16 - نهاية سعيدة؟

55 9 3
                                    

16 -

لم أنم ليلة أمس من شدة سعادتي بقرار أوليفر المتوافق مع إرادتي، ولكن في الصباح الباكر، ما إن أدركتُ بداية اليوم الجديد؛ أغلقتُ عيني.. متنهدةً بسعادةٍ، وقلبي يتراقص فرحةً بقُربِ حصوله على ما يتمنى.. والآن، بعد أن باغتني الألم، فتحتُ عيني بوهنٍ، وأنا أشعر أني مُحاصرة بيدٍ تُقيدني، فعقدتُ ما بين حاجباي، وهمهمت محاولةً إبعاد يد أوليفر عني، وأنا أتمتم:

« أوليفر.. أريد أن أنهض. »

« سأخبر أبي بإرادتي في مغادرة البيت، اليوم. »  قالها بتعبٍ، بعد أن تأوه قليلا، فأبعدتُ يده عني برفقٍ، والتفتُ له بالكامل، أطالعه بابتسامةٍ خافتة، قائلةً بتلاعبٍ: « إذًا.. يبدو أن زوجة الوريث ستطهو الطعام له، اليوم. »

ضيق عينيه، يحاول فهم ما أرمي إليه بقولي، متسائلا بنبرةٍ ناعسة: « ألم تخبريني من قبل، أن ذلك الأمر لن يحدث، إلا حينما.. يدق قلبك لي؟ »

هززتُ رأسي بإيجابٍ، فصمت يطالعني بعدم فهم، لأباغتهُ بقولي الهادئ:
« نعم.. ربما.. أحببتك. »

نهضتُ عن الفراشِ، ومشيتُ أمامه بدلالٍ مضحك جعله يقهقه، نابسًا: « حسنا، لا تطهي الآن، أود أن يكون أول طبقٍ تصنعينهُ لي مليء بالحب. »

« لك ما تريد، زوجي الحبيب. » نطقتُها بضحكةٍ صاخبة، فجذب الغطاء حتى وجهه، وقال من أسفله: « كفى دلال نوالا، قلبي لا يتحمل.. وتبا لهذا. »

تعالى صوت ضحكاتي، فاتجهتُ نحو خزانة الملابس، أتأمل ملابسي.. حسنا، علينا اليوم إرتداء شيئًا يجعلني مُحاطة بالقوة، سأرتدي فستانًا أحمر لسعادتي بهذه الخطوة.

« حينما نغادر، إلى أين نذهب؟ » باغتني شعور بالرهبةِ فجأةً، لم أدرِ منبعهُ بعد، وهذا ما جعلني ألتقط الفستان من موضعهِ، ثم استدرتُ لأوليفر، ناطقةً بتلك الكلمات، فأبعد أوليفر الغطاء عنه، مجيبًا بهدوءٍ:

« لدي بيتٌ خاص بي، ولأكن صادقًا معك.. لا أحب الذهاب إليه، قُتِلَ أخي فيه. »

جملته الأخيرة غلفتها الخيبة، فابتلعتُ ريقي بتَصعبٍ، واقتربتُ واقفة أمام الفراش، أسأل بصوتٍ خفيض: « أبي مَن قتله؟ »

« لا شأن للأبناء بما فعل الآباء. » قالها بهدوءٍ وهو يحاول الاعتدل والنهوض عن الفراش، فاقتربتُ أساعده، قائلةً بتَبرُّمٍ:
« في البداية، أردتَ قتلي؛ لأن أبي قتل أخيك.. ما كان ذنبي حينها؟ »

نهض واقفًا، ينظر لي بتيهٍ أدركتهُ جيدًا، لم يستطع الإجابة، فتنهدتُ واتجهتُ نحو المرحاض، غالقةً الباب من خلفي بإحكامٍ، أُفكر.. لا يحمل الأبناء آثام الآباء؟ أم ما يحدث خلاف ذلك؟ ولا أعلم حقًا، لِمَ علينا دائمًا دفع ثمن جميع الأخطاء التي ارتكبها الكِبار؟ لِمَ لا نتعايش في سلامٍ وأمن دون حروبٍ ومنازعات بين الدول الكبرى، وبين العائلاتِ كذلك؟

حجرة ومقصحيث تعيش القصص. اكتشف الآن