة ينقر فوق هاتفه منشغلا به «لاه نامي لو عايزة أنا هسهر شوية»
طلبت بوداعة «طيب تعالى جنبي»
أصدر بفمه صوتًا رافضًا وهو ينظر من النافذة ويتابع النقر فوق الهاتف بإبتسامة.
تمددت مفكرة بشرود حتى جذبتها قهقهاته الرائقة المفعمة بالبهجة فاعتدلت تنظر إليه بشك قبل أن تطلب «تعالى يا حمزة»
قال بسرعة وهو يقلّب في الهاتف بإهتمام «لاه نامي أنتِ أنا دقيقة وهنزل أسهر مع أمي»
جزت أسنانها بغيظ وهي تتابعه، حتى قررت النهوض وقفت تنظر من النافذة فرأت جارتهم الجديدة تمسك بالهاتف وتتجول مبتسمة، كتمت سكن شهقتها ببطن كفها واستدارت تهتف بشبه صراخ «بجى بتكلم دي»
نقّل حمزة نظراته بينها وبين الهاتف مستنكرًا قولها وشكها «مين دي»
أشارت للخارج بالأسفل وهي تصرخ «الزفتة جارتنا»
وبخها بضيق من اتهامها له وشكها فيه «أنتِ مجنونة» سحبت الهاتف منه زاعقة «ما صدجت جولتلك هنام روحت جيت وجفت وكلمتها وبتضحك ورايج»
هز كتفه مستغلًا الأمر لصالحه  يقول بإستهانة «ولنفرض بكلمها عادي أنتِ مش حابه تسهري معايا وتتكلمي وهي صاحية وعندها استعداد خلاص»
ضربته بقبضتها على كتفه في غضب واستنكار «كدِه يا حمزة ماشي هروح أبات عند أمي» قال بضحكة مستهينة «روحي يا حبيبي وماله»
فغرت فمها مندهشة قبل أن ترمي الهاتف أرضًا متعمدة وتخرج مغمغمة بسخط وتوعد
لعنها حمزة وهو يعود ويلتقط الهاتف.
وضع حمزة الهاتف بجيب بنطاله القصير وخرج يبحث عنها حتى وجدها جالسة جوار جدها في المندرة، كتم ضحكاته واقترب منها يهمس «هتنامي هنا»
أشاحت هامسةً بفظاظة«عشان تخوني براحتك»
ابتلع ضحكته وهمس وهو يجذبها «تعالي»سحبت كفها وعقدت ساعديها أمام صدرها في رفض، فاضطر لأن يحملها بين ذراعيه قائلًا «اهدي بلاش عكننة»
استنكرت قوله واتهامه الظالم «أنا بعكنن»
عاتبها بحنو وهو يصعد بها تجاه حجرتهما «معارفش مالك كامشة يكنش زعلانة على خالك؟» قالت بسرعة تنفي عن نفسها «مزعلانش عليه زفت أنا بس مش متخيلة أنت تضرب كده»
قهقه ثم قال بصوت خفيض أمام وجهها «وأكتر من كدِه تجربي»
همست رافضة قوله بزعر«لاه لاه أنا اتضربت كتير من كل الناس»
تأفف وهو يضعها فوق الفراش برفق منزعجًا من قولها «متفكرنيش»
سألته وهي تقف على ركبتيها وتحاوط عنقه «بتكلم البت دي ليه؟»
لوى فمه مستنكرًا يتغزل فيها «أكلمها ليه؟ في حد يبجى معاه الجمر ويبص للنجوم»
ابتسمت متنهدة بإستسلام وذوبان فاقترح «جومي غيري هدومك وبطلي نكد أنا مبسوط يا سكن» لثمت خده ونهضت بسرعة تلبي له طلبه فالليلة غير كل الليالي نال حقه وشفى غليله.
************
♡في قنا♡
دخل زين شقته مناديًا بمرح «بت يا ميمو» خلع معطفه وصفّر مكررًا ندائه، فانتفض جسدها أمام الحضور وضحكت برقة ووجها يتورد بخجل من تدليله لها وسماعهم ،نهضت مستأذنة وقد لمست في فرحته النصر المرتقب  «عن إذنكم زين جه»
اندفعت خارج الحجرة بلهفة، ونبرته الرائقة توشي لها بسعادته، اقتربت منه فابتسم ضمها ورفعها عن الأرض قليلًا يخبرها بإشتياق «وحشتيني»
تناست وانشغلت لا ترى سوى سعاته ولا تشعر سوى بلهفته، سألته وهي تبتعد وتنظر لعينيه «حصل»
مال يقبلها بشغف وهو يهمس منتصرًا «حصل»
ضمته بقوة تبثه فخرها به وإعجابها بنجاح خطته وجهده «مبروك يا حبيبي الحمدلله أنا مبسوطة عشانك»
حمحمت ابنة عمه تُعلن عن وجودها قائلة بحرج «احنا هنا ممشيناش»
انتفضت مودة مبتعدة عنه، تُخبىء وجهها المتورد خجلًا وحرجًا، تلوم نفسها على نسيانها وانشغالها بفرحته وعودته لها سالمًا احتفظ بها زين داخل أحضانه رافضًا مغادرتها وهو يسأل «دول بيطلعوا امتى؟»
ابتعدت عنه مودة رغم رفضه، فاقتربت منه ابنة عمه وضمته تحت نظرات مودة المندهشة التي تحولت لغضب جارف وتوعد.. خرج خلفها زوجها فرحّب به زين وعانقه بمودة وتبعتهم المدللة التي ما إن اقتربت حتى هتفت بغنج «زينو وحشتني» حمحم زين بإرتباك وهو يتجه بنظراته لزوجته المبتسمة ولا يظهر عليها أي انفعال، حاولت أن تضمه المُدللة أسيل لكنه منعها بغلظة «ما تهدي يا بابا»
عقدت ساعديها معترضة تسخر بمكر «ما أنت كنت بتحضن وتبوس زمان ولا نسيت» همس زين لابنة عمه منزعجًا في حنق «جيباها ليه دي؟»
همست معتذرة له «شبطت والله ومعرفتش أتخلص منها»
مازالت مودة صامتة بصبر تتابع بغموض لا تمنح المدللة النصر ولا تتوج أفعالها الماكرة بتاج النجاح وهزيمتهت، قال زين بحنق «معلش يا أسيل مراتي بتغير وأنا محبش أزعلها» لوت فمها بتهكم ونظراتها تتجه لمودة في تلقائية «مش باين يا زينو»
قال بسخرية وهو يتّجه ناحية الصالون «اخليها ترنك علقة يعني عشان يبان»
جلست مودة جواره فضمها بذراعه وقربها منه في امتلاك مما أثار غيظ أسيل وغضبها منه.. مال زوج ابنة عمه محمد ناحيته، فترك زين زوجته واقترب يستمع لهمسه الذي فاجئه بتغزله الوقح في زوجته«إيه الحتة الفرعوني دي يا عم؟ وأنا أقول زين غطس فقنا ونسينا أتاريك ياعم واقع على حاجة مبهرة ملفوفة لفّ» لم يدري زين بنفسه وبعصبيته المفرطة إلا وهو يلكمه فجأة على وجهه، شهقوا متفاجئين فضحك زوج ابنة عمه مخففًا من الأمر، بينما عاتبته زوجته «قولتله إيه؟   لازم كدا » انطلقت تحذيرات زين «قولي لجوزك يسكت ويبعد عني ويلا مش مراتي ضايفتكم على تحت يلا »
تشبثت أسيل «الشقة تحت مش هتكفي أنا هبات هنا فأوضة الأطفال»
قال زين بوقاحة وهو يشملها بنظرة ساخطة «لا يا ماما أنا لسه عريس انزلي نامي فحضن أخوكي»
عاتبته مودة بأدب «زين ميصحش الي بتجوله والي بتعمله ده»
أسكتها زين بإشارة حادة  «مالكيش دعوة»
ابتسمت ابنة عمه وطمأنتها قائلة «متقلقيش احنا كدا مع بعض متعودين»
نظر زوج ابنة عمه له هازًا حاجبه بإستفزاز فأشاح زين يتأمل زوجته وما ترتديه بقلق، زفر زين بضيق من ضحكات زوج ابنة عمه، ونهضت أسيل أخته زافرة بغيظ وخلفها ابنة عمه، أغلق خلفهم وعاد لزوجته التي دخلت حجرتها تبدل ملابسها، لعنهم زين داخله فقد كان يرسم أحلامًا وردية ليلته، قالت مودة بسخرية «مبوستش وحضنت ليه يا زينو»
كتم ابتسامته واقترب منها يضمها هامسًا «لا عيب»
ضربته على كتفه بقبضتها قائلة من بين أسنانها بغيظ «بس كنت بتحضن وتبوس الأول» قال بضيق «بقولك إيه متبوظليش الليلة بدل ما أنزل اطردهم دلوقت»
نظرت إليه بإمعان فلثم شفتيها هامسًا «خلاص بقا يا ميمو»
ابتسمت برضا وسألته وهي تداعب ياقة بلوفره الصوفي «هو جلك إيه عشان تضربه؟»
قطب في إنزعاج حينما تذكر سفاقة زوج ابنة عمه وتعمده استفزازه وإثارة غيرته فقال وهو يبتعد عنها «كبري دماغك قال الي قاله»
خلعت عباءتها المنزليه وحجابها ثم قالت في حماس «هجهزلك العشا بسرعة على ما تاخد دوش وتغير هدومك وتحكيلي كل حاجة واحنا بنتعشى»
ابتسم برضا فغادرت للمطبخ وعملت بهمة وحماس حتى انتهت، حملت صينية الطعام واتجهت لحجرة نومهما فاستقبلها وقد خرج للتو من المرحاض يجفف خصلاته «هناكل هنا؟»
قالت بدفء وهي تجلس أرضًا «أيوه الجو برد عليك بره»
جلس جوارها يمسك بكفها هامسًا «أنا خدت اجازة شهر هنروح نعمل عمرة وبعدها نسافر المكان الي تحبي تقضي فيه شهر العسل»
قالت بفرحة «عمرة بجد؟» هز رأسه مؤكدًا وهو يقبّل باطن كفها «أيوة عشان نعمل عمرة لأبويا وخالك وعمك»
ابتسمت وهي تضم وجه بكفها الآخر هامسةً بعاطفة «شكرًا إنك اتمسكت بيا لو مكنتش عملت كده وجربنا مكنتش هشوف جمال جلبك ده»
ابتسم وضمها يشاركها فرحته بنصره «دا أكتر يوم مرتاح فيه من سنين، حاسس إني جعان نوم وجعان أكل وراحة وفرحة، عايز أعمل حاجات كتير يا مودة ومبسوط أكتر إني مش هعملها لوحدي لا مع البنت الي حبيتها» رفعت رأسها مبتعدة عنه تخبره بحماسها وانتظارها له «من ساعة ما طلعت وأنا مستنية تيجي وأشوفك بعد ما ارتحت، متشوجه أشوف فرحتك بإنجازك وراحة جلبك»
همس وهو يلثم جبينها بقوة «بحبك والله» ابتعدت عنه؛ لتتناول طعامها وتشجعه على تناوله فسألها بحنان «تحبي أحكيلك؟»
قرّبت بعض الطعام من فمه وقالت برزانة «لو ده هيبسطك تمام إنما لو عليا مش فارج معايا غير فرحتك وراحة جلبك غير كده مش ضروري أعرف، ومتفكرش عشان هزعل لاه خالص، ضربته أو موته أو حتى رميته في الترعة هناك عادي»
ضحك زين مشاكسًا لها «حبيبي ميمو يا عاقل أنت» انشغل بتناول الطعام والثرثرة معها عن خططه للإجازة وشهر العسل ورغبته في زيارة كل الأماكن السياحية في مصر معها، أثنت على فكرته وشجعته بحماسها ورغبتها فيما قال.
انتهى العشاء فتدثرا فوق الفِراش يستعدان ككل ليلة لقراءة جزءًا من أحد كتب التاريخ، قسّما صفحات الكتاب كل واحد منهما يقرأ جزء بصوت عالي والآخر يستمع وأثناء قراءتها أوقفها قائلًا «مجرم قلبي»
سألته بإنشغال وهي ترسم فوق شفتيها ابتسامة رائعة «أمممم»
أجاب وهو يحك فروة رأسه «أنا حفظت الدعاء» اتسعت ابتسامتها وقالت مختبرة له بمرح «جوله الأول اتأكد مش مصدجاك»
حمحم في استعداد ثم قال وهو يغلق الكتاب «لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين»
فغرت فمها في ذهول مما نطق، فطالعها يستفسر ببراءة «إيه؟»
كتمت ضحكتها وربتت على كتفه مواسية له «ربنا يطلعك من بطن الحوت الي أنت فيه يا حبيبي يارب»
رفع حاجبه يسألها بحرج وابتسامة لطيفة تتراقص فوق شفتيه «مطلعش هو الدعاء؟»  ضحكت بنعومة قبل أن تغوص بين الأغطية «نام و لما تطلع من بطن الحوت جولي يا زينو»
ضحك وجذبها ليصبح مستقر جسدها بين ذراعيه وهمس بشقاوة «واطلع ليه تعالي أنتِ معايا يا ميمو»
ضحكت برقة مستجيبة لطلبه فهتف قائلًا «الله يحرق خالك يا شيخه فراولة بنوتيلا»
*********
♡في اليوم التالي مساءًا بمنزل حمزة♡

ملاذ قلبي سكن Wo Geschichten leben. Entdecke jetzt