من أنت يا سيف ؟

2.3K 56 0
                                    

أنتَ قدري ♡

الجزء (22) :-

أما هي بعد ان وصلت للبحر نزلت الدرج واقتربت من رمال الشاطئ وجلست على إحدى الصخور تراقب ارتطام الأمواج بالصخور القريبة منها ،لفت ساقيها إليها وقربتهما من وجهها وأخذت تتأمل وتشرد بخيالها وافكارها للبعيد ،للصفاء والنقاء لطيور النورس ذات اللون الأبيض الصافي للسماء الزرقاء ولسحابها البيضاء الذي يعطي صورة معاكسة للبحر ولونه الازرق الواسع وبياض موجاته كل شيء من حولها ينبع بالصفاء ،بالأمل بالبهجة والسرور كل شيء يوحي بجمال الحياة وبث الفرح إلا هي ،هي التي تمتلك قلبً جريح ونفسً متألمة تعاني من جراح قلبها وتحطم روحها المرحة التي كانت تتمتع بها اصبحت اكثر ميلاناً للصمت والهدوء بعد ان كانت تشع مرح وشقاوة اصبحت تمتلئ بالحزن وخيبات الأمل بعد ان كانت أكثر صديقاتها تفاؤل وحب للحياة وتتطلع للبعيد لتحقيق أحلاماً ترسمها في كل يوم في مخيلتها كل ذلك تبعثر وتشتت وترامى حولها متمزقاً ،هل لصفاء قلبها ذاك دخل في انها ترى من حولها جميعاً يمتلكون قلوباً نقية هل لثقتها الزائدة بالأخرين سبباً في تحطمها هي دونهم ، هل كان يجب ان تجعل قلبها قاسٍ وأسوداً مثلهم لتجاري الحياة ، هل اصبح الحب ونقاء القلب عيبا، بعد ان كان ميزة وصفة حسنة يتحلى بها المرء ؟؟
كانت مستمرة في شرودها لم يقطعها إلا صوت سيارة شرطة تمر من جانبها وهي على تلك الصخور لتتوقف بالجانب الأخر من الشاطئ ، كانت تجري عملها الروتيني في تفقد الأمن في المنطقة وتقوم بالمسح الأمني على الشاطئ ، كانت تراقبها وقد خطر على بالها نقطة التفتيش التي كانت قرب مسكنها الجامعي تأملت الشخصان اللذان ترجلا من السيارة واخذا يتجولان في المكان ، تقف فجأة وهي ترى ذلك الشخص المفتول العضلات والذي كان يسير بثقة وقوة بخطواته على الأرض وبيده مسدسه جاهز للإطلاق في اي لحظة يحصل فيها تمادي على الأمن هناك ووجهه الذي غطت تلك اللحية الخفيفة جزء منه لتزيدة وسامة وأناقة ،أما عيناه الجميلتان وحاجباه اللذان لطالما كانا ينعقدان غضباً ونفاذ صبراً من تصرفاتها تحجبهما تلك النظارة الشمسية عن ناظريها . نعم إنه هو سيف ،اقصد القائد سيف ،انه هو الذي كان يقف معها في عجزها ويساعدها ويحميها هو منقذها من رصاصات المتمردين هو الذي خاطر بنفسه في دوامة اشتباكات وصراعات لينقذها وصديقتها هو من تحمل تهورها وإصرارها لرؤية والدتها في المستشفى واوصلها بسيارته بأمان للمكان الذي كانت ترجوه واعادها للسكن بعد ان أطمئنت على امها .. هو لا غيره انه سيف ..
(بالفعل كان هو عزيزنا سيف برفقة صديقة القائد الأمني لهذه المدينة )
انتبه سيف  لوقوف تلك الفتاة على تلك الصخور بعيداً وهي مصوبة نظرها ناحيتهم ،متجمدة في مكانها ونسائم البحر القوية تلاطم ملابسها لتجعلها تتماوج حول جسمها وتبعثر خصلات شعرها ليرتمي تارة على وجهها وتارة على كتفيها ، اطال في مراقبته لها وزاد استغرابه من إطالتها هي بالنظر إليه هو بالتحديد ،تحرك بخطواته الواسعة وابتعد قليلاً عن رفيقه الذي كان معه ليقرب من المسافة التي كانت تفصله عن تلك الواقفة هناك ولتتضح له رؤيتها ويتبين من مقصدها من تلك النظرات الطويله إليه ..
وحين اقترب رفع يده ليزيل النظارة الشمسية من على عينيه ويراها بوضوح وعند رفعه لعينيه تجاهها وجدها الفتاة التي تولع بها قلبه والتي هزت كيانه وتغطرست لتسيطر على كل جوارحه وتمتلك مشاعره لتصوبها لها هي فقط تلك الأنانية التي لم تترك له اي شيء ليمتلكه سلبته كل الحب ، والأحاسيس ونبضات القلب ،كل شيء لها وحدها لم تعطه الفرصة ليفكر قبل ان يسمح لها بالأستيلاء عليه ، نعم كانت هي كان وجهها هو وشعرها وعينيها هي نفسها لم تتغير حتى في ذرفها للدموع فهي تقف امامه الأن تنظر إليه  ودموعها تبلل خديها بسيل جارف يخرج من عينيها يجتاح تلك الخدين الورديتان ليشكل طريقاً لجريانها ..كانت تبكي ..ريم تبكي !!! .
وقبل ان تتحرك شفتاه بذكر اسمها اتاه صوت مبحوح متشنهج تعب مرهق من حبالها الصوتيه وهي تلفظ اسمه قائله : هذا أنت يا سيف !! صوتاً  يخرج عبر فمها ويصل على مسامعه كطيف يلامس قلبه ويعيد له الحياة  ، نطقت اسمه دون اي مقدمات رسمية وكأنها تقول له حتى اسمك امتلكته لي فلا داعي لكل تلك الألقاب التحفظية بيني وبينك أنت ملكي بكل مافيك ...
رد عليها بعد دقيقة من سماعه صوتها غير مصدق بأنها تقف أمامه الآن : ريم ؟؟ لماذا أنت هنا ؟ لماذا تبكين ؟ هل هناك شيء ؟
وما ان سمعته وهو يستفسر عن سبب بكاءها حتى اطلقت العنان لروحها المجروحه واجهشت بالبكاء بمراره ونزلت من على الصخرة وجرت ناحيته لترتمي في أحضانه ليضمها إليه كالمرة السابقة ليبث لها الأمان ليعدها بأنه يقف معها سيبعد عنها كل الحزن والخوف والألم الذي يحيط بها وقبل ان تطلق لجسدها بالأرتماء في صدره تذكرت نظرات سعاد لها ذلك اليوم وكيف ان سيف ليس من حقها وليس خطيبها او اخيها لتسمح لنفسها بان ترتمي في احضانه توقفت فجأة أمامه متداركة لفعلتها وطأطئت برأسها للاسفل خجلاً من حماقة كانت سترتكبها امام الناس في الشاطئ .
عقد حاجبيه محتاراً  لماذا لم ترتمي في أحضانه كالمرة السابقة لماذا لم تمنحه فرصة لسماع نبضات قلبها الصغير الذي بنبضاته تلك سينعش قلبه المريض .ومتسائلاً عن سبب بكاءها فرغم انها ابكته كثيراً ابكت قلبه ونفسه واتعبته إلا انه لا يتحمل ان يراها تبكي لا يتحمل ان يرى الدموع على وجهها لا يتحمل رؤيتها تتوجع وهو يقف هكذا مكتوف الأيدي ..
مد يديه ناحيتها وأمسك بذراعيها وهزها هزات خفيفة وهو يقول لها بصوت حاد يبوح بألمه لرؤيتها تبكي : لماذا تبكين يا ريم ؟؟؟! هل هناك شيء ؟! هل أحد أذاك تكلمي ؟ !!
رفعت رأسها وهي تسمعه يقول هل أحد أذاك !!
(نعم هناك من أذاني يا سيف هناك من نشر في جسدي وقلبي جراح وألآم ،هناك من ابكاني هناك من جعلني اكره الحياة هناك من سبب لي الوجع من سبب لي الضيق من اتعب قلبي من ارهق نفسي بجرحه لي ) ..
لم تستطع النطق فأجابته بزيادة بكاءها ونحيبها المؤلم لم يستطع ان يراها بذاك الموقف شدها وقرب رأسه منها ليدنوا إلى أذنها ويهمس على مسامعها ليصل صوته وسط نحيبها الحاد ذلك

وقال : لا تقلقي انا هنا بقربك ، اهدئي الأن وتوقفي عن البكاء ودعينا نتكلم بهدوء ..
ثم رفع رأسها بيده من ذقنها ليجعلها تنظر إليه وقال : تعالي دعينا نجلس هناك على تلك الطاولة ..
مشت معه وهي تمسح دموعها وجلست صامتة ، طلب سيف من النادل ان يحضر لها كأساً من الماء لتشربه وتهدئ . وأشار لصديقه بيده بأن لا يقلق لأمره ويذهب ..
وبعد نصف ساعة عادت لهدوئها وتوقفت عن البكاء كان ينظر لها يراقب ملامحها في حيرةً عن سبب بكاءها ذاك ثم قال : هل هدئتي الآن ؟
ردت عليه بصوتها المتعب : أجل . ..ثم بعد قليل اردفت : أسفة لأزعاجك معي ..
يرد عليها : اي تعب هذا الذي سببتيه لي  ، لم افعل شيء لك .. دعيك مني ومن تعبي الآن واخبريني ماذا حصل معك ؟
صمتت وصمت هو ينتظر الجواب منها ولكنها استمرت في صمتها ماذا تقول له اتخبره عن اسرارها عن خيبتها في خطيبها اتشركه همها اتدعه يخترق خصوصيتها الا يكفيه ان يتحمل تهوراتها التي سببت له التوتر في حينها الا يكفيها انها تجعله يقف معها تاركاً عمله لأجلها ؟ لا لن اشركه همي لن اتعبه اكثر ..
تنهد وهو يصارع حيرته،  قلبه لا يستطيع تحمل رؤيتها جريحة هكذا ويقف دون ان يساعدها دون ان يمد لها يده لينقذها من حزنها دون ان يرجع لها بهجتها وضحكتها التي كانت تريح قلبه .
.ثم قال : حسناً ، لن اجبرك على الكلام ،ولكن عديني بأن تظلي قوية وتحاربي كل الظروف لتمري منها بسلام ..
تنظر له بعينيها الذابلتين وهي مازالت مستمرة في صمتها تراقب خوفه عليها وحزنه لأجلها وكيف يمد لها العزيمة والقوة حتى في هذا يساعدها حتى في جهله بما تعانيه يمد لها القوة، التفاؤل ويرسم لها خطوط أمل تجعلها تلتمسها وتمشي على خطاها يساعدها رغم محاولتها ابعاده عن مشاكلها يشتم ضعفها من صمتها ويرسل لها رياحين الطمأنينة لتتنفسها وترتاح نفسيتها بسماع كلماته تلك التي احست بدفئة يمتد لها ويحتضنها ويلف حولها الراحة لتبتعد عن الأحزان التي تتعبها ...من أنت يا سيف من تكون ...!
وبعد دقائق تركز نظرها على ذلك الشخص الذي يقف بعيداً خلف سيف وهو محدق النظر بهما في إستغراب ثم يثبت نظره ناحيتها ويقترب ليحس سيف بوقوفه خلفه ويلفت سريعاً ليجده سامي ، يقف سيف سريعاً وينتبه سامي لوقوفه وينظر له بعمق متسائلاً عن وجوده هنا ومع ريم وبهذا المكان بالتحديد
ثم قال  : القائد سيف !أليس كذلك ؟؟!
يجيبه سيف وهو يمد يده ليصافحه : نعم أنا هو أهلاً بك سيد سامي ..
نظر سامي ليد سيف الممدودة له لتصافحه للحظات ثم اردف يده ناحيتها ليصافحه وهو يقول : أستغربت من وجودك هنا ... و جلوسك مع ريم ..
يلف سيف برأسه ناحية ريم التي كانت تنظر لسامي بنظرات حادة غاضبة ثم اعاد نظره لسامي وقال : لم تكن إلا صدفة ان اجدها هنا ..
يبتسم سامي إبتسامة ساخرة وكأنه لم يصدق ، انتبه سيف لحركته تلك وقص حاجبيه متعصب ولكنه حاول ان يتملك اعصابه وسحب يده من يد سامي وهو يقول: حسناً أنا أستأذنكما عليّ الذهاب ..
يرد عليه سامي : حسناً لاني فعلاً اريد ان أختلي بريم لوحدنا ..
( ذبحت صدره تلك الكلمات كيف يتجرئ على الإختلاء بمحبوبتي ؟ كيف يقولها أمامي وبهذه الطريقة المستفزة ؟)
كان صدره يغلي غضباً ولكنه تماسك وقبض على يده بشده ويهم بالمضي بعيداً عنهم تاركاً ريم مع هذا المستبد مع هذا الذي سرق منه ريم ،ريم التي تعني له الكثير والكثير سيتركهما لانه لا يجد سبباً لردع سامي عن الاقتراب من ريم فهي احق له أكثر منه، عليه ان يتقبل هذه الحقيقة ،لماذا يظل يتعلق بها لماذا لا ينساها ويتخلى عن التمسك بها كما وعد نفسه بذلك ،لماذا تنتهي كل تلك الوعود والاصرار التي يتخذها قبل رؤيتها وعند رؤيتها تختفي كلها وتضعف لتنسحب بهدوء ويعود له الأشتياق لها والأقتراب منها ليرتاح ..

يتبع ...
جميع الحقوق محفوظة ...

أنتَ قدري ❤Where stories live. Discover now