الجزء الرابع عشر والأخير: سننير دربنا معًا إلى الأبد

172 36 9
                                    

إنقضى أسبوع على وفاة هيفاء أمضته سحر في الحيّ نزولًا عند طلب الخالة. صحيح أنّ المرأة قد اقترفت مساوئ كثيرة لكنّ للموت حرمة وهي في نهاية الأمر مازالت زوجة والد سحر فكان عليها، من باب الواجب، تقبّل تعازي الجيران. ترقّب يمان اللقاء بالحبيبة بفارغ الصبر، فقد أعدّ لها عديد المفاجآت وجنّد كلّ إمكانيّاته كي يجعل قدومها إلى القصر ذات طابع رسميّ.

صباح يوم الأحد، توقّفت السيّارة أمام الدكّان فأطلّت زينب من الباب ترحّب بالقادم الغالي:

-أهلًا بنيّ... سأنادي سحر في الحال... يعزّ عليّ وداعها لكنّني سعيدة جدًّا من أجلكما... ثبّت الله خطواتكما لتكتمل فرحتكما... أنتما تستحقّان كلّ الخير

إبتسم يمان وهو يخلع نظّاراته الشمسيّة يقبّل يد الخالة بمنتهى الاحترام يبثّها لياقة الردّ:

-أنتِ تعرفين مكانتك في قلوبنا جميعًا... تشرّفيننا في أيّ وقت...

همست منحنية صوب أذنه:

-ما حدّثتني به منذ أيّام في بئر عميقة... كم أتشوّق إلى رؤية الفرحة في عينيها!

-هذا كلّ ما أتمنّاه يا خالتي... أريد أن أعوّضها عن أيّام القهر والشقاء

وقبل أن تبادره بالكلام أطلّت سحر وهي تحمل حقيبة ثيابها فابتسمت زينب معلّقة:

-أرأيت؟ لقد عرفت بمجيئك قبل أن أناديها... ماذا أقول؟ إنّه الحبّ... أدامه الله بينكما إلى الأبد...

تلاقت نظرات الحبيبين عند الدعاء تبتهل بدورها إلى الله تنعم بلحظات من الصفاء أغدقت السحر على اللقاء. دنا بهامته من إطلالتها الناعمة يلامس يدها بكامل العناية يريحها من حمل الحقيبة يبثّها تحيّة نابعة من القلب:

-نوّرت الصباح... سأنتظرك في السيّارة...

أخذ الحقيبة واستأذن من الخالة بانحناءة خفيفة بالرأس يترك بعض الخصوصيّة للحظات وداع صادقة حملت زينب إلى التوصية:

-رافقتك السلامة حبيبتي... إنتبهي إلى نفسك وحافظي على يمان... أمثاله قلائل في هذا الزمن

شاحت بنظرها إليه ثمّ همست متأثّرة:

-يمان بات كلّ حياتي يا خالتي

---------------------------------------------------------------------------------------------

ما كادت السيّارة تشقّ الطريق العامّ حتّى توقّفت جانبًا تأتمر للسائق المشتاق الذي سرعان ما استدار ناحية حبيبته كي يمسك بيديها الاثنتين وهو يناظر الزمرّد بفيض من الحبور فسألته بشيء من العفويّة:

-ماذا جرى؟

-هل تثقين بي؟

تلفّتت يمنة ويسرة وهي تقول ببعض الاستغراب:

-لماذا توقّفت هنا؟ لا وجود لأيّ مكان نقصده... لا أرى غير الطريق

-لم تجيبي بعد عن سؤالي؟

You've reached the end of published parts.

⏰ Last updated: Apr 04 ⏰

Add this story to your Library to get notified about new parts!

مُعذّبتيWhere stories live. Discover now