أنا معك

2.3K 60 0
                                    

أنتَ قدري ♡

الجزء (27) :-

وماهي إلا ساعة ويصل سيف للمستشفى ويدخل باحثاً عن الغرفة التي تتواجد فيها ريم وأشاروا له بمكانها ووصل ودخل بعد ان فتح الباب ونظر في الداخل ليجد جسد السيدة ندى على السرير وقد غطي بوشاح أبيض وهي هامدة دون حياة ثم نظر لذاك الجسد الملقى على الأرض والذي كان كزهرة ذابلة رمت بها الحياة بعد ان سلبتها كل الحب والسعادة والأمل ،إنها ريم هناك تجلس في الأرض ذابلة وقد ظهر عليها التعب والإرهاق أنفاسها المتصاعدة وسيل الدموع العارم على خديها هما الوحيدان اللذان يدلان على إنها مازالت على قيد الحياة ..دمعت عيناه لرؤيتها بتلك الحالة اقترب منها في هدوء وأمسك بيديها وضمهما في يديه ورفع نظره ناحية عينيها التي فتحتهما ببطئ لترى صاحب تلك اليدين التي لامست يديها وأحتضنتهما لتمد لهما الدفئ،وما أن رأته حتى بكت مرة أخرى وأجهشت ولكن هذه المرة لم تعد لديها القوة للبكاء بشدة فقد أنهكت كثيراً ورمت برأسها في أحضانه وأمسكت بقميصه بيديها وهي تبكي قائلة : تركتني ورحلت ،لم تتحمل البقاء معي لم تستطع ان تتحمل متاعبي وأحزاني تركتني لها وحدي لا أستطيع ان أعيش بدونها ..
ماذا يقول لك يا ريم هل بطريقتك تلك تعيدين له الروح أم إنك تعذبينه بحزنك العميق هذا ،هل يقول لك كم يرتاح لإرتماءك في أحضانه ويخبرك بما يفعله قلبه عندما تلامسين صدره ام انه يقول لك إن ألمك ذاك وبهذه الطريقة يزداد أضعاف أضعاف في فؤاده ،أيخبرك بأن دموعك الساقطة على قميصه ماهي إلا جمرات تكوي بها قلبه ،تعذبين بها نفسه ،تجرحين بها روحه لا تدرين يا ريم كم حزين لحزنك لبكاءك لألمك وتعاستك ،يمسك بكتفيها ويخرجها من حضنه مرغماً عنه ويقول لها وهو يهمس في إذنها : توقفي يا ريم ، إهدئي قليلاً ،أريحي نفسك سترهقين نفسك كثيراً هكذا ،تعالي معي للخارج ..
تنظر له بتلك العينان المتورمتان وتقول له : لا ، لا استطيع أن أترك أمي لوحدها ، ربما تستفيق ولا تجد أحداً بجوارها ..
تنهد تنهيدة عميقة  ثم قال : لا تخافي لن نتركها سنعود لها بعد ان تهدئي ،تعالي معي هيا يا ريم أرجوك ..
تستسلم له وتقف محاولة المشي معه خارج الغرفة ولكنها تذبل ليغمى عليها بين ذراعيه فيحملها سريعاً ويخرج بها للخارج وينادي على الطبيب الذي طلب منه ان يعيدها لغرفتها ويمدها على السرير ،كان يجلس على كرسي بالقرب منها يتأملها وهي نائمة ،تبدو جميلة أكثر في نومها عيناها المغمضتان ،أنفها الطويل وشعرها المبعثر عليها كل ملامحها تبث جملاً خلاباً ،ثم تذكر حزنها وكيف كانت قبل قليل ،كيف يساعدها وأين هو والدها لماذا ليس متواجداً معهم ،ما الذي حصل بالضبط لتموت والدتها ووالدها غير موجود لماذا هي وحيدة في مثل هذه المحنة ؟ ... في خضم هذه الأسئلة التي تدور في دماغه يطرق باب الغرفة ويخرج سيف للطارق التي كانت الممرضة كانت تكلمه وهي ممسكة بهاتف يرن بيدها وتقول : سيدي هذا الهاتف يخص السيدة المتوفاة وهو يرن منذو الصباح ،اخبرت الفتاة تلك بأمره لكنها لم تستمع لي في بكاءها ذلك.
يمد يده ليأخذ الهاتف الذي توقف عن الرنين وتناوله إياه ويقول لها : شكراً لك ..
يأخذ الهاتف وقبل ان يفتح سجل المكالمات ليرى من ذلك المتصل وإذا بالهاتف يعاود الرنين ويظهر إسم السيد إبراهيم على شاشته ،يتردد سيف في الإجابه لكن في الأخير فتح السماعة وأجاب لانه يجب ان يعرف يجب ان يعرف الحقيقة المرة تلك ويأتي ليسند إبنته المنهارة ..
يرفع سماعة الهاتف إلى أذنه وقبل ان يتفوه بكلمه سمع السيد إبراهيم يتكلم ويقول بصوت غاضب : إين أنتِ يا ندى أتصلت بك مرات كثير ولم تجيبي ،ماذا بك أين أنت وأين هي ريم ؟ لماذا لستما في المنزل ،تكلمي يا ندى ..
تكلم سيف بعد ان صمت لدقيقة وهو لا يدري بماذا يرد عليه وقال : سيد إبراهيم هذا أنا سيف .
يتفاجئ من سماعه لصوت رجل يقول انه سيف ومن هاتف زوجته ويرد عليه : من سيف ؟ وماذا تفعل بهاتف زوجتي ؟ واين هي بالأساس ؟
يتنهد سيف ويقول : سيدي سأخبرك بكل شيء ولكن عليك أن تأتي إلى هنا بسرعة ..
يدب الخوف في قلب إبراهيم ويسأل سيف عن مكانه ويأتي إليه ويخبره سيف والطبيب عن الأمر ويسقط مصعوقاً من الصدمة وما حل من بلاء على رفيقة دربه ومحبوبته ،فارقت الحياة وهو بعيداً عنها تركته دون رجعه ، ذهبت ولن تعد ، تركت له الحمل كله وغادرت ، رحلت وتركته يتجرع الألم ويحتضن الحزن ويعيش الألم . توجه للغرفة التي وضعت فيها ويدخل لوحده ويجلس بقربها يتأملها بحنان يتأمل من عاشت معه تلك السنين من شاركته همومه وساندته ووقفت بجانبه ،من اسدلت عليه بحراً من الحب وأغرقته في حنانها ،من أمسكت بيده وسارت معه تصارع الظروف ليرتقوا بحياتهن للأفضل ، تتركه الأن وحيداً ضعيفاً يلملم شتاته لوحده يضمها ويجمعها بمفرده دون وجودها قربه ،لماذا يا ندى هذا الفراق المفاجئ ،لماذا لماذا ؟؟؟؟.
مرت نصف ساعة وسيف ينتظر السيد إبراهيم خارج الغرفة ثم أتت إليه الممرضة لتخبره ان ريم قد فاقت يطلب منها ان تخبر السيد إبراهيم عن مكانهما بعد خروجه من غرفة زوجته ويذهب هو لغرفة ريم ويدخل ليجدها تجلس على السرير ممدوده الساقين وتنظر للنافذة ،يقترب منها وبهدوء يجلس على الكرسي القريب منها لتنتبه هي لجلوسه وتنظر في عينيه التي كانت هي الأخرى تنظر لها ولا تدري بماذا تبث لها بالحب ،ام الحنان ام تمدها بالمواساة اختلطت كل المشاعر ببعضها ، اخذ نفساً عميقاً ثم قال : لن أسألك شيء الآن ،ولكن كل ما أطلبه منك هو أن تجلدي قليلاً ،لا اريد ان أراك منهارة ضعيفة هكذا ،عليك أن تتقبلي الواقع بصدر قوي وتتحملي متاعب هذه الحياة وتتعايشي معها ..
تنسدل الدموع من عينيها دون إرادتها ثم تقول : وهل ترى ان لدي ما يستحق ان أبذل كل هذا الجهد للبقاء على قيد الحياة ، لم اعد اريد العيش ،من كانت تمدني بالحياة ذهبت وتركتني .
يقاطعها سيف ويقول : لا تقولي هذا يا ريم ،وفاة من نحب لا تعني توقف الحياة واللحاق بهم ، وهناك من يستمد قوته من وجودك ايضاً فلا تحرميه الحياة بيأسك هذا ...عليك ان تتيقني الإيمان ،لم اقل لك لا تحزني ،لا تبكي بل أبكي وأحزني لفراقهم ولكن عيشي حياتك مثلما هم عاشوهاوكلنا سنتركها ولكن بالوقت المحدد لنا كلنا سنموت وكلنا سنفنى لكن لا يعني ان نقتل أنفسنا لمجرد فقدنا حبيباً على قلوبنا غادر الحياة ..
لم تجب عليه بل كانت تتفكر في كلماته تلك التي لقت صداها في عقلها ( هناك من يستمد قوته مني ) ما مقصده ؟!! من هو الذي لا يستطيع ان يعيش حياته بدوني ، من يعيش لأجلي ؟؟؟
يراها صامتة شاردة الذهن فيقول : والدك هنا وقد عرف كل شي ... رفعت عينيها ناحيته مستفيقة من شرودها و قالت : أين أبي ؟ أريد أبي ؟ أحضر لي أبي أرجوك ..
يقف سيف ويهم بالذهاب ليحضر لها والدها كما تريد واذا بباب الغرفة يفتح ويدخل السيد إبراهيم وما ان رأته ريم حتى قفزت من سريرها وجرت ناحيته وارتمت في أحضانه كانت تغرس وجهها في صدره وتبكي بحرقة وهي تقول : لقد تركتنا يا أبي ذهبت وتركتنا وحيدين ،تركتني وحيدة يا أبي ..
يربت والدها على ظهرها وعيناه تبكيان ويحاول الصمود والتجلد لكي لا ينهار وتنهار معه ريم أكثر وقال لها : أدعي لها يا ريم ،وتصبري فهذا أمر الله وعلينا ان نتقبل برضى وكلنا إيمان بأننا إليه راجعون .
وبعد ان وارت السيدة ندى الثرى وتقبلت ريم ووالدها العزاء تدخل ريم غرفتها وتحبس نفسها فيها تريد ان تعيش مع ذكرياتها الجميلة بصحبة تلك الملاك الطاهر الذي رحل عنها بعيداً وتركها تتخبط في سيرها ،هل سأستطيع ان أعيش بدونك يا أمي ؟ هل سأستمر في المشي قدماً نحو المستقبل كما كنت دائماً تقولين لي ؟ هل سأشعر بحلاوة الحياة بدونك ؟ هل ستبتسم لي وأنت بعيدة عني ؟! لا أظن لا أظن يا أمي فأنت كنت سعادتي وفرحتي ،أملي ومستقبلي ،كنت بسمتي وضحكتي بدونك أنا دمية مهما سارت بخطاها في الحياة ستظل بقلبٍ ميت قلب أنتزعت منه سعادته قلب أصبح بلا إحساس ، لماذا يا أمي كل هذا يحصل معي ....وتنهمر بدموعها فوق صورة لوالدتها كانت بيدها ،فيسمع والدها بكاءها ويدخل لها سريعاً ويحتضنها وهو الأخر لم يستطع حبس دموعه واخذ  يصبرها ويأمرها بأن تحتسب كل حزنها إلى الله وتدعوه ان يعينها ... ليس سهلاً على السيد إبراهيم ان يفقد زوجته ويرى إبنته تذبل أمام عينيه دون أن يعمل شيء ففكر ان يتصل بصديقتها سعاد لتأتي وتقف بجانبها وتساعدها على الخروج من محنتها ،وبالفعل تأتي سعاد وتمكث بجانبها وتمدها بالقوة بوقوفها بجانبها .

يتبع ...

جميع الحقوق محفوظة ....

أنتَ قدري ❤Where stories live. Discover now