|هنا و هناك|

2K 243 116
                                    

كان صباحاً بارداً، ذا سماءٍ ملبدةٍ بالغيوم. كانتْ تمام الثامنةِ صباحاً حين كان جين يسير في الشارع الخلفي للمبنى الذي يسنكه. كان قد ضجر من البقاءِ وحده في المنزل الفسيح. استوقفه مقهى في آخر الشارع، لم يكن بالشيء الجدير بالذكر لكن جين لم ينتبه لوجوده مسبقاً رغم أنه مر من هذا الشارع عدةَ مراتٍ من قبل!

دخله جين بدافع الفضول و بحثاً عن الهدوءِ و الراحةِ ليعيد ترتيب أفكاره، و هي فرصةٌ ليتناول فطوراً حقيقياً بدلاً من الطعام المعلب الذي تعود تناوله.

كان المقهى بسيطاً من الداخل كما هو الحال من الخارج، فيه ربما خمس أو ستُ طاولاتٍ زجاجية لأغلبها أربعةُ كراسي، كان نظيفاً مرتباً و شاغراً ما جعل جين يشعر بمزيدٍ من الراحة لأنه سينعم بالهدوء حتماً.

في مقدمةِ المقهى تقف امرأةٌ خمسينيةٌ على الأقل، و قد كانتْ هي من يعدُ الطلبات كما بدى لجين. صحيحٌ أنه ارتاح للمكان لكن ليس لتلكَ السيدة. لها شعرٌ كث توشى الشيب فيه و حاجبين كثين كذلك. لم يلمسها جين قطعاً، لكنه كان يشعر أن جلدها الخشن يشبه في ملمسه حراشف السمك. في عينيها تلك النظرةُ الحذرة المتحفظة التي كانتْ كفيلةً ببث الرعب في نفس جين، فكر في الخروج إلا أنه أبعد الفكرة و تقدم منها مُسراً إلى نفسه أنه لا يجب عليه أن يحكم على الناس من مظهرهم، و أنه لا يحب أن يكون شخصاً سطحياً مهما كلفه الأمر.

أخبرها عن طلبه بارتباك ثم توجه إلى أبعد طاولةٍ و جلس عليها مولياً ظهره للعجوز التي لم تنفك ترمقه بنظراتٍ فضولية كان يشعر بها تخترق جسده.

حاول جاهداً تجاهلها. أخرج من جيب معطفه الجلدي مفكرةً صغيرةً و قلم رصاص، يحملهما معه غالباً. بدأ أولاً بتدوين أمرٍ ما:

" الخطايا السبعة:

الشراهة: جوي.

الكسل: تايمين.

الغضب: هيون وو".

همس إلى نفسه دون صوتٍ مسموع: "إذاً يتبقى الحسد و الطمع و الشهوة و الكبرياء... من المعني بكل خطيئة؟".

لم تكن ذاكرته لتسعفه هذه المرة، فهو ليس على علاقةٍ بالطلاب الذين هم أصغر منه عدا هيوك، سيهون و نامجو حيث أنها شقيقته طبعاً. تذكر فجأةً نظريةَ مارك، و أنه قد ثبتتْ صحتها عندما قُتل هيون وو، فبدأ بحصر أوائل الأشخاص الذين شاهدوا الجثة و الذين قد يمتلكون أياً من هذه الخطايا المتبقية. من بين جميع  الحاضرين فكر في اثنتين، تحملان خطيئتين خالصتين. غير أن كلتاهما في السنةِ الثالثةِ فإنهن مشهوراتٌ بهذه الصفاتٍ في المدرسة، خطيئتا، الشهوة، و الكبرياء.. جيناه، أول من رأى الدماء، الفتاةُ التي ضاجعتْ نصف شبان المدينة، و.. هايري!

فكر أنه عليه حالاً تحذيرهما لكن، كيف سيصل إليهما؟ بسرعةٍ تذكر رقم المحقق يونهو و الذي كان لا يزال في جيب بنطاله الخلفي.

في الجحيمحيث تعيش القصص. اكتشف الآن