|الجلوس بمحاذاةِ الذكريات |

10.9K 617 157
                                    

                   | P.O.V Jin |

ما إن دخل المقهى حتى لفتْ كل حواسي. هو بطول قامته و عرض منكبيه، بفكه المنحوت بمثاليةٍ مطلقة، بخطاه الواثقةِ و عيونه الثاقبة التي لم تستغرق أجزاءاً من الثانيةِ لتعثر علي وسط عشرات الطاولات .

" لماذا هنا دوناً عن كل الأمكان في سيؤول ؟" كان هذا أول ما نبس به قبل أن يجلس أمامي بهدوءه المعهود، نسي شيئاً لم يكن ليُنسى، نسي ابتسامته.. أو لربما هو أضاعها في زحمةٍ الحياة ..!

" أحب الجلوس بمحاذاةِ الذكريات" أجبته. أضفتُ بعد ثوانٍ " ماذا ستطلب ؟" قدمتُ إليه قائمةَ المشروبات الموضوعة على الطاولة، تفحصها على مضضِ قبل أن يجيب بصوتِ لا تُرى الحياة فيه ولا تُسمع " سأطلب ذاكرةً جديدةً لا تعرف أحداً" .

و كما كنتُ متيقناً طوال هذه السنين، فهو لا يزال يعيش في الماضي، تائهاً في ذاكرته، يبحث عن نفسه وسط آلافٍ منه لا أحد منهم يشببه، لا أحد منهم هو ..

بخبرةِ رجلٍ قد بلغ الثلاثين تواً أخبرته " أنا رجلٌ يمر بجانب الذكريات مرور الكرام، يلقي عليها التحية و تردها عليه، لكني لا أتعمق في خضمها.. فلماذا لا تكون مثلي ؟" .

التهم الصمتُ لسانه قبل أن يجيب بإيجاز " أنا لستُ أنتَ .. أنتَ لا أحد مثلكَ " .

" أأعتبره ثناءاً ؟"   نظرتُ في عينيه مباشرةً لأرى مقدار البؤوس الذي يغشاها .

" فليكن " رفع عينيه عني .

" كيف هي ؟" كنتُ حقيقةً أنتظره هو أن يبادر بالحديث عنها .

" بخير، أزورها في نهايات الأسبوع " كنتُ أراقب تحركاته العشوائيةَ بعيناي، كان مرتبكاً بلا شك .

" لماذا لا تذهبُ لرؤيتها مرةً ؟" ألتمستُ الهدوء في نبرتي . لشخصٍ عاقل، فإن ما أقوله كان ضرباً من الجنون . أما لشابِ في التاسعة و العشرين من عمره فلا أعرف كيف سيكون الأمر !

" لقد ماتت بداخلي، قتلتها و دفنتُ نفسي " لم يكن أكثر ثقةً من هذه الجملة شيءٌ قلناه منذ جلسنا، بل مذ عرفته قبل عشرةِ أعوام ..!

" أظن أنه يتوجب علي الذهاب الآن " قام على عجل بعد أن أخذ الحديث منحى لا يروقه .

" هذه بطاقتي، بعد كلٍ شيء نحن لازلنا أصدقاء، صحيح ؟" رفعتُ يدي الممسكةَ ببطاقةِ بيضاء بين أناملها إليه .

" حتماً .." أردف و لكأنه ينفي الأمر . أضاف " محقق ؟ أصبحتْ محققاً ؟" و رسم علامات استفهام كبيرةً على وجهه .

" ألا يروقكَ الأمر ؟"

" كلا، أنا فقط فكرتُ لربما لو كانت هذه البطاقة موجودةً قبل عشرة أعوامٍ لما حدث ما حدث " أظهر ابتسامةً صفراء باهتة.

"لأصدقكَ القول، مرتْ علي الكثير من القضايا لكن في نظري تبقى قضيتنا هي الأبشع على الإطلاق "

" و لماذا برأيكَ ؟"

" لأنه لم يكن ثمةَ من مجرم، الجميع راحوا ضحيةً لخوفهم "

" ربما .. "  همس قبل أن ينبس ثم يستدير " وداعاً للآن " .

" وداعاً هيوك " أردتُ قول هذا لكنه لم يترك لي فرصةً حين انطلق مسرعاً مغادراً المكان .

متأكدٌ من أنه بات يكرهها و يكرهني و يكره هذه المدرسة، لكن ما أنا خائفٌ منه أنه، بات يكره نفسه .. ولسببٍ ما فأحس بأن هذا ما حدث .

جلستُ وحدي أحدق من جدار المقهى الزجاجي في تلك المدرسة.. تلك التي شهدتْ – من وجهة نظري – واحدةً من أفظع الجرائم التي حفرت في نفسي. جريمة لا تزال قائمةً منذ عشر سنوات . جريمةٌ كان الخوف ذريعتها الأولى و الأخيرة .. أغمضتُ عيناي و تركتْ تلك الذكريات تنساب بداخلي ...
.
.
.
.
.
الرواية ما فيها بتاتا سالفة البوڤ ،، بس التمهيد ،،
شسمه ذا بس تمهيد فلا تحكمون على الرواية من خلاله
و لا تنسون ان بارتات ذي الرواية بتصير حسب التفاعل ،، يعني عادي انزل البارت الاول بكرة ،، اذا كان في تفاعل طبعا .
هدفي من ذي الرواية ؟ يزيد عدد الريانغس
تعليق = سعادة
تعليق طويل = جلطه

في الجحيمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن