ذكرى من الماضي "٢١"

3.7K 343 103
                                    

    - الساعة الحادية عشرة مساءاً -
تسلل جمال في جنح الظلام إلى مزرعة شاهر، وراح يتسلق السور المحيط بها بخفة من أعتاد هذا الأمر،ثم سار في خطوات هادئة إلى الحجرة التي كان يجتمع فيها أيمن مع رفاقه والتي كان يعرفها جيدا فهي المكان الذي تردد عليه كثيرا كي يشتري منه ما يحتاجه جسده من المخدرات.

أخذ عدد من الحصى ورمى بأولها على نافذة تلك الحجرة, بعد أن اختفى خلف شجرة كبيرة.

ظل صامتاً للحظات في انتظار خروج أيمن, ولكن بدا أنه لن يخرج أحد، رمى بعدد أخر من الحصى على باب الحجرة, وشعر بسعادة كبيرة عندما خرج شخص ظنه في البداية أيمن, ولكنه كان أحد رفاقه الذي أخذ يدور ببصره في أرجاء المزرعة قبل أن يقول, وهو يعود إلى الحجرة:
_لابد أنها القطط.

استشاط جمال غضباً, وهمس داخله, وهو بتحرك من مخبئه ليدفع أحد براميل القمامة:
_سأجبرك على الخروج أيها الخنزير.

عاد جمال أدراجه بعد ذلك إلى الشجرة, وعيناه مركزتين على الباب في لهفه بالغة, خرج أيمن في سخط وأخذ يلتفت يميناً ويساراً بحثاً عن هذه القطط التي سببت لهم هذا الإزعاج, ثم مالبث أن قال بحنق:
_سأقتل هذه القطط أن صادفتها.

أتاه صوت جمال ساخراً:
_ يالك من مجرم.
استدار أيمن في حدة إلى مصدر الصوت, وتقدم بخطىً مترددة من الشجرة, وحين أصبح تحتها تماماً, جاءه صوت جمال ساخراً:
_أفتح ذراعيك لاستقبالي.

رفع أيمن رأسه للأعلى, وصُدم تماماً, عندما وثب عليه جمال من أعلى الشجرة فأسقطه على الأرض ثم اعتلى صدره وقال متهكماً:
_مفاجئة جميلة أليس كذلك؟

حاول أيمن بكل استطاعته التملص منه, ولكن جسده المترهل و قبضتي جمال القويتين أعاقته...
صرخ جمال في وجهه بحدة:
_أين معاذ؟

أرتجف شفته السفلي, وهو يجيبه بخوف:
_من .. من معاذ؟
كوم جمال قبضتيه, وأسقطها بقوة على وجه أيمن, فانفجرت أنفه بالدماء وهو يقول في صرامة:
_لعل هذه ستنعش ذاكرتك.

أجابه أيمن بصوت باكي:
_لا أعرفه لا أعرفه...أرجوك أنا أتألم.
كوم جمال قبضته مرة أخرى, وأسقطها بكل قوته على صدره, فشهق أيمن بقوة وبدأت الدماء تسيل من ركن شفتيه, وهو يصيح في ألم:
_أرجوك لا تضربني سيقتلني والدي أن أخبرتك.

كوم جمال قبضته للمرة الثالثة, قائلاً بتلذذ:
_ومن قال أني سأُبقيك حياً أن لم تخبرني .. بل إني أتمنى أن لا تخبرني لأستمر في تعذيبك وأشفي ما في قلبي من بغض وحقد عليك.
أنزل جمال قبضته بقوة, إلا أن أيمن صاح في انهيار بعد أن أدرك أنه لن يتوانى عن تعذيبه حتى يحصل على ما يريد:
_معاذ أخ مصعب!!

أجابه جمال في ضيق بعد أن أوقف قبضته:
_بالضبط.
_أنه في منزل والدي.
سأله جمال باهتمام شديد:
_في أي حجرة بالضبط !؟

" أول صديق 1 " مكتملـــة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن