4_ في الأنفاق

39 13 5
                                    

قراءة ممتعة

¡Ay! Esta imagen no sigue nuestras pautas de contenido. Para continuar la publicación, intente quitarla o subir otra.

قراءة ممتعة
..

وجدت نفسي في السيارة العسكرية التي استأجرناها بأموال مارغو التي كان يحملها، أرى أن هذا الفتى سيكون بطاقتنا البنكية بعد كل شيء.

فككت حزام الأمان عن جسدي حينما ركن السيارة في موقف أمام الساحة بالضبط، نزل كارول أولاً من أمام كرسي القيادة مسرعاً لجهتي كي يفتح لي الباب فتركته يفعلها، بينما نزل مارغو متأخراً لأنه كان منهمك بالورقة بالفعل.

لدينا هنا رقم 421، أي عنوان ساحة كانتورين، هذا واضح تماماً، ما نبحث عنه هو العنوان الذي يتمثل في الرقم 14721 داخل الساحة.

"لنرى.."
قال مارغو يخرج زفرة
"إنها ساحة مركزية، لدينا العديد من المتاجر والمقاهي التي تستحق الاهتمام، لأنه كما تعلمون لطالما كانت مثل هذه الأماكن بيئة خصبة لوكور شبكات تجسس في الماضي."
كلامه جعل يدي تتحرك غريزياً لتتحسس أحد المسدسات الثلاثة القابعة تحت ملابسي.

"كما أنه لدينا أحد فروع البنك المركزي."
قال، مثير للإهتمام.

تفقدت كارول لأراه واقف أمام أحد المحلات على بعد ثلاثة أمتار يساوم البائع لشراء عصير منعش، رفع الكأس لي بينما قال
"لماذا تنظرين؟ تريدين واحداً؟"
اتسائل عن أي نوع من المزاج الجيد واللامبالاة قد يملك بجدية، هل يحقن في شرايينه بعض مهدئات الأعصاب لأنني أحتاج إلى شيء كهذا بالفعل.

"إن كان على حسابك، سأقبل به."
رددت عليه بينما أخذ مارغو يسأل المارة حول العنوان بالضبط، ولكن من قد يحفظ أرقام الأماكن هذه الأيام؟

اقترب مني ووضع إحدى يديه في جيبه
"يؤسفني أنني لا أدفع للفتيات، أنا رجل عصري ومؤمن بالمساواة تماماً."
حسناً، ليس وكأنني لم أتوقع شيء مماثل.

اقترب مارغو يسأل سيدة عجوز لكنها لكزته بعصاها ظناً منها أنه سيسرق حقيبتها مما جعلني أتدخل.

"سيدتي نحتاج لمعرفة عنوان هنا."
قلت لأصدم بها ترفع العكاز نحوي بتهديد
"شبكة لصوص ها! تطورت الأساليب وأصبحتم تستخدمون الفتيات الشابات أيضاً في أعمالكم! خطط قذرة.. ولكن عبقرية!"

ثم همست بخفوت
"هل بوسعكم ضم عجوز هنا للشبكة؟ لا تقلقوا أجيد استدراج الأشخاص عن طريق استعطافهم ولن يشك أحد بذلك."

ابتلع مارغو ريقه يدفع كتفي لنسير بعيداً بعجل، أي نوع من الناس هنا، تبادلنا النظرات المستغربة قبل أن يقول
"أخافتني."
اومأت له
"حتى عجائز هذه الأيام تغيروا."

"هناك لافتة تعريفية أصدقاء!"
صاح كارول الذي كان لو تأخر لدقيقتين لكنا صنفناه مثل كومبارس في هذه المهمة الغير رسمية، اقتربت أنظر للافتة، توضح مباني المنطقة، عادة ما يكون هناك أسماء ولكنها كانت تحتوي أرقام أيضاً، بدت وكأنها مضافة في وقت لاحق لأنها مكتوبة بقلم حبر جاف.

بدأنا المقارنة، كنت سريعة في حفظ الأرقام وحاولت تتبعها، وسرعان ما توقف إصبعي السبابة عند رقم توقفت فيه إصبع مارغو هو الآخر في ذات اللحظة ليخدشه اظفري دون قصد فسحب يده.

"اوتش، أصبتك."
قلت لكنه أشار بلا بأس وعاد للنظر بينما همس
"هدفنا هو..مقر بلدية ناراني."
اتسعت عيني بصدمة.

مقر البلدية! سحقاً هل وصلوا إلى هنا حقاً؟ المكان الوحيد في الدولة الذي يمثل كل شيء لدى الثوار، لأن ناراني هي المدينة الوحيدة التي حررناها من سطوة العرش.

شعرت بالغضب يتصاعد داخلي، حين أدركت أن ليس كل ما يخصنا نقي منهم بالفعل، وأراحني ذلك حين ومض في عقلي أمر.. أننا..
قطع أفكاري مارغو وهو يسحبني بيد بينما يسحب كارول بالأخرى يجرنا خلفه
"لندخل وحسب."

لم ندخل.

بل وقفنا كالحمقى صامتين، حين واجهتنا خمس مباني ضخمة بطوابق مرتفعة يطلقون عليها جميعاً
'مقر بلدية ناراني الرئيسي.'
لا أصدق.

"شباب، ما رأيكم بالعودة للثكنات؟"
لا أحتاج لإخباركم من كان صاحب الصوت.

صرخ مارغو يضرب الجدار بقدمه ساخطاً، جلست أنا أعطي ثقل ظهري للعمود، كنا كالباحث في وسط الفضاء عن نجمة معينة، كل شيء حولنا يزيد من طول الطريق أمام الهدف، حاولت عد الطوابق، كل مبنى فيها به ما لايقل عن عشرة، لدينا حوالي الخمسين طابقاً، أؤيد الآن فكرة كارول.

حسناً ماذا كنت أتوقع؟ مكان كهذا صنع ليتم فيه تسجيل المواليد والأموات واستخراج جوازات السفر، يتم طبع كل ما هو أوراق رسمية وتسجيل الأطفال في المدراس وكل شيء حرفياً..

إنه مقر السلطة السياسية هنا، سلطة الثوار، رغم أنه لم يكن موجود قبل سنة تقريباً أي جهة تعتني بنا، لكننا نتطور.

"لنبحث عن الإبرة في كومة قش، لكن لنزيل القش الغير مفيد كخطوة أولية، فكروا معي، أين قد يكون المكان الأمثل لجاسوس؟"
قال يحاول تقليص مساحات البحث.

"مقر تسيير شؤون المدارس الثانوية؟"
رد كارول لينظر له مارغو مندهشاً فقال مبرراً
"حسناً، إنه المكان الوحيد الذي اعتدت ارتياده."
نفى مارغو ليقول
"ربما مكان دفع فواتير الكهرباء؟"
الرحمة!

"النفوس، مكتب العمدة، البرلمان الثوري.."
نطق بالأماكن المحتملة.

"مقر أحزاب وقادة البرلمان الثوري، أليس للقائد آرسلان كرسي هنا؟ إنه طرف خيط بين.. السايفر وهذا المكان."
قلت مرددة ليومئ مارغو
"واللعنة سارين! هذا تماماً ما نريده، لندخل."
صرح لنلحق به بينما أتاني صوت كارول يتمتم
"يبدو منطقياً."

نعم منطقي.
إذا أردت أن تقضي على الثوار، يجب أن تنغل في جميع مقراتهم المهمة، السايفر هو المقر العسكري، والبلدية هي المقر الحكومي، من يدخل السايفر لن تصعب عليه البلدية في أي شيء.

من يخترق القادة والجنود لن يجد ما هو صعب في مجرد موظفين يدونون، يطبعون الأوراق، ويتركون صف من الناس ينتظر إلى حين انتهاء فنجان قهوتهم.

دخلنا من الباب الرئيسي، كانت هناك ساحة كبيرة وحدائق وممرات، أشار مارغو نحو أحد الأبنية، قال إن مقر أحزاب وقادة البرلمان يحتل الطابق السابع إلى العاشر منها.

دخلنا ودلفنا المصعد قاصدين السابع، بمجرد أن توقف مددت رأسي بخفة ألقي نظرة فورية، وجدت أمامنا باب معدني مطوق بثلاث حراس، هناك كاميرات في الأعلى، ابتلعت ريقي ونظرت له منسحبة بينما اتكأ بظهري على الحائط
"المكان محصن، ما هي الخطة؟"
ثم سردت لهم تفاصيل الوضع على أتم وجه من الدقِة.

"من منكم يملك ما يدافع به عن نفسه؟"
سأل لأشير له بأن لا يقلق من جهتي، رفع كارول هو الآخر يده قائلاً
"مسدسين."

اومأ بتفكير ثم رفع قميصه، كان يحتوي حزام جلدي فيه علب مساحيق متعددة

"هذا دخان مشوش للرؤية، يمكننا استخدامه ضدهم، وأيضاً..للكاميرات."

جيد، كنا لا نزال في المصعد، أغلقت بابه بواسطة الزر الإلكتروني ولحسن الحظ أننا على الجهة اليمنى لذا لن ينتبهوا، جال بصري حولنا، سيتم كشفنا في كل الأحوال لاحقاً لأنه لابد من وجود شاهد قد رآنا نصعد أو نمشي هنا وهناك، هذا إن لم نحسب نظام المراقبة.

لا يهمني، المهم هو أن نصل لجواب، لمفتاح ما، أو حتى للغز آخر، على ما يخفيه سالفر أن ينبش وإن كان بين القبور أو في أعتى المناصب الرئيسية.

تحسست معصمي، أيا كان الشيء هنا، سنحصل عليه، كانت على يدي آثار حرق قديم، غطيته بهدوء أسحب كمي أكثر، سأفعل لأجل هذا، لأجل ذاك الاسم.

"إليكما الخطة."
نبس بتلك الجدية الصارمة، لكن تخلل كلامه رجفة في مخارج الحروف، وأخرى في يده التي مسحها على طرف بنطاله مما جعل آثار عرق خفيف يترك هناك.

"سارين جيدة في القتال القريب؟"
سأل لأشير له بالنفي.

"مركزي هو القتال البعيد في الحقيقة، لكن يمكنني خوض أي معركة تريدها هنا والآن مارغو، أمرني فحسب، أنا أجيد التنفيذ مهما كان الأمر صعباً."

هو ربت على كتفي
"لنبذل جهدنا لنطيح بالثلاثة، لكن لا أريد أي دم أن يسيل، فقط اجعلوهم فاقدين الوعي كي نتسلل."
اومأت، هذا هدفنا، لا أحتاج استخدام رصاصي إذاً.

"أنا مرتاح لأن الحيز الضيق في المصعد يذكرني بالمدرعات، لكن صدقني لن أكون جيداً في الخارج، أنا لم أخض معركة كجندي مشاة أو محارب من قبل."
ذكر كارول المعلومة.

يسرني أنه كان صريحاً، لدينا وقت قليل بالفعل، ومارغو أعطاه المكان خلفنا.

"سنتخلص من الحرس ثم نفتح الباب، ثم نبحث عن أي دليل ونستخرجه، ثم سيمسكون بنا، هذا كل شيء، لكن عقلي وعقولكم سيخزنون ذلك، ربما لن نملك الفرصة لندون، أو سيسلب منا ما ندونه، وعندما نعرض أمام القائد آرسلان، سنخبره بما توصلنا له وسنكون أدينا ما علينا، الأمر سيكون هكذا، بهذه الطريقة سيجري، ولن أضمن ما بعدها البتة."
شرح مارغو كل ما أفكر فيه.

"ليس عليكَ أن تضمن شيء، منذ متى والجنود ينظرون للمستقبل، إنه هراء مضحك يا صديقي."
قلت له، عقيدتنا العسكرية يتمركز ثلاث أرباعها في هذا المحور.

أنتَ جندي، ازهد.
أنتَ جندي، فلتفنى لذلك..

لم يكن المستقبل لنا بطبيعته، وكنا نترك ذاك يتراخى أمام أحداقنا كل ليلة دون أن نمسك به.

الخطة جيدة مبدئياً بالنسبة لثلاثة جنود
مهلاً، هناك شيء ناقص..الباب!
"كيف سنفتح الباب؟"
سألت، إنه ضخم، مصنوع من الحديد أو ما سيستغرق جهداً ووقتا لخلعه، نظرت لكتفي اتخيل أننا ندفعه، لو فعلنا ذلك سنتأذى بشدة وعلى الأغلب لن ينجح.

"انظري سارين، تذكري، هل كان يوجد إلى جانبه شاشة لوحية أو شيء من هذا القبيل؟"
سأل لأرجع بذهني لما قبل عدة دقائق، تفحصت كل جزء من عقلي وأجبت
"أعتقد نعم، لست متأكدة."

"هذا يعني أنه يوجد، إنه يعمل بالنظام البيومتري."
قال لأرفع حاجبي باستغراب
"نظام بيو.. ماذا؟"

"يعني أنه يملك ماسح إلكتروني للتعرف على بصمة اليد أو شبكية العين كي يسمح لأفراد معينين بالدخول دون غيرهم؟ أليس كذلك؟"
كان الرد هذه المرة من كارول، ثم رفع أنفه وقال
"ألم تدرسي هذا في الثانوية؟"
إنه يردها لي الآن، أصبحنا واحد مقابل واحد.

"دعوا أمر الباب لي، سأتكفل به، فقط ركزوا على الحرس."
افصح مارغو، حسناً إنه من فرقة المبرمجين  الخاصة بالجيش، لن استغرب ذلك.

"سنبدأ الآن، سأعد حتى.."
قال لنقلب أعيننا، بينما اندفع كارول يضغط زر فتح باب المصعد.
"لا داعي للمقدمات، لنباشر من فورنا."
تقدم متذمراً، لكنه اتخذ مكانه أولاً، وبمجرد أن فتح المصعد كان الدخان الأبيض ينتثر من بين فجوات العبوة في يديه بمجرد أن ضغط زر معين ليعم الجو بالكامل.

ضيقت عيني للحظة بعدما حفظت موقعهم، دخلت الدخان اتجه مباشرة صوب هدفي، لم يكن أي شيء حولي واضحاً، غاص كل الجو بالأبيض، وفور أن وصلت كان قد وضع يده بسرعة عابرة على كتفي يتخطاني، ولمعت نظاراته الدائرية في المكان، إنه مارغو، الشخص الذي أعتبره بفطرتي القائد الراهن.

شعرت بالجسد الماثل أمامي، كبير، والأسود الداكن في ثيابه كحارس ينفذ لونه بخفوت من بين الضباب، وهنا اندفعت لليمين بسرعة متفادية في آخر لحظة لكمة كانت لتضرب وجهي، حسيس كارول إلى جانبي أراحني، هو يؤدي دوره رغم كل شيء.

تقدمت أحاول اللكم حين حددت موقعه من قدميه، لكن مجدداً، كان قد زحن من مكانه مثلما فعلت.

اقتربت لأجد كثافة الدخان باتت أقوى، لم تكن من النوع الذي يؤذي الأعين وهذا جيد نوعاً ما، أعيني لم تدمع ولم تتحسس.

توقفت للحظة، كانت ثيابي داكنة، لا بد أنه يرى آثار اللون ولو بشكل ضئيل من خلال الفجوات، لذا تراجعت قليلاً بما يكفي لألا ألمح وجوده، نزعت قميصي بهدوء ورميته بعد أن سحبت الورقة من تحت كمي لأضعها فب جيبي، كنت أرتدي قميص داخلي أبيض، رفعت أكمام بنطالي بينما أسمع الحارس يصرخ بشيء ما، يتحدث حول الأوغاد الذين دخلوا، الذين هم نحن، هو طلب أن يتصلوا بالتعزيزات، لكن صوت ضربة أتت من جهته جعلته يصمت ، إذا.. علي أنا الأخرى أن أبذل جهدي.

"هيه، تعال للجهة اليسرى."
صحت بينما أرفع نفسي على رؤوس أصابعي أتراجع، لمحت ظل جسده من وراء الضباب يتقدم، لكن قميصي الداخلي الأبيض قد تماهى مع المكان بشكل رائع، هو بات يراني بشكل أقل.

تسللت بهدوء للوراء بينما يتقدم، سأحاول الالتفاف ولكن، اللعنة إنه يتجه نحوي.

لكمة اخترقت الضباب تفاديتها، لكن لم أستطع تفادي التي تلتها، سرعته فظيعة، شعرت بقبضته تصطدم بوجهي، مما جعلني أندفع للوراء قليلاً، توازنت بسرعة، لا وقت لامتصاص الصدمة، تقدمت ثم لكمت فوق السواد، حيث يقف، وقد أصابت لكمتي وجهه مما جعله يشتم.

من فوري عملت على مضاعفتها وردها، لكن ساعده القوي حال بيني وبين وجهه يخبئه، ثم شعرت بأصابعه الخشنة تلتف حول معصمي وما هي ثانية إلا انسحبت للأمام بشدة هائلة، تداركت ذلك محاولة لكمه بيدي الحرة لكنه صدها بقبضته وضغط عليها، لذا استعملت خطتي الأخيرة، أنني وفي اللحظة ذاتها استعملت قدمي لأركل ركبته، ورأسي أضرب جبهته بجبهتي في هجوم ثنائي الإزدواج.

ظننت لوهلة أنني نجحت، لكن ضربة قدمي لم تؤثر ولو بذرة على ركبته، هذا بديهي فهو ضخم بطول يقارب المترين، لكن الإيجابي أن ضربة رأسه أثرت فيه، والسلبي أنها أثرت بي أيضاً وقد شعرت بارتجاج ينفلق داخل جمجمتي لثوان.

هو أطاح بي على الأرض، استحكم نفسه فوقي، إذ أن أطرافه الأربعة عملت كحاجز يحكم سجني، وتحركت يده مباشرة تسحب مسدساً نحو جبهتي المصابة.

كان الضباب في الأسفل هنا شبه منقشع، ربما لأنه ذو وزن  خفيف يرفعه للأعلى، لهذا رأيت ملامحه، رأس ضخم أصلع بالكامل وحلق شفاه وندبة عند رقبته إلى خلف رأسه.

مظهر مثالي لحارس مبنى بهذا القدر من الأهمية.

"من أنتم! تكلموا من أرسلكم؟"
سأل يضغط بفوهة سلاحه عند رأسي، وكأنه سيحفره.

"ابتعد، رجل مزعج."
قلت أضرب كتفه محاولة التخلص منه ليزيد ضغطه عند جبهتي
"ألا ترين أنكِ خسرتِ؟ استسلمي حالاً."
قال لتنبعث رائحة فمه الكريهة نحوي، حسناً، من قال أنني خسرت، بقيت طريقتي السرية المثلى للإيطاح بأعظم الرجال.

تحركت قدمي بسرعة لأركل بركبتي تلك النقطة الحساسة من جسده بكل ما لدي من طاقة، اتسعت عينيه بصدمة وتراخى جسده لأستعمل قوتي في وكز خصره ودفعه ثم النهوض، استغللت تشوشه الجزئي لأسحب السلاح من يده ونهضت بينما هبط على الأرض أكثر.

وبأسفل المسدس ضربت مؤخرة رقبته ليقع مغشياً عليه تماماً، مثلما أمر مارغو أن يكون الوضع.

حسناً أعترف لقد أعجبني هذا، هل يجب أن نسميها طريقة سارين السرية؟ إنها تجلب الحظ دوماً حتى عندما أكون الطرف الشبه خاسر.

نهضت لأصطدم بالدخان مجدداً، اخترقته واقترب لألمح من الأسفل أقدام شخصين أحدهما مدفوع للحائط، كان كارول هل المحاصر فضربت حيث ظننت رقبة الرجل من فوري، لكنه استدار لي بتلك اللحظة كون يدي ضربت رأسه بسبب الضباب، تقدم يشهر مسدسه نحوي ليضربه كارول من الخلف فسقط.

"هيا بسرعة!"
صوت مارغو أتى لنركض، كانت البوابة مفتوحة على مصراعيها بفضله، رأيت اللوحة الإلكترونية سليمة مع أني توقعت أن أجدها مفتوحة تتشابك خلالها الأسلاك والأجهزة الصغيرة، يبدو أن أفكاري عن البرمجة قاصرة بعض الشيء، دلفنا من فورنا لأتنهد تنهيدة طويلة، استند الأشقر على ركبته بينما دلكت جبهتي.

"أحسنتم عملاً، ابحثوا الآن عن أي شيء تجدونه مهماً."

ركضت أفتش، بحثنا في الجوارير والخزائن الغير مقفلة، هناك أطنان من الأوراق، مواعيد، اجتماعات، أرقام كبار الشخصيات.. أسماء مهمة.

عم نبحث بالضبط؟ سألت نفسي أدقق النظر عليهما، اللانظام والعشوائية يحتلون بحثنا بأكمله، هل هذا ما أتينا لأجله حقاً؟

اعتدت أن أكون تحت إمرة قادة عسكريين، جميع الخطط كانت مدروسة على أتم يد الدقة، لذا وجودي هذه اللحظة أفتش بلا هدف جعلني أشعر بضياع كبير، سالفر، قد تركت لنا إرثاً من الشيفرات هنا، ونحن سنحصل عليه قبل العدو، نحن سندمره، سنحطم حلمك حتماً..

كان هناك لوحات لحروب من القرون الخالية، هناك خرائط وأشياء أخرى معلقة في غرفة الاجتماعات ذات الحوائط الزجاجية التي تكشف مدى علو المكان، كانت الأبنية المقابلة تبدو صغيرة وبعيدة.

كارول مثلي، مشوش مثلي، مارغو واقف صامت أمام صورة، بهدوء مطبق، تحديداً أمام مبنى ما.

بمجرد أن خطوت نحو مكان الاجتماعات كان شريط أحمر قد ظهر يضيئ بينما صوت حاد أشبه بصافرات الإنذار خرج يرن بشكل مزعج بأصوات متتالية.

"ماذا فعلتم؟"
صرخ كارول..

ما أدراني أن هناك مستشعر ما عند حد معين؟
ابتعدت عنه خطوة دون فائدة، الآن لابد وأن جميع من في هذا البناء من حرس سيرسل له إنذار.

"لنتحرك."
رجع بسرعة انضباطية نحو الباب لنتبعه مباشرة، لكن وقف حيالنا اثنين منهم وكأنهم ظهروا من العدم، كان هذا يحدث بشكل أسرع مما ظننت، التففنا نغير الخطة، نتجه للداخل ومارغو قد أوقع خزان جهاز تبريد الماء من جانبه عن طريق الخطأ كونه اصطدام به ليملئ الأرضية.

بينما اتجهت يدي تنتشل مسدساً، أطلقت رصاصة في اللحظة التي احتجبت فيها وراء طاولة قلبتها لتشكيل حاجز، كانت معدنية ثقيلة، اختبئ الآخرين في مكان ما في الخلف.

حدث الاشتباك بسرعة، لكن هذه ساحة لعبي الآن، قد أكون بمهارات عادية في القتال القريب، أما هذا، فهذا هو كوني وكينونتي ووجودي بأسره، الرصاص هو ما أستطيع الوصول لقمة تسيير مصيره الأبدي في قلوبهم، لكن مارغو تدخل محذراً
"لا نار، سينقلب الأمر ضدنا."

أغمضت عيني بسخط حين أطلقت عدة رصاصات من طرفهم تصيب الأثاث، كنت وراء الطاولة المشكلة حاجز هنا، لم لا؟ لم يرفض ذلك!

"جد حلاً إذا، وإلى حين ذلك سأفعل ما يجب علي فعله."
رفعت نفسي لأطلق، في تلك اللحظة صرخ لي لأتوقف، لكنني لم أستطع فقد كانت ثوان ضغطت فيها على الزناد، وهكذا حركت يدي فانحرفت الطلقة تصيب كتفه بدلاً من صدره.

لا أعلم كيف استطعت الخضوع لقوله وإلزام نفسي به، ربما لأنه كان قد اقتضى أن اعتمد دائماً على من أراه حذق في نظره للأمور، ورغم أنه ليس سوى مجرد جندي، إلا أنني أعطيته داخلياً منزلة قائدي.

"سارين، أوقفي تبادل إطلاق النار واللعنة."
أمر، لم يكن يعرف أنني استجبت لذلك في آخر ثانية، مرت مرحلة من الهدوء، وهم كانوا يقتربون، صوت أحذيتهم الثقيلة يدوي، لأنه لا مناوءة صادرة من جهتنا.

حل الصمت في كل شيء حولنا.

مالذي ينسجه عقلك ذاك، أجبني مارغو، وكيف له أن يجيب على سؤال لم أكد أنطق به، لديه خطة، أعرف ذلك، لكن اللحظات على قِصرها باتت طويلة، وأخذت أتعرق لتوتر جسدي.

وعندما أصبح لا مجال للشك، كانوا قريبين لدرجة سماع أنفاسهم، أغمضت عيني انتظر بفارغ الصبر، قد يتصرف، قد يلقي علينا أمر ويجب القيام به في برهة زمنية لا تتجاوز رمشة العين، يجب أن أكون مستعدة تماماً، كنت في حال متأهبة.

فتحت عيني أسحب نفساً ثم رأيته يخرج من وراء الأريكة ويلقي كرة بلاستيكية على ما أظن، ثم واللعنة، سمعت صوت تماس، تماس كهربائي.

أتى صوتهم من الخلف صارخين فنهضت أنظر لتتسع عيني، كانوا فوق بركة الماء التي سكبها، وأنا ظننت أن هذا حدث عن طريق الخطأ لكنه فقط، جزء مدروس.

هل ما رماه كان.. هل تلك الكرة عبارة عن..

"ليست كهرباء حقيقة، نوع مطور من الشحنات ضعيفة المستوى، أغمي عليهم فقط، والآن تحركوا."

حسناً إذاً مجرد كرة مطورة مليئة بالطاقة، وهو استغل وصولهم فوق الماء ليرميها مما جعلهم بالكامل يصابون بالصعق.

نهضنا فاتجه على الاتجاه المعاكس، سحب حبلاً من أحد الأدراج التي فتشناها مسبقاً، وتقدم يربطه بسرعة مدده من النافذة ورمى نفسه، تقدمت أرى، كنا في الطابق السابع، كان الحبل طويل كفاية ليصل إلى ما بيننا والأرض ،رميت نفسي وراءه وفعل كارول المثل، في لحظتي الأخيرة أحسست بمزيد من الحراس يدخلون الغرفة بينما نخرج منها.

سنفلت منهم، هذا ما آمنت به.

كان الحبل سينتهي، تحديداً بين الطابق الرابع والثالث، لذا رمى مارغو نفسه بقوة الدفع تجاه الزجاج فحطمه وهكذا أصبح بداخل إحدى الغرف، من الخارج للداخل.

فعلت مثله وهبطت على الأرضية تبعني كارول، كان هناك موظفات مذعورات خلف المكتب وآلات الطباعة، ركضنا بينما نوجه سلاحنا احتياطاً على وجوههن، فتحنا الباب لنركض بين الممرات.

اختبأت وراء خزنة بينما دلف الآخرين لمنعطف حين شاهدت حراس يقعدون الدرج بعدد كبير، يتجهون للأعلى بينما لا يزال الإنذار والأضوية الحمر على قيد العمل.

"من هنا."
نزلنا الدرج، اختبأنا عدة مرات وهكذا أصبحنا في الطابق الأول، ألقى نظرة كارول وقال
"المكان محاصر من الخارج."

"إلى القبو."
هتف لنا فنزلنا الأدراج.

كان المكان شبه معتم، لا إضاءات إلا خافتة، وكان كبيراً للغاية، أكبر من المبنى، عشرات الممرات المتشعبة فوجئنا بها، مشينا بحذر وتيقظ نحاول إيجاد مكان اختباء.

وما أثار استغرابي هو أنه كان نظيف، يلمع، لكن لا أحد هنا، شعرت لسبب ما بقشعريرة حين نظرت نحو لوحة تحذيرية مثلثية الشكل، تمنع الدخول.

كان يوجد العديد منها كلما تقدمنا، وهدوء الاثنين بجانبي لم يعطني أي نوع من السكينة.

'الدخول محظور.'
مكتوبة على لوحة عريضة بالحروف الدراخينية، قرأتها ونظرت لهم وكأننا سنتخذ القرار، لكننا تبادلنا إيماءة ومضينا للأمام.

كان هناك عشرات الغرف، واحدة منها يلفها شريط أصفر وأسود حول بابها، فتحها مارغو وقفز من فوق الشريط دون إفساده، كنوع من التمويه، أننا لسا هنا.

أغلقت الباب كوني آخر من يدخل، تجمدت مثلما الاثنين، كان أشبه بمختبر واسع بعشرات الأجهزة المتطورة الطبية، عدة طاولات عليها مجهرات ضخمة، قوارير بأشكال متعددة تحتوي سوائل غريبة، ورائحة مواد تعقيم مثلما في المشافي تفوح في الجو.

كومبيوترات وشاشات عريضة في الأرجاء، أوراق ملاحظات تغطي الجدران وكتب بأغلفة سميكة بعناوين علمية على الرفوف.

اختبئنا في إحدى الخزائن المعدنية بصمت، لم يكن هنا أي نوع من الكاميرات وكان هذا غريب للغاية، حتى الممر المؤدي إلى هنا فارغ، هناك عدة معاطف بيضاء معلقة رأيتها من بين شقوق الخشب، وكان صوت الإنذار لا يصل رغم قوته، مما أكد لي أن المكان مصمم بجدران عازلة.

"شباب، هل توصلتم لأي شيء؟"
قلت بهمس، نفى كارول برأسه ونظرت للآخر لكنني فوجئت به يتعرق! يفرك يديه ببعضهما البعض ويمسحهما ببنطاله، شفته ترتجف ونظره غارق في عالم بعيد.

"مهلاً، هل أنتَ بخير؟"
سألت أمسح على كتفه بقلق، لقد كان طبيعياً للتو ماذا حدث له فجأة.

"مارغو؟"
لم يرد علي مما جعل الآخر يعاود سؤاله بحذر لمرتين، ثم نظر لي وهمس بخفوت الشيء الوحيد الذي لم أكن أود سماعه

"نوبة هلع، إنه يمر بنوبة هلع سارين."
في هذه الأوقات بالتحديد، لم أكن أريد له أن يقع في هذا الأمر، إننا بحال حرجة، دون خطة فهو من كان يخطط، لكن مالذي أثار قلقه بالضبط؟ مالذي جعله بهذه الحال، هل خاف من الظلام؟ أم الأماكن المغلقة؟

لا، لا، في المهمة السابقة كنا داخل دبابة عسكرية في منتصف الليل، ربما رآى شيء في المختبر، ربما ضفدع قيد التشريح أو ماشابه

"ماذا نفعل؟"
سألني كارول لأنظر له دون إجابة، لأنني كنت سأسئل هذا أيضاً
"لا أعلم، لست طبيبة لذا لا أعلم."
جعلني أخاف الآن، هل لا أحد منا يعرف كيف يتصرف، لماذا نحن حمقى، لاحظت أنه يأخذ أنفاسه بتهدج.

سحبت رأس مارغو أضعه في حجري، مددت يدي بين خصلات شعره أمسح عليه وقلت
"لا بأس، إهدأ، نظم أنفاسك."
قلت دون أن يستجيب لأرفع وجهه نحوي، أحاول تنفيذ ذلك أمامي ليركز
"هيا، خذ نفس عميق، شهيق."
قلت آخذ أنفاسي بطريقة واضحة، يجب أن يقلدني.

هو بدأ يفعل ولكن ببطئ وعدم تركيز ثم قلت
"والآن زفير، أخرج نفساً براحة."
فعلت ليكرر ورائي بينما يفرك يده، وضعت يدي فوقها أمنعه من فرط الحركة بأصابعه.

سارين: قناصة الظلام. Donde viven las historias. Descúbrelo ahora