هل مات حقاً ؟! " ٣٨ "

2.8K 334 105
                                    

بدأ جسديهما يغوصان معاً نحو قاع المسبح, فأخذ جابر ورجاله يضحكون بشدة, ضحكات مستهترة متلذذة, وكأنهم يشاهدون فيلماً وليس حقيقة ،أستغل مصعب استغراقهم التام في مشاهدة ما يحدث, وتملص من أيديهم, وأخذ يركض بخطوات متعثرة نحو المسبح, صائحاً في لهفه:
_لن أسمح بحدوث هذا مرةً أخرى.

ألتقط جابر مسدسه, وصوبه إلى رأس مصعب, صائحاً في نفاذ صبر:
_لقد أجبرتني على ذلك.

مع صيحته التي أطلقها وهو يضغط زناد مسدسه، طار مسدسه بغتةً بقوة لأمتار بعيدة مع تلك الركلة التي تلقتها يده من قدم عامر, وهو يقول في سخريه:
_ليس القتل هو الحل الوحيد في كل الأحوال...كان يمكنك التفاوض.

فرك جابر يده في ألم, بينما التقط رجاله مسدساتهم وصوبوها إلى عامر فأتاهم صوت هيثم الذي صاح مهدداً من خلفهم:
_أرموا أسلحتكم وإلا أفرغت كل رصاصاتي في أجسادكم.

رمى رجال جابر أسلحتهم على مضض, فالتقط عامر أحدها على الفور, وعينيه القلقة لا تفارق مصعب الذي قفز إلى المسبح, وأخذ يغوص داخله متناسياً كل آلامه فالتقط جسد جمال وأمسك يد معاذ, وأخذ يجذبهم إلى الخارج بسرعةً كبيرة.

أرتفع مصعب إلى سطح الماء, وجر جسد جمال معه إلى أحدى حواف المسبح, ومعاذ يسبح معه معتمداً على يده المتشبثةِ به, وما أن خرجا حتى سحبا جسد جمال إلى خارج المسبح.

حاول مصعب إسعافه بأجراء تنفس صناعي له, ثم أداره على أحد جنبيه محاولاً أخراج الماء الذي أبتلعه, ولكن لم يظهر عليه أي استجابة أبداً، ضرب ظهره عند ذلك عدة ضربات محاولاً أفاقته, وإخراج الماء بقوة إلا أن هذا أيضاً لم ينفع معه...

أخذ مصعب ينظر أليه في ذعر شديد, لقد كان وجهه شاحباً جداً كشحوب وجه والده تماماً، هذه الفكرة وحدها أفزعت مصعب فلمس بيد مرتجفة جسد جمال فوجده بارداً تماماً ..
بل أنه لا يتنفس أبداً...
هل حقاً فقد جمال أمام عينيه كما فقد والده تماماً!!..

صاح معاذ بغته بصوت حزين تخلله بكائه:
_مات جمال...ما ا ا ا ات.

تزاحمت مشاعر شتى داخل مصعب بعد عبارة معاذ تلك..وعيناه لا تفارق وجه جمال المزرق..وكل منها يحاول في استماتة التغلب على ضده..حزن..هلع..غضب..غيظ..كآبه...بكاء...

وتهافتت إلى ذاكرته وبقوة كلمات جمال التي مازالت عالقةً بذهنه

(مصعب لقد زدت وسامةً في هذا الزي)
(كلا حتى تذوق اختناق الماء الذي صنعه خيالك القذر)
(أشكرك لقد كنت نعم الصديق لولا الله ثم أنت لما وصلت لهذه السورة لقد شعرت بمعنى أن يكون لك أخ في الله)
(مصعب هل نسيتني!ألن أفقدك أنا! لماذا تقول هذا!)
(مصعب أن لم تقبل صداقتي فأنا أعذرك..أن ما..)
(لقد خلصناك منهم بصعوبة سيأخذونك لو خرجت)
(لا مجال للتراجع)

حرك مصعب رأسه محاولاً تمالك تلك المشاعر, إلا أنه في النهاية الذي انتصر هو الغضب الذي سيطر على كل مشاعره الأخرى ليتفجر على صفحة وجهه, فنهض راكضاً بكل ما تبقى من قوته نحو جابر صائحاً في شراسة:
_سأقتلك..يا جابر سأقتلك ..يجب أن أُلحقك بجمال الذي قتلته..لن أبقى طوال حياتي نادماً على تركك كما فاتني قاتل أبي.

" أول صديق 1 " مكتملـــة حيث تعيش القصص. اكتشف الآن