11 - جرائم قديمة.

82 12 4
                                    

11 -

- « أوليفر! » صرختُها المريرة وهي تحاول التشبث في الحياةِ من خلالي لازالت تتردد في أذني، وأنا أُصارِع الموت، لا أدري كم مرَّ من الوقتِ وأنا هُنا، نائمٌ على فراشي الوثير، أنظر لسقفيةِ الغرفة بشرودٍ دفين، أشعر بأن العالم قد توقف عن الدوران منذُ تلك اللحظةِ التي فقدتُ فيها قوتي على إنقاذ زوجتي؛ فـ نوالا ليست هُنا!

- « أوليفر؟ بُني.. » تسلل لمسامعي صوت والدتي القلِق، فحرَّكتُ رأسي قليلا نحوها، تجلس إلى جواري، بوجهٍ مُبتل بدمعاتِها المالحة؛ خوفًا من فقدان ولدِها الوحيد، وفي زاويةٍ ما بالغرفةِ، رأيتُ أبي؛ جالسٌ على كرسيٍّ وثير، وفي يدهِ لفافةِ تبغٍ يضعها في فمهِ من بين الحين للآخر، فاعتدلتُ في جلستي بتألمٍ، ورددتُ بصوتٍ مختنق:

- « نوالا؟ أين نوالا؟ »

لم أتلقَّ أي إجابةٍ قاطعةٍ منهما، فحاولتُ الوقوف على قدماي، وتخطي الألم تخطي كامل، ولكني لم أستطع، فأصدرتُ أنينًا قويًا جعل والدتي تساندني بخوفٍ، قائلةً: « إهدأ.. إهدأ بُني. »

وكيف أهدأ؟ كيف أهدأ وقد تم اختطاف زوجتي أمام عيناي؟ تنهدتُ بأنفاسٍ حارة، وعاودتُ الجلوس كما كنت، أحاول تذكر ما حدث بعدما ضُربت نوالا على رأسِها أمامي، ففقدت هي الوعي، وصرختُ أنا فيهم بسخطٍ أن يتركوها وشأنها.. كدتُ حينها أن أصل للسلاح الخاص بي، ولكن إرثر دعس على أصبع يدي بقوةٍ، متلذذًا برؤية الألم يغادرني عبر صرخاتٍ حاقدة ومتألمة مني، فأشار للحراس بأن يأتوا، معطيًا لهم نوالا الأشبه بجثةٍ فاقدة للحياة، ثم دنى من مستوى الأرض، حيثُ أتواجد أنا، ثم همس لي بجوار أذني:

- « زوجتك.. أصبحت لي. »

قالها ثم اعتدل من جديد في وقفتهِ، مشيرًا لبقيةِ حراسه بأن يفعلوا بي ما أرادوا، وغادر بعد ذلك ومن خلفه يسير ثلاثة رجال يحمل أحدهم نوالا على كتفهِ بلا رحمةٍ بها أو بقلبي! وللمرةِ الأولى أشعر بأنني مُقيد، لا أمل لي ولا قوة!

- « نوالا.. » همستُ بها الآن، أسأل نفسي، هل ستعود؟ أم.. سيكون مصيرُها الهلاك؟ فقفزت لعقلي إحدى الحقائق التي أعلمتني بمصير حكايتي، لأُمسك رأسي، مرددًا وأنا أهز جسدي كما المختل العقلي: « لا، لا، لن يفعل، إرثر لن يفعل ذلك بها، لن يفعلها! »

« شاهي، غادري الغرفة، واغلقي الباب. » نطق بها أبي، آمرًا والدتي بمغادرة الغرفة؛ حتى نصبح بمفردنا، فهزت أمي رأسها بطاعةٍ، وخرجت غالقةً الباب من خلفها، تاركةً إياي بمفردي مع أبي الذي نطق وهو يُطفئ اللفافة التي يمسكها، دون أن يرفع رأسه، ويطالعني بعينيهِ الحادتين:

_ « أتُحبها؟ »

ابتلعتُ لعابي بتوترٍ، ونظرتُ لهُ بعدمِ فهم لما يريد هو إدراكه، فرفع رأسه، ينظر لي بترقبٍ لكلماتي التي لم أستطع البوح بها، ثم ضرب بيدهِ على الطاولة بيننا، صارخًا عليّ: _ « لماذا؟ وشقيقك؟ دماء شقيقك؟ »

حجرة ومقصWhere stories live. Discover now